الخميس، 11 أغسطس 2022

دعاء أمير المؤمنين عليه السلام في المناجات لله عز وجل نثرا ونظما

  دُعَاءٌ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي المناجات لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نَثْرًا وَنَظْمًا .

فَعَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أَنَّ فِي الْمُنَاجَاةِ سَبَبَ النَّجَاةِ وَ بِالْإِخْلَاصِ يَكُونُ الْخَلَاصُ فَإِذَا اشْتَدَّ الْفَزَعُ فَإِلَى اللَّهِ الْمَفْزَعُ.

فَمِنْ ذَلِكَ مُنَاجَاةُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام مَرْوِيَّةٌ عَنِ الْعَسْكَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ عليهم السلام :
إِلَهِي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ ارْحَمْنِي إِذَا انْقَطَعَ مِنَ الدُّنْيَا أَثَرِي وَ امْتَحَى مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ذِكْرِي وَ صِرْتُ فِي الْمَنْسِيِّينَ كَمَنْ قَدْ نُسِيَ .

إِلَهِي كَبِرَتْ سِنِّي وَ رَقَّ جِلْدِي وَ دَقَّ عَظْمِي وَ نَالَ الدَّهْرُ مِنِّي وَ اقْتَرَبَ أَجَلِي وَ نَفِدَتْ أَيَّامِي وَ ذَهَبَتْ شَهَوَاتِي وَ بَقِيَتْ تَبِعَاتِي.

 إِلَهِي ارْحَمْنِي إِذَا تَغَيَّرَتْ صُورَتِي وَ امْتَحَتْ مَحَاسِنِي وَ بَلِيَ جِسْمِي وَ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالِي وَ تَفَرَّقَتْ أَعْضَائِي .

إِلَهِي أَفْحَمَتْنِي ذُنُوبِي وَ قَطَعَتْ مَقَالَتِي فَلَا حَجَّةَ لِي وَ لَا عُذْرَ فَأَنَا الْمُقِرُّ بِجُرْمِي الْمُعْتَرِفُ بِإِسَاءَتِي الْأَسِيرُ بِذَنْبِي الْمُرْتَهَنُ بِعَمَلِي الْمُتَهَوِّرُ فِي بُحُورِ خَطِيئَتِي الْمُتَحَيِّرُ عَنْ قَصْدِي الْمُنْقَطِعُ بِي فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ ارْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ وَ تَجَاوَزْ عَنِّي يَا كَرِيمُ بِفَضْلِكَ .

إِلَهِي إِنْ كَانَ صَغُرَ فِي جَنْبِ طَاعَتِكَ عَمَلِي فَقَدْ كَبُرَ فِي جَنْبِ رَجَائِكَ أَمَلِي .

إِلَهِي كَيْفَ أَنْقَلِبُ بِالْخَيْبَةِ مِنْ عِنْدِكَ مَحْرُوماً وَ كَانَ ظَنِّي بِكَ وَ بِجُودِكَ أَنْ تَقْلِبَنِي بِالنَّجَاةِ مَرْحُوماً.

 إِلَهِي لَمْ أُسَلِّطْ عَلَى حُسْنِ ظَنِّي بِكَ قُنُوطَ الْآيِسِينَ فَلَا تُبْطِلْ صِدْقَ رَجَائِي لَكَ بَيْنَ الْآمِلِينَ .

إِلَهِي عَظُمَ جُرْمِي إِذْ كُنْتُ الْمُبَارِزَ بِهِ وَ كَبِرَ ذَنْبِي إِذْ كُنْتُ الْمَطَالَبَ بِهِ إِلَّا أَنِّي إِذَا ذَكَرْتُ كَبِيرَ جُرْمِي وَ عَظِيمَ غُفْرَانِكَ وَجَدْتُ الْحَاصِلَ لِي مِنْ بَيْنِهِمَا عَفْوَ رِضْوَانِكَ .

إِلَهِي إِنْ دَعَانِي إِلَى النَّارِ بِذَنْبِي مَخْشِيُّ عِقَابِكَ فَقَدْ نَادَانِي إِلَى الْجَنَّةِ‌ بِالرَّجَاءِ حُسْنُ ثَوَابِكَ .

إِلَهِي إِنْ أَوْحَشَتْنِي الْخَطَايَا عَنْ مَحَاسِنِ لُطْفِكَ فَقَدْ آنَسَتْنِي بِالْيَقِينِ مَكَارِمُ عَطْفِكَ .

إِلَهِي إِنْ أَنَامَتْنِي الْغَفْلَةُ عَنِ الِاسْتِعْدَادِ لِلِقَائِكَ فَقَدْ أَنْبَهَتْنِي الْمَعْرِفَةُ يَا سَيِّدِي بِكَرِيمِ آلَائِكَ.

 إِلَهِي إِنْ عَزَبَ لُبِّي عَنْ تَقْوِيمِ مَا يُصْلِحُنِي فَمَا عَزَبَ إِيْقَانِي بِنَظَرِكَ لِي فِيمَا يَنْفَعُنِي .

إِلَهِي إِنِ انْقَرَضَتْ بِغَيْرِ مَا أَحْبَبْتَ مِنَ السَّعْيِ أَيَّامِي فَبِالْإِيمَانِ أَمْضَتْهَا الْمَاضِيَاتُ مِنْ أَعْوَامِي.

 إِلَهِي جِئْتُكَ مَلْهُوفاً قَدْ أُلْبِسْتُ عَدَمَ فَاقَتِي وَ أَقَامَنِي مَقَامَ الْأَذِلَّاءِ بَيْنَ يَدَيْكَ ضُرُّ حَاجَتِي .

إِلَهِي كَرُمْتَ فَأَكْرِمْنِي إِذْ كُنْتُ مِنْ سُؤَّالِكَ وَ جُدْتَ بِالْمَعْرُوفِ فَاخْلُطْنِي بِأَهْلِ نَوَالِكَ.

 إِلَهِي مَسْكَنَتِي لَا يَجْبُرُهَا إِلَّا عَطَاؤُكَ وَ أُمْنِيَّتِي لَا يُغْنِيهَا إِلَّا جَزَاؤُكَ.

 إِلَهِي أَصْبَحْتُ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ مِنَحِكَ سَائِلًا وَ عَنِ التَّعَرُّضِ لِسَوَائِكَ بِالْمَسْأَلَةِ عَادِلًا وَ لَيْسَ مِنْ جَمِيلِ امْتِنَانِكَ رَدُّ سَائِلٍ مَلْهُوفٍ وَ مُضْطَرٍّ لِانْتِظَارِ خَيْرِكَ الْمَأْلُوفِ .

إِلَهِي أَقَمْتُ عَلَى قَنْطَرَةِ مِنْ قَنَاطِرِ الْأَخْطَارِ مَمْلُوّاً بِالْأَعْمَالِ وَ الِاعْتِبَارِ فَأَنَا الْهَالِكُ إِنْ لَمْ تُعِنْ عَلَيْهَا بِتَخْفِيفِ الْأَثْقَالِ .

إِلَهِي أَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ خَلَقْتَنِي فَأُطِيلَ بُكَائِي أَمْ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ خَلَقْتَنِي فَأُبْشِرَ رَجَائِي .

إِلَهِي إِنْ حَرَمْتَنِي رُؤْيَةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه واله  فِي دَارِ السَّلَامِ وَ أَعْدَمْتَنِي طَوَافَ الْوُصَفَاءِ مِنَ الْخُدَّامِ وَ صَرَفْتَ وَجْهَ تَأْمِيلِي بِالْخَيْبَةِ فِي دَارِ الْمُقَامِ فَغَيْرَ ذَلِكَ مَنَّتْنِي نَفْسِي مِنْكَ يَا ذَا الْفَضْلِ وَ الْإِنْعَامِ .

إِلَهِي وَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ لَوْ قَرَّنْتَنِي فِي الْأَصْفَادِ طُولَ الْأَيَّامِ وَ مَنَعْتَنِي سَيْبَكَ مِنْ بَيْنِ الْأَنَامِ وَ حُلْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَ الْكِرَامِ مَا قَطَعْتُ رَجَائِي مِنْكَ وَ لَا صَرَفْتُ وَجْهَ انْتِظَارِي لِلْعَفْوِ عَنْكَ .

إِلَهِي لَوْ لَمْ تَهْدِنِي لِلْإِسْلَامِ [إِلَى الْإِسْلَامِ] مَا اهْتَدَيْتُ وَ لَوْ لَمْ تَرْزُقْنِي الْإِيمَانَ بِكَ مَا آمَنْتُ وَ لَوْ لَمْ تُطْلِقْ لِسَانِي بِدُعَائِكَ مَا دَعَوْتُ وَ لَوْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حَلَاوَةَ مَعْرِفَتِكَ مَا عَرَفْتُ وَ لَوْ لَمْ تُبَيِّنْ لِي‌ شَدِيدَ عِقَابِكَ مَا اسْتَجَرْتُ .

إِلَهِي أَطَعْتُكَ فِي أَحَبِّ الْأَشْيَاءِ إِلَيْكَ وَ هُوَ التَّوْحِيدُ وَ لَمْ أَعْصِكَ فِي أَبْغَضِ الْأَشْيَاءِ إِلَيْكَ وَ هُوَ الْكُفْرُ فَاغْفِرْ لِي مَا بَيْنَهُمَا .

إِلَهِي أُحِبُّ طَاعَتَكَ وَ إِنْ قَصَّرْتُ عَنْهَا وَ أَكْرَهُ مَعْصِيَتَكَ وَ إِنْ رَكِبْتُهَا فَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِالْجَنَّةِ وَ إِنْ لَمْ أَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا وَ خَلِّصْنِي مِنَ النَّارِ وَ إِنْ اسْتَوْجَبْتُهَا .

إِلَهِي إِنْ أَقْعَدَنِي التَّخَلُّفُ عَنِ السَّبْقِ مَعَ الْأَبْرَارِ فَقَدْ أَقَامَتْنِي الثِّقَةُ بِكَ عَلَى مَدَارِجِ الْأَخْيَارِ .

إِلَهِي قَلْبٌ حَشَوْتَهُ مِنْ مَحَبَّتِكَ فِي دَارِ الدُّنْيَا كَيْفَ تَطَّلِعُ عَلَيْهِ نَارٌ مُحْرِقَةٌ فِي لَظًى .

إِلَهِي نَفْسٌ أَعْزَزْتَهَا بِتَأْيِيدِ إِيمَانِكَ كَيْفَ تُذِلُّهَا بَيْنَ أَطْبَاقِ نِيرَانِكَ.

 إِلَهِي لِسَانٌ كَسَوْتَهُ مِنْ تَمَاجِيدِكَ أَنِيقَ [أتين] أَثْوَابِهَا كَيْفَ تَهْوِي إِلَيْهِ مِنَ النَّارِ مُشْتَغِلَاتُ الْتِهَابِهَا .

إِلَهِي كُلُّ مَكْرُوبٍ إِلَيْكَ يَلْتَجِئُ وَ كُلُّ مَحْزُونٍ إِيَّاكَ يَرْتَجِي .

إِلَهِي سَمِعَ الْعَابِدُونَ بِجَزِيلِ ثَوَابِكَ فَخَشَعُوا وَ سَمِعَ الزَّاهِدُونَ بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ فَقَنِعُوا وَ سَمِعَ الْمُوَلُّونَ عَنِ الْقَصْدِ بِجُودِكَ فَرَجَعُوا وَ سَمِعَ الْمُجْرِمُونَ بِسَعَةِ غُفْرَانِكَ فَطَمِعُوا وَ سَمِعَ الْمُؤْمِنُونَ بِكَرَمِ عَفْوِكَ وَ فَضْلِ عَوَارِفِكَ فَرَغِبُوا حَتَّى ازْدَحَمَتْ مَوْلَايَ بِبَابِكَ عَصَائِبُ الْعُصَاةِ مِنْ عِبَادِكَ وَ عَجَّتْ إِلَيْكَ مِنْهُمْ عَجِيجَ الضَّجِيجِ بِالدُّعَاءِ فِي بِلَادِكَ وَ لِكُلٍّ أَمَلٌ قَدْ سَاقَ صَاحِبَهُ إِلَيْكَ مُحْتَاجاً وَ قَلْبٌ تَرَكَهُ وَجِيبُ خَوْفِ الْمَنْعِ مِنْكَ مُهْتَاجاً وَ أَنْتَ الْمَسْئُولُ الَّذِي لَا تَسْوَدُّ لَدَيْهِ وُجُوهُ الْمَطَالِبِ وَ لَمْ تَرْزَأْ بِنَزِيلِهِ قَطِيعَاتُ الْمَعَاطِبِ .

إِلَهِي إِنْ أَخْطَأْتُ طَرِيقَ النَّظَرِ لِنَفْسِي بِمَا فِيهِ كَرَامَتُهَا فَقَدْ أَصَبْتُ طَرِيقَ الْفَزَعِ إِلَيْكَ بِمَا فِيهِ سَلَامتَهُا .

إِلَهِي إِنْ كَانَتْ نَفْسِي اسْتَسْعَدَتْنِي مُتَمَرِّدَةً عَلَى مَا يُرْدِيهَا فَقَدِ اسْتَسْعَدْتُهَا الْآنَ بِدُعَائِكَ عَلَى مَا يُنْجِيهَا .

إِلَهِي إِنْ عَدَانِيَ الِاجْتِهَادُ فِي ابْتِغَاءِ مَنْفَعَتِي فَلَمْ يَعْدِنِي بِرُّكَ بِمَا فِيهِ مَصْلَحَتِي .

إِلَهِي إِنْ قَسَطْتُ فِي الْحُكْمِ عَلَى نَفْسِي بِمَا فِيهِ حَسْرَتُهَا فَقَدْ أَقْسَطْتُ الْآنَ بِتَعْرِيفِي إِيَّاهَا مِنْ رَحْمَتِكَ إِشْفَاقَ رَأْفَتِهَا .

إِلَهِي أَجْحَفَ بِي قِلَّةُ الزَّادِ فِي الْمَسِيرِ‌ إِلَيْكَ فَقَدْ وَصَلْتُهُ الْآنَ بِذَخَائِرِ مَا أَعْدَدْتُهُ مِنْ فَضْلِ تَعْوِيلِي عَلَيْكَ .

إِلَهِي إِذَا ذَكَرْتُ رَحْمَتَكَ ضَحِكَتْ إِلَيْهَا وُجُوهُ وَسَائِلِي وَ إِذَا ذَكَرْتُ سَخْطَتَكَ بَكَتْ عَلَيْهَا عُيُونُ مَسَائِلِي .

إِلَهِي فَاقْضِ بِسَجْلٍ مِنْ سِجَالِكَ عَلَى عَبْدٍ بِائِسٍ قَدْ أَتْلَفَهُ الظَّمَاءُ وَ أَحَاطَ بِخَيْطِ جِيدِهِ كَلَالُ الْوَنَى .

إِلَهِي أَدْعُوكَ دُعَاءَ مَنْ لَمْ يَرْجُ غَيْرَكَ بِدُعَائِهِ وَ أَرْجُوكَ رَجَاءَ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ غَيْرَكَ بِرَجَائِهِ.

 إِلَهِي كَيْفَ أَرُدُّ عَارِضَ تَطَلُّعِي إِلَى نَوَالِكَ وَ إِنَّمَا أَنَا فِي اسْتِرْزَاقِي لِهَذَا الْبَدَنِ أَحَدُ عِيَالِكَ .

إِلَهِي كَيْفَ أُسْكِتُ بِالْإِفْحَامِ لِسَانَ ضَرَاعَتِي وَ قَدْ أَقْلَقَنِي مَا أُبْهِمَ عَلَيَّ مِنْ مَصِيرِ عَاقِبَتِي.

 إِلَهِي قَدْ عَلِمْتَ حَاجَةَ نَفْسِي إِلَى مَا تَكَفَّلْتُ لَهَا بِهِ مِنَ الرِّزْقِ فِي حَيَاتِي وَ عَرَفْتَ قِلَّةَ اسْتِغْنَائِي عَنْهُ مِنَ الْجَنَّةِ بَعْدَ وَفَاتِي فَيَا مَنْ سَمَحَ لِي بِهِ مُتَفَضِّلًا فِي الْعَاجِلِ لَا تَمْنَعْنِيهِ يَوْمَ فَاقَتِي إِلَيْكَ فِي الْآجِلِ فَمِنْ شَوَاهِدِ نَعْمَاءِ الْكَرِيمِ اسْتِتْمَامُ نَعْمَائِهِ وَ مِنْ مَحَاسِنِ آلَاءِ الْجَوَادِ اسْتِكْمَالُ آلَائِهِ .

إِلَهِي لَوْ لَا مَا جَهِلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا شَكَوْتُ عَثَرَاتِي وَ لَوْ لَا مَا ذَكَرْتُ مِنَ التَّفْرِيطِ مَا سَفَحْتُ عَبَرَاتِي.

 إِلَهِي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ امْحُ مُثْبَتَاتِ الْعَثَرَاتِ بِمُرْسَلَاتِ الْعَبَرَاتِ وَ هَبْ كَثِيرَ السَّيِّئَاتِ لِقَلِيلِ الْحَسَنَاتِ.

 إِلَهِي إِنْ كُنْتَ لَا تَرْحَمُ إِلَّا الْمُجِدِّينَ فِي طَاعَتِكَ فَإِلَى مَنْ يَفْزَعُ الْمُقَصِّرُونَ وَ إِنْ كُنْتَ لَا تَقْبَلُ إِلَّا مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ فَإِلَى مَنْ يَلْتَجِئُ الْمُفَرِّطُونَ وَ إِنْ كُنْتَ لَا تُكْرِمُ إِلَّا أَهْلَ الْإِحْسَانِ فَكَيْفَ يَصْنَعُ الْمُسِيئُونَ وَ إِنْ كَانَ لَا يَفُوزُ يَوْمَ الْحَشْرِ إِلَّا الْمُتَّقُونَ فَبِمَنْ يَسْتَغِيثُ الْمُجْرِمُونَ.

 إِلَهِي إِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ عَلَى الصِّرَاطِ إِلَّا مَنْ أَجَازَتْهُ بَرَاءَةُ عَمَلِهِ فَإِنِّي بِالْجَوَازِ لِمَنْ لَمْ يَتُبْ إِلَيْكَ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَجَلِهِ.

 إِلَهِي إِنْ لَمْ تَجِدْ إِلَّا عَلَى مَنْ قَدْ عَمَرَ بِالزُّهْدِ مَكْنُونَ سَرِيرَتِهِ فَمَنْ لِلْمُضْطَرِّ الَّذِي يُرْضِيهِ بَيْنَ الْعَالَمِينَ سَعْىُ نَقِيبَتِهِ .

إِلَهِي إِنْ حَجَبْتَ عَنْ مُوَحِّدِيكَ نَظَرَ تَغَمُّدِكَ لِجِنَايَاتِهِمْ أَوْقَعَهُمْ غَضَبُكَ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ فِي كُرُبَاتِهِمْ‌

إِلَهِي إِنْ لَمْ تَنَلْنَا يَدُ إِحْسَانِكَ يَوْمَ الْوُرُودِ اخْتَلَطْنَا فِي الْجَزَاءِ بِذَوِي الْجُحُودِ .

إِلَهِي فَأَوْجِبْ لَنَا بِالْإِسْلَامِ مَذْخُورَ هِبَاتِكَ وَ اسْتَصْفِ مَا كَدَّرَتْهُ الْجَرَائِرُ مِنْهَا بِصَفْوِ صِلَاتِكَ .

إِلَهِي ارْحَمْنَا غُرَبَاءَ إِذَا تَضَمَّنَتْنَا بُطُونُ لُحُودِنَا وَ غُمَّتْ بِاللَّبِنِ سُقُوفُ بُيُوتِنَا وَ أُضْجِعْنَا مَسَاكِينَ عَلَى الْأَيْمَانِ فِي قُبُورِنَا وَ خُلِّفْنَا فُرَادَى فِي أَضْيَقِ الْمَضَاجِعِ وَ صَرَعَتْنَا الْمَنَايَا فِي أَعْجَبِ الْمَصَارِعِ وَ صِرْنَا فِي دَارِ قَوْمٍ كَأَنَّهَا مَأْهُولَةٌ وَ هِيَ مِنْهُمْ بَلَاقِعُ .

إِلَهِي إِذَا جِئْنَاكَ عُرَاةً حُفَاةً مُغْبَرَّةً مِنْ ثَرَى الْأَجْدَاثِ رُءُوسُنَا وَ شَاحِبَةً مِنْ تُرَابٍ الْمَلَاحِيدِ وُجُوهُنَا وَ خَاشِعَةً مِنْ أَفْزَاعِ الْقِيَامَةِ أَبْصَارُنَا وَ ذَابِلَةً مِنْ شِدَّةِ الْعَطَشِ شِفَاهُنَا وَ جَائِعَةً لِطُولِ الْمُقَامِ بُطُونُنَا وَ بَادِيَةً هُنَالِكَ لِلْعُيُونِ سَوْآتُنَا وَ مُوقَرَةً مِنْ ثِقْلِ الْأَوْزَارِ ظُهُورُنَا وَ مَشْغُولِينَ بِمَا قَدْ دَهَانَا عَنْ أَهَالِينَا وَ أَوْلَادِنَا فَلَا تُضْعِفِ الْمَصَائِبَ عَلَيْنَا بِإِعْرَاضِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ عَنَّا وَ سَلْبِ عَائِدَةِ مَا مَثَّلَهُ الرَّجَاءُ مِنَّا .

إِلَهِي مَا حَنَّتْ هَذِهِ الْعُيُونُ إِلَى بُكَائِهَا وَ لَا حَادَتْ مُتَشَرِّبَةً بِمَائِهَا وَ لَا أَشْهَدَهَا بِنَحِيبِ الثَّاكِلَاتِ فَقْدُ عَزَائِهَا إِلَّا لِمَا أَسْلَفَتْهُ مِنْ عَمْدِهَا وَ خَطَائِهَا وَ مَا دَعَاهَا إِلَيْهِ عَوَاقِبُ بَلَائِهَا وَ أَنْتَ الْقَادِرُ يَا عَزِيزُ عَلَى كَشْفِ غَمَّائِهَا .

إِلَهِي إِنْ كُنَّا مُجْرِمِينَ فَإِنَّا نَبْكِي عَلَى إِضَاعَتِنَا مِنْ حُرْمَتِكَ مَا نَسْتَوْجِبُهُ وَ إِنْ كُنَّا مَحْرُومِينَ فَإِنَّا نَبْكِي إِذْ فَاتَنَا مِنْ جُودِكَ مَا نَطْلُبُهُ .

إِلَهِي شُبْ حَلَاوَةَ مَا يَسْتَعْدِيهِ لِسَانِي مِنَ النُّطْقِ فِي بَلَاغَتِهِ بِزَهَادَةِ مَا يَعْرِفُهُ قَلْبِي مِنَ النُّصْحِ فِي دَلَالَتِهِ .

إِلَهِي أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَ أَنْتَ أَوْلَى بِهِ مِنَ الْمَأْمُورِينَ وَ أَمَرْتَ بِصِلَةِ السُّؤَّالِ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْمَسْئُولِينَ .

إِلَهِي كَيْفَ يَنْقُلُ بِنَا الْيَأْسُ إِلَى الْإِمْسَاكِ عَمَّا لَهِجْنَا بِطِلَابِهِ وَ قَدِ ادَّرَعْنَا مِنْ تَأْمِيلِنَا إِيَّاكَ أَسْبَغَ أَثْوَابِهِ .

إِلَهِي إِذَا هَزَّتِ الرَّأْفَةُ أَفْنَانَ مَخَافَتِنَا انْقَلَعَتْ مِنَ الْأُصُولِ أَشْجَارُهَا وَ إِذَا تَنَسَّمَتْ أَرْوَاحُ الرَّغْبَةِ مِنَّا أَغْصَانَ رَجَائِنَا أَيْنَعَتْ بِتَلْقِيحِ الْبِشَارَةِ أَثْمَارُهَا .

إِلَهِي إِذَا تَلَوْنَا مِنْ صِفَاتِكَ شَدِيدَ الْعِقَابِ‌ أَسِفْنَا وَ إِذَا تَلَوْنَا مِنْهَا الْغَفُورَ الرَّحِيمَ فَرِحْنَا فَنَحْنُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ فَلَا سَخْطَتُكَ تُؤْمِنُنَا وَ لَا رَحْمَتُكَ تُؤْيِسُنَا.

 إِلَهِي قَصُرَتْ مَسَاعِينَا عَنِ اسْتِحْقَاقِ نَظْرَتِكَ فَمَا قَصُرَتْ رَحْمَتُكَ بِنَا عَنْ دِفَاعِ نَقِمَتِكَ .

إِلَهِي إِنَّكَ لَمْ تَزَلْ عَلَيْنَا بِحُظُوظِ صَنَائِعِكَ مُنْعِماً وَ لَنَا مِنْ بَيْنِ الْأَقَالِيمَ مُكَرِّماً وَ تِلْكَ عَادَتُكَ اللَّطِيفَةُ فِي أَهْلِ الْحَقِيقَةِ فِي سَالِفَاتِ الدُّهُورِ وَ غَابِرَاتِهَا وَ خَالِيَاتِ اللَّيَالِي وَ بَاقِيَاتِهَا .

إِلَهِي اجْعَلْ مَا حَبَوْتَنَا بِهِ مِنْ نُورِ هِدَايَتِكَ دَرَجَاتٍ نَرْقَي بِهَا إِلَى مَا عَرَّفْتَنَا مِنْ رَحْمَتِكَ .

إِلَهِي كَيْفَ تَفْرَحُ بِصُحْبَةِ الدُّنْيَا صُدُورُنَا وَ كَيْفَ تَلْتَئِمُ فِي غَمَرَاتِهَا أُمُورُنَا وَ كَيْفَ يَخْلُصُ لَنَا فِيهَا سُرُورُنَا وَ كَيْفَ يَمْلِكُنا بِاللَّهْوِ وَ اللَّعِبِ غُرُورُنَا وَ قَدْ دَعَتْنَا بِاقْتِرَابِ الْآجَالِ قُبُورُنَا .

إِلَهِي كَيْفَ نَبْتَهِجُ فِي دَارٍ قَدْ حُفِرَتْ لَنَا فِيهَا حَفَائِرُ صَرْعَتِهَا وَ فَتَلَتْ بِأَيْدِي الْمَنَايَا حَبَائِلُ غَدْرَتِهَا وَ جَرَّعَتْنَا مُكْرَهِينَ جُرَعَ مَرَارَتِهَا وَ دَلَّتْنَا النَّفْسُ عَلَى انْقِطَاعِ عَيْشِهَا لَوْ لَا مَا صَغَتْ إِلَيْهِ هَذِهِ النُّفُوسُ مِنْ رَفَائِعِ لَذَّتِهَا وَ افْتِتَانِهَا بِالْفَانِيَاتِ مِنْ فَوَاحِشِ زِينَتِهَا .

إِلَهِي فَإِلَيْكَ نَلْتَجِئُ مِنْ مَكَايِدِ خُدْعَتِهَا وَ بِكَ نَسْتَعِينُ عَلَى عُبُورِ قَنْطَرِتَها وَ بِكَ نَسْتَفْطِمُ الْجَوَارِحَ عَنْ أَخْلَافِ شَهْوَتِهَا وَ بِكَ نَسْتَكْشِفُ جَلَابِيبَ حَيْرَتِهَا وَ بِكَ نُقَوِّمُ مِنَ الْقُلُوبِ اسْتِصْعَابَ جَهَالَتِهَا.

 إِلَهِي كَيْفَ لِلدُّورِ أَنْ تَمْنَعَ مَنْ فِيهَا مِنْ طَوَارِقِ الرَّزَايَا وَ قَدْ أُصِيبَ فِي كُلِّ دَارِ سَهْمٌ مِنْ أَسْهُمِ الْمَنَايَا .

إِلَهِي مَا تَتَفَجَّعُ أَنْفُسُنَا مِنَ النُّقْلَةِ عَنِ الدِّيَارِ إِنْ لَمْ تُوحِشْنَا هُنَالِكَ مِنْ مُرَافَقَةِ الْأَبْرَارِ.

 إِلَهِي مَا تَضُرُّنَا فُرْقَةُ الْإِخْوَانِ وَ الْقُرُبَاتُ إِنْ قَرَّبْتَنَا مِنْكَ يَا ذَا الْعَطِيَّاتِ .

إِلَهِي مَا تَجِفُّ مِنْ مَاءِ الرَّجَاءِ مَجَارِي لَهَوَاتِنَا إِنْ لَمْ تَحُمْ طَيْرُ الْأَشَائِمِ بِحِيَاضِ رَغَبَاتِنَا.

 إِلَهِي إِنْ عَذَّبْتَنِي فَعَبْدٌ خَلَقْتَهُ لِمَا أَرَدْتَهُ فَعَذَّبْتَهُ وَ إِنْ رَحِمْتَنِي فَعَبْدٌ وَجَدْتَهُ مُسِيئاً فَأَنْجَيْتَهُ .

إِلَهِي لَا سَبِيلَ إِلَى الِاحْتِرَاسِ‌ مِنَ الذَّنْبِ إِلَّا بِعِصْمَتِكَ وَ لَا وُصُولَ إِلَى عَمَلِ الْخَيْرَاتِ إِلَّا بِمَشِيَّتِكَ فَكَيْفَ لِي بِإِفَادَةِ مَا أَسْلَفَتْنِي فِيهِ مَشِيَّتُكَ وَ كَيْفَ لِي بِالاحْتِرَاسِ مِنَ الذَّنْبِ مَا لَمْ تُدْرِكْنِي فِيهِ عِصْمَتُكَ .

إِلَهِي أَنْتَ دَلَلْتَنِي عَلَى سُؤَالِ الْجَنَّةِ قَبْلَ مَعْرِفَتِهَا فَأَقْبَلَتِ النَّفْسُ بَعْدَ الْعِرْفَانِ عَلَى مَسْأَلِتَها أَ فَتَدُلُّ عَلَى خَيْرِكَ السُّؤَّالَ ثُمَّ تَمْنَعَهُمُ النَّوَالَ وَ أَنْتَ الْكَرِيمُ الْمَحْمُودُ فِي كُلِّ مَا تَصْنَعُهُ يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ .

إِلَهِي إِنْ كُنْتُ غَيْرَ مُسْتَوْجِبٍ لِمَا أَرْجُو مِنْ رَحْمَتِكَ فَأَنْتَ أَهْلُ التَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِكَرَمِكَ فَالْكَرِيمُ لَيْسَ يَصْنَعُ كُلَّ مَعْرُوفٍ عِنْدَ مَنْ يَسْتَوْجِبُهُ .

إِلَهِي إِنْ كُنْتُ غَيْرَ مُسْتَأْهِلٍ لِمَا أَرْجُو مِنْ رَحْمَتِكَ فَأَنْتَ أَهْلٌ أَنْ تَجُودَ عَلَى الْمُذْنِبِينَ بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ.

 إِلَهِي إِنْ كَانَ ذَنْبِي قَدْ أَخَافَنِي فَإِنَّ حُسْنَ ظَنِّي بِكَ قَدْ أَجَارَنِي .

إِلَهِي لَيْسَ تُشْبِهُ مَسْأَلَتِي مَسْأَلَةَ السَّائِلِينَ لِأَنَّ السَّائِلَ إِذَا مُنِعَ امْتَنَعَ عَنِ السُّؤَالِ وَ أَنَا لَا غِنَى بِي عَمَّا سَأَلْتُكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

 إِلَهِي ارْضَ عَنِّي فَإِنْ لَمْ تَرْضَ عَنِّي فَاعْفُ عَنِّي فَقَدْ يَعْفُو السَّيِّدُ عَنْ عَبْدِهِ وَ هُوَ عَنْهُ غَيْرُ رَاضٍ .

إِلَهِي كَيْفَ أَدْعُوكَ وَ أَنَا أَنَا أَمْ كَيْفَ أَيْأَسُ مِنْكَ وَ أَنْتَ أَنْتَ .

إِلَهِي إِنَّ نَفْسِي قَائِمَةٌ بَيْنَ يَدَيْكَ وَ قَدْ أَظَلَّهَا حُسْنُ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ فَصَنَعْتَ بِهَا مَا يُشْبِهُكَ وَ تَغَمَّدْتَنِي بِعَفْوِكَ.

 إِلَهِي إِنْ كَانَ قَدْ دَنَا أَجَلِي وَ لَمْ يُقَرِّبْنِي مِنْكَ عَمَلِي فَقَدْ جَعَلْتُ الِاعْتِرَافَ بِالذَّنْبِ إِلَيْكَ وَسَائِلَ عَمَلِي فَإِنْ عَفَوْتَ فَمَنْ أَوْلَى مِنْكَ بِذَلِكَ وَ إِنْ عَذَّبْتَ فَمَنْ أَعْدَلُ مِنْكَ فِي الْحُكْمِ هُنَالِكَ .

إِلَهِي إِنْ جُرْتُ عَلَى نَفْسِي فِي النَّظَرِ لَهَا وَ بَقِيَ نَظَرُكَ لَهَا فَالْوَيْلُ لَهَا إِنْ لَمْ تَسْلَمْ بِهِ.

 إِلَهِي إِنَّكَ لَمْ تَزَلْ بِي بَارّاً أَيَّامَ حَيَاتِي فَلَا تَقْطَعْ بِرَّكَ عَنِّي بَعْدَ وَفَاتِي .

إِلَهِي كَيْفَ أَيْأَسُ مِنْ حُسْنِ نَظَرِكَ لِي بَعْدَ مَمَاتِي وَ أَنْتَ لَمْ تُوَلِّنِي إِلَّا الْجَمِيلَ فِي أَيَّامِ حَيَاتِي .

إِلَهِي إِنَّ ذُنُوبِي قَدْ أَخَافَتْنِي وَ مَحَبَّتِي لَكَ قَدْ أَجَارَتْنِي فَتَوَلَّ مِنْ أَمْرِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ وَ عُدْ بِفَضْلِكَ عَلَى مَنْ‌ غَمَرَهُ جَهْلُهُ يَا مَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اغْفِرْ لِي مَا قَدْ خَفِيَ عَلَى النَّاسِ مِنْ أَمْرِي.

 إِلَهِي سَتَرْتَ عَلَيَّ فِي الدُّنْيَا ذُنُوباً وَ لَمْ تُظْهِرْهَا وَ أَنَا إِلَى سَتْرِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحْوَجُ وَ قَدْ أَحْسَنْتَ بِي إِذْ لَمْ تُظْهِرْهَا لِلْعِصَابَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا تَفْضَحْنِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْعَالَمِينَ .

إِلَهِي جُودُكَ بَسَطَ أَمَلِي وَ شُكْرُكَ قِبَلَ عَمَلِي فَسُرَّنِي بِلِقَائِكَ عِنْدَ اقْتِرَابِ أَجَلِي .

إِلَهِي لَيْسَ اعْتِذَارِي إِلَيْكَ اعْتِذَارَ مَنْ يَسْتَغْنِي عَنْ قَبُولِ عُذْرِهِ فَاقْبَلْ عُذْرِي يَا خَيْرَ مَنِ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُسِيئُونَ.

 إِلَهِي لَا تَرُدَّنِي فِي حَاجَةٍ قَدْ أَفْنَيْتُ عُمُرِي فِي طَلَبِهَا مِنْكَ وَ هِيَ الْمَغْفِرَةُ .

إِلَهِي لَوْ أَرَدْتَ إِهَانَتِي لَمْ تَهْدِنِي وَ لَوْ أَرَدْتَ فَضِيحَتِي لَمْ تَسْتُرْنِي فَمَتِّعْنِي بِمَا لَهُ قَدْ هَدَيْتَنِي وَ أَدِمْ لِي مَا بِهِ سَتَرْتَنِي .

إِلَهِي مَا وَصَفْتَ مِنْ بَلَاءٍ ابْتَلَيْتَنِيهِ أَوْ إِحْسَانٍ أَوْلَيْتَنِيهِ فَكُلَّ ذَلِكَ بِمَنِّكَ فَعَلْتَهُ وَ عَفْوُكَ تَمَامُ ذَلِكَ إِنْ أَتْمَمْتَهُ.

 إِلَهِي لَوْ لَا مَا قَرِفْتُ مِنَ الذُّنُوبِ مَا فَرِقْتُ عِقَابَكَ وَ لَوْ لَا مَا عَرَفْتُ مِنْ كَرَمِكَ مَا رَجَوْتُ ثَوَابَكَ وَ أَنْتَ أَوْلَى الْأَكْرَمِينَ بِتَحْقِيقِ أَمَلِ الْآمِلِينَ وَ أَرْحَمُ مَنِ اسْتُرْحِمَ فِي تَجَاوُزِهِ عَنِ الْمُذْنِبِينَ .

إِلَهِي نَفْسِي تُمَنِّينِي بِأَنَّكَ تَغْفِرُ لِي فَأَكْرِمْ بِهَا أُمْنِيَّةً بَشَّرَتْ بِعَفْوِكَ وَ صَدِّقْ بِكَرَمِكَ مُبَشَّرَاتٍ تُمَنِّيهَا وَ هَبْ لِي بِجُودِكَ مُدَمِّرَاتٍ تُجْنِيهَا إِلَهِي ألَقْتَنْيِ الْحَسَنَاتُ بَيْنَ جُودِكَ وَ كَرَمِكَ وَ أَلْقَتْنِي السَّيِّئَاتُ بَيْنَ عَفْوِكَ وَ مَغْفِرَتِكَ وَ قَدْ رَجَوْتُ أَنْ لَا يَضِيعَ بَيْنَ ذَيْنِ وَ ذَيْنِ مُسِي‌ءٌ وَ مُحْسِنٌ .

إِلَهِي إِذَا شَهِدَ لِي الْإِيمَانُ بِتَوْحِيدِكَ وَ انْطَلَقَ لِسَانِي بِتَمْجِيدِكَ وَ دَلَّنِي الْقُرْآنُ عَلَى فَوَاضِلِ جُودِكَ فَكَيْفَ لَا يَبْتَهِجُ رَجَائِي بِحُسْنِ مَوْعُودِكَ .

إِلَهِي تَتَابُعُ إِحْسَانُكَ إِلَيَّ يَدُلُّنِي عَلَى حُسْنِ نَظَرِكَ لِي فَكَيْفَ يَشْقَى امْرُؤٌ حَسُنَ لَهُ مِنْكَ النَّظَرُ .

إِلَهِي إِنْ نَظَرَتْ إِلَيَّ بِالْهَلَكَةِ عُيُونُ سَخْطَتِكَ فَمَا نَامَتْ عَنِ‌ اسْتِنْقَاذِي مِنْهَا عُيُونُ رَحْمَتِكَ .

إِلَهِي إِنْ عَرَّضَنِي ذَنْبِي لِعِقَابِكَ فَقَدْ أَدْنَانِي رَجَائِي مِنْ ثَوَابِكَ .

إِلَهِي إِنْ عَفَوْتَ فَبِفَضْلِكَ وَ إِنْ عَذَّبْتَ فَبِعَدْلِكَ فَيَا مَنْ لَا يُرْجَى إِلَّا فَضْلُهُ وَ لَا يُخَافُ إِلَّا عَدْلُهُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ امْنُنْ عَلَيْنَا بِفَضْلِكَ وَ لَا تَسْتَقْصِ عَلَيْنَا فِي عَدْلِكَ.

 إِلَهِي خَلَقْتَ لِي جِسْماً وَ جَعَلْتَ لِي فِيهِ آلَاتٍ أُطِيعُكَ بِهَا وَ أَعْصِيكَ وَ أُغْضِبُكَ بِهَا وَ أُرْضِيكَ وَ جَعَلْتَ لِي مِنْ نَفْسِي دَاعِيَةً إِلَى الشَّهَوَاتِ وَ أَسْكَنْتَنِي دَاراً قَدْ مُلِئَتْ مِنَ الْآفَاتِ ثُمَّ قُلْتَ لِي انْزَجِرْ فَبِكَ أَنْزَجِرُ وَ بِكَ أَعْتَصِمُ وَ بِكَ أَسْتَجِيرُ وَ بِكَ أَحْتَرِزُ وَ أَسْتَوْفِقُكَ لِمَا يُرْضِيكَ وَ أَسْأَلُكَ يَا مَوْلَايَ فَإِنَّ سُؤَالِي لَا يُحْفِيكَ .

إِلَهِي أَدْعُوكَ دُعَاءَ مُلِحٍّ لَا يُمِلُّ دُعَاؤُهُ مَوْلَاهُ وَ أَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ تَضَرُّعَ مَنْ قَدْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْحُجَّةِ فِي دَعْوَاهُ .

إِلَهِي لَوْ عَرَفْتُ اعْتِذَاراً مِنَ الذَّنْبِ فِي التَّفَضُّلِ أَبْلَغَ مِنَ الِاعْتِرَافِ بِهِ لَأَتَيْتُهُ فَهَبْ لِي ذَنْبِي بِالاعْتِرَافِ وَ لَا تَرُدَّنِي بِالْخَيْبَةِ عِنْدَ الِانْصِرَافِ.

 إِلَهِي سَعَتْ نَفْسِي إِلَيْكَ لِنَفْسِي تَسْتَوْهِبُهَا وَ فَتَحَتْ أَفْوَاهَهَا نَحْوَ نَظْرَةٍ مِنْكَ لَا تَسْتَوْجِبُهَا فَهَبْ لَهَا مَا سَأَلْتُ وَ جُدْ عَلَيْهَا بِمَا طَلَبْتُ فَإِنَّكَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ بِتَحْقِيقِ أَمَلِ الْآمِلِينَ.

 إِلَهِي قَدْ أَصَبْتُ مِنَ الذُّنُوبِ مَا قَدْ عَرَفْتَ وَ أَسْرَفْتُ عَلَى نَفْسِي بِمَا قَدْ عَلِمْتَ فَاجْعَلْنِي عَبْداً إِمَّا طَائِعاً فَأَكْرَمْتَهُ بِنَفْسِي وَ إِمَّا عَاصِياً فَرَحِمْتَهُ .

إِلَهِي كَأَنِّي بِنَفْسِي وَ قَدْ أُضْجِعَتْ فِي حُفْرَتِهَا وَ انْصَرَفَ عَنْهَا الْمُشَيِّعُونَ مِنْ جِيرَتِهَا وَ بَكَى الْغَرِيبُ عَلَيْهَا لِغُرْبَتِهَا وَ جَادَ بِالدُّمُوعِ عَلَيْهَا الْمُشْفِقُونَ مِنْ عَشِيرَتِهَا وَ نَادَاهَا مِنْ شَفِيرِ الْقَبْرِ ذَوُو مَوَدَّتِهَا وَ رَحِمَهَا الْمُعَادِي لَهَا فِي الْحَيَاةِ عِنْدَ صَرْعَتِهَا وَ لَمْ يَخْفَ عَلَى النَّاظِرِينَ إِلَيْهَا عِنْدَ ذَلِكَ ضُرُّ فَاقَتِهَا وَ لَا عَلَى مَنْ رَآهَا قَدْ تَوَسَّدَتِ الثَّرَى عَجْزَ حِيلَتِهَا فَقُلْتَ مَلَائِكَتِي فَرِيدٌ نَأَى عَنْهُ الْأَقْرَبُونَ وَ وَحِيدٌ جَفَاهُ الْأَهْلُونَ‌ نَزَلَ بِي قَرِيباً وَ أَصْبَحَ فِي اللَّحْدِ غَرِيباً وَ قَدْ كَانَ لِي فِي دَارِ الدُّنْيَا دَاعِياً وَ لِنَظَرِي إِلَيْهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ رَاجِياً فَتُحْسِنُ عِنْدَ ذَلِكَ ضِيَافَتِي وَ تَكُونُ أَرْحَمَ بِي مِنْ أَهْلِي وَ قَرَابَتِي .

إِلَهِي لَوْ طَبَقَتْ ذُنُوبِي مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَ خَرَقَتِ النُّجُومَ وَ بَلَغَتْ أَسْفَلَ الثَّرَى مَا رَدَّنِي الْيَأْسُ عَنْ تَوَقُّعِ غُفْرَانِكَ وَ لَا صَرَفَنِي الْقُنُوطُ عَنْ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِكَ.

 إِلَهِي دَعَوْتُكَ بِالدُّعَاءِ الَّذِي عَلَّمْتَنِيهِ فَلَا تَحْرِمْنِي جَزَاءَكَ الَّذِي وَعَدْتَنِيهِ فَمِنَ النِّعْمَةِ أَنْ هَدَيْتَنِي لِحُسْنِ دُعَائِكَ وَ مِنْ تَمَامِهَا أَنْ تُوجِبَ لِي مَحْمُودَ جَزَائِكَ .

إِلَهِي وَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ لَقَدْ أَحْبَبْتُكَ مَحَبَّةً اسْتَقَرَّتْ حَلَاوَتُهَا فِي قَلْبِي وَ مَا تَنْعَقِدُ ضَمَائِرُ مُوَحِّدِيكَ عَلَى أَنَّكَ تُبْغِضُ مُحِبِّيكَ .

إِلَهِي أَنْتَظِرُ عَفْوَكَ كَمَا يَنْتَظِرُهُ الْمُذْنِبُونَ وَ لَسْتُ أَيْأَسُ مِنْ رَحْمَتِكَ الَّتِي يَتَوَقَّعُهَا الْمُحْسِنُونَ .

إِلَهِي لَا تَغْضَبْ عَلَيَّ فَلَسْتُ أَقْوَى لِغَضَبِكَ وَ لَا تَسْخَطْ عَلَيَّ فَلَسْتُ أَقُومُ لِسَخَطِكَ.

 إِلَهِي أَ لِلنَّارِ رَبَّتْنِي أُمِّي فَلَيْتَهَا لَمْ تُرَبِّنِي أَمْ لِلشَّقَاءِ وَلَدَتْنِي فَلَيْتَهَا لَمْ تَلِدْنِي .

إِلَهِي انْهَمَلَتْ عَبَرَاتِي حِينَ ذَكَرْتُ عَثَرَاتِي وَ مَا لَهَا لَا تَنْهَمِلُ وَ لَا أَدْرِي إِلَى مَا يَكُونُ مَصِيرِي وَ عَلَى مَا ذَا يَهْجُمُ عِنْدَ الْبَلَاغِ مَسِيرِي وَ أَرَى نَفْسِي تُخَاتِلُنِي وَ أَيَّامِي تُخَادِعُنِي وَ قَدْ خَفَقَتْ عِنْدَ رَأْسِي أَجْنِحَةُ الْمَوْتِ وَ رَمَقَتْنِي مِنْ قَرِيبٍ أَعْيُنُ الْفَوْتِ فَمَا عُذْرِي وَ قَدْ حَشَا مَسَامِعِي رَافِعُ الصَّوْتِ .

إِلَهِي لَقَدْ رَجَوْتُ مِمَّنْ أَلْبَسَنِي بَيْنَ الْأَحْيَاءِ ثَوْبَ عَافَيْتِهِ أَ لَا يُعْرِينِي مِنْهُ بَيْنَ الْأَمْوَاتِ بِجُودِ رَأْفَتِهِ وَ لَقَدْ رَجَوْتُ مِمَّنْ تَوَلَّانِي فِي حَيَاتِي بِإِحْسَانِهِ أَنْ يُشَفِّعَهُ لِي عِنْدَ وَفَاتِي بِغُفْرَانِهِ يَا أَنِيسَ كُلِّ غَرِيبٍ آنِسْ فِي الْقَبْرِ غُرْبَتِي وَ يَا ثَانِيَ كُلِّ وَحِيدٍ ارْحَمْ فِي الْقَبْرِ وَحْدَتِي وَ يَا عَالِمَ السِّرِّ وَ النَّجْوَى وَ يَا كَاشِفَ الضُّرِّ وَ الْبَلْوَى كَيْفَ نَظَرُكَ لِي بَيْنَ سُكَّانِ الثَّرَى وَ كَيْفَ صَنِيعُكَ إِلَيَّ فِي دَارِ الْوَحْشَةِ‌ وَ الْبَلَاءِ فَقَدْ كُنْتَ بِي لَطِيفاً أَيَّامَ حَيَاةِ الدُّنْيَا يَا أَفْضَلَ الْمُنْعِمِينَ فِي آلَائِهِ وَ أَنْعَمَ الْمُفْضِلِينَ فِي نَعْمَائِهِ كَثُرَتْ أَيَادِيكَ عِنْدِي فَعَجَزَتْ عَنْ إِحْصَائِهَا وَ ضِقْتُ ذَرْعاً فِي شُكْرِي لَكَ بِجَزَائِهَا فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَوْلَيْتَ وَ لَكَ الشُّكْرُ عَلَى مَا أَبْلَيْتَ يَا خَيْرَ مَنْ دَعَاهُ دَاعٍ وَ أَفْضَلَ مَنْ رَجَاهُ رَاجٍ بِذِمَّةِ الْإِسْلَامِ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ وَ بِحُرْمَةِ الْقُرْآنِ أَعْتَمِدُ عَلَيْكَ وَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدِ أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَعْرِفُ ذِمَّتِي الَّتِي رَجَوْتُ بِهَا قَضَاءَ حَاجَتِي بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

 ثُمَّ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام عَلَى نَفْسِهِ يُعَاتِبُهَا وَ يَقُولُ أَيُّهَا الْمُنَاجِي رَبَّهُ بِأَنْوَاعِ الْكَلَامِ وَ الطَّالِبُ مِنْهُ مَسْكَناً فِي دَارِ السَّلَامِ وَ الْمُسَوِّفُ بِالتَّوْبَةِ عَاماً بَعْدَ عَامٍ مَا أَرَاكَ مُنْصِفاً لِنَفْسِكَ مِنْ بَيْنِ الْأَنَامِ فَلَوْ دَافَعْتَ يَوْمَكَ يَا غَافِلًا بِالصِّيَامِ وَ اقْتَصَرْتَ عَلَى الْقَلِيلِ مِنْ لَعْقِ الطَّعَامِ وَ أَحْيَيْتَ مُجْتَهِداً لَيْلَكَ بِالْقِيَامِ كُنْتَ أَحْرَى أَنْ تَنَالَ أَشْرَفَ الْمُقَامِ أَيُّهَا النَّفْسُ اخْلِطِي لَيْلَكِ وَ نَهَارَكِ بِالذَّاكِرِينَ لَعَلَّكِ أَنْ تَسْكُنِي رِيَاضَ الْخُلْدِ مَعَ الْمُتَّقِينَ وَ تَشَبَّهِي بِنُفُوسٍ قَدْ أَقْرَحَ السَّهَرُ رِقَّةَ جُفُونِهَا وَ دَامَتْ فِي الْخَلَوَاتِ شِدَّةُ حَنِينِهَا وَ أَبْكَى الْمُسْتَمِعِينَ عَوْلَةُ أَنِينِهَا وَ الْانَ قَسْوَةَ الضَّمَائِرِ ضَجَّةُ رَنِينِهَا فَإِنَّهَا نُفُوسٌ قَدْ بَاعَتْ زِينَةَ الدُّنْيَا وَ آثَرَتِ الْأُخْرَى عَلَى الْأُولَى أُولَئِكَ وَفْدُ الْكَرَامَةِ يَوْمَ يَخْسَرُ فِيهِ الْمُبْطِلُونَ وَ يُحْشَرُ إِلَى رَبِّهِمْ بِالْحُسْنَى وَ السُّرُورِ الْمُتَّقُونَ. المصباح- جنة الأمان الواقية و جنة الإيمان الباقية: ص 368- 378.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لحم البقر بالسلق ، ومرق لحم البقر

    لحم البقر بالسلق *  ومرق لحم البقر *  السلق : نبت له ورق طوال ، وورقه يؤكل ( لسان العرب ج 10 ص 162 ).  1 -  عن محمّد بن قيس ، عن أبي ج...