السبت، 18 مايو 2024

قصة احترام الكعبة وتعظيمها ، وتحريم هدمها

  وجوب احترام الكعبة وتعظيمها ، وتحريم هدمها

عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه ( عليهم السلام ) ، قال : لمّا قصد أبرهة بن الصباح ملك الحبشة لهدم البيت ، تسرعت الحبشة فأغاروا عليها فأخذوا سرحاً [1] لعبد المطلب بن هاشم ، فجاء عبد المطلب إلى الملك فاستأذن عليه ، فأذن له وهو في قبّة ديباج على سرير له فسلم عليه فرد أبرهة السلام ـ إلى أن قال ـ ثم قال لعبد المطلب : فيم جئت؟ فقد بلغني سخاؤك وكرمك وفضلك ، ورأيت من هيبتك وجمالك وجلالك ما يقتضي أن أنظر في حاجتك ، فسلني ما شئت ، وهو يرى أنّه يسأله في الرجوع عن مكّة.

فقال له عبد المطلب : إنّ أصحابك غدوا على سرح لي فذهبوا به فمرهم برده علي.

قال : فتغيظ الحبشي من ذلك ، وقال لعبد المطلب : لقد سقطت من عيني ، جئتني تسألني في سرحك وأنا قد جئت لهدم شرفك ، وشرف قومك ، ومكرمتكم التي تتميّزون بها من كلّ جيل ، وهو البيت الذي يحجّ إليه من كلّ صقع في الأرض ، فتركت مسألتي في ذلك وسألتني في سرحك؟

فقال له عبد المطلب : لست بربّ البيت الذي قصدت لهدمه وأنا ربّ سرحي الذي أخذه أصحابك ، فجئت أسألك فيما أنا ربّه ، وللبيت ربّ هو أمنع [ له ] [2] من الخلق كلّهم ، وأولى به منهم.

فقال الملك : ردّوا عليه سرحه [ وازحفوا إلى البيت فانقضوه حجراً حجرا ، فأخذ عبد المطلب سرحه ] [3] وانصرف إلى مكّة ، واتبعه الملك بالفيل الأعظم مع الجيش لهدم البيت ، فكانوا إذا حملوا على دخول الحرم أناخ ، وإذا تركوه رجع مهرولاً ، فقال عبد المطلب لغلمانه ادعوا لي ابني فجيئ بالعباس ، فقال : ليس هذا أريد ، ادعوا لي ابني ، فجيئ بأبي طالب ، فقال : ليس هذا أريد ، ادعوا لي ابني ، فجيئ بعبد الله أبي النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) فلمّا أقبل إليه ، قال : اذهب يا بني حتّى تصعد أبا قبيس ، ثم اضرب ببصرك ناحية البحر فانظر أيّ شيء يجيئ من هناك ، وخبّرني به.

قال : فصعد عبد الله أبا قبيس ، فما لبث أن جاء طير أبابيل مثل السيل والليل ، فسقط على أبي قبيس ، ثم صار إلى البيت فطاف [ به ] [4] سبعاً ، ثم صار إلى الصفا والمروة فطاف بهما سبعاً ، فجاء عبد الله إلى أبيه فأخبره الخبر ، فقال : انظر يا بني ما يكون من أمرها بعد فأخبرني به.

فنظرها فإذا هي قد أخذت نحو عسكر الحبشة ، فأخبر عبد المطلب بذلك ، فخرج عبد الطلب وهو يقول : يا أهل مكّة اخرجوا إلى العسكر فخذوا غنائمكم ، قال : فأتوا العسكر وهم أمثال الخشب النخرة ، وليس من الطير إلّا ما [5] معه ثلاثة أحجار في منقاره ويديه ، يقتل بكلّ حصاة منها واحدا من القوم ، فلما أتوا على جميعهم انصرف الطير ، ولم ير قبل ذلك ولا بعده ، فلما هلك القوم بأجمعهم جاء عبد المطلب إلى البيت فتعلّق بأستاره وقال :

يا حابس الفيل بذي المغمس  --  حبسته كأنّه مكوّس [6]
في مجلس تزهق فيه الأنفس
أمالي المفيد ص 312 ح 5.

[1] السرح : الإبل السائمة التي ترعى بنفسها ( مجمع البحرين ج 2 ص 371 ).
(2 و 3) أثبتناه من المصدر.
[4] أثبتناه من المصدر.
[5] في المصدر : و.
[6] كوّسته على رأسه : إذا قلبته وجعلت رأسه أسفله ( مجمع البحرين ج 4 ص 100 ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رسالة الإمام الجواد إلى السالكين لطريق الحق

  مواعظ أبى جعفر محمد بن على الجواد صلوات الله عليه عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ،عن عمه حمزة بن بزيع قال : كتب  أبوجعفر عليه‌السلام  إلي  سعد...