الخميس، 26 ديسمبر 2024

لماذا ندعو ولا نرى الإجابة؟ تأملات في وعد الله بالإجابة

  (اسْتِحْبَابُ تَقْدِيمِ تَمْجيد اللَّه ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ، والإِقرار بِالذَّنْب ، وَالِاسْتِغْفَار مِنْه ، قَبْلَ الدُّعَاءِ ، وَعَدَمُ جَوَازِ الدُّعَاءِ بِمَا لَا يَحِلُّ وَمَا لَا يَكُونُ )

 عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عَلَيْهِ السَّلَامُ ) ، قَال : قُلْت لَهُ : آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، لَا أَدْرِي مَا تَأْوِيلِهِمَا ، فَقَال : « وَمَا هُمَا ؟ » قَالَ قُلْتُ : قَوْله تَعَالَى : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [1] ثُمّ أَدْعُو فَلَا أَرَى الْإِجَابَة . قَال : فَقَالَ لِي : « افْتَرَى اللَّهُ تَعَالَى أَخْلَفَ وَعْدَهُ ؟ » قَال : قُلْت : لَا فَقَالَ : « الْآيَةِ الْأُخْرَى » ، قَال : قُلْت : قَوْله تَعَالَى : ( وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) [2] فَأَنْفَق فَلَا أَرَى خَلَفًا ، قَال : « افْتَرَى اللَّهِ أُخَلَّفُ وَعْدَهُ ؟ » قَال : قُلْت : لَا ، قَال : « فَمِه ؟ » قُلْت : لَا أَدْرِي ، قَال : « لَكِنِّي أُخْبِرْكَ إِنَّ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ  أَطَعْتُمُوه فِيمَا أَمَرَ بِهِ ، ثُمّ دعوتموه لاجابكم ، وَلَكِن تُخَالِفُونَه وتعصونه فَلَا يجيبكم ، وَأَمَّا قَوْلُك : تُنْفِقُون فَلَا تَرَوْن خَلَفًا ، أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ كَسَبْتُم الْمَالِ مِنْ حِلِّهِ ، ثُمّ انفقتموه فِي حَقِّهِ ، لَمْ يُنْفِقْ رَجُلٌ دِرْهَمًا إلَّا أَخْلَفَه اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَلَو دعوتموه مِنْ جِهَةِ الدُّعَاء لاجابكم ، وَإِنْ كُنْتُمْ عَاصِين » قَال : قُلْت : وَمَا جِهَة الدُّعَاء ؟ قَال : « إذَا أَدَّيْت الْفَرِيضَة ، مجدت اللَّه وَعَظَمَته ، وتمدحه بِكُلِّ مَا تَقْدِر عَلَيْهِ ، وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ، وَتَجْتَهِدُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ ، وَتَشْهَدُ لَهُ بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ ، وَتُصَلِّي عَلَى أَئِمَّةِ الْهُدَى ( عَلَيْهِمُ السَّلامُ ) ، ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ التَّحْمِيدِ لِلَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ ، مَا أبلاك [3] واولاك ، وَتَذَكَّر نِعْمَة عِنْدَك وَعَلَيْك ، وَمَا صَنَعَ بِكَ ، فتحمده وتشكره عَلَى ذَلِكَ ، ثُمّ تَعْتَرِف بذنوبك ذَنْب ذَنْب ، وَتَقِرّ بِهَا أَوْ بِمَا ذَكَرْتَ مِنْهَا ، وَتَجَمُّلٌ مَا خَفِيَ عَلَيْك مِنْهَا ، فتتوب إلَى اللَّهِ مِنْ جَمِيعِ مَعَاصِيكَ ، وَأَنْت تَنْوِي أَنْ لَا تَعُودُ ، وَتَسْتَغْفِر اللَّهُ مِنْهَا بندامة ، وَصَدَق نِيَّة ، وَخَوْف وَرَجَاء ، وَيَكُونُ مِنْ قَوْلِكَ : اللَّهُمَّ إنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِي ، وَأَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك ، فَأَعِنِّي عَلَى طَاعَتِكَ ، ووفقني لَمَّا أَوْجَبَتْ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ مَا يُرْضِيكَ ، فَإِنِّي لَمْ أَرَ أَحَدًا بَلَغ شَيْئًا مِنْ طَاعَتِكَ ، إلَّا بِنِعْمَتِك عَلَيْهِ قَبْلَ طَاعَتِك ، فَأَنْعَم عَلِيّ بِنِعْمَة أَنَال بِهَا رِضْوَانَك وَالْجَنَّةَ ، ثُمّ تَسْأَل بَعْدَ ذَلِكَ حَاجَتُك ، فَإِنّي أَرْجُو أَنْ لَا يخيبك ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى » . مستدرك الوسائل : ج 5 ص 212 - 213 ح 5718.

[1] الْمُؤْمِن ( غَافِرٌ ) 40 : 60 . [2] سَبَأ 34 : 39 .
[3] أبلاك : أَنْعَمَ عَلَيْك وتفضّل ، مِن الإِبلاء الَّذِي هُوَ الْإِحْسَانُ وَالْإِنْعَامُ ( مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ج 1 ص 61 ) 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دعوات الليلة الثالثة عشر من شهر رمضان ويومها الغير متكرره

     دعوات الليلة الثالثة عشر من شهر رمضان ويومها الغير متكرره و ما نختاره من عدة روايات‌ مِنْهَا مَا وَجَدْنَاهُ فِي كُتُبِ‌ أَصْحَابِنَا ر...