الأحد، 4 سبتمبر 2022

إحتجاج رسول ملك الروم على يزيد بمحضر رأس الإمام الحسين عليه السلام

 اِحتِجاجُ رَسولِ مَلِكِ الرّومِ عَلى‌ يَزيدَ

مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي :
عن محمد ابن الحنفيّة عن عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام : لَمّا اُتِيَ بِرَأسِ الحُسَينِ عليه السلام إلى‌ يَزيدَ كانَ يَتَّخِذُ مَجالِسَ الشُّربِ ، ويَأتي بِرَأسِ الحُسَينِ عليه السلام ويَضَعُهُ بَينَ يَدَيهِ ويَشرَبُ عَلَيهِ .فَحَضَرَ ذاتَ يَومٍ في أحَدِ مَجالِسِهِ رَسولُ مَلِكِ الرّومِ ، وكانَ مِن أشرافِ الرّومِ وعُظَمائِها ، فَقالَ : يا مَلِكَ العَرَبِ ، رَأسُ مَن هذا ؟ فَقالَ لَهُ يَزيدُ :
 ما لَكَ ولِهذَا الرَّأسِ ؟ فَقالَ : إنّي إذا رَجَعتُ إلى‌ مَلِكِنا يَسأَلُني عَن كُلِّ شَي‌ءٍ رَأَيتُهُ ، فَأَحبَبتُ أن اُخبِرَهُ بِقِصَّةِ هذَا الرَّأسِ وصاحبِهِ ، لِيُشارِكَكَ فِي الفَرَحِ وَالسُّرورِ . فَقالَ يَزيدُ : هذا رَأسُ الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ، فَقالَ : ومَن اُمُّهُ ؟ قالَ : فاطِمَةُ الزَّهراءُ ، قالَ : بِنتُ مَن ؟ قالَ : بِنتُ رَسولِ اللَّهِ . فَقالَ الرَّسولُ : اُفٍّ لَكَ ولِدينِكَ ، ما دينٌ أخَسُّ مِن دينِكَ ، اعلَم أنّي مِن أحفادِ داووُدَ عليه السلام وبَيني وبَينَهُ آباءٌ كَثيرَةٌ ، وَالنَّصارى‌ يُعَظِّمونَني ويَأخُذونَ التُّرابَ مِن تَحتِ قَدَمَيَّ تَبَرُّكاً ، لِأَنّي مِن أحفادِ داوُدَ عليه السلام ، وأنتُم تَقتُلونَ ابنَ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وما بَينَهُ وبَينَ رَسولِ اللَّهِ إلّا اُمٌّ واحِدَةٌ ! فَأَيُّ دينٍ هذا ؟ ثُمَّ قالَ لَهُ الرَّسولُ :
 يا يَزيدُ ، هَل سَمِعتَ بِحَديثِ كَنيسَةِ الحافِرِ ؟ فَقالَ يَزيدُ : قُل حَتّى‌ أسمَعَ ، فَقالَ : إنَّ بَينَ عُمانَ وَالصّينِ بَحرٌ مَسيرَتُهُ سَنَةٌ ، لَيسَ فيهِ عُمرانٌ إلّا بَلدَةٌ واحِدَةٌ في وَسَطِ الماءِ ، طولُها ثَمانونَ فَرسَخاً وعَرضُها كَذلِكَ ، ما عَلى‌ وَجهِ الأَرضِ بَلدَةٌ أكبَرُ مِنها ، ومِنها يُحمَلُ الكافورُ وَالياقوتُ وَالعَنبَرُ ، وأشجارُهُمُ العودُ ، وهِيَ في أيدِي النَّصارى‌ لا مِلكَ لِأَحَدٍ فيها مِنَ المُلوكِ . وفي تِلكَ البَلدَةِ كَنائِسُ كَثيرَةٌ أعظَمُها كَنيسَةُ الحافِرِ ، في مِحرابِها حُقَّةٌ[1] مِن ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٌ فيها حافِرٌ ، يَقولونَ : إنَّهُ حافِرُ حِمارٍ كانَ يَركَبُهُ عيسى‌ عليه السلام ، وقَد زُيِّنَت حَوالِي الحُقَّةِ بِالذَّهَبِ وَالجَواهِرِ وَالدّيباجِ وَالأَبريسَمِ . وفي كُلِّ عامٍ يَقصِدُها عالِمٌ مِنَ النَّصارى‌ ، فَيَطوفونَ حَولَ الحُقَّةِ ويَزورونَها ويُقَبِّلونَها ، ويَرفَعونَ حَوائِجَهُم إلَى اللَّهِ تَعالى‌ بِبَرَكَتِها . هذا شَأنُهُم ودَأبُهُم بِحافِرِ حِمارٍ يَزعُمونَ إنَّهُ حافِرُ حِمارٍ كانَ يَركَبُهُ عيسى‌ عليه السلام نَبِيُّهُم ، وأنتُم تَقتُلونَ ابنَ بِنتِ نَبِيِّكُم ! لا بارَكَ اللَّهُ فيكُم ولا في دينِكُم . فَقالَ يَزيدُ لِأَصحابِهِ : اُقتُلوا هذَا النَّصرانِيَّ ؛ فَإِنَّهُ يَفضَحُنا إن رَجَعَ إلى‌ بِلادِهِ ويُشَنِّعُ عَلَينا . فَلَمّا أحَسَّ النَّصرانِيُّ بِالقَتلِ ، قالَ : يا يَزيدُ أتُريدُ قَتلي ؟ قالَ : نَعَم ، قالَ : فَاعلَم إنّي رَأَيتُ البارِحَةَ نَبِيَّكُم في مَنامي وهُوَ يَقولُ لي : يا نَصرانِيُّ أنتَ مِن أهلِ الجَنَّةِ ، فَعَجِبتُ مِن كَلامِهِ حَتّى‌ نالَني هذا ، فَأَنَا أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسولُهُ . ثُمَّ أخَذَ الرَّأسَ وضَمَّهُ إلَيهِ ، وجَعَلَ يَبكي ، حَتّى‌ قُتِلَ .
مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج 2 ص 72.

[1] الحُقَّة : وعاء من خشب أو عاج أو غيرهما (تاج العروس : ج 13 ص 83 «حقق») .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لحم البقر بالسلق ، ومرق لحم البقر

    لحم البقر بالسلق *  ومرق لحم البقر *  السلق : نبت له ورق طوال ، وورقه يؤكل ( لسان العرب ج 10 ص 162 ).  1 -  عن محمّد بن قيس ، عن أبي ج...