الاثنين، 29 يوليو 2024

وصايا علي بن الحسين ع في قصار هذه المعاني

  وصايا علي بن الحسين عليهما ‌السلام ومواعظه وحكمه

وروى عنه عليه ‌السلام في قصار هذه المعاني :

1 ـ وقال عليه ‌السلام : الرضى بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين.

2ـ وقال عليه ‌السلام : من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا.

3 ـ وقيل له : من أعظم الناس خطرا ؟ فقال عليه ‌السلام : من لم ير الدنيا خطرا لنفسه.

4 ـ وقال بحضرته رجل : اللهم أغنني عن خلقك . فقال عليه ‌السلام : ليس هكذا : إنما الناس بالناس ، ولكن قل : اللهم أغنني عن شرار خلقك.

5 ـ وقال عليه‌ السلام : من قنع بما قسم الله له فهو من أغنى الناس .

6 ـ وقال عليه‌ السلام : لا يقل عمل مع تقوى ، وكيف يقل ما يتقبل.

7 ـ وقال عليه‌ السلام : اتقوا الكذب الصغير منه والكبير في كل جد وهزل ،فان الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير .

8 ـ وقال عليه ‌السلام : كفى بنصرالله لك أن ترى عدوك يعمل بمعاصي الله فيك.

9 ـ وقال عليه ‌السلام : الخير كله صيانة الانسان نفسه.

10 ـ وقال عليه ‌السلام لبعض بنيه : يا بني إن الله رضيني لك ولم يرضك لي ،
فأوصاك بي ولم يوصني بك ، عليك بالبر تحفة يسيرة.

11 ـ وقال له رجل : ما الزهد؟ فقال عليه‌السلام : الزهد عشرة أجزاء :
فأعلى درجات الزهد أدنى درجات الورع ، وأعلى درجات الورع أدنى درجات اليقين ، وأعلى درجات اليقين أدنى درجات الرضى. وإن الزهد في آية من كتاب الله : «لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ  ». سورة الحديد 57: 23.

12 ـ وقال عليه‌السلام : طلب الحوائج إلى الناس مذلة للحياة ، ومذهبة للحياء ، واستخفاف بالوقار وهو الفقر الحاضر. وقلة طلب الحوائج من الناس هو الغنى الحاضر.

13 ـ وقال عليه‌السلام : إن أحبكم إلى الله أحسنكم عملا ، وإن أعظمكم عندالله عملا أعظمكم فيما عندالله رغبة ، وإن أنجاكم من عذاب الله أشدكم خشية لله ، وإن أقربكم من الله أوسعكم خلقا ، وإن أرضاكم عندالله أسبغكم على عياله ، وإن أكرمكم على الله أتقاكم لله.

14 ـ وقال عليه‌السلام لبعض بنيه : يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق ، فقال : يا أبه من هم ؟ قال عليه‌السلام : إياك ومصاحبة الكذاب ، فإنه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد ، ويبعد لك القريب. وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه بايعك باكلة أو أقل من ذلك ، وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه. وإياك ومصاحبة الاحمق ، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك ، وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه ، فإني وجدته ملعونا في كتاب الله .

15 ـ وقال عليه‌السلام : إن المعرفة وكمال دين المسلم تركه الكلام فيما لا يعنيه وقلة مرائه وحلمه وصبره وحسن خلقه .

16 ـ وقال عليه‌السلام ابن آدم! إنك لا تزال بخير ما كان واعظ من نفسك ، وما كانت المحاسبة من همك ، وما كان الخوف لك شعارا ، والحذر لك دثارا .

ابن آدم! إنك ميت ومبعوث وموقوف بين يدي الله عزوجل ، فأعد له جوابا .

17 ـ وقال عليه‌السلام : لا حسب لقرشي ولا لعربي إلا بتواضع ، ولا كرم إلا بتقوى ، ولا عمل إلا بنية ، ولا عبادة إلا بالتفقه. ألا وإن أبغض الناس إلى الله من يقتدي بسنة إمام ولا يقتدي بأعماله.

18 ـ وقال عليه‌السلام : المؤمن من دعائه على ثلاث : إما أن يدخر له ، وإما إن يعجل له ، وإما أن يدفع عنه بلاء يريد أن يصيبه.

19 ـ وقال عليه‌السلام : إن المنافق ينهى ولا ينتهي ، ويأمر ولا يأتي ، إذا قام إلى الصلاة اعترض ، وإذا ركع ربض ، وإذا سجد نقر  يمسي وهمه العشاء ولم يصم  ويصبح وهمه النوم ولم يسهر ، والمؤمن خلط عمله بحمله ، يجلس ليعلم  وينصت ليسلم ، لا يحدث بالامانة الاصدقاء ، ولا يكتم الشهادة للبعداء ، ولا يعمل شيئا من الحق رئاء ، ولا يتركه حياء. إن زكي خاف مما يقولون ، ويستغفر الله لما لا يعلمون ، ولا يضره جهل من جهله.

20 ـ ورأى عليه‌السلام عليلا قد برئ فقال عليه‌السلام له : يهنئك الطهور من الذنوب إن الله قد ذكرك فاذكره ، وأقالك فاشكره.

21ـ وقال عليه‌السلام : خمس لو رحلتم فيهن لانضيتموهن  وما قدرتم على مثلهن : لايخاف عبد إلا ذنبه ، ولا يرجو إلا ربه ، ولا يستحي الجاهل إذا سئل عما لا يعلم أن يتعلم. والصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا إيمان لمن لا صبر له.

22 ـ وقال عليه‌السلام : يقول الله : يا ابن آدم ارض بما آتيتك تكن من أزهد الناس. ابن آدم! إعمل بما افترضت عليك تكن من أعبد الناس. ابن آدم! اجتنب مما حرمت عليك تكن من أورع الناس.

23ـ وقال عليه‌السلام : كم من مفتون بحسن القول فيه ، وكم من مغرور بحسن الستر عليه ، وكم من مستدرج بالاحسان إليه.

24 ـ وقال عليه‌السلام : يا سوأتاه لمن غلبت إحداته عشراته. ـ يريد أن السيئة بواحدة ، والحسنة بعشرة ـ.

25 ـ وقال عليه‌السلام : إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة. وإن الاخرة قد ترحلت مقبلة ، ولكل واحد منهما بنون ، فكونوا من أبناء الاخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فكونوا من الزاهدين في الدنيا ، والراغبين في الاخرة ، لان الزاهدين اتخذوا أرض الله بساطا ، والتراب فراشا ، والمدر وسادا ، والماء طيبا ، وقرضوا المعاش من الدنيا تقريضا.

اعلموا أنه من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الحسنات وسلا عن الشهوات  ومن أشفق من النار بادر بالتوبة إلى الله من ذنوبه ، وراجع عن المحارم. ومن زهد في الدنيا هانت عليه مصائبها ولم يكرهها.

وإن لله عزوجل لعبادا قلوبهم معلقة بالاخرة وثوابها ، وهم كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين منعمين ، وكمن رأى أهل النار في النار معذبين ، فاولئك شرورهم وبوائقهم عن الناس مأمونة ، وذلك أن قلوبهم عن الناس مشغولة بخوف الله فطرفهم عن الحرام مغضوض ، وحوائجهم إلى الناس خفيفة ، قبلوا اليسير من الله في المعاش وهو القوت ، فصبروا أياما قصارى لطول الحسرة يوم القيامة.

26 ـ وقال له رجل : إني لاحبك في الله حبا شديدا ، فنكس عليه‌السلام رأسه  ثم قال : اللهم إني أعوذبك أن احب فيك وأنت لي مبغض. ثم قال له :احبك للذي تحبني فيه.

27- وقال علي بن الحسين عليه‌ السلام : إن الله ليبغض البخيل السائل الملحف.

28 ـ وقال علي بن الحسين عليه‌ السلام : رب مغرور مفتون يصبح لاهيا ضاحكا ، يأكل ويشرب وهو لا يدري لعله قد سبقت له من الله سخطة يصلى بها نار جهنم (1).
(1) في بعض النسخ «يصله بها في نار جهنم».

29 ـ وقال علي بن الحسين عليه‌ السلام : إن من أخلاق المؤمن الانفاق على قدر الاقتار (1).
والتوسع على قدر التوسع ، وإنصاف الناس من نفسه ، وابتداؤه إياهم بالسلام.
(1) الاقتار : القلة والتضيق في الرزق.

30- ـ وقال علي بن الحسين عليه‌ السلام  : ثلاث منجيات للمؤمن : كف لسانه عن الناس واغتيابهم ، وإشغاله نفسه بما ينفعه لاخرته ودنياه ، وطول البكاء على خطيئته.

31 ـ وقال علي بن الحسين عليه‌ السلام : نظر المؤمن في وجه أخيه المؤمن للمودة والمحبة له عبادة.

32ـ وقال علي بن الحسين عليه‌ السلام : ثلاث من كن فيه من المؤمنين كان في كنف الله (1) وأظله الله يوم القيامة في ظل عرشه ، وآمنه من فزع اليوم الاكبر :
 من أعطى من نفسه ما هو سائلهم لنفسه ، ورجل لم يقدم يدا ولا رجلا حتى يعلم أنه في طاعة الله قدمها أو في معصيته. ورجل لم يعب أخاه بعيب حتى يترك ذلك العيب من نفسه ، وكفى بالمرء شغلا بعيبه لنفسه عن عيوب الناس.
(1) كنف الله ـ بالتحريك ـ : ظله وحضنه.

33 ـ وقال علي بن الحسين عليه‌ السلام : ما من شئ أحب إلى الله بعد معرفته من عفة بطن وفرج ، وما [ من ] شئ أحب إلى الله من أن يسأل.

34 ـ وقال علي بن الحسين لابنه محمد عليهما‌ السلام : افعل الخير إلى كل من طلبه منك ، فإن كان أهله فقد أصبت موضعه ، وإن لم يكن بأهل كنت أنت أهله ، وإن شتمك رجل عن يمينك ثم تحول إلى يسارك واعتذر إليك فاقبل عذره (1).
(1) رواه الكلينى في الروضة وفيها «وان لم يكن أهله كنت أنت أهله».

35 ـ وقال  علي بن الحسين عليه‌ السلام : مجالس الصالحين داعية إلى الصلاح (1) وآداب العلماء زيادة في العقل ، وطاعة ولاة الامر تمام العز ، واستنماء المال تمام المروة (2) وإرشاد المستشير قضاء لحق النعمة ، وكف الاذى من كمال العقل. وفيه راحة للبدن عاجلا وآجلا (3).

(1) في الكافى «مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح».
(2) في الكافى «طاعة ولاة العدل تمام العز ، واستثمار المال تمام المروة».
(3) قال الفيض ـ رحمه‌الله ـ : في كلامه عليه‌السلام ترغيب إلى المعاشرة مع الناس والمؤانسة بهم واستفادة كل فضيلة من أهلها وزجر عن الاعتزال والانقطاع اللذين هما منبت النفاق ومغرس الوسواس والحرمان عن المشرب الاتم المحمدى والمقام المحمود الجمعى ، والموجب لترك كثير من الفضائل والخيرات وفوت السنن الشرعية وآداب الجمعة والجماعات وانسداد أبواب مكارم الاخلاق.

36 - وكان علي بن الحسين عليهما السلام إذا قرأ هذه الآية: " وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [1] " يقول عليه السلام: سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمه إلاالمعرفة بالتقصير عن معرفتها، كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه أكثر من العلم بأنه لا يدركه، فشكر عز وجل معرفة العارفين بالتقصير عن معرفته، وجعل معرفتهم بالتقصير شكرا، كما جعل علم العالمين أنهم لا يدركونه إيمانا، علما منه أنه قد [ر] وسع العباد فلا يجاوزون ذلك.
[1] سورة إبراهيم 14: 34. أي لا تحصروها ولا تطيقوا عد أنواعها فضلا من أفرادها فإنها غير متناهية. قاله البيضاوي.

37 ـ وقال علي بن الحسين عليه‌ السلام  : سبحان من جعل الاعتراف بالنعمة له حمدا ، سبحان من جعل الاعتراف بالعجز عن الشكر شكرا. التحف : ص 278.
 المصدر: بحار الانوار ج 75 ص 135 و 142.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

استحباب الدعاء بين الأَذان الإِقامة بالمأثور وغيره

  اسْتِحْبَاب الدُّعَاءُ بَيْنَ الأَذان الإِقامة بِالْمَأْثُور وَغَيْرِه    1  - عَنْ جَعْفَرِ بْنِ محمّد بْن يَقْظَان [ 1 ] ، رَفْعِه  إلَي...