مواعظ الرضا عليه السلام
1 - وحضر(الرضا) عليه السلام يوما مجلس المأمون وذو الرياستين حاضر، فتذاكروا الليل والنهار وأيهما خلق قبل صاحبه. فسأل ذو الرياستين الرضا عليه السلام عن ذلك؟ فقال عليه السلام له: تحب أن أعطيك الجواب من كتاب الله أم حسابك؟ فقال: أريده أولا من الحساب، فقال عليه السلام: أليس تقولون: إن طالع الدنيا السرطان وإن الكواكب كانت في أشرافها؟ قال: نعم. قال: فزحل في الميزان والمشتري في السرطان والمريخ في الجدي والزهرة في الحوت والقمر في الثور والشمس في وسط السماء في الحمل وهذا لا يكون إلا نهارا. قال: نعم. قال: فمن كتاب الله؟ قال عليه السلام: قوله: " لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ " أي إن النهار سبقه (1).بحار الانوار : ج 75ص 340.
(1) رواه الطبرسي - رحمه الله - في المجمع عند بيان الآية عن تفسير العياشي عن الأشعث بن حاتم هكذا " قال: كنت بخراسان حيث اجتمع الرضا عليه السلام والفضل بن سهل والمأمون في إيوان الحبري بمرو فوضعت المائدة فقال الرضا عليه السلام: إن رجلا من بني إسرائيل سألني بالمدينة فقال: النهار خلق قبل أم الليل، فما عندكم؟ قال: فأداروا الكلام فلم يكن عندهم في ذلك شئ، فقال الفضل للرضا عليه السلام أخبرنا بها - أصلحك الله - قال: نعم من القرآن أم من الحساب؟ قال له الفضل: من جهة الحساب. فقال: قد علمت يا فضل أن طالع الدنيا السرطان والكواكب في مواضع شرفها؟ فزحل في الميزان والمشترى في السرطان والشمس في الحمل والقمر في الثور فذلك يدل على كينونة الشمس في الحمل في العاشر في الطالع في وسط السماء فالنهار خلق قبل الليل. وفى قوله تعالى " لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ " أي قد سبقه النهار. انتهى.
أقول: لما كان وجود الليل والنهار أمران منتزعان من الشمس وحركته فهما مولودان لدورتها.
وتقدم الامر الانتزاعي على منشأ الانتزاع مما لا ريب فيه. وبعبارة أخرى لما كان وجود الليل والنهار فرع وجود الشمس فإذا كان الشمس كان النهار فإذا كان النهار كان الليل. فوجود الليل منتزع من النهار. فتأمل وفي قوله عليه السلام: " أم حسابك " إشارة إلى أن الجواب على وفق مذهب السائل. والآية في سورة يس آية 40.
2 - وقال (الرضا) عليه السلام لأبي هاشم داود بن القاسم الجعفري [1]: يا داود إن لنا عليكم حقا برسول الله صلى الله عليه وآله، وإن لكم علينا حقا. فمن عرف حقنا وجب حقه، ومن لم يعرف حقنا فلا حق له. تحف العقول :ص447.
[1] هو أبو هاشم داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ثقة جليل القدر عظيم المنزلة عند الأئمة، وقد شاهد جماعة منهم: الامام الثامن إلى الإمام الثاني عشر عليهم السلام وله موقع جليل عندهم وكان منقطعا إليهم وروى عنهم وله منهم أخبار ورسائل وروايات من دلائل أبى الحسن الهادي عليه السلام وقال: ما دخلت على أبى الحسن وأبى محمد عليهما السلام الا رأيت منهما دلالة وبرهانا. وقال السيد ابن طاووس: " انه من وكلاء الناحية الذين لا تختلف الشيعة فيهم " كان أبو هاشم عالما أديبا ورعا زاهدا ناسكا ولم يكن في آل أبي طالب مثله في زمانه في علو النسب وكان مقدما عند السلطان توفى - رحمه الله - سنة 261.
وكان أبو القاسم بن إسحاق أمير اليمن رجلا جليلا وهو ابن خالة مولانا الصادق عليه السلام لان أم حكيم بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر أخت أم فروة أم مولانا الصادق عليه السلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق