الأربعاء، 31 يوليو 2024

قصيدة الفرزدق في مدح علي بن الحسين ع

 قصيدة الفرزدق في مدح علي بن الحسين عليهما السلام

حج هشام بن عبدالملك فلم يقدر على الاستلام من الزحام ، فنصب له منبر فجلس عليه وأطاف به أهل الشام فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليه السلام وعليه إزار ورداء ، من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة ، بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز ، فجعل يطوف فاذا بلغ إلى موضع الحجر تنحى الناس حتى يستلمه هيبة له ، فقال شامي : من هذايا أمير المؤمنين؟ فقال : لا أعرفه ، لئلا يرغب فيه أهل الشام فقال الفرزدق وكان حاضرا : لكني أنا أعرفه ، فقال الشامي : من هو يا أبا فراس؟ فأنشأ قصيدة ذكر بعضها في الاغاني ، والحلية ، والحماسة ، والقصيدة بتمامها هذه : 

 يا سائلي أين حل الجود والكرم؟ 
 عندي بيان إذا طلابه قدموا 
 هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
 والبيت يعرفه والحل والحرم
 هذا ابن خير عباد الله كلهم 
 هذا التقي النقي الطاهر العلم 
 هذا الذي أحمد المختار والده
 صلى عليه إلهي ماجرى القلم 
 لو يعلم الركن من قدجاء يلثمه 
 لخر يلثم منه ما وطى القدم 
 هذا علي رسول الله والده 
 أمست بنور هداه تهتدي الامم
 هذا الذي عمه الطيار جعفر
 والمقتول حمزة ليث حبه قسم 
 هذا ابن سيدة النسوان فاطمة 
 وابن الوصي الذي في سيفه نقم 
 إذا رأته قريش قال قائلها
 إلى مكارم هذا ينتهي الكرم 
 يكاد يمسكة عرفان راحته
 ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم 
 وليس قولك : من هذا؟ بضائره 
 العرب تعرف من أنكرت والعجم 
 ينمى إلى ذروة العز التي قصرت 
 عن نيلها عرب الاسلا م والعجم 
 يغضي حياءا ويغضى من مهابته 
 فما يكلم إلا حين يبتسم 
 ينجاب نور الدجى عن نور غرته 
 كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم 
 بكفه خيزران ريحه عبق 
 من كف أروع في عرنينه شمم 
 ما قال : « لا » قط إلا في تشهده
 لولا التشهد كانت لاؤه نعم 
 مشتقه من رسول الله نبعته
 طابت عناصره والخيم والشيم 
 حمال أثقال أقوام إذا فدحوا 
 حلو الشمائل تحلو عنده نعم 
 إن قال قال بما يهوى جميعهم 
 وإن تكلم يوما زانه الكلم
 هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله 
 بجده أنبياء الله قد ختموا 
 الله فضله قدما وشرفه 
 جرى بذاك له في لوحه القلم
 من جده دان فضل الانبياء له 
 وفضل امته دانت لها الامم 
 عم البرية بالاحسان وانقشعت 
 عنها العماية والاملاق والظلم 
 كلتا يديه غياث عم نفعهما 
 يستوكفان ولا يعروهما عدم
 سهل الخليقة لا تخشى بوادره
 يزينه خصلتان : الحلم والكرم 
 لا يخلف الوعد ميمونا نقيبته 
 رحب الفناء أريب حين يعترم 
 من معشر حبهم دين وبغضهم
 كفر وقربهم منجى ومعتصم 
 يستدفع السوء والبلوى بحبهم 
 ويستزاد به الاحسان والنعم 
 مقدم بعد ذكر الله ذكرهم 
 في كل فرض ومختوم به الكلم 
 إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم 
 أو قيل من خير أهل الارض قيل هم
 لا يستطيع جواد بعد غايتهم 
 ولا يدانيهم قوم وإن كرموا 
 هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت 
 والاسد أسد الشرى والبأس محتدم 
 يأبى لهم أن يحل الذم ساحتهم
 خيم كريم وأيد بالندى هضم 
 لا يقبض العسر بسطا من أكفهم
 سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا 
 أي القبائل ليست في رقابهم 
 لاولية هذا أوله نعم؟ 
 من يعرف الله يعرف أولية ذا 
 فالدين من بيت هذا ناله الامم 
 بيوتهم في قريش يستضاء بها
 في النائبات وعند الحكم أن حكموا 
 فجده من قريش في ارومتها 
 محمد وعلي بعده علم 
 بدر له شاهد والشعب من احد
 والخندقان ويوم الفتح قد علموا 
 وخيبر وحنين يشهدان له 
 وفي قريضة يوم صليم قتم 
 مواطن قد علت في كل نائبة
 على الصحابة لم أكتم كما كتموا .
المصدر:
[٤]وهم جمع كثير من المتقدمين والمتأخرين وحسبك منهم من أعلامنا المتقدمين الشيخ المفيد في الاختصاص ص 191 ، والاربلى في كشف الغمة ج 2 ص 267 والراوندى في الخرايج والجرايح ص 195 والسيد المرتضى في أماليه ج 1 ص 67 69 والشيخ حسين ابن عبدالوهاب معاصر المرتضى والرضى ومشاركا لهما في بعض مشايخهما في عيون المعجزات ص 63 طبع النجف. أما المتأخرون فلا يسعنى ذكرهم لكثرتهم.

 فغضب هشام ومنع جائزته وقال : ألا قلت فينا مثلها؟ قال : هات جدا كجده وأبا كأبيه واما كامه حتى أقول فيكم مثلها ، فحبسوه بعسفان بين مكة والمدينة فبلغ ذلك علي بن الحسين عليه السلام فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال :
 اعذرنا يا أبا فراس ، فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به ، فردها وقال : يا ابن رسول الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله ، وما كنت لارزأ عليه شيئا ، فردها إليه وقال : بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك ، فقبلها ، فجعل الفرزدق يهجو هشاما وهو في الحبس ، فكان مما هجاه به قوله :

 أيحبسني بين المدينة والتي 
 إليها قلوب الناس يهوي منيبها 
 يقلب رأسا لم يكن رأس سيد 
 وعينا له حولاء باد عيوبها 
 فأخبر هشام بذلك فأطلقه ، وفي رواية أبي بكر العلاف أنه أخرجه إلى البصرة.الماقب ج 3 ص 306.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وجوب تسكين الغضب عن فعل الحرام وما يسكّن به

   وجوب تسكين الغضب عن فعل الحرام وما يسكّن به    1 -  عن صفوان بن مهران قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : إنما المؤمن الذي إذا غضب ل...