الأربعاء، 21 أغسطس 2024

شهادة الامام الرضا عليه السلام وتغسيله ودفنه

 شهادة الامام الرضا عليه السلام وتغسيله ودفنه

1-قبض الرضا عليه‌السلام بطوس من أرض خراسان في صفر سنة ثلاث و مائتين وله يومئذ خمس وخمسون سنة ، وامه ام ولد يقال لها : ام البنين ، وكانت مدة خلافته وإمامته وقيامه بعد أبيه في خلافته عشرين سنة .الارشاد ص 285.

2- قبض عليه‌السلام في صفر من سنة ثلاث ومائتين وهوابن خمس وخمسين سنة وتوفي عليه‌السلام بطوس في قرية يقال لها سناباد من نوقان على دعوة ، ودفن عليه‌السلام بها وكان المأمون أشخصه من المدينة إلى مرو على طريق البصرة وفارس ، فلما خرج المأمون وشخص إلى بغداد أشخصه معه فتوفي في هذه القرية . الكافى ج 1 ص 486.

3-عن هرثمة بن أعين قال : كنت ليلة بين يدي المأمون حتى مضى من اليل أربع ساعات ثم أذن لي في الانصراف ، فانصرف ، فلما مضى من اليل نصفه قرع قارع الباب فأجابه بعض غلماني ، فقال له : قل لهرثمة : أجب سيدك ، قال : فقمت مسرعا وأخذت علي أثوابي وأسرعت إلى سيدي الرضا عليه‌السلام فدخل الغلام بين يدي ودخلت وراءه فاذا أنا بسيدي عليه‌السلام في صحن داره جالس.
فقال : يا هرثمة فقلت لبيك يا مولاي فقال لي : اجلس فجلست فقال لي : اسمع وع يا هرثمة ، أوان رحيلي إلى الله تعالى ولحوقي بجدي وآبائي عليهم‌السلام وقد

بلغ الكتاب أجله ، وقد عزم هذا الطاغي على سمي في عنب ورمان مفروك ، فأما العنب فانه يغمس السلك في السم ويجذبه بالخيط في العنب وأما الرمان فانه يطرح السم في كف بعض غلمانه ويفرك الرمان بيده ليلطخ حبه في ذلك السم.
وإنه سيدعوني في ذلك اليوم المقبل ، ويقرب إلى الرمان والعنب ، ويسألني أكلهما فآكلهما ، ثم ينفذ الحكم ويحضرالقضاء فاذا أنامت فسيقول أنا اغسله بيدي فاذا قال ذلك ، فقل له عني بينك وبينه ، إنه قال لي لاتتعرض لغسلي وولا لتكفيني ولا لدفني ، فانك إن فعلت ذلك عاجلك من العذاب ما اخر عنك ، وحل بك أليم ما تحذر ، فانه سينتهي.

قال : فقلت : نعم يا سيدي قال : فاذا خلى بينك وبين غسلي فسيجلس في علو من أبنيته ، مشرفا على موضع غسلي لينظر ، فلا تعرض يا هرثمة لشئ من غسلي حتى ترى فسطاطا أبيض قد ضربت في جانب الدار ، فاذا رأيت ذلك فاحملني في أثوابي التي أنا فيها فضعني من وراء الفسطاط وقف من ورائه ، ويكون من معك دونك ولا تكشف عن الفسطاط حتى تراني فتهلك ، فانه سيشرف عليك ويقول لك : يا هرثمة أليس زعمتم أن الامام لايغسله إلا إمام مثله فمن يغسل أبا الحسن علي بن موسى وابنه محمد بالمدينة من بلاد الحجاز ونحن بطوس؟.

فاذا قال ذلك فأجبه وقل له : إنا نقول إن الامام لايجب أن يغسله إلا إمام فان تعدى متعد وغسل الامام لم تبطل إمامة الامام لتعدي غاسله ، ولا بطلت إمامة الامام الذي بعده بأن غلب على غسل أبيه ، ولو ترك أبوالحسن علي بن موسى بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهرا مكشوفا ولا يغسله الآن أيضا إلا هو من حيث يخفى. فاذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مدرجا في أكفاني ، فضعني على نعش واحملني.
فاذا أراد أن يحفر قبري فانه سيجعل قبرأبيه هارون الرشيد قبلة لقبري ولا يكون ذلك أبدا فاذا ضربت المعاول نبت عن الارض ولم ينحفر منها شئ ، ولا


مثل قلامة ظفر ، فاذا اجتهدوا في ذلك وصعب عليهم فقل له عني : إني أمرتك أن تضرب معولا واحدا في قبلة قبر أبيه هارون الرشيد فاذا ضربت نفذ في الارض إلى قبر محفور وضريح قائم.
فاذا انفرج ذلك القبر فلا تنزلني إليه حتى يفور من ضريحه الماء الابيض فيمتلئ منه ذلك القبر ، حتى يصير الماء مع وجه الارض ، ثم يضطرب فيه حوت بطوله فاذا اضطرب فلا تنزلني إلي القبر إلا إذا غاب الحوت وغار الماء ، فأنزلني في ذلك القبر وألحدني في ذلك الضريح ، ولا تتركهم يأتوا بتراب يلقونه علي فان القبر ينطبق بنفسه ويمتلئ ، قال : قلت نعم يا سيدي ثم قال لي : احفظ ما عهدت إليك واعمل به ، ولاتخالف ، قلت : أعوذ بالله أن اخالفك أمرا يا سيدي قال هرثمة : ثم خرجت باكيا حزينا فلم أزل كالحبه على المقلاة  لا يعلم ما في نفسي إلا الله تعالى.

ثم دعاني المأمون فدخلت إليه فلم أزل قائما إلى ضحى النهار ثم قال المأمون : امض يا هرثمة إلى أبي الحسن فاقرأه مني السلام وقل له تصيرإلينا أونصير إليك؟ فان قال لك بل نصير إليه فتسأله عني أن يقدم ذلك قال : فجئته فاذا اطلعت عليه قال لي : يا هرثمة أليس قد حفظت ما أوصيتك به؟ قلت : بلى ، قال : قدموا نعلي فقد علمت ما أرسلك به ، قال : فقدمت نعله ومشى إليه ، فلما دخل المجلس قام إليه المأمون قائما فعانقه ، وقبل بين عينيه ، وأجلسه إلى جانبه على سريره ، وأقبل عليه يحادثه ساعة من النهار طويلة ، ثم قال لبعض غلمانه : يؤتى بعنب ورمان.
قال هرثمة : فلما سمعت ذلك لم أستطع الصبر ، ورأيت النفضة  قد عرضت في بدني فكرهت أن يتبين ذلك في فتراجعت القهقرى حتى خرجت فرميت نفسي في موضع من الدار.

فلما قرب زوال الشمس أحسست بسيدي قد خرج من عنده ورجع إلى داره ثم رأيت الآمر قد خرج من عند المأمون باحضارالاطباء والمترفقين ، قلت ما هذا فقيل لي : علة عرضت لابي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام فكان الناس في شك وكنت على يقين ، لما أعرف منه.
قال : فلما كان من الثلث الثاني من الليل علا الصياح ، وسمعت الوجبة من الدارفأسرعت فيمن أسرع ، فاذا نحن بالمأمون مكشوف الرأس محل الازرار قائما على قدميه ينتحب ويبكي ، قال : فوقفت فيمن وقفوا وأنا أتنفس الصعداء ثم أصبحنا فجلس المأمون للتعزية ثم قام فمشى إلى الموضع الذي فيه سيدنا عليه‌السلام فقال : أصلحوا لنا موضعا فاني اريد أن اغسله فدنوت منه فقلت له ما قاله سيدي بسب الغسل والتكفين والدفن ، فقال لي : لست أعرض لذلك ، ثم قال : شانك يا هرثمة.

قال : فلم أزل قائما حتى رأيت الفسطاط قد ضرب ، فوقفت من ظاهره وكل من في الدار دوني ، وأنا أسمع التكبير والتهليل والتسبيح ، وتردد الاواني وصب الماء وتضوع الطيب الذي لم أشم أطيب منه قال : فاذا أنا بالمأمون قد أشرف علي من بعض علالي داره ، فصاح بي : يا هرثمة أليس زعمتم أن الامام لايغسله إلا إمام مثله؟ فأين محمد بن علي ابنه عنه؟ وهو بمدينة الرسول وهذا بطوس بخراسان؟ قال : قلت له : يا أميرالمؤمنين إنا نقول إن الامام لايجب أن يغسله إلا إمام مثله ، فان تعدى متعد فغسل الامام لم تبطل إمامة الامام لتعدي غاسله ولا بطلت إمامة الامام الذي بعده ، بأن غلب على غسل أبيه ، ولو ترك أبوالحسن علي ابن موسى الرضا عليها‌السلام بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهرا ولا يغسله الآن أيضا إلا هو من حيث يخفى.
قال : فسكت عني ثم ارتفع الفسطاط فاذا أنا بسيدي عليه‌السلام مدرج في أكفانه

فوضعته على نعشه ، ثم حملناه فصلى عليه المأمون وجميع من حضر ثم جئنا إلى موضع القبر ، فوجدتهم يضربون بالمعاول دون قبر هارون ليجعلوه قبلة لقبره والمعاول تنبوعنه لا تحفر ذرة من تراب الارض.
فقال لي : ويحك يا هرثمة أما ترى الارض كيف تمتنع من حفر قبر له؟ فقلت : يا أميرالمؤمنين إنه قد أمرني أن أضرب معولا واحدا في قبلة قبر أمير المومنين أبيك الرشيد لا أضرب غيره ، قال : فاذا ضربت يا هرثمة يكون ماذا؟ قلت : إنه أخبر أنه لايجوز أن يكون قبر أبيك قبلة لقبره ، فان أنا ضربت هذا المعول الواحد نفذ إلى قبر محفور من غير يد تحفره وبان ضريح في وسطه فقال المأمون : سبحان الله ما أعجب هذا الكلام ولا عجب من أمر أبي الحسن ، فاضرب يا هرثمة حتى نرى.
قال هرثمة : فأخذت المعول بيدي فضربت في قبلة قبر هارون الرشيد فنفذ إلى قبر محفور ، وبان ضريح في وسطه ، والناس ينظرون إليه ، فقال : أنزله إليه يا هرثمة فقلت : يا أميرالمؤمنين إن سيدي أمرني أن لا أنزل إليه حتى ينفجر من أرض هذا القبر ماء أبيض فيمتلئ منه القبر ، حتى يكون الماء مع وجه الارض ثم يضطرب فيه حوت بطول القبر ، فاذا غاب الحوت وغار الماء ، وضعته على جانب قبره ، وخليت بينه وبين ملحده ، قال فافعل يا هرثمة ما أمرت به.
قال هرثمة : فانتظرت ظهورالماء والحوت ، فظهر ثم غاب وغار الماء والناس ينظرون إليه ثم جعلت النعش إلى جانب قبره ، فغطي قبره بثوب أبيض لم أبسطه ثم أنزل به إلى قبره بغير يدي ولايد أحد ممن حضر ، فأشار المأمون إلى الناس أن هالوا  التراب بأيديكم فاطر حوه فيه ، فقلت : لا تفعل يا أميرالمؤمنين قال : فقال : ويحك فمن يملؤه؟ فقلت : قد أمرني أن لايطرح عليه التراب وأخبرني أن القبر يمتلئ من ذات نفسه ثم ينطبق ويتربع على وجه الارض ، فأشار المأمون إلى الناس أن كفوا.

قال : فرموا ما في أيديهم من التراب ، ثم امتلا القبر وانطبق وتربع على وجه الارض فانصرف المأمون وانصرفت ودعاني المأمون وخلابي ثم قال : أسألك بالله يا هرثمة لما أصدقتني عن أبي الحسن عليه‌السلام قدس الله روحه بما سمعته منك ، فقلت قد أخبرت أميرالمؤمنين بما قال لي ، فقال : بالله إلا ما قد صدقتني عما أخبرك به غيرالذي قلت لي.
قلت : يا أميرالمؤمنين! فعما تسألني؟ فقال : يا هرثمة ، هل أسر إليك شيئا غير هذا؟ قلت : نعم ، قال : ما هو؟ قلت : خبر العنب والرمان ، قال : فأقبل المأمون يتلون ألوانا يصفر مرة ويحمر اخرى ويسود اخرى ثم تمدد مغشيا عليه ، فسمعته في غشيته وهو يهجر ، ويقول : ويل للمأمون من الله ، ويل له من رسوله ، ويل له من علي ، ويل للمأمون من فاطمة ، ويل للمأمون من الحسن والحسين ، ويل للمأمون من علي بن الحسن ، ويل له من محمد بن علي ، ويل للمأمون من جعفر بن محمد ، ويل له من موسى بن جعفر ، ويل له من علي ين موسى الرضا هذا والله هو الخسران المبين ، يقول هذا القول ويكرره.

فلما رأيته قد أطال ذلك وليت عنه ، وجلست في بعض نواحي الدار ، قال : فجلس ودعاني فدخلت إليه وهو جالس كالسكران فقال : والله ما أنت أعز علي منه ولا جميع من في الارض والسماء ، لئن بلغني أنك أعدت بعد ما سمعت ورأيت شيئا ليكونن هلاكك فيه.
قال : فقلت يا أميرالمؤمنين إن ظهرت على شئ من ذلك مني فأنت في حل من دمي قال : لا والله أو تعطيني عهدا وميثاقا على كتمان هذا وترك إعادته ، فأخذ علي العهد والميثاق وأكده علي قال : فلما وليت عنه صفق بيده وقال : يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا  (١). وكان للرضا عليه‌السلام من الولد محمد الامام وكان يقال له : الرضا ، والصادق والصابر ، والفاضل ، وقرة أعين المؤمنين ، وغيظ الملحدين (١). 
عيون أخبار الرضا ج 2 ص 245 ـ 250
بحار الانوار: ج 49 ص 293-299

(١) النساء 4: 108.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما يجب فيه استماع القرآن والإنصات له

  ما يجب فيه استماع القرآن والإنصات له 1 ـ الفضل بن الحسن الطبرسي في ( مجمع البيان ) قال : قيل : إن الوقت المأمور فيه بالإنصات للقرآن والاس...