الخميس، 22 سبتمبر 2022

وصيته صلى الله عليه وآله لاميرالمؤمنين عليه السلام

  وَصِيَّتُه  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ  لاميرالمؤمنين عَلَيْهِ السَّلَامُ :

 يَا عَلِيُّ أَنْ مَنْ الْيَقِينِ أَنَّ لَا تُرْضِي أَحَدًا بِسَخَطِ اللَّهِ ، وَلَا تُحْمَدُ أَحَدًا بِمَا آتَاكَ اللَّهُ ، وَلَا تُذَمّ أَحَدًا عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ ، فَإِنَّ الرِّزْقَ لَا يَجُرُّهُ حَرَص حَرِيصٌ وَلَا تَصَرُّفِه كَرَاهَة كَارِهٌ ، إنَّ اللَّهَ بِحُكْمِه وَفَضْلِه جَعَل الرُّوح وَالْفَرَح فِي الْيَقِينِ وَالرِّضَى ، وَجَعَل الْهَمِّ وَالْحَزَنِ فِي الشَّكِّ وَالسَّخَط . 

 يَا عَلِيُّ أَنَّهُ لَا فَقْر أَشَدُّ مِنْ الْجَهْلِ ، وَلَا مَالَ أَعُود مِنْ الْعَقْلِ (1) وَلَا وَحْدَهُ أَوْحَش مِنْ الْعُجْبِ ، وَلَا مُظَاهَرَة (2) أَحْسَنُ مِنْ الْمُشَاوَرَة ، وَلَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ ، وَلَا حَسَبُ كَحُسْنِ الْخُلُقِ ، وَلَا عِبَادَةَ كَالتَّفَكُّر .(1) الأَعْوَد : الْأَنْفَع . (2) الْمُظَاهَرَة : الْمُعَاوَنَة .

 يَا عَلِيُّ آفَةٌ الْحَدِيث الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَآفَة العِلْمِ النِّسْيَانُ ، وَآفَة الْعِبَادَة الْفَتْرَة (3) وَآفَة السَّمَاحَة الْمَنّ (4) وَآفَة الشَّجَاعَة الْبَغْي ، وَآفَة الْجَمَال الْخُيَلَاء ، وَآفَة الْحَسَب الْفَخْر . يَا عَلِيُّ عَلَيْك بِالصِّدْق ، وَلَا تَخْرُجُ مِنْ فِيكَ كَذَّبَه أَبَدًا ، وَلَا تجترين عَلَى خِيَانَةِ أَبَدًا ، وَالْخَوْفُ مِنْ اللَّهِ كَأَنَّك تَرَاهُ ، وَأَبْذَل مَالِك وَنَفْسُك دُون دِينِك ، وَعَلَيْك بِمَحَاسِن الْأَخْلَاق فَأَرْكَبَهَا ، وَعَلَيْك بِمُسَاوِي الْأَخْلَاق فاجتنبها .(3) الْفَتْرَة : الضَّعْف وَانْكِسَار . (4) السَّمَاحَة : الْجُود . 

يَا عَلِيُّ أَحَبُّ الْعَمَلِ إلَى اللَّهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ : مِنْ أَتِيّ اللَّهَ بِمَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ فهومن أَعْبَدَ النَّاسِ ، وَمِنْ وَرَعٍ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَهُوَ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ ، وَمَنْ قَنَعَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ . 

يَا عَلِيُّ ثَلاثَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ : تَصِلَ مَنْ قَطَعَك ، وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَك ، وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَك . 

 يَا عَلِيُّ ثَلاثَ مُنْجِيَاتٌ : تَكُفّ لِسَانَك ، وَتَبْكِي عَلَى خَطِيئَتِك ، ويسعك بَيْتِك . 

 يَا عَلِيُّ سَيِّد الْأَعْمَال ثَلَاثِ خِصَالٍ : إِنْصَافِكَ النَّاسَ مَنْ نَفْسِك ، وَمُسَاوَاة الْأَخِ فِي اللَّهِ ، وَذِكْرُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ .

 يَا عَلِيُّ ثَلَاثَةَ مِنْ حُلَل اللَّه : رَجُلٌ زَار أَخَاه الْمُؤْمِنُ فِي اللَّهِ فَهُوَ زُورٌ اللَّهِ وَحَقِّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَرَّمَ زَوَّرَه (1) وَيُعْطِيه ماسأل ، وَرَجُلٌ صَلَّى ثُمَّ عَقَّبَ إلَى الصَّلَاةِ الْأُخْرَى فَهُوَ ضَيْفُ اللّهِ وَحَقِّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَرَّمَ ضَيْفَه ، وَالْحَاجّ وَالْمُعْتَمِر فَهُمَا وفدالله وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَرَّمَ وفده (2) . (1) أَىّ زَائِرِه وقاصده . (2) الْوَفْد : الضَّيْف الْوَارِد .

 يَا عَلِيُّ ثَلاثَ ثوابهن فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ : الْحَجّ يَنْفِي الْفَقْرَ ، وَالصَّدَقَةُ تَدْفَعُ الْبَلِيَّة ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمْرِ .

 يَا عَلِيُّ ثَلاثَ مِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَمْ يَقُمْ لَهُ عَمَلٌ : وَرَع يجحزه عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ وَعُلِم يُرِدْ بِهِ جَهْلٌ السَّفِيه ، وَعَقْل يُدَارِي بِهِ النَّاسُ . 

 يَا عَلِيُّ ثَلَاثَةَ تَحْتَ ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : رَجُلٌ أُحِبُّ لِأَخِيهِ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِه ، وَرَجُلٌ بَلَغَهُ أَمْرُ فَلَمْ يُقَدِّمْ فِيهِ وَلَمْ يَتَأَخَّرْ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرِ لِلَّهِ رِضًى أَو سَخَط ، وَرَجُلٌ لَمْ يُعَبْ أَخَاه بِعَيْب حَتَّى يَصْلُحَ ذَلِكَ الْعَيْبُ عَنْ نَفْسِهِ ، فَإِنَّهُ كُلَّمَا أَصْلَحَ مَنْ نَفْسِهِ عَيْبًا بِدَالَّة مِنْهَا آخَرَ ، وَكَفَى بِالْمَرْءِ فِي نَفْسِهِ شُغْلًا . 

 يَا عَلِيُّ ثَلاثَ مِنْ أَبْوَابِ الْبِرِّ : سَخَاء النَّفْس وَطِيبُ الْكَلَامِ وَالصَّبْرِ عَلَى الْأَذَى .

 يَا عَلِيُّ فِي التَّوْرَاةِ أَرْبَعٌ إلَى جنبهن أَرْبَع : مَنْ أَصْبَحَ عَلَى الدُّنْيَا حَرِيصًا أَصْبَحَ وَهُوَ عَلَى اللَّهِ سَاخِطٌ ، وَمَنْ أَصْبَحَ يَشْكُو مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ فَإِنَّمَا يشكوربه ، وَمَنْ أَتَى غَنِيًّا فتضعضع لَه (1) ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ ، وَمَنْ دَخَلَ النَّارَ مَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَهُوَ مِنْ اتَّخَذَ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَلَعِبًا . 
(1) تَضَعْضَع لَهُ أَىُّ ذَلَّ وَخَضَعَ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا كَانَ خُضُوعِه لَه لِغِنَاه .

 أَرْبَعٌ إلَى جنبهن أَرْبَع : مِنْ مِلْكِ اسْتَأْثَر ، وَمَنْ لَمْ يُسْتَشَرْ يَنْدَم ، كَمَا تَدِينُ تُدَانُ ، وَالْفَقْر الْمَوْتِ الْأَكْبَرِ ، فَقِيلَ لَهُ : الْفَقْرِ مِنْ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ ؟ فَقَال : الْفَقْرِ مِنْ الدَّيْنِ .

 يَا عَلِيُّ كُلُّ عَيْنٍ بَاكِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا ثَلَاثَةً أَعْيُنٍ : عَيْنٍ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (2) وَعَيَّن غَضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ ، وَعَيَّن فَاضَت مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (3) . (2) سَهِر ـ كَفَرِح ـ أَىّ بَاتٌّ وَلَمْ يَنَمْ لَيْلًا أَىّ تَرَكْت النَّوْم زَائِدًا عَنْ الْعَادَةِ . (3) أَىّ سَالَ دَمْعُهَا بِكَثْرَة . 

 يَا عَلِيُّ طُوبَى لِصُورَة نَظَرَ اللَّهُ إلَيْهَا تَبْكِي عَلِيّ ذَنْبٌ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ الذَّنْبُ أَحَدٌ غَيْرُ اللَّهِ . 

 يَا عَلِيُّ ثَلاثَ مُوبِقَات وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ : فَأَمَّا الْمُوبِقَات فَهَوَى مُتَّبِعٌ ، وَشُحٌّ مُطَاعٌ ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ . وَأَمَّا الْمُنْجِيَات فَالْعَدْلُ فِي الرِّضَى وَالْغَضَبَ ، وَالْقَصْدُ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ ، وَخَوْفُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ كَأَنَّك تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ .

 يَا عَلِيُّ ثَلاثَ يُحْسِن فِيهِنّ الْكَذِب : الْمَكِيدَة فِي الْحَرْبِ ، وعدتك زَوَّجْتُك وَالْإِصْلَاحَ بَيْنَ النَّاسِ .

 يَا عَلِيُّ ثَلاثَ يَقْبُح فِيهِنّ الصِّدْق : النَّمِيمَة ، وَأَخْبَار الرَّجُلُ عَنْ أَهْلِهِ بِمَا يَكْرَهُ وترسك الرَّجُلُ عَنْ الْخَيْرِ (4) .  (4) فِي الْمَصْدَرِ « وتكذيبك الرَّجُلُ عَنْ الْخَيْرِ » .

 يَا عَلِيُّ أَرْبَع يُذْهِبْن ضَلَالًا : الْأَكْل بَعْد الشِّبَع ، وَالسِّرَاج فِي الْقَمَرِ ، وَالزَّرْعُ فِي الْأَرْضِ السَّبِخَة ، والصنيعة عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهَا . 

 يَا عَلِيُّ أَرْبَع أَسْرَع شَيّ عُقُوبَة : رَجُلٌ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ فكافاك بِالْإِحْسَان إسَاءَة  وَرَجُلٌ لَا تَبْغِي عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْغِي عَلَيْك ، وَرَجُلٌ عاقدته عَلَى أَمْرٍ فَمَنْ أَمَرَكَ الْوَفَاء لَهُ وَمَنْ أَمَرَهُ الغدربك ، وَرَجُلٌ تَصِل رَحِمَه وَيَقْطَعُهَا . 

 يَا عَلِيُّ أَرْبَعٌ مِنْ يَكُنْ فِيهِ كَمُلَ إسْلَامُهُ : الصِّدْق ، وَالشُّكْر ، وَالْحَيَاء وَحُسْنُ الْخُلُقِ .

 يَا عَلِيُّ قِلَّة طَلَبِ الْحَوَائِجِ مِنْ النَّاسِ هُوَ الْغِنَى الْحَاضِر ، وَكَثْرَة الْحَوَائِجِ إِلَى النَّاسِ مَذَلَّةٌ وَهُوَ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ .
تحف العقول ص 6.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أثر المواظبة على صلاة الليل في التقرب من الله وتزكية النفس

 تأكد استحباب المواظبة على صلاة الليل  1   - وقال  أبو جعفر ( عليه السلام )  : إن الله يحب المداعب  (1)  في الجماع بلا رفث ، والمتوحد بالفكر...