الخميس، 11 أغسطس 2022

خطبة الإمام علي بن الحسين بعد مقتل ابيه الحسين عليهما السلام في الكوفة

 خُطبَةُ الإِمامِ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام في أهلِ الكوفَةِ

الملهوف :
 إنَّ زَينَ العابِدينَ عليه السلام أومَأَ إلَى النّاسِ أنِ اسكُتوا ، فَسَكَتوا ، فَقامَ قائِماً ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى‌ عَلَيهِ ، وذَكَرَ النَّبِيَّ بِما هُوَ أهلُهُ فَصَلّى‌ عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :
أيُّهَا النّاسُ ! مَن عَرَفَني فَقَد عَرَفَني ، ومَن لَم يَعرِفني فَأَنَا اُعَرِّفُهُ بِنَفسي : أنَا عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ، أنَا ابنُ المَذبوحِ بِشَطِّ الفُراتِ مِن غَيرِ ذَحلٍ ولا تِراتٍ ، أنَا ابنُ مَنِ انتُهِكَ حَريمُهُ وسُلِبَ نَعيمُهُ وَانتُهِبَ مالُهُ وسُبِيَ عِيالُهُ ، أنَا ابنُ مَن قُتِلَ صَبراً وكَفى‌ بِذلِكَ فَخراً . أيُّهَا النّاسُ ! ناشَدتُكُمُ اللَّهَ ، هَل تَعلَمونَ أنَّكُم كَتَبتُم إلى‌ أبي وخَدَعتُموهُ ، وأعطَيتُموهُ مِن أنفُسِكُمُ العَهدَ وَالميثاقَ وَالبَيعَةَ وقاتَلتُموهُ وخَذَلتُموهُ ؟ ! فَتَبّاً لِما قَدَّمتُم لِأَنفُسِكُم وسوءاً لِرَأيِكُم ، بِأَيَّةِ عَينٍ تَنظُرونَ إلى‌ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله إذ يَقولُ لَكُم : قَتَلتُم عِترَتي وَانتَهَكتُم حُرمَتي فَلَستُم مِن اُمَّتي ؟ ! قالَ الرّاوي : فَارتَفَعَت أصواتُ النّاسِ مِن كُلِّ ناحِيَةٍ ، ويَقولُ بَعضُهُم لِبَعضٍ : هَلَكتُم وما تَعلَمونَ .
رَحِمَ اللَّهُ امرَأً قَبِلَ نَصيحَتي وحَفِظَ وَصِيَّتي فِي اللَّهِ وفي رَسولِهِ وأهلِ بَيتِهِ ، فَإِنَّ لَنا في رَسولِ اللَّهِ اُسوَةً حَسَنَةً . فَقالوا بِأَجمَعِهِم : نَحنُ كُلُّنا يَابنَ رَسولِ اللَّهِ سامِعونَ مُطيعونَ ، حافِظونَ لِذِمامِكَ‌[1] غَيرَ زاهِدينَ فيكَ ولا راغِبينَ عَنكَ ، فَأمُرنا بِأَمرِكَ يَرحَمُكَ اللَّهُ ، فَإِنّا حَربٌ لِحَربِكَ وسِلمٌ لِسِلمِكَ ، لَنَأخُذَنَّ يَزيدَ ونَبرَأُ مِمَّن ظَلَمَكَ وظَلَمَنا . فَقالَ عليه السلام : هَيهاتَ هَيهاتَ ! أيُّهَا الغَدَرَةُ المَكَرَةُ ، حيلَ بَينَكُم وبَينَ شَهَواتِ أنفُسِكُم ، أتُريدونَ أن تَأتوا إلَيَّ كَما أتَيتُم إلى‌ أبي مِن قَبلُ ؟ ! كَلّا ورَبِّ الرّاقِصاتِ ، فَإِنَّ الجُرحَ لَمّا يَندَمِل ، قُتِلَ أبي صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ بِالأَمسِ وأهلُ بَيتِهِ مَعَهُ ، ولَم يُنسِني ثُكلَ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وثُكلَ أبي وبَني أبي ، ووَجدُهُ بَينَ لَهَواتي ، ومَرارَتُهُ بَينَ حَناجِري وحَلقي ، وغُصَصُهُ تَجري في فِراشِ صَدري ، ومَسأَلَتي أن لا تَكونوا لَنا ولا عَلَينا . ثُمَّ قالَ : لا غَروَ إن قُتِلَ الحُسَينُ وشَيخُهُ‌ قَد كانَ خَيراً مِن حُسَينٍ وأكرَما

أصابَ حُسَيناً كانَ ذلِكَ أعظَما
جَزاءُ الَّذي أرداهُ نارُ جَهَنَّما

ثُمَّ قالَ عليه السلام : رَضينا مِنكُم رَأساً بِرَأسٍ ، فَلا يَومَ لَنا ولا عَلَينا .
[1] الذِّمَّةُ والذِّمامُ : وهما بمعنى العهد ، والأمانُ ، والضمانُ ، والحُرمة والحقّ (النهاية : ج 2 ص 168 «ذمم») .
[2] الملهوف : ص 199.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جواز التعويل في دخول الوقت على أذان الثقة

  جواز التعويل في دخول الوقت على أذان الثقة 1 -  عن عليّ عليه‌السلام قال : المؤذّن مؤتمن ، والإِمام ضامن.  التهذيب 2 : 282 / 1121. 2 -  ق...