نوادر ما يتعلق بأبواب الأذان والإقامة
1 ـ الشيخ الصدوق في معاني الأخبار والتوحيد : عن موسى بن جعفر ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي ( عليهم السلام ) ، قال : « كنا جلوسا في المسجد ، إذ صعد المؤذّن المنارة ، فقال : الله أكبر الله أكبر ، فبكى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وبكينا ببكائه ، فلمّا فرغ المؤذن.
قال : أتدرون ما يقول المؤذن؟ قلنا : الله ورسوله ووصيّه اعلم ، فقال : لو تعلمون ما يقول لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا ، فلقوله ، الله أكبر معان كثيرة :
منها : ان قول المؤذن الله أكبر ، يقع على قدمه ، وأزليّته ، وأبديّته ، وعلمه ، وقوّته ، وقدرته ، وحلمه ، وكرمه ، وجوده ، وعطائه ، وكبريائه ، فإذا قال المؤذن : الله أكبر فإنه يقول : الله الذي له الخلق والامر ، وبمشيته كان الخلق ، ومنه كان كلّ شيء للخلق ، وإليه يرجع الخلق ، وهو الأول قبل كلّ شيءلم يزل ، والآخر بعد كلّ شيء لا يزال ، والظاهر فوق كلّ شيء لا يدرك ، والباطن دون كلّ شيء لا يحدّ ، فهو الباقي ، وكلّ شيء دونه فان.
والمعنى الثاني : الله أكبر ، أي العليم الخبير ، علم ما كان ، وما يكون قبل أن يكون.
والثالث : الله أكبر : أي القادر على كلّ شيء ، يقدر على ما يشاء ، القوي لقدرته ، المقتدر على خلقه ، القوي لذاته ، وقدرته قائمة على الأشياء كلّها ، إذا قضى امراً فإنّما يقول له : كن ، فيكون.
والرابع : الله أكبر على معنى حلمه ، وكرمه ، يحلم كأنه لا يعلم ، ويصفح كأنّه لا يرى ، ويستر كأنه لا يعصى ، ولا يعجل بالعقوبة كرما ، وصفحا ، وحلما.
والوجه الآخر في معنى الله أكبر : أي الجواد ، جزيل العطاء ، كريم الفعال.
والوجه الآخر : الله أكبر فيه نفي كيفيته ، كأنه يقول : الله أجل من أن يدرك الواصفون قدر صفته ، الذي هو موصوف به ، وإنّما يصفه الواصفون على قدرهم لا على قدر عظمته وجلاله ، تعالى الله عن أن يدرك الواصفون صفته علوّا كبيرا.
والوجه الآخر : الله أكبر : كأنه يقول : الله أعلى وأجلّ ، وهو الغني عن عباده ، لا حاجة به إلى اعمالهم.
وأمّا قوله : أشهد أن لا إله إلّا الله ، فاعلام بأن الشهادة لا تجوز إلّا بمعرفة من القلب ، كأنه يقول : أعلم أنه لا معبود إلّا الله عزّ وجلّ ، وأن كلّ معبود باطل سوى الله عزّ وجلّ وأقرّ بلساني بما في قلبي من العلم ، بأنه لا إله إلّا الله ، وأشهد أنه لا ملجأ من الله عزّ وجلّ إلّا إليه ، ولا منجى من شرّ كل ذي شر ، وفتنة كلّ ذي فتنة إلّا بالله.
وفي المرّة الثانية : أشهد أن لا إله إلّا الله ، معناه أشهد أن لا هادي إلّا الله ، ولا دليل إلا الله ، وأشهد الله بأنّي أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأُشهد سكان السماوات ، وسكان الأرض ، وما فيهن من الملائكة والناس أجمعين ، وما فيهن من الجبال والأشجار ، والدواب ، والوحوش ، وكلّ رطب ويابس ، بأني أشهد أن لا خالق إلّا الله ، ولا رازق ، ولا معبود ، ولا ضارّ ، ولا نافع ، ولا قابض ، ولا باسط ولا معطي ، ولا مانع ، ولا دافع ولا ناصح ، ولا كافي ، ولا شافي ، ولا مقدم ، ولا مؤخّر إلّا الله ، له الخلق والامر ، وبيده الخير كلّه ، تبارك الله ربّ العالمين.
وأمّا قوله : أشهد أن محمّدا رسول الله ، يقول : أُشهد الله على أني أشهد أنه لا إله إلّا هو ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، ونبّيه ، وصفيّه ونجيبه أرسله إلى كافة الناس أجمعين بالهدى ، ودين الحق ، ليظهره على الدين كلّه ، ولو كره المشركون ، وأشهد من في السموات والأرض [1] من النبيّين والمرسلين ، والملائكة والناس أجمعين أنّي أشهد أن محمّدا رسول الله سيد الأولين والآخرين.
[1] في الطبعة الحجرية : الأرضين ، وفي نسخة الأرض.
وفي المرة الثانية : أشهد أن محمّدا رسول الله ، يقول : أشهد أن لا حاجة لأحد إلى أحد إلّا إلى الله الواحد القهّار ، الغني عن عباده والخلائق أجمعين ، وأنه أرسل محمّدا ، إلى الناس بشيرا ، ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجا منيراً ، فمن أنكره وجحده ، ولم يؤمن به أدخله الله عز وجلّ نار جهنم خالدا مخلّدا ، لا ينفك عنها ابدا.
وامّا قوله : حيّ على الصلاة أي هلمّوا إلى خير أعمالكم ، ودعوة ربّكم ، وسارعوا إلى مغفرة من ربّكم ، واطفاء ناركم التي أوقدتموها على ظهوركم وفكاك رقابكم التي رهنتموها بذنوبكم ليكفّر الله عنكم سيئاتكم ، ويغفر لكم ذنوبكم ، ويبدّل سيئاتكم حسنات ، فإنه ملك كريم ، ذو الفضل العظيم ، وقد أذن لنا معاشر المسلمين ، بالدخول في خدمته ، والتقدم إلى بين يديه.
وفي المرة الثانية : حي على الصلاة أي قوموا إلى مناجاة ربكم وعرض حاجاتكم على ربكم ، وتوسلوا إليه بكلامه ، وتشفعوا به ، وأكثروا الذكر والقنوت ، والركوع والسجود ، والخضوع والخشوع ، وارفعوا إليه حوائجكم ، فقد أذن لنا في ذلك.
وأما قوله : حي على الفلاح ، فإنه يقول : أقبلوا إلى بقاء لا فناء معه ، ونجاة لا هلاك معها ، وتعالوا إلى حياة لا ممات [2] معها وإلى نعيم لا نفاد له ، وإلى ملك لا زوال عنه ، وإلى سرور لا حزن معه ،.وإلى أُنس لا وحشة معه ، وإلى نور لا ظلمة معه ، وإلى سعة لا ضيق معها ، وإلى بهجة لا انقطاع لها ، وإلى غنى لا فاقة معه ، وإلى صحة لا سقم معها ، وإلى عزّ لا ذل معه ، وإلى قوّة لا ضعف معها ، وإلى كرامة يا لها من كرامة ، وعجلوا إلى سرور الدنيا والعقبى ، ونجاة الآخرة والأولى.
[2] في نسخة موت ـ منه ( قدس سره ).
وفي المرة الثانية : حيّ على الفلاح ، فإنه يقول : سابقوا إلى ما دعوتكم إليه ، وإلى جزيل الكرامة ، وعظيم المنّة ، وسنّي النعمة ، والفوز العظيم ، ونعيم الأبد ، في جوار محمّد ( صلّى الله عليه وآله ) ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
وامّا قوله : الله أكبر الله أكبر ، فإنه يقول : الله أعلى وأجلّ من أن يعلم أحد من خلقه ، ما عنده من الكرامة لعبد أجابه وأطاعه ، وأطاع أمره وعرفه وعرف وعيده ، وعبده واشتغل به وبذكره ، وأحبّه وأنس به ، واطمأنّ إليه ووثق به وخافه ورجاه ، واشتاق إليه ، ووافقه في حكمه وقضائه ، ورضي به.
وفي المرّة الثانية : الله أكبر ، فإنه يقول : الله أكبر وأعلى ، وأجلّ ، من أن يعلم أحد مبلغ كرامته لأوليائه ، وعقوبته لأعدائه ، ومبلغ عفوه وغفرانه ونعمته ، لمن أجابه وأجاب رسوله ، ومبلغ عذابه ونكاله ، وهوانه ، لمن أنكره وجحده.
وامّا قوله : لا إله إلّا الله معناه : لله الحجّة البالغة عليهم ، بالرسول والرسالة ، والبيان والدعوة ، وهو أجلّ من أن يكون لأحد منهم عليه حجّة ، فمن أجابه فله النور والكرامة ، ومن أنكره فإن الله غني عن العالمين ، وهو أسرع الحاسبين.
ومعنى قد قامت الصلاة في الإقامة ، أي حان وقت الزيارة والمناجاة ، وقضاء الحوائج ، ودرك المنى ، والوصول إلى الله عزّ وجلّ ، وإلى كرامته ، وغفرانه وعفوه ورضوانه ».
قال الصدوق : إنّما ترك الراوي ، ذكر حي على خير العمل للتقيّة ، وقد روي في خبر آخر أن الصادق ( عليه السلام ) ، سئل عن معنى حيّ على خير العمل ، فقال : « خير العمل الولاية ».
وفي خبر آخر : « خير العمل : برّ فاطمة وولدها ( عليهم السلام ) ».مستدرك الوسائل : ج 4 ص 65 - 70 ح 4187.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق