معنى حمل النبي صلىاللهعليهوآله لعلى عليهالسلام ) * * ( وعجز على عن حمله
عن عبد الجبار بن كثير التميمي اليماني قال : سمعت محمد بن حرب الهلالي أمير المدينة يقول : سألت جعفر بن محمد عليهماالسلام فقلت له : يا ابن رسول الله في نفسي مسألته أريد أن أسألك عنها. فقال : إن شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألني وإن شئت فسل ، قال : فقلت له : يا ابن رسول الله وبأي شئ تعرف ما في نفسي قبل سؤالي عنه؟ قال : بالتوسم والتفرس : أما سمعت قول الله عزوجل : « إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ » [1][1] الحجر : 75.
وقول رسول الله صلىاللهعليهوآله : « اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله عزوجل »؟ قال : قلت له : يا ابن رسول الله فأخبرني بمسألتي. قال : أردت أن تسألني عن رسول الله صلىاللهعليهوآله لم لم يطق حمله علي عليهالسلام عند حطه الأصنام من سطح الكعبة مع قوته وشدته وما ظهر منه في قلع باب القموص بخيبر والرمي بها وراءه أربعين ذراعا وكان لا يطيق حمله أربعون رجلا وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآله ير كب الناقة والفرس والبغلة والحمار وركب البراق ليلة المعراج وكل ذلك دون علي عليهالسلام في القوة والشدة. قال :
فقلت له :عن هذا والله أردت أن أسألك يا ابن رسول الله فأخبرني. فقال : إن عليا عليهالسلام برسول الله شرف ، وبه ارتفع ، وبه وصل إلى إطفاء نار الشرك وإبطال كل معبود دون الله عزوجل ، ولو علا النبي صلىاللهعليهوآله لحط الأصنام لكان بعلي عليهالسلام مرتفعا وشريفا وواصلا إلى حط الأصنام ، ولو كان ذلك كذلك لكان أفضل منه ، ألا ترى أن عليا عليهالسلام قال :
لما علوت ظهر رسول الله صلىاللهعليهوآله شرفت وارتفعت حتى لو شئت أن أنال السماء لنلتها ، أما علمت أن المصباح هو الذي يهتدي به في الظلمة وانبعاث فرعه من أصله ، وقد قال علي عليهالسلام : « أنا من أحمد كالضوء من الضوء » ، أما علمت أن محمدا وعليا صلوات الله عليهما كانا نورا بين يدي الله جل جلاله قبل خلق الخلق بألفي عام [2] وان الملائكة لما رأت ذلك النور رأت له أصلا قد انشعب فيه شعاع لامع ، فقالت : إلهنا وسيدنا ، ما هذا النور! فأوحى الله عزوجل إليهم : هذا نور من نوري أصله نبوة وفرعه إمامه ، أما النبوة فلمحمد عبدي ورسولي ، وأما الإمامة فلعلي حجتي ووليي ولولاهما ما خلقت خلقي ، أما علمت أن رسول الله صلىاللهعليهوآله رفع يدي علي عليهالسلام بغدير خم حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما فجعله مولى المسلمين وإمامهم ، وقد احتمل صلىاللهعليهوآله الحسن والحسين عليهماالسلام يوم حظيرة بني النجار ، فلما قال له بعض أصحابه : ناولني أحدهما يا رسول الله.
قال : نعم الحاملان ونعم الراكبان وأبوهما خير منهما ، وروي في خبر آخر أن رسول الله صلىاللهعليهوآله حمل الحسن وحمل جبريل الحسين فلهذا قال : نعم الحاملان. وإنه عليهالسلام كان يصلى بأصحابه فأطال سجدة من سجداته ، فلما سلم قيل له : يا رسول الله لقد أطلت هذه السجدة.
فقال صلىاللهعليهوآله : نعم ، إن ابني ارتحلني [3] فكرهت أن أعجله حتى ينزل وإنما أراد عليهالسلام بذلك رفعهم وتشريفهم ، فالنبي صلىاللهعليهوآله رسول بني آدم وعلي عليهالسلام إمام ليس بنبي ولا رسول فهو غير مطيق لحمل أثقال النبوة.
قال محمد بن حرب الهلالي : قلت له : زدني يا ابن رسول الله. فقال : إنك لأهل للزيادة ، إن رسول الله صلىاللهعليهوآله حمل عليا على ظهره يريد بذلك أنه أبو ولده وإمام الأئمة من صلبه ، كما حول رداءه في صلاة الاستسقاء وأراد أن يعلم أصحابه بذلك أنه قد تحول الجدب خصبا [4].
قال : فقلت له : زدني يا ابن رسول الله ، فقال : احتمل رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا يريد بذلك أن يعلم قومه أنه هو الذي يخفف عن ظهر رسول الله صلىاللهعليهوآله ما عليه من الدين والعدات والأداء عنه [5] من بعده.
قال : فقلت له : يا ابن رسول الله زدني ، فقال : إنه احتمله ليعلم بذلك أنه قد احتمله وما حمل ، لأنه معصوم لا يحتمل وزرا فتكون أفعاله عند الناس حكمة وصوابا ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام : يا علي إن الله تبارك وتعالى حملني ذنوب شيعتك ثم غفرها لي ، وذلك قوله عزوجل : « لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ [6] » ولما أنزل الله تبارك وتعالى عليه « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ [7] »
قال النبي صلىاللهعليهوآله « يا أيها الناس عليكم أنفسكم لا يضر كم من ضل إذا اهتديتم [8] » وعلي نفسي وأخي ، أطيعوا عليا فإنه مطهر معصوم لا يضل ولا يشقى ، ثم تلا هذه الآية « قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [9] ».
قال محمد بن حرب الهلالي : ثم قال لي جعفر بن محمد عليهماالسلام : أيها الأمير لو أخبرتك بما في حمل النبي صلىاللهعليهوآله عليا عليهالسلام عند حط الأصنام من سطح الكعبة من المعاني التي أرادها به لقلت : إن جعفر بن محمد لمجنون ، فحسبك من ذلك ما قد سمعته. فقمت إليه وقبلت رأسه وقلت : الله أعلم حيث يجعل رسالته.معاني الأخبار المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 1 صفحة : 352.
[2] قد تقدم منا أن هذا النحو من التحديد بالأيام والأعوام ليس على حد ما نحدد معاشر الناس الأمور بالشهور والسنين التي ليست الا مقدار الحركة لان من البديهي أنه لم يكن قبل خلق الخلق زمان ولا حركة ولا يوم ولا سنة فهذا النحو من التقدم نوع آخر غير التقدم الزماني الذي نعرفه فتذكر. اللهم الا ان يراد بالخلق بنو آدم لكن هذا التأويل مما لا تحتمله تلك الرواية فان فيها ان الله تبارك وتعالى خلق نور محمد قبل ان يخلق السماوات والأرض والعرش والكرسي الخ ( م ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق