حكم الإمام جعفربن محمد الصادق عليه السلام
تحف العقول [2]: ومن حكم الإمام جعفر الصادق عليه السلاملا يصلح من لا يعقل [3] ولا يعقل من لا يعلم، وسوف ينجب من يفهم، ويظفر من يحلم، والعلم جنة، والصدق عز، والجهل ذل، و الفهم مجد [4] والجود نجح، وحسن الخلق مجلبة للمودة، والعالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس [5] والحزم مشكاة الظن [6] والله ولي من عرفه وعدو من تكلفه والعاقل غفور والجاهل ختور [7]، وإن شئت أن تكرم فلن، وأن شئت أن تهان فاخشن، ومن كرم أصله لان قلبه، ومن خشن عنصره غلظ كبده [8] ومن فرط تورط [9] ومن خاف العاقبة تثبت فيها لا يعلم، ومن هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه [10]، ومن لم يعلم لم يفهم، ومن لم يفهم لم يسلم، ومن لم يسلم لم يكرم ومن لم يكرم تهضم، ومن تهضم كان ألوم [11] ومن كان كذلك كان أحرى أن يندم، إن قدرت أن لا تعرف فافعل، وما عليك إذا لم يثن الناس عليك وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت عند الله محمودا، إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول: " لا خير في الحيادة إلا لاحد رجلين: رجل يزداد كل يوم فيها إحسانا ورجل يتدارك منيته بالتوبة [12] ". إن قدرت أن لا تخرج من بيتك فافعل وإن عليك في خروجك أن لا تغتاب ولا تكذب ولا تحسد ولا ترائي ولا تتصنع ولا تداهن. صومعة المسلم بيته، يحبس فيه نفسه وبصره ولسانه وفرجه. إن من عرف نعمة الله بقلبه استوجب المزيد من الله قبل أن يظهر شكرها على لسانه.
ثم قال عليه السلام: كم من مغرور بما أنعم الله عليه، وكم من مستدرج بستر الله عليه، وكم من مفتون بثناء الناس عليه. إني لأجور النجاة لمن عرف حقنا من هذه الأمة إلا [ل] أحد ثلاثة: صاحب سلطان جائر، وصاحب هوى، والفاسق المعلن، الحب أفضل من الخوف، والله ما أحب الله من أحب الدنيا ووالي غيرنا ومن عرف حقنا وأحبنا فقد أحب الله، كن ذنبا ولا تكن رأسا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله " من خاف كل لسانه ".
[2] التحف: 356.
[3] رواها الكليني في الكافي ج 1 ص 26 وفيه " لا يفلح من لا يعقل ".
[4] المجد: العز والرفعة. والنجح: الفوز والظفر.
[5] اللبس - بالفتح -: الشبهة، أي لا تدخل عليه الشبهات.
[6] المشكاة: كوة غير نافذة، وأيضا: ما يوضع فيها المصباح. وفى الكافي " والحزم مساءة الظن " والمساءة مصدر ميمي.
[7] ختر - كضرب ونصر - ختورا: خبث وفسد. والختر: الغدر والخديعة.
[8] العنصر: الأصل. " وغلظ كبده " أي قسا قلبه.
[9] أي من قصر في طلب الحق وفعل الطاعات أوقع نفسه في ورطات المهالك.
[10] أي ذل نفسه.
[11] تهضم من باب التفعيل. وفى بعض النسخ " يهضم " في الموضعين أي يظلم ويغضب.
[12] في بعض نسخ الكافي " سيئته بالتوبة ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق