ما صدر عن أمير المؤمنين (ع) في العدل) (في القسمة ووضع الأموال في مواضعها
1 ـ (تحف العقول) : من خطبة لأمير المؤمنين عليهالسلام عند ما أنكر عليه قوم تسويته بين الناس في الفيء : «أما بعد ـ أيها الناس ـ فإنا نحمد ربنا وإلهنا وولي النعمة علينا ، ظاهرة وباطنة بغير حول منا ولا قوة إلا امتنانا علينا وفضلا ، ليبلونا أنشكر أم نكفر ، فمن شكر زاده ، ومن كفر عذبه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أحدا صمدا ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بعثه رحمة للعباد والبلاد والبهائم والأنعام ، نعمة أنعم بها ومنا وفضلا. فأفضل الناس ـ أيها الناس ـ عند الله منزلة ، وأعظمهم عند الله خطرا ، أطوعهم لأمر الله ، وأعملهم بطاعة الله ، وأتبعهم لسنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأحياهم لكتاب الله ، فليس لأحد من خلق الله عندنا فضل إلا بطاعة الله وطاعة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واتباع كتابه وسنة نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هذا كتاب الله بين أظهرنا وعهد نبي الله وسيرته فينا ، لا يجهلها إلا جاهل مخالف معاند ، عن الله عز وجل ، يقول الله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (1) فمن اتقى الله فهو الشريف المكرم المحب ، وكذلك أهل طاعته وطاعة رسول الله ، يقول الله في كتابه : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (2). وقال : (أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ)».[3]
(1) الحجرات 49 : 13. (2) آل عمران 3 : 31.[3] مضمون مأخوذ من الآية 32 سورة آل عمران.
ثم صاح بأعلى صوته يا معاشر المهاجرين والانصار ويا معاشر المسلمين أتمنون على الله وعلى رسوله بإسلامكم ولله ولرسوله المن عليكم إن كنتم صادقين.
ثم قال ألا إنه من استقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله أجرينا عليه أحكام القرآن وأقسام الاسلام، ليس لاحد على أحد فضل إلا بتقوى الله وطاعته، جعلنا الله وإياكم من المتقين وأوليائه وأحبائه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
ثم قال: ألا إن هذه الدنيا التي أصبحتم تتمنونها وترغبون فيها وأصبحت تعظكم وترميكم ليست بداركم ولا منزلكم الذي خلقتم له ولا الذي دعيتم إليه.
ألا وإنها ليست بباقية لكم ولا تبقون عليها، فلا يغرنكم عاجلها فقد حذرتموها ووصفت لكم وجربتموها، فأصبحتم لا تحمدون عاقبتها. فسابقوا رحمكم الله إلى منازلكم التي امرتم أن تعمروها فهي العامرة التي لا تخرب أبدا والباقية التي لا تنفد. رغبكم الله فيها و دعاكم إليها وجعل لكم الثواب فيها.
فانظروا يا معاشر المهاجرين والانصار وأهل دين الله ما وصفتم به في كتاب الله ونزلتم به عند رسول الله صلى الله عليه وآله وجاهدتم عليه فيما فضلتم به بالحسب والنسب ؟ أم بعمل وطاعة ؟ فاستتموا نعمه عليكم - رحمكم الله - بالصبر لانفسكم والمحافظة على من استحفظكم الله من كتابه. ألا وإنه لا يضركم تواضع شئ من دنياكم بعد حفظكم وصية الله والتقوى. ولا ينفعكم شئ حافظتم عليه من أمر دنياكم بعد تضييع ما امرتم به من التقوى، فعليكم عباد الله بالتسليم لامره والرضا بقضائه والصبر على بلائه.
فمن لم يرض بهذا فليتول كيف شاء. فإن العامل بطاعة الله والحاكم بحكم الله لا وحشة عليه " اولئك الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " " اولئك هم المفلحون " ونسأل الله وإلهنا أن يجعلنا وإياكم من أهل طاعته وأن يجعل رغبتنا ورغبتكم فيما عنده. أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم. التحف ص 183 ومنقول في النهج.
[4] الاثرة - محركة -: الاختيار واختصاص المرء باحسن شئ دون غيره. (*)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق