أوَّلُ مَن زارَ قَبرَ الحُسَينِ عليه السلام مِنَ النّاسِ
مصباح الزائر:1- عن عطا : كُنتُ مَعَ جابِرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ يَومَ العِشرينَ مِن صَفَرٍ ، فَلَمّا وَصَلنَا الغاضِرِيَّةَ اغتَسَلَ في شَريعَتِها ، ولَبِسَ قَميصاً كانَ مَعَهُ طاهِراً . ثُمَّ قالَ لي : أمَعَكَ شَيءٌ مِنَ الطّيبِ يا عَطا ؟ قُلتُ : مَعي سُعدٌ[1] ، فَجَعَلَ مِنهُ عَلى رَأسِهِ وسائِرِ جَسَدِهِ . ثُمَّ مَشى حافِياً حَتّى وَقَفَ عِندَ رَأسِ الحُسَينِ عليه السلام ، وكَبَّرَ ثَلاثاً ثُمَّ خَرَّ مَغشِيّاً عَلَيهِ ، فَلَمّا أفاقَ سَمِعتُهُ يَقولُ : السَّلامُ عَلَيكُم يا آلَ اللَّهِ... . :
مصباح الزائر : ص 286 .
[1] السُّعْدُ : من الطِيب (الصحاح : ج 2 ص 488 «سعد») .
بشارة المصطفى :
2- عن عطيّة العوفي خَرَجتُ مَعَ جابِرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ الأَنصارِيِّ زائِرَينِ قَبرَ الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ، فَلَمّا وَرَدنا كَربَلاءَ دَنا جابِرٌ مِن شاطِئِ الفُراتِ فَاغتَسَلَ ، ثُمَّ اتَّزَرَ بِإِزارٍ وَارتَدى بِآخَرَ ، ثُمَّ فَتَحَ صُرَّةً فيها سُعدٌ فَنَثَرَها عَلى بَدَنِهِ ، ثُمَّ لَم يَخطُ خُطوَةً إلّا ذَكَرَ اللَّهَ تَعالى . حَتّى إذا دَنا مِنَ القَبرِ قالَ : ألمِسنيهِ ، فَأَلمَستُهُ ، فَخَرَّ عَلَى القَبرِ مَغشِيّاً عَلَيهِ ، فَرَشَشتُ عَلَيهِ شَيئاً مِنَ الماءِ ، فَلَمّا أفاقَ قالَ : يا حُسَينُ ، ثَلاثاً ، ثُمَّ قالَ : حَبيبٌ لا يُجيبُ حَبيبَهُ . ثُمَّ قالَ :
وأنّى لَكَ بِالجَوابِ وقَد شُحِطَت أوداجُكَ[1] عَلى أثباجِكَ[2] ، وفُرِّقَ بَينَ بَدَنِكَ ورَأسِكَ ، فَأَشهَدُ أنَّكَ ابنُ خاتَمِ النَّبِيّينَ ، وَابنُ سَيِّدِ المُؤمِنينَ ، وَابنُ حَليفِ التَّقوى وسَليلِ الهُدى وخامِسُ أصحابِ الكِساءِ ، وَابنُ سَيِّدِ النُّقَباءِ ، وَابنُ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ النِّساءِ ، وما لَكَ لا تَكونُ هكَذا وقَد غَذَّتكَ كَفُّ سَيِّدِ المُرسَلينَ ، ورُبّيتَ في حِجرِ المُتَّقينَ ، ورُضِعتَ مِن ثَديِ الإِيمانِ وفُطِمتَ بِالإِسلامِ ، فَطِبتَ حَيّاً وطِبتَ مَيِّتاً ، غَيرَ أنَّ قُلوبَ المُؤمِنينَ غَيرُ طَيِّبَةٍ لِفِراقِكَ ، ولا شاكَّةٍ فِي الخِيَرَةِ لَكَ ، فَعَلَيكَ سَلامُ اللَّهِ ورِضوانُهُ ، وأشهَدُ أنَّكَ مَضَيتَ عَلى ما مَضى عَلَيهِ أخوكَ يَحيَى بنُ زَكَرِيّا .
ثُمَّ جالَ بِبَصَرِهِ حَولَ القَبرِ وقالَ :
السَّلامُ عَلَيكُم أيَّتُهَا الأَرواحُ الَّتي حَلَّت بِفِناءِ الحُسَينِ وأناخَت بِرَحلِهِ ، وأشهَدُ أنَّكُم أقَمتُمُ الصَّلاةَ وآتَيتُمُ الزَّكاةَ ، وأمَرتُم بِالمَعروفِ ونَهَيتُم عَنِ المُنكَرِ ، وجاهَدتُمُ المُلحِدينَ ، وعَبَدتُمُ اللَّهَ حَتّى أتاكُمُ اليَقينُ . وَالَّذي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالحَقِّ نَبِيّاً لَقَد شارَكنا كُم فيما دَخَلتُم فيهِ . قالَ عَطِيَّةُ :
فَقُلتُ لَهُ : يا جابِرُ ! كَيفَ ولَم نَهبِط وادِياً ولَم نَعلُ جَبَلاً ولَم نَضرِب بِسَيفٍ ، وَالقَومُ قَد فُرِّقَ بَينَ رُؤوسِهِم وأبدانِهِم ، واُوتِمَت أولادُهُم ، وأرمَلَت أزواجُهُم ؟! فَقالَ : يا عَطِيَّةُ ! سَمِعتُ حَبيبي رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله يَقولُ : مَن أحَبَّ قَوماً حُشِرَ مَعَهُم ، ومَن أحَبَّ عَمَلَ قَومٍ اُشرِكَ في عَمَلِهِم ، وَالَّذي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالحَقِّ نَبِيّاً ، إنَّ نِيَّتي ونِيَّةَ أصحابي عَلى ما مَضى عَلَيهِ الحُسَينُ عليه السلام وأصحابُهُ ، خُذوا بي نَحوَ أبياتِ كوفانَ .[3] فَلَمّا صِرنا في بَعضِ الطَّريقِ قالَ :
يا عَطِيَّةُ ! هَل اُوصيكَ وما أظُنُّ أنَّني بَعدَ هذِهِ السَّفَرَةِ مُلاقيكَ ؟ أحبِب مُحِبَّ آلِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ما أحَبَّهُم ، وأبغِض مُبغِضَ آلِ مُحَمَّدٍ ما أبغَضَهُم وإن كانَ صَوّاماً قَوّاماً ، وَارفُق بِمُحِبِّ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، فَإِنَّهُ إن تَزِلَّ لَهُ قَدَمٌ بِكَثرَةِ ذُنوبِهِ ثَبَتَت لَهُ اُخرى بِمَحَبَّتِهِم ، فَإِنَّ مُحِبَّهُم يَعودُ إلَى الجَنَّةِ ، ومُبغِضَهُم يَعودُ إلَى النّارِ .بشارة المصطفى : ص 74.
[1] الأوداجُ : هي ما أحاط بالعنق من العروق (النهاية : ج 5 ص 165 «ودج») .
[2] الثَّبَجُ : ما بين الكاهل إلى الظهر (الصحاح : ج 1 ص 301 «ثبج») .
[3] في المصدر : «خذني نحو إلى أبيات كوفان» ، والتصويب من بحار الأنوار .
مَسارُّ الشيعة :
3- فِي اليَومِ العِشرينَ مِنهُ [أي مِن شَهرِ صَفَرٍ] كانَ رَجوعُ حَرَمِ سَيِّدِنا ومَولانا أبي عَبدِ اللَّهِ عليه السلام مِنَ الشّامِ إلى مَدينَةِ الرَّسولِ صلى اللَّه عليه وآله ، وهُوَ اليَومُ الَّذي وَرَدَ فيهِ جابِرُ بنُ عَبدِ اللَّهِ بنِ حِزامٍ الأَنصارِيُّ - صاحِبُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآلِهِ ورَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنهُ - مِنَ المَدينَةِ إلى كَربَلاءَ لِزِيارَةِ قَبرِ أبي عَبدِ اللَّهِ عليه السلام . فَكانَ أوَّلَ مَن زارَهُ مِنَ النّاسِ .مسارّ الشيعة : ص 46.
المصباح للكفعمي :
4- سُمِّيَت بِزِيارَةِ الأَربَعينَ لِأَنَّ وَقتَها يَومُ العِشرينَ مِن شَهرِ صَفَرٍ ، وذلِكَ لِأَربَعينَ يَوماً مِن مَقتَلِ الحُسَينِ عليه السلام ، وهُوَ اليَومُ الَّذي وَرَدَ فيهِ جابِرُ بنُ عَبدِ اللَّهِ الأَنصارِيُّ صاحِبُ النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله مِنَ المَدينَةِ إلى كَربَلاءَ لِزِيارَةِ قَبرِ الحُسَينِ عليه السلام ، فَكانَ أوَّلَ مَن زارَهُ مِنَ النّاسِ ... وفي هذَا اليَومِ كانَ رُجوعُ حَرَمِ الحُسَينِ عليه السلام مِنَ الشّامِ إلَى المَدينَةِ . المصباح للكفعمي : ص 648 «الهامش» .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق