من فضائل علي بن ابي طالب عليه السلام:
كلام الضبالامام أبو محمد العسكري - عليه السلام - في تفسيره:
عن الامام علي بن محمد بن علي بن موسى، (عن أبيه) عليهما السلام -
أن النبي - صلى الله عليه وآله - قصده عشرة من اليهود يريدون أن يتعنتوه ويسألوه
عن أشياء يريدون أن يتعانتوه بها، فبينما هم كذلك إذ جاء أعرابي كأنه يدفع في قفاه،
قد علق على عصا على عاتقه جرابا مشدود الرأس، فيه شئ قد ملاه لا يدرون ما هو،
فقال: يا محمد أجبني عما أسألك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -:
يا أخا العرب قد سبقك اليهود ليسألوا أفتأذن لهم حتى أبدأ بهم ؟ فقال الاعرابي: لا فإني غريب مجتاز.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: فأنت إذن أحق منهم لغربتك واجتيازك. فقال الاعرابي:
ولفظة اخرى. قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: ماهي ؟ قال:
إن هؤلاء أهل كتاب يدعونه يزعمونه حقا، ولست آمن أن تقول شيئا يواطؤنك عليه ويصدقونك،
ليفتنوا الناس عن دينهم، وأنا لاأقنع بمثل هذا، لاأقنع إلا بأمر بين. فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -:
أين علي بن أبي طالب - ؟ فدعا بعلي، فجاء حتى قرب من رسول الله - صلى الله عليه وآله -،
فقال الاعرابي: يا محمد وما تصنع بهذا في محاورتي إياك ؟ قال: يا أعرابي سألت البيان،
وهذا البيان الشافي، وصاحب العلم الكافي، أنا مدينة الحكمة وهذا بابها، فمن أراد الحكمة والعلم فليأت الباب.
فلما مثل بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وآله - قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -
بأعلى صوته: يا عباد الله من أراد أن ينظر إلى آدم في جلالته، وإلى شيث في حكمته،
وإلى إدريس في نباهته، ومهابته وإلى نوح في شكره لربه وعبادته، وإلى إبراهيم في وفائه وخلته،
وإلى موسى في بغض كل عدو لله ومنابذته، وإلى عيسى في حب كل مؤمن و حسن معاشرته،
فلينظر إلى علي بن أبي طالب هذا . فأما المؤمنون فازدادوا بذلك إيمانا، وأما المنافقون فازداد نفاقهم،
فقال الاعرابي: يا محمد هكذا مدحك لابن عمك، إن شرفه شرفك، وعزه عزك،
ولست أقبل من هذا شيئا . إلا بشهادة من لا يحتمل شهادته بطلانا ولافسادا بشهادة هذا الضب.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: يا أخا العرب فاخرجه من جرابك لتستشهده،
فيشهد لي بالنبوة ولاخي هذا بالفضيلة. فقال الاعرابي: لقد تعبت في اصطياده وأنا خائف أن يطفر ويهرب.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: لا تخف فإنه لا يطفر، بل يقف ويشهد لنا بتصديقنا وتفضيلنا،
فقال الاعرابي: إني أخاف أن يطفر. فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -:
فإن طفر فقد كفاك به تكذيبا لنا واحتجاجا علينا، ولن يطفر، ولكنه سيشهد لنا بشهادة الحق
فإذا فعل ذلك فخل سبيله، فإن محمدا يعوضك عنه ما هو خير لك منه.
فأخرجه الاعرابي من الجراب ووضعه على الارض، فوقف واستقبل رسول الله - صلى الله عليه وآله -
ومرغ خديه في التراب، ثم رفع رأسه وأنطقه الله تعالى فقال:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه،
وسيد المرسلين، وأفضل الخلق أجمعين، وخاتم النبيين، وقائد الغر المحجلين،
وأشهد أن أخاك علي بن أبي طالب على الوصف الذي وصفته، وبالفضل الذي ذكرته،
وأن أوليائه في الجنان مكرمون، وأن أعدائه في النار خالدون .فقال الاعرابي وهو يبكي:
يا رسول الله وأنا أشهد بما شهد به هذا الضب فقد رأيت وشاهدت وسمعت ما ليس لي عنه معدل ولا محيص،
ثم أقبل الاعرابي إلى اليهود، فقال: ويلكم أي آية بعده تريدون ؟ ومعجزة بعد هذه تقترحون ؟
ليس إلا أن تؤمنوا أو تهلكوا أجمعين. فآمن اولئك اليهود كلهم،
فقالوا: عظمت بركة ضبك علينا يا أخا العرب.
تفسير العسكري عليه السلام : ص 391 ح 313.
مدينة المعاجز ج 1 ص 108.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق