الخميس، 5 يناير 2023

تعظيم شهر رجب و التنبيه على شرف محله و تحف فضله‌ 1

  مما يختص بشهر رجب الاصب وبركاته من عباداته وخيراته

{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة : 36]

والأشهر الحرم هي: رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم.

 من تعظيم شهر رجب و التنبيه على شرف محله و تحف فضله‌

اعلم أن الشهور كالمراحل إلى الموت و ما بعده من المنازل و أن كل منزل ينزله العبد في دنياه في شهوره و أيامه ينبغي [فينبغي‌] أن يكون محله على قدر ما يتفضل الله جل جلاله فيه من إكرامه و إنعامه و مذ فارقت أيها الناظر في  شهر ربيع الأول الذي كان فيه مولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه واله و ما ذكرناه فيه من الفضل المكمل لم تجد من المنازل المتشرفة بزيادة المكتسب أفضل من هذا شهر رجب لاشتماله على وقت إرسال الله جل جلاله رسوله محمدا صلوات الله عليه إلى عباده و إغاثة [إعانة] أهل بلاده بهدايته و إرشاده و لأجل حرماته التي ذكرها في روايات بركاته و خيراته فكن مقبلا على مواسم [مراسم‌] هذا الشهر بعقلك و قلبك و معترفا بالمراحم و المكارم المودعة فيك من ربك و إملاء ظهور مطاياه من ذخائر طاعتك لمولاه و رضاه و مما يسرك أن تلقاه و اجتهد أن لا تبقى في المنزل الذي تعلم أنك راحل عنه ما تندم على تركه أولا بذلك منه فكلما أنت تاركه منهوب مسلوب و أنت مطلوب مغلوب و سائر عن قليل وراء مطايا أعمالك و نازل حيث حملت ما قدمت من قماشك و رحالك فأحذر نفسي و إياك أن يكون المقتول من الذخائر ندما و شرابه علقما و عافيته سقما فهل تجد أنك تقدر على إعادة المطايا إلى دار الرزايا تعيد عليك ما مضى من حياتك و تستدرك ما فرطت فيه من طاعاتك و نقل مهماتك و سعاداتك هيهات هيهات لقد كنت تسمع و أنت في الدنيا بلسان الحال تلهف النادمين و تأسف المفرطين و صارت الحجة عليك لرب العالمين فاستظهر رحمك الله استظهار أهل الإمكان في الظفر بالأمان و الرضوان
 و سوف نذكر من طريق الأخبار طرقا [طرفا] من‌ العبادات و الأسرار في الليل و النهار المقتضية لنعيم دار القرار فلا تكن عن الخير نواما و لا لنفسك يوم القيامة لواما و إذا لم نذكر إسنادا لكلها فسوف نذكر أحاديث مسندة عن الثقات أنه من بلغه أعمال صالحة و عمل بها فإنه يظفر بفضلها و قد قدمناها في أول المهمات و إنما أعددناها هاهنا في المراقبات.

فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّنَا رُوِّينَا بِإِسْنَادِنَا إِلَى أَبِي جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَيْهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِ ثَوَابِ الْأَعْمَالِ فِيمَا رَوَاهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى صَفْوَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَنْ بَلَغَهُ شَيْ‌ءٌ مِنَ الْخَيْرِ فَعَمِلَ بِهِ كَانَ لَهُ أَجْرُ ذَلِكَ وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه واله لَمْ يَقُلْهُ.ثواب الاعمال: 16.

أقول: و من ذلك.
مَا رَوَيْنَاهُ بِإِسْنَادِنَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ ره مِنْ كِتَابِ الْكَافِي فِي بَابِ مَنْ بَلَغَهُ ثَوَابٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عَمَلٍ وَ صَنَعَهُ [فصنعه‌] فَقَالَ مَا هَذَا لَفْظُهُ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ  عليه السلام قَالَ: مَنْ سَمِعَ شَيْئاً مِنَ الثَّوَابِ عَلَى شَيْ‌ءٍ وَ صَنَعَهُ [فصنعه‌] كَانَ لَهُ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ كَمَا بَلَغَهُ‌ وَ وَجَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي أَصْلِ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ره عَنِ الصَّادِقِ عليه السلام.

وَ مِنْ ذَلِكَ بِإِسْنَادِنَا أَيْضاً إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ فَقَالَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عِمْرَانَ الزَّعْفَرَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ  عليه السلام  يَقُولُ‌ مَنْ بَلَغَهُ ثَوَابٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى عَمَلٍ فَعَمِلَ ذَلِكَ الْعَمَلَ الْتِمَاسَ ذَلِكَ الثَّوَابَ أُوتِيَهُ [يؤتاه‌] وَ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ كَمَا بَلَغَهُ.الكافي 2: 71.

أقول:
 و هذا فضل من الله جل جلاله و كرم ما كان في الحساب إنك تعمل عملا لم ينزله في الكتاب و لم يأمر الله جل جلاله رسوله أن يبلغه إليك فتسلم أن يكون خطر ذلك العمل عليك و تصير من سعادتك [سعاداتك‌] في دنياك و آخرتك فاعلم أن هذا له مدخل في صفات الإسعاد و الإرفاد فكيف لا يكون من صفات رحمته و جوده لذاته و من لا نهاية لهباته و من لا ينقصه الإحسان و لا يزيده الحرمان و من كلما وصل إلى أهل ملكته فهو زائد في مملكته و تعظيم دولته . و قد جاءت شريعتنا المعظمة بنحو هذه المساعي المكرمة و ذاك أن حكم الشريعة المحمدية أنه لو التقى صف المسلمين في الحرب بصف الكافرين فتكلم واحد من أهل الإسلام كلمة اعتقدها كافر أنه قد أمنه بذلك الكلام لكان ذلك للكافر أمانا من القتل و درعا له من دروع السلامة و الفضل‌ و قد تناصر ورود الروايات‌ ادرءوا الحدود بالشبهات.
فكن فيما نورده عاملا على اليقين بالظفر و معترفا بحق محمد صلوات الله عليه  سيد البشر.


   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وجوب تسكين الغضب عن فعل الحرام وما يسكّن به

   وجوب تسكين الغضب عن فعل الحرام وما يسكّن به    1 -  عن صفوان بن مهران قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : إنما المؤمن الذي إذا غضب ل...