دعاء أبي مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ لِقَضَاءِ الحَوَائِجِ وَطَلَبُ الرِّزْقِ
الْكِتَاب الْعَتِيق الغروي : يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ مَوْلَاي أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ إذْ وَرَدَتْ إلَيْهِ رُقْعَة مِنْ الْحَبْسِ مِنْ بَعْضِ مَوَالِيه يُذْكَرُ فِيهَا ثَقُل الْحَدِيد وَسُوء الْحَال وَتَحَامَل السُّلْطَان وَكَتَبَ إلَيْهِ ، يَا عَبْدَ اللَّهِ أَنْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُمْتَحَن عُبَادَة لِيَخْتَبِر صَبْرِهِم ، فيثيبهم عَلَى ذَلِكَ ثَوَاب الصَّالِحِين فَعَلَيْك بِالصَّبْر ، وَاكْتُبْ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رُقْعَة وأنفذها إلَى مَشْهَد الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَأَرْفَعُهَا عِنْدَهُ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وادفعها حَيْثُ لَا يَرَاك أَحَدٌ وَاكْتُب فِي الرُّقْعَة :إلَى اللَّهِ الْمَلِكُ الدَّيَّانُ ، المتحنن الْمَنَّان ، ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ، وَذِي الْمِنَن الْعِظَام ، وَالْأَيَادِي الْجِسَام ، وَعَالِمٌ الْخَفِيَّات ، ومجيب الدَّعَوَات ، وراحم الْعَبَرَات الَّذِي لَا تَشْغَلُهُ اللُّغَات ، وَلَا تَحَيُّرُه الْأَصْوَات ، وَلَا تَأْخُذُهُ السنات ، مِنْ عَبْدِهِ الذَّلِيلِ الْبَائِسِ الْفَقِيرِ ، الْمِسْكِين الضَّعِيف الْمُسْتَجِير ، اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ ، وَمِنْك السَّلَامُ وَإِلَيْك يَرْجِعُ السَّلَام ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ، وَالْمِنَن الْعِظَام وَالْأَيَادِي الْجِسَام ، إِلَهِي مَسَّنِي وَأَهْلِي الضُّرّ ، وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، وأرأف الأرأفين ، وَأَجْوَد الْأَجْوَدِين ، وَأَحْكَم الْحَاكِمِين ، وَأَعْدَل الْفَاصِلِين .
اللَّهُمَّ إنِّي قَصَدْت بَابِك ، وَنَزَلَت بِفِنَائِك وَاعْتَصَمَت بِحَبْلِك ، واستغثت بِك واستجرت بِك ، يَا غِيَاث الْمُسْتَغِيثِين أَغِثْنِي ، يَا جَار المستجيرين ، أَجِرْنِي ، يَا إِلَهَ الْعَالَمِين خُذْ بِيَدِي ، أَنَّهُ قَدْ عَلا الْجَبَابِرَة فِي أَرْضِك ، وَظَهَرُوا فِي بِلَادِكَ ، وَاتَّخِذُوا أَهْلِ دِينِكَ خولا ، واستأثروا بِفِي الْمُسْلِمِين ، وَمَنَعُوا ذَوِي الْحُقُوق حُقُوقِهِم الَّتِي جَعَلْتَهَا لَهُم ، وصرفوها فِي الْمَلَاهِي وَالْمَعَازِف واستصغروا آلاءك وَكَذَبُوا أَوْلِيَاءَك وتسلطوا بجبريتهم ليعزوا مِن أذللت ، ويذلوا مِن أعززت ، واحتجبوا عَمَّن يَسْأَلُهُم حَاجَة ، أَوْ مِنْ ينتجع مِنْهُم فَائِدَةٌ ، وَأَنْت مَوْلَاي سَامِع كُلّ دَعْوَة ، وراحم كُلّ عِبْرَة ومقيل كُلَّ عَثْرَةٍ ، سَامِع كُلّ نَجْوَى ، وَمَوْضِع كُلّ شَكْوَى ، لَا يَخْفَى عَلَيْك مَا فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَى ، وَالْأَرَضِين السُّفْلَى ، وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى .
اللَّهُمَّ إنِّي عَبْدَك ابْنُ أَمَتِكَ ، ذَلِيلٌ بَيْن بَرِيَّتِك ، مُسْرِع إِلَى رَحْمَتِكَ ، رَاج لثوابك ، اللَّهُمَّ إنْ كُلَّ مِنْ أَتَيْتُه فَعَلَيْك يَدُلُّنِي ، وَإِلَيْك يرشدني ، وَفِيمَا عِنْدَك يرغبني ، مَوْلَاي وَقَد أَتَيْتُك رَاجِيًا ، سَيِّدِي وَقَد قَصَدْتُك مُؤَمِّلًا ، يَا خَيْرَ مَأْمُولٍ ، وَيَا أَكْرَم مَقْصُودٌ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَلَا تُخَيِّب أَمَلِي ، وَلَا تُقْطَعُ رَجَائِي ، واستجب دُعَائِي ، وَارْحَم تَضَرُّعِي ، يَا غِيَاث الْمُسْتَغِيثِين أَغِثْنِي يَا جَار المستجيرين أَجِرْنِي ، يَا إِلَهَ الْعَالَمِين خُذْ بِيَدِي ، أَنْقَذَنِي واستنقذني ، ووفقني وَاكْفِنِي .
اللَّهُمَّ إنِّي قَصَدْتُك بأمل فَسِيح ، وأملتك بِرَجَاء مُنْبَسِطٌ ، فَلَا تُخَيِّب أَمَلِي وَلَا تُقْطَعُ رَجَائِي ، اللَّهُمَّ إنَّهُ لَا يَخِيبُ مِنْكَ سَائِلٌ ، وَلَا يُنْقِصُك نَائِل ، يَا رَبَّاهُ يَا سَيِّدَاه يَا مَوْلَاهُ يَا عماداه يَا كَهْفَاه يَا حصناه يَا حرزاه يَا لجآه .
اللَّهُمَّ إيَّاكَ أَمَلْت يَا سَيِّدِي ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ مَوْلَاي ، ولبابك قَرَعْت ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَلَا تَرُدّنِي بِالْخَيْبَة مَحْزُونًا [1] وَاجْعَلْنِي مِمَّن تَفَضَّلْت عَلَيْهِ بِإِحْسَانِك ، وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ بِتَفَضُّلِك ، وَجَدَتْ عَلَيْهِ بِنِعْمَتِك ، وأسبغت عَلَيْه آلاءك اللَّهُمَّ أَنْتَ غياثي وعمادي ، وَأَنْت عِصْمَتِي ورجائي ، مَالِي أَمَل سِوَاك ، وَلَا رَجَاءٌ غَيْرُكَ .
اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَجَد عَلَيَّ بِفَضْلِكَ ، وامنن عَلِيّ بِإِحْسَانِك ، وَأَفْعَل بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ ، وَلَا تَفْعَلُ بِي مَا أَنَا أَهْلِه ، يَا أَهْلَ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ، وَأَنْتَ خَيْرُ لِي مِنْ أَبِي وَأُمِّي وَمِنْ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ .
اللَّهُمَّ إنْ هَذِهِ قِصَّتِي إلَيْك لَا إلَى الْمَخْلُوقِينَ ، ومسئلتي لَك إذْ كُنْتَ خَيْرٌ مَسْؤُول وَأَعَزُّ مَأْمُولٍ ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وتعطف عَلِيّ بِإِحْسَانِك وَمِنْ عَلِيٍّ بِعَفْوِك وَعَافِيَتِك ، وَحَصِّن دِينِي بِالْغِنَى ، وَأَحْرَز أَمَانَتِي بِالْكِفَايَة ، وَأَشْغَل قَلْبِي بِطَاعَتِك ، وَلِسَانِي بِذِكْرِك ، وجوارحي بِمَا يُقَرِّبُنِي مِنْك .
اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي قَلْبًا خَاشِعًا ، وَلِسَانًا ذَاكِرًا ، وَطَرَفًا غاضا ، وَيَقِينًا صَحِيحًا
حَتَّى لَا أُحِبُّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ ، وَلَا تَقْدِيمِ مَا أُجِّلَت ، يَا رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، واستجب دُعَائِي ، وَارْحَم تَضَرُّعِي ، وَكَفّ عَنِّي الْبَلَاء ، وَلَا تُشَمِّتْ بِي الْأَعْدَاءَ ، وَلَا حَاسِدًا وَلَا تسلبني نِعْمَة ألبستنيها ، وَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَدًا ، يَا رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلّمَ تَسْلِيمًا .
.بِحَار الْأَنْوَار - ط دارالاحیاء التُّرَاث: ج 99 ص 238-240.
[1] مَحْرُومًا خ ل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق