من الأدعية عند دخول شهر رمضان
اعلم أن هذه الدعوات لو ذكرناها عند دخول أول ساعة من أول ليلة منه كان ذلك الوقت قد ضاق عنه لأن بدخول الليل تجب صلاة المغرب و يتصل ما يتعقبها من المهمات و الدعوات و الصلوات و المندوبات فلم أجد للدعاء إلا دعاء لدخول الشهر المشار إليه أقرب من هذا الموضع الذي اعتمدت عليه.فَمِنَ الْأَدْعِيَةِ عِنْدَ دُخُولِ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ مَا رَوَيْنَاهُ بِعِدَّةِ طُرُقٍ إِلَى مَوْلَانَا زَيْنِ الْعَابِدِينَ عَلَيْهِ السُّلَّامَ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّحِيفَةِ فَقَالَ وَ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ عَلَيْهِ السُّلَّامَ عِنْدَ دُخُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِحَمْدِهِ وَ جَعَلَنَا مِنْ أَهْلِهِ لِنَكُونَ لِإِحْسَانِهِ مِنَ الشَّاكِرِينَ وَ لِيَجْزِيَنَا عَلَى ذَلِكَ جَزَاءَ الْمُحْسِنِينَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حبَانَا بِدِينِهِ وَ اخْتَصَّنَا بِمِلَّتِهِ وَ سَبَّلَنَا فِي سُبُلِ إِحْسَانِهِ لِنَسْلُكَهَا بِمَنِّهِ إِلَى رِضْوَانِهِ حَمْداً يَقْبَلُهُ [يَتَقَبَّلُهُ] مِنَّا وَ يَرْضَى بِهِ عَنَّا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنْ تِلْكَ السُّبُلِ شَهْرَهُ شَهْرَ الصِّيَامِ شَهْرَ رَمَضَانَ وَ شَهْرَ الطَّهُورِ وَ شَهْرَ الْإِسْلَامِ وَ شَهْرَ التَّمْحِيصِ وَ شَهْرَ الْقِيَامِ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَ الْفُرْقانِ فَأَبَانَ فَضِيلَتَهُ عَلَى سَائِرِ الشُّهُورِ بِمَا جَعَلَ لَهُ مِنَ الْحُرُمَاتِ الْمَوْفُورَةِ وَ الْفَضَائِلِ الْمَشْهُورَةِ فَحَرَّمَ فِيهِ مَا أَحَلَّ فِي غَيْرِهِ إِعْظَاماً لَهُ وَ حَجَزَ فِيهِ الْمَطَاعِمَ وَ الْمَشَارِبَ إِكْرَاماً لَهُ وَ جَعَلَ لَهُ وَقْتاً بَيِّناً لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَدَّمَ قَبْلَهُ وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَخَّرَ عَنْهُ ثُمَّ فَضَّلَ لَيْلَةً وَاحِدَةً مِنْ لَيَالِيهِ [عَلَى لَيَالِي] أَلْفِ شَهْرٍ وَ سَمَّاهَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ دَائِمُ الْبَرَكَةِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ بِمَا أَحْكَمَ مِنْ قَضَائِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ [وَ آلِ مُحَمَّدٍ] وَ أَلْهِمْنَا فَضْلَ مَعْرِفَتِهِ وَ إِجْلَالَ حُرْمَتِهِ وَ التَّحَفُّظَ مِمَّا حَظَرْتَ فِيهِ وَ أَعِنَّا عَلَى صِيَامِهِ بِكَفِّ الْجَوَارِحِ عَنْ مَعَاصِيكَ وَ اسْتِعْمَالِهَا فِيهِ بِمَا يُرْضِيكَ حَتَّى لَا نُصْغِيَ بِأَسْمَاعِنَا إِلَى لَغْوٍ وَ لَا تسرع [وَ لَا نُسْرِعَ] بِأَبْصَارِنَا إِلَى لَهْوٍ وَ لَا تَبْسُطَ [وَ لَا نَبْسُطَ] أَيْدِيَنَا إِلَى مَحْظُورٍ وَ لَا نَخْطُوَ بِأَقْدَامِنَا إِلَى مَحْجُورٍ وَ حَتَّى لَا تَعِيَ بُطُونُنَا إِلَّا مَا أَحْلَلْتَ وَ حَتَّى لَا تَنْطِقَ أَلْسِنَتُنَا إِلَّا مَا قُلْتَ وَ لَا نَتَكَلَّفَ إِلَّا مَا يُدْنِي مِنْ ثَوَابِكَ وَ لَا نَتَعَاطَى إِلَّا الَّذِي يَقِي مِنْ عِقَابِكَ
ثُمَّ خَلِّصْ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ رِيَاءِ الْمُرَاءِينَ وَ سُمْعَةِ الْمُسْتَمِعِينَ [الْمُسْمِعِينَ] حَتَّى لَا نُشْرِكَ فِيهِ أَحَداً دُونَكَ وَ لَا نَبْتَغِيَ بِهِ مُرَاداً سِوَاكَ اللَّهُمَّ وَقِّفْنَا [وَفِّقْنَا] فِيهِ عَلَى مَوَاقِيتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بِحُدُودِهَا الَّتِي حَدَدْتَ وَ فُرُوضِهَا الَّتِي فَرَضْتَ وَ أَوْقَاتِهَا الَّتِي وَقَّتَّ وَ أَنْزِلْنَا فِيهَا مَنْزِلَةَ الْمُصِيبِينَ لِمَنَازِلِهَا الْحَافِظِينَ لِأَرْكَانِهَا الْمُؤَدِّينَ لَهَا فِي أَوْقَاتِهَا عَلَى مَا سَنَّهُ مُحَمَّدٌ [عَلَى سُنَّةِ مُحَمَّدٍ] عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي رُكُوعِهَا وَ سُجُودِهَا وَ جَمِيعِ فَوَاضِلِهَا [فَوَاصِلِهَا] عَلَى أَتَمِّ الطَّهُورِ وَ أَسْبَغِهِ وَ أَبْيَنِ الْخُشُوعِ وَ أَبْلَغِهِ وَ وَفِّقْنَا فِيهِ لِأَنْ نَصِلَ أَرْحَامَنَا بِالْبِرِّ وَ الصِّلَةِ وَ أَنْ نَتَعَاهَدَ جِيرَانَنَا بِالْإِفْضَالِ وَ الْعَطِيَّةِ وَ أَنْ نُخَلِّصَ أَمْوَالَنَا مِنَ التَّبِعَاتِ وَ أَنْ نُطَهِّرَهَا بِإِخْرَاجِ الزَّكَوَاتِ وَ أَنْ تَمِيلَ بِنَا إِلَى أَنْ نُرَاجِعَ مَنْ هَاجَرَنَا [هَجَرَنَا] وَ أَنْ نَنْصِفَ مَنْ ظَلَمَنَا وَ أَنْ نُسَالِمَ مَنْ عَادَانَا خَلَا مَنْ عُودِيَ فِيكَ وَ لَكَ فَإِنَّهُ الْعَدُوُّ الَّذِي لَا نُوَالِيهِ وَ الْحِزْبُ الَّذِي لَا نُصَافِيهِ وَ أَنْ نَتَقَرَّبَ إِلَيْكَ فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ بِمَا تُطَهِّرُنَا مِنَ الذُّنُوبِ وَ تَعْصِمُنَا فِيمَا نَسْتَأْنِفُ مِنَ الْعُيُوبِ حَتَّى لَا يُورِدَ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ مَلَائِكَتِكَ إِلَّا دُونَ مَا نُورِدُ مِنْ أَنْوَاعِ الْقُرْبَةِ وَ أَبْوَابِ الطَّاعَةِ لَكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذَا الشَّهْرِ وَ بِحَقِّ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ فِيهِ مِنِ ابْتِدَائِهِ إِلَى وَقْتِ فَنَائِهِ مِنْ مَلَكٍ قَرَّبْتَهُ أَوْ نَبِيٍّ أَرْسَلْتَهُ أَوْ عَبْدٍ صَالِحٍ اخْتَصَصْتَهُ أَنْ تُجَنِّبَنَا الْإِلْحَادَ فِي دِينِكَ وَ التَّقْصِيرَ فِي تَمْجِيدِكَ وَ الشَّكَّ فِي تَوْحِيدِكَ وَ الْعَمَى عَنْ سَبِيلِكَ وَ الْكَسَلَ عَنْ خِدْمَتِكَ وَ التَّوَانِيَ فِي الْعَمَلِ لِمَحَبَّتِكَ وَ الْمُسَارَعَةَ إِلَى سَخَطِكَ وَ الِانْخِدَاعَ لِعَدُوِّكَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
اللَّهُمَّ أَهِّلْنَا فِيهِ لِمَا وَعَدْتَ أَوْلِيَاءَكَ مِنْ كَرَامَتِكَ وَ أَوْجِبْ لَنَا مَا تُوجِبُ لِأَهْلِ الِاسْتِقْصَاءِ لِطَاعَتِكَ وَ اجْعَلْنَا فِي نَظْمِ مَنِ اسْتَحَقَّ [الرَّفِيعَ الْأَعْلَى بِرَحْمَتِكَ] الدَّرَجَةَ الْعُلْيَا مِنْ جَنَّتِكَ وَ اسْتَوْجَبَ مُرَافَقَةَ الرَّفِيعِ الْأَعْلَى مِنْ أَهْلِ كَرَامَتِكَ بِفَضْلِكَ وَ جُودِكَ وَ رَأْفَتِكَ اللَّهُمَّ وَ إِنَّ لَكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي شَهْرِنَا هَذَا رِقَاباً يُعْتِقُهَا عَفْوُكَ وَ يَهَبُهَا صَفْحُكَ فَاجْعَلْ رِقَابَنَا مِنْ تِلْكَ الرِّقَابِ وَ اجْعَلْنَا لِشَهْرِنَا مِنْ خَيْرِ أَهْلٍ وَ أَصْحَابٍ وَ امْحَقْ ذُنُوبَنَا مَعَ إِمِّحَاقِ [امْتِحَاقٍ وَ مُحَاقِ] هِلَالِهِ وَ اسْلَخْ عَنَّا تَبِعَاتِنَا [التَّبِعَاتِ] مَعَ انْسِلَاخِ أَيَّامِهِ حَتَّى يَنْقَضِيَ عَنَّا وَ قَدْ صَفَّيْتَنَا مِنَ الْخَطِيئَاتِ وَ خَلَّصْتَنَا مِنَ السَّيِّئَاتِ اللَّهُمَّ وَ إِنْ مِلْنَا فِيهِ فَعَدِّلْنَا وَ إِنْ زُغْنَا عَنْهُ فَقَوِّمْنَا وَ إِنِ اشْتَمَلَ عَلَيْنَا عَدُوُّكَ الشَّيْطَانُ الرَّجِيمُ فَاسْتَنْقِذْنَا مِنْهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ اشْحَنْهُ بِعِبَادَتِنَا وَ زَيِّنْ أَوْقَاتَهُ بِطَاعَتِنَا وَ أَعِنَّا فِي نَهَارِهِ عَلَى صِيَامِهِ وَ فِي لَيْلِهِ عَلَى قِيَامِهِ بِالصَّلَاةِ لَكَ وَ التَّضَرُّعِ إِلَيْكَ وَ الْخُشُوعِ وَ الذِّلَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ حَتَّى لَا يَشْهَدَ نَهَارُهُ عَلَيْنَا بِغَفْلَةٍ وَ لَا لَيْلُهُ بِتَفْرِيطٍ اللَّهُمَّ وَ اجْعَلْنَا فِي سَائِرِ الشُّهُورِ وَ الْأَيَّامِ وَ مَا يَتَأَلَّفُ مِنَ السِّنِينَ وَ الْأَعْوَامِ كَذَلِكَ مَا عَمَّرْتَنَا وَ اجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الْمُخْلَصِينَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ هُمْ لَها سابِقُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ وَ سَلِّمْ كَثِيراً. إقبال الأعمال - ط القديمة : ص 42-44.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق