الاثنين، 30 أكتوبر 2023

ثواب المؤذنين

 ثواب المؤذنين

وروي عن عبد الله بن علي قال : « حملت متاعي من البصرة إلى مصر فقدمتها فبينما أنا في بعض الطريق إذا أنا بشيخ طويل شديد الأدمة أبيض الرأس واللحية ، عليه طمران أحدهما أسود والآخر أبيض ، فقلت : من هذا؟ فقالوا : هذا بلال مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخذت ألواحا فأتيته فسلمت عليه فقلت له : السلام عليك أيها الشيخ ، فقال : وعليك السلام ، قلت : يرحمك الله تعالى حدثني بما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : وما يدريك من أنا؟ فقلت : أنت بلال مؤذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : فبكى وبكيت حتى اجتمع الناس علينا ونحن نبكي ، قال : ثم قال : يا غلام من أي البلاد أنت؟ قلت : من أهل العراق قال : بخ بخ  ، ثم سكت ساعة ، ثم قال : اكتب يا أخا أهل العراق » بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : المؤذنون أمناء المؤمنين على صلواتهم وصومهم ولحومهم ودمائهم  ،
لا يسألون الله عزوجل شيئا إلا أعطاهم ، ولا يشفعون في شئ إلا شفعوا.

قلت : زدني يرحمك الله. قال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من أذن أربعين عاما محتسبا بعثه الله عزوجل يوم القيامة وله عمل أربعين صديقا عملا مبرورا متقبلا ».

قلت : زدني يرحمك الله ، قال : أكتب بسم الله الرحمن الرحيم « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من أذن عشرين عاما بعثه الله عزوجل يوم القيامة وله من النور مثل زنة السماء ».

قلت : زدني يرحمك الله ، قال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من أذن عشر سنين أسكنه الله عزوجل مع إبراهيم الخليل عليه‌السلام في قبته ، أو في درجته ».

قلت : زدني يرحمك الله عزوجل ، قال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من أذن سنة واحدة بعثه الله عزوجل يوم القيامة وقد غفرت ذنوبه كلها بالغة ما بلغت ولو كانت مثل زنة جبل أحد ».

قلت : زدني يرحمك الله قال : نعم فاحفظ واعمل واحتسب « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من أذن في سبيل الله صلاة واحدة إيمانا واحتسابا وتقربا إلى الله عزوجل غفر الله له ما سلف من ذنوبه ومن عليه بالعصمة فيما بقي من عمره ، وجمع بينه وبين الشهداء في الجنة ».

قلت : زدني يرحمك الله حدثني بأحسن ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ويحك يا غلام قطعت أنياط  قلبي ، وبكي وبكيت حتى أني والله لرحمته ، ثم قال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إذا كان يوم القيامة وجمع الله عزوجل الناس في صعيد واحد بعث الله عزوجل إلى المؤذنين بملائكة من نور ومعهم ألوية وأعلام من نور  يقودون جنائب  أزمتها زبرجد أخضر ، وحقايبها المسك الأذفر يركبها المؤذنون فيقومون عليها قياما تقودهم الملائكة ينادون بأعلا صوتهم بالاذان ، ثم بكى بكاء شديدا حتى انتحبت  وبكيت فلما سكت قلت : ممن بكاؤك؟ فقال : ويحك ذكرتني أشياء سمعت حبيبي وصفيي عليه‌السلام يقول : « والذي بعثي بالحق نبيا إنهم ليمرون على الخلق قياما على النجائب.

فيقولون : « الله أكبر ، الله أكبر » فإذا قالوا ذلك سمعت لامتي ضجيجا ، فسأله أسامة ابن زيد عن ذلك الضجيج ما هو؟ قال : الضجيج التسبيح والتحميد والتهليل ، فإذا قالوا : « أشهد أن لا إله إلا الله » قالت أمتي : نعم إياه كنا نعبد في الدنيا ، فيقال : صدقتم ، فإذا قالوا : « أشهد أن محمدا رسول الله » قالت أمتي : هذا الذي أتانا برسالة ربنا جل جلاله وآمنا به ولم نره ، فيقال لهم : صدقتم هذا الذي أدى إليكم الرسالة من ربكم وكنتم به مؤمنين ، فحقيق على الله عزوجل أن يجمع بينكم وبين نبيكم ، فينتهي بهم إلى منازلهم ، وفيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

ثم نظر إلي فقال : إن استطعت ـ ولا قوة إلا بالله ـ أن لا تموت إلا وأنت مؤذن فافعل ، فقلت : يرحمك الله تفضل علي وأخبرني فإني فقير محتاج وأد إلي ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإنك قد رأيته ولم أره ، وصف لي كيف وصف لك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بناء الجنة؟ فقال : أكتب بسم الله الرحمن الرحيم « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن سور الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ولبنة من ياقوت وملاطها  المسك الأذفر ، وشرفها الياقوت الأحمر والأخضر والأصفر ، قلت : فما أبوابها؟ قال : إن أبوابها مختلفة باب الرحمة من ياقوتة حمراء ، قلت : فما حلقته؟ فقال : و كف عني فقد كلفتني شططا قلت : ما أنا بكاف عنك حتى تؤدي إلي ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم » أما باب الصبر فباب صغير ، مصراع واحد من ياقوتة حمراء لا حلق له ، وأما باب الشكر فإنه من ياقوتة بيضاء لها مصراعان مسيرة ما بينهما مسيرة خمسمائة عام ، له ضجيج وحنين يقول : « اللهم جئني بأهلي » قال : قلت : هل يتكلم الباب قال : نعم ينطقه الله ذو الجلال والاكرام ، وأما باب البلاء قلت : أليس باب البلاء هو باب الصبر؟ قال : لا ، قلت : فما البلاء؟ قال : المصائب والسقام والأمراض والجذام وهو باب من ياقوتة صفراء مصراع واحد ، ما أقل من يدخل فيه.

قلت : يرحمك الله زدني وتفضل علي فإني فقير ، فقال : يا غلام لقد كلفتني شططا ، أما الباب الأعظم فيدخل منه العباد الصالحون ، وهم أهل الزهد والورع و الراغبون إلى الله عزوجل المستأنسون به ، قلت : يرحمك الله فإذا دخلوا الجنة فماذا يصنعون؟ قال : يسيرون على نهرين في ماء صاف في سفن الياقوت ، مجاذيفها  اللؤلؤ ، فيها ملائكة من نور ، عليهم ثياب خضر شديدة خضرتها.

قلت : يرحمك الله هل يكون من النور أخضر ، قال : إن الثياب هي خضر ولكن فيها نور من نور رب العالمين جل جلاله ليسيروا على حافتي ذلك النهر ، قلت : فما اسم ذلك النهر؟ قال : جنة المأوى ، قلت : هل وسطها غيرها؟ قال : نعم جنة عدن وهي في وسط الجنان ، وأما جنة عدن فسورها ياقوت أحمر وحصاها اللؤلؤ ، فقلت : وهل فيها غيرها؟ قال : نعم جنة الفردوس ، قلت : فكيف سورها؟ قال : ويحك كف عني جرحت علي قلبي  ، قلت : بل أنت الفاعل بي ذلك ، قلت : ما أنا بكاف عنك حتى تتم لي الصفة وتخبرني عن سورها ، قال : سورها نور ، قلت : ما الغرف التي فيها؟ قال : هي من نور رب العالمين عزوجل.

قلت : زدني يرحمك الله ، قال : ويحك إلى هذا إنتهى بي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طوبى لك إن أنت وصلت إلى ماله هذه الصفة ، وطوبى لمن يؤمن بهذا ، قلت : يرحمك الله أنا والله من المؤمنين بهذا. قال : ويحك إنه من يؤمن بهذا أو يصدق بهذا الحق والمنهاج لم يرغب في الدنيا ولا في زينتها وحاسب نفسه بنفسه ، قلت : أنا مؤمن بهذا قال : صدقت ولكن قارب وسدد ولا تيأس ، واعمل ولا تفرط ، وارج وخف و احذر .

ثم بكى وشهق ثلاث شهقات فظننا أنه قد مات ، ثم قال : فداكم أبى وأمي لو رآكم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لقرت عينه حين تسألون عن هذه الصفة ، ثم قال : النجاء النجاء الوحا الوحا  الرحيل الرحيل ، العمل العمل ، وإياكم والتفريط ، وإياكم والتفريط ، ثم قال : ويحكم اجعلوني في حل مما قد فرطت ، فقلت له : أنت في حل مما قد فرطت جزاك الله الجنة كما أديت وفعلت الذي يجب عليك ، ثم ودعني وقال : اتق الله وأد إلى أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما أديت إليك. فقلت له : أفعل إن شاء الله ، قال : أستودع الله دينك وأمانتك وزودك التقوى وأعانك على طاعته بمشيئته ».

وقد أذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فكان يقول : أشهد أني رسول الله وقد كان يقول فيه : أشهد أن محمدا رسول الله لان الاخبار قد وردت بهما جميعا.

وكان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مؤذنان أحدهما بلال والآخر ابن أم مكتوم ، وكان ابن أم مكتوم أعمى ، وكان يؤذن قبل الصبح.
المصدر من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 292-297.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تأكّد استحباب الأَذان والإِقامة للمغرب والصبح

     تأكّد استحباب الأَذان والإِقامة للمغرب والصبح   1  - عن  أبي جعفر عليه‌السلام  ، أنّه قال : أدنى ما يجزي من الأَذان أن تفتتح الليل بأذا...