دعاء الصادق ( عليه السلام ) لما استدعاه المنصور مرة ثانية بعد عودته من مكة إلى المدينة
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ صَاحِبُ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ قَالَ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فَلَمَّا صِرْتُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ لِيَ الْمَنْصُورُ يَا رَبِيعُ إِذَا نَزَلْتُ الْمَدِينَةَ فَاذْكُرْ لِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ( عليهم السلام ) فَوَ اللَّهِ الْعَظِيمِ لَا يَقْتُلُهُ أَحَدٌ غَيْرِي احْذَرْ وأَنْ تَدَعَ أَنْ تُذَكِّرَنِي بِهِ قَالَ فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ أَنْسَانِيَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذِكْرَهُ قَالَ فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى مَكَّةَ قَالَ لِي يَا رَبِيعُ أَ لَمْ آمُرْكَ أَنْ تُذَكِّرَنِي بِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِذَا دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ فَقُلْتُ نَسِيتُ ذَلِكَ يَا مَوْلَايَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَقَالَ لِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَذْكِرْنِي بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ فَقُلْتُ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ قُلْتُ لِغِلْمَانِي وَ أَصْحَابِي أَذْكِرُونِي بِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِذَا دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ فَلَمْ تَزَلْ غِلْمَانِي وَ أَصْحَابِي يُذَكِّرُونِّي بِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَ مَنْزِلٍ نَدْخُلُهُ وَ نَنْزِلُ فِيهِ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَلَمَّا نَزَلْنَا بِهَا دَخَلْتُ إِلَى الْمَنْصُورِ فَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ فَضَحِكَ وَ قَالَ لِي نَعَمْ اذْهَبْ يَا رَبِيعُ فَأْتِنِي بِهِ وَ لَا تَأْتِنِي بِهِ إِلَّا مَسْحُوباً قَالَ فَقُلْتُ لَهُ يَا مَوْلَايَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حُبّاً وَ كَرَامَةً وَ أَنَا أَفْعَلُ ذَلِكَ طَاعَةً لِأَمْرِكَ قَالَ ثُمَّ نَهَضْتُ وَ أَنَا فِي حَالٍ عَظِيمٍ مِنِ ارْتِكَابِي ذَلِكَ قَالَ فَأَتَيْتُ الْإِمَامَ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه واله) وَ هُوَ جَالِسٌ فِي وَسَطِ دَارِهِ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَدْعُوكَ إِلَيْهِ فَقَالَ لِي السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ ثُمَّ نَهَضَ وَ هُوَ مَعِي يَمْشِي قَالَ فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه واله) إِنَّهُ أَمَرَنِي أَنْ لَا آتِيَهُ بِكَ إِلَّا مَسْحُوباً قَالَ فَقَالَ الصَّادِقُ امْتَثِلْ يَا رَبِيعُ مَا أَمَرَكَ بِهِ فثن فَأَخَذْتُ بِطَرَفِ كُمِّهِ أَسُوقُهُ إِلَيْهِ فَلَمَّا أَدْخَلْتُهُ إِلَيْهِ رَأَيْتُهُ وَ هُوَ جَالِسٌ عَلَى سَرِيرِهِ وَ فِي يَدِهِ عَمُودُ حَدِيدٍ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِهِ- وَ نَظَرْتُ إِلَى جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) وَ هُوَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بِهِ فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمَا قَالَ الرَّبِيعُ فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ لَهُ الْمَنْصُورُ ادْنُ مِنِّي يَا ابْنَ عَمِّي وَ تَهَلَّلَ وَجْهُهُ وَ قَرَّبَهُ مِنْهُ حَتَّى أَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ ثُمَّ قَالَ يَا غُلَامُ ائْتِنِي بِالْحُقَّةِ فَأَتَاهُ الْحُقَّةَ فَإِذَا فِيهَا قَدَحُ الْغَالِيَةِ فَغَلَفَهُ مِنْهَا بِيَدِهِ ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَى بَغْلَةٍ وَ أَمَرَ لَهُ بِبَدْرَةٍ وَ خِلْعَةٍ ثُمَّ أَمَرَهُ بِالانْصِرَافِ قَالَ فَلَمَّا نَهَضَ مِنْ عِنْدِهِ خَرَجْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَقُلْتُ لَهُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه واله) إِنِّي لَمْ أَشُكَّ فِيهِ أَنَّهُ سَاعَةَ تَدْخُلُ عَلَيْهِ يَقْتُلُكَ وَ رَأَيْتُكَ تُحَرِّكُ شَفَتَيْكَ فِي وَقْتِ دُخُولِكَ عَلَيْهِ فَلَمَّا قُلْتُ قَالَ لِي نَعَمْ يَا رَبِيعُ اعْلَمْ أَنِّي قُلْتُ:حَسْبِيَ الرَّبُّ مِنَ الْمَرْبُوبِينَ حَسْبِيَ الْخَالِقُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ حَسْبِي مَنْ لَمْ يَزَلْ حَسْبِي حَسْبِيَ اللّٰهُ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ حَسْبِيَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ حَسْبِي حَسْبِي حَسْبِي حَسْبِيَ اللّٰهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ اللَّهُمَّ احْرُسْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تنَامُ وَ اكْنُفْنِي بِرُكْنِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ وَ احْفَظْنِي بِعِزِّكَ وَ اكْفِنِي شَرَّهُ بِقُدْرَتِكَ وَ مُنَّ عَلَيَّ بِنَصْرِكَ وَ إِلَّا هَلَكْتُ وَ أَنْتَ رَبِّي اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَجَلُّ وَ أَجْبَرُ مِمَّا أَخَافُ وَ أَحْذَرُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَدْرَؤُكَ فِي نَحْرِهِ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَ أَسْتَعِينُكَ عَلَيْهِ وَ أَسْتَكْفِيكَ إِيَّاهُ يَا كَافِيَ مُوسَى فِرْعَوْنَ وَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ الْأَحْزَابَ الَّذِينَ قٰالَ لَهُمُ النّٰاسُ إِنَّ النّٰاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزٰادَهُمْ إِيمٰاناً وَ قٰالُوا حَسْبُنَا اللّٰهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ- وَ أُولٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّٰهُ عَلىٰ قُلُوبِهِمْ وَ سَمْعِهِمْ وَ أَبْصٰارِهِمْ وَ أُولٰئِكَ هُمُ الْغٰافِلُونَ- لٰا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ- وَ جَعَلْنٰا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنٰاهُمْ فَهُمْ لٰا يُبْصِرُونَ.مهج الدعوات و منهج العبادات: ص 284-286
و وجدت عقيب هذا الدعاء ما هذا لفظه
الغَالِيَةُ : أَخلاط من الطيب كالمسك والعنبر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق