وأرسل ابن زياد راس الامام الحسين عليه السلام وباقي الرؤوس والأسارى إلى الشام ليزيد
البهبهاني:
وأرسل ابن زياد الرؤوس والأسارى إلى الشام ليزيد.
وروي مرسلا عن بعض الثقات، عن أبي سعيد الشامي، قال: كنت يوما مع الكفرة اللئام الذين حملوا الرؤوس والسبايا إلى دمشق، فلما وصلوا إلى دير النصارى وقع بينهم أن نصر الخزاعي قد جمع عسكرا ويريد أن يهجم عليهم نصف الليل، ويقتل الأبطال، ويجندل الشجعان، ويأخذ الرؤوس والسبايا، فقال رؤساء العسكر من عظم اضطرابهم: نلجأ الليلة إلى الدير ونجعله كهفا لنا، لأن الدير كان محكما لا يقدر أن يتسلط عليه العدو، فوقف الشمر (لعنه الله) وأصحابه على باب الدير وصاح بأعلى صوته: يا أهل الدير! فجاءه القسيس الكبير، فلما رأى العسكر قال لهم: من أنتم، وما تريدون؟
فقال الشمر (لعنه الله): نحن من عسكر عبيد الله بن زياد، ونحن سائرون إلى الشام.
قال القسيس: لأي غرض؟
قال: كان شخص في العراق قد تباغى وخرج على يزيد بن معاوية وجمع العساكر، فبعث عسكرا عظيما فقتلوهم، وهذه رؤوسهم، وهذه النسوة سبيهم.
قال الراوي:
فلما نظر القسيس إلى رأس الحسين (عليه السلام) وإذا بالنور ساطع منه إلى عنان السماء فوقع في قلبه هيبة منه، فقال القسيس: ديرنا ما يسعكم، بل ادخلوا الرؤوس والسبايا إلى الدير وأحيطوا بالدير من خارج، فإذا دهمكم عدو قاتلوه ولا تكونوا مضطربين على الرؤوس والسبايا. فاستحسنوا كلام القسيس وقالوا: هذه هو الرأي، فحطوا رأس الحسين (عليه السلام) في صندوق وقفلوه وأدخلوه إلى الدير والنساء وزين العابدين، وجعلوهم في مكان يليق بهم.
قال: ثم أن صاحب الدير أراد أن يرى الرأس الشريف، وجعل ينظر حول البيت الذي فيه الصندوق، وكان له رازونة، فحط رأسه فيها، فرأى البيت يشرق نورا! ورأى أن سقف البيت قد انشق ونزل من السماء تخت عظيم، وإذا بامرأة أحسن من الحور جالسة على التخت، وإذا بشخص يصيح: أطرقوا ولا تنظروا، وإذا قد خرج من ذلك البيت نساء، وإذا هن حواء وسارة وأم إسماعيل وأم يوسف وأم موسى ومريم وآسية ونساء النبى (صلى الله عليه وآله).
قال: فأخرجن الرأس من الصندوق، وكل من تلك النساء واحدة بعد واحدة يقبلن الرأس الشريف، فلما وقعت النوبة لمولاتي فاطمة الزهراء (عليها السلام) غشي عليها وغشي على صاحب الدير، وعاد لا ينظر بالعين بل يسمع الكلام، وإذا بقائلة تقول:
السلام عليك يا قتيل الأم! السلام عليك يا مظلوم الأم! السلام عليك يا شهيد الأم! لا يتداخلك هم ولا غم، وإن الله تعالى سيفرج عني، وعنك يا بنى! من ذا الذي فرق بين رأسك وجسدك؟ يا بنى! من ذا الذي قتلك وظلمك؟ يا بنى! من ذا الذي سبى حريمك؟ يا بني! من ذا الذي أيتم أطفالك؟ ثم إنها بكت بكاء شديدا.
فلما سمع الديراني ذلك اندهش ووقع مغشيا عليه، فلما أفاق نزل إلى البيت وكسر الصندوق واستخرج الرأس وغسله وحنطه بالكافور والمسك والزعفران، ووضعه في قبلته، وهو يبكي ويقول: يا رأس من رؤوس بني آدم! ويا كريم! ويا عظيم جميع من في العالم! أظنك من الذين مدحهم الله في التوراة والإنجيل، وأنت الذي أعطاك فضل التأويل، لأن خواتين السادات من بني آدم في الدنيا والآخرة يبكين عليك ويندبنك، أنا أريد أن أعرفك باسمك ونعتك.
فنطق الرأس بقدرة الله تعالى وقال: أنا المظلوم، أنا المهموم، أنا المغموم أنا الذي بسيف العدوان والظلم قتلت، أنا الذي بحرب أهل البغى ظلمت، أنا الذي على غير جرم نهبت، أنا الذي من الماء منعت، أنا الذي عن الأهل والأوطان بعدت.
فقال صاحب الدير: بالله عليك، أيها الرأس! زدني.
فقال: إن كنت تسأل عن حسبي ونسبي، أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن على المرتضى، أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا بن خديجة الكبرى، أنا ابن العروة الوثقى، أنا شهيد كربلاء، أنا قتيل كربلاء، أنا مظلوم كربلاء، أنا عطشان كربلاء أنا ظمآن كربلاء، أنا غريب كربلاء، أنا وحيد كربلاء، أنا سليب كربلاء، أنا الذي خذلوني الكفرة بأرض كربلاء.
قال الراوي:
فلما سمع صاحب الدير من رأس الحسين (عليه السلام) ذلك جمع تلامذته وحكى لهم الحكاية وكانوا سبعين رجلا، فضجوا بالبكاء والعويل، ورموا العمائم عن رؤوسهم، وشقوا أزياقهم، وجاؤا إلى سيدنا زين العابدين (عليه السلام) وقد قطعوا الزنار، وكسروا الناقوس، واجتنبوا فعل اليهود والنصارى، وأسلموا على يديه، وقالوا: يا ابن رسول الله! مرنا أن نخرج إلى هؤلاء الكفار ونقاتلهم ونجلي صداء قلوبنا بهم،ونأخذ بثار سيدنا ومولانا الحسين (عليه السلام).
فقال لهم الإمام (عليه السلام): لا تفعلوا ذلك فإنهم عن قريب ينتقم الله تعالى منهم، ويأخذهم أخذ عزيز مقتدر. الدمعة الساكبة 5: 70.
وأرسل ابن زياد الرؤوس والأسارى إلى الشام ليزيد.
وروي مرسلا عن بعض الثقات، عن أبي سعيد الشامي، قال: كنت يوما مع الكفرة اللئام الذين حملوا الرؤوس والسبايا إلى دمشق، فلما وصلوا إلى دير النصارى وقع بينهم أن نصر الخزاعي قد جمع عسكرا ويريد أن يهجم عليهم نصف الليل، ويقتل الأبطال، ويجندل الشجعان، ويأخذ الرؤوس والسبايا، فقال رؤساء العسكر من عظم اضطرابهم: نلجأ الليلة إلى الدير ونجعله كهفا لنا، لأن الدير كان محكما لا يقدر أن يتسلط عليه العدو، فوقف الشمر (لعنه الله) وأصحابه على باب الدير وصاح بأعلى صوته: يا أهل الدير! فجاءه القسيس الكبير، فلما رأى العسكر قال لهم: من أنتم، وما تريدون؟
فقال الشمر (لعنه الله): نحن من عسكر عبيد الله بن زياد، ونحن سائرون إلى الشام.
قال القسيس: لأي غرض؟
قال: كان شخص في العراق قد تباغى وخرج على يزيد بن معاوية وجمع العساكر، فبعث عسكرا عظيما فقتلوهم، وهذه رؤوسهم، وهذه النسوة سبيهم.
قال الراوي:
فلما نظر القسيس إلى رأس الحسين (عليه السلام) وإذا بالنور ساطع منه إلى عنان السماء فوقع في قلبه هيبة منه، فقال القسيس: ديرنا ما يسعكم، بل ادخلوا الرؤوس والسبايا إلى الدير وأحيطوا بالدير من خارج، فإذا دهمكم عدو قاتلوه ولا تكونوا مضطربين على الرؤوس والسبايا. فاستحسنوا كلام القسيس وقالوا: هذه هو الرأي، فحطوا رأس الحسين (عليه السلام) في صندوق وقفلوه وأدخلوه إلى الدير والنساء وزين العابدين، وجعلوهم في مكان يليق بهم.
قال: ثم أن صاحب الدير أراد أن يرى الرأس الشريف، وجعل ينظر حول البيت الذي فيه الصندوق، وكان له رازونة، فحط رأسه فيها، فرأى البيت يشرق نورا! ورأى أن سقف البيت قد انشق ونزل من السماء تخت عظيم، وإذا بامرأة أحسن من الحور جالسة على التخت، وإذا بشخص يصيح: أطرقوا ولا تنظروا، وإذا قد خرج من ذلك البيت نساء، وإذا هن حواء وسارة وأم إسماعيل وأم يوسف وأم موسى ومريم وآسية ونساء النبى (صلى الله عليه وآله).
قال: فأخرجن الرأس من الصندوق، وكل من تلك النساء واحدة بعد واحدة يقبلن الرأس الشريف، فلما وقعت النوبة لمولاتي فاطمة الزهراء (عليها السلام) غشي عليها وغشي على صاحب الدير، وعاد لا ينظر بالعين بل يسمع الكلام، وإذا بقائلة تقول:
السلام عليك يا قتيل الأم! السلام عليك يا مظلوم الأم! السلام عليك يا شهيد الأم! لا يتداخلك هم ولا غم، وإن الله تعالى سيفرج عني، وعنك يا بنى! من ذا الذي فرق بين رأسك وجسدك؟ يا بنى! من ذا الذي قتلك وظلمك؟ يا بنى! من ذا الذي سبى حريمك؟ يا بني! من ذا الذي أيتم أطفالك؟ ثم إنها بكت بكاء شديدا.
فلما سمع الديراني ذلك اندهش ووقع مغشيا عليه، فلما أفاق نزل إلى البيت وكسر الصندوق واستخرج الرأس وغسله وحنطه بالكافور والمسك والزعفران، ووضعه في قبلته، وهو يبكي ويقول: يا رأس من رؤوس بني آدم! ويا كريم! ويا عظيم جميع من في العالم! أظنك من الذين مدحهم الله في التوراة والإنجيل، وأنت الذي أعطاك فضل التأويل، لأن خواتين السادات من بني آدم في الدنيا والآخرة يبكين عليك ويندبنك، أنا أريد أن أعرفك باسمك ونعتك.
فنطق الرأس بقدرة الله تعالى وقال: أنا المظلوم، أنا المهموم، أنا المغموم أنا الذي بسيف العدوان والظلم قتلت، أنا الذي بحرب أهل البغى ظلمت، أنا الذي على غير جرم نهبت، أنا الذي من الماء منعت، أنا الذي عن الأهل والأوطان بعدت.
فقال صاحب الدير: بالله عليك، أيها الرأس! زدني.
فقال: إن كنت تسأل عن حسبي ونسبي، أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن على المرتضى، أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا بن خديجة الكبرى، أنا ابن العروة الوثقى، أنا شهيد كربلاء، أنا قتيل كربلاء، أنا مظلوم كربلاء، أنا عطشان كربلاء أنا ظمآن كربلاء، أنا غريب كربلاء، أنا وحيد كربلاء، أنا سليب كربلاء، أنا الذي خذلوني الكفرة بأرض كربلاء.
قال الراوي:
فلما سمع صاحب الدير من رأس الحسين (عليه السلام) ذلك جمع تلامذته وحكى لهم الحكاية وكانوا سبعين رجلا، فضجوا بالبكاء والعويل، ورموا العمائم عن رؤوسهم، وشقوا أزياقهم، وجاؤا إلى سيدنا زين العابدين (عليه السلام) وقد قطعوا الزنار، وكسروا الناقوس، واجتنبوا فعل اليهود والنصارى، وأسلموا على يديه، وقالوا: يا ابن رسول الله! مرنا أن نخرج إلى هؤلاء الكفار ونقاتلهم ونجلي صداء قلوبنا بهم،ونأخذ بثار سيدنا ومولانا الحسين (عليه السلام).
فقال لهم الإمام (عليه السلام): لا تفعلوا ذلك فإنهم عن قريب ينتقم الله تعالى منهم، ويأخذهم أخذ عزيز مقتدر. الدمعة الساكبة 5: 70.
المجلسي: وفي رواية:
أنه لما حمل رأسه إلى الشام جن عليهم الليل، فنزلوا عند رجل من اليهود، فلما شربوا وسكروا قالوا: عندنا رأس الحسين! فقال: أروه لي، فأروه وهو في الصندوق يسطع منه النور نحو السماء! فتعجب منه اليهودي، فاستودعه منهم وقال للرأس: اشفع لي عند جدك.
فأنطق الله الرأس فقال: إنما شفاعتي للمحمديين، ولست بمحمدي.
فجمع اليهودي أقرباءه ثم أخذ الرأس، ووضعه في طست وصب عليه ماء الورد وطرح فيه الكافور والمسك والعنبر، ثم قال لأولاده وأقربائه: هذا رأس ابن بنت محمد.
ثم قال: يا لهفاه! حيث لم أجد جدك محمدا (صلى الله عليه وآله) فأسلم على يديه، يالهفاه!
حيث لم أجدك حيا فأسلم على يديك وأقاتل بين يديك، فلو أسلمت الآن أتشفع لي يوم القيمة؟
فأنطق الله الرأس فقال بلسان فصيح: إن أسلمت فأنا لك شفيع. قاله ثلاث مرات وسكت، فأسلم الرجل وأقر باؤه.
بحار الأنوار 45: 172 ح 20.
البهبهاني:
وفي بعض المقاتل: قال الراهب:
أيها الرأس المبارك! كلمني بحق الله عليك! فتكلم الرأس وقال: ما تريد مني؟ قال: من أنت؟
فقال: أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن على المرتضى، أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا المقتول بكربلاء، أنا الغريب العطشان بين الملاء.
فبكى الراهب بكاء شديدا وقال: سيدي! يعز والله علي أن لا أكون أول قتيل بين يديك. معالي السبطين 2: 126.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق