الاثنين، 1 أغسطس 2022

كلام الحسين(عليه السلام) مع محمد بن الحنفية عندما اراد الحسين الخروج من المدينه

 ولما فشى [فشا] بين الناس إرادة خروج الحسين (عليه السلام) إلى الكوفة منعوه عن ذلك جماعة منهم:

1- كتاب المسور بن مخرمة
 كتب إليه [أي إلى الحسين (عليه السلام)] المسور بن مخرمة: إياك أن تغتر بكتب أهل العراق ويقول لك ابن الزبير: إلحق بهم، فإنهم ناصروك! إياك أن تبرح الحرم، فإنهم إن كانت لهم بك حاجة فسيضربون إليك آباط الإبل حتى يوافوك فتخرج في قوة وعدة.
فجزاه الحسين (عليه السلام) خيرا وقال: أستخير الله في ذلك.

2- كلامه (عليه السلام) مع أبي بكر ابن عبد الرحمن 
وأتاه أبو بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فقال: يا ابن عم! إن الترحم نظارتي عليك وما أدري كيف أنا عندك في النصيحة لك؟
قال: يا أبا بكر! ما أنت ممن يستغش ولا يتهم فقل.
قال: قد رأيت ما صنع أهل العراق بأبيك وأخيك وأنت تريد أن تسير إليهم، وهم عبيد الدنيا! فيقاتلك من قد وعدك أن ينصرك! ويخذلك من أنت أحب إليه ممن ينصره! فأذكرك الله في نفسك.
فقال له الحسين (عليه السلام): جزاك الله يا ابن عم خيرا فقد اجتهدت رأيك، ومهما يقضي الله من أمر يكن.
فقال أبو بكر: إنا لله! عند الله نحتسب أبا عبد الله!  تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 202.

3- كلامه (عليه السلام) مع محمد بن الحنفية
تهيأ الحسين بن علي (عليهما السلام)، وعزم على الخروج من المدينة، ومضى في جوف الليل إلى قبر أمه فصلى عند قبرها وودعها، ثم قام عن قبرها وصار إلى قبر أخيه الحسن ففعل مثل ذلك ثم رجع إلى منزله، وفي وقت الصبح أقبل إليه أخوه محمد بن الحنفية، وقال: يا أخي فدتك نفسي! أنت أحب الناس إلى وأعزهم علي، ولست والله أدخر النصيحة لأحد من الخلق، وليس أحد أحق بها منك، لأنك كنفسي وروحي، وكبير أهل بيتي، ومن عليه اعتمادي وطاعته في عنقي، لأن الله تبارك وتعالى قد شرفك وجعلك من سادات أهل الجنة، وإني أريد أن أشير عليك برأيي فاقبله مني.
فقال له الحسين (عليه السلام): قل ما بدا لك!
فقال: أشير عليك أن تنجو نفسك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار [الأنصار] ما استطعت، وأن تبعث رسلك إلى الناس وتدعوهم إلى بيعتك...
فقال له الحسين (عليه السلام): يا أخي! إلى أين أذهب.
قال: اخرج إلى مكة فإن اطمأنت بك الدار فذاك الذي تحب وأحب، وإن تكن الأخرى خرجت إلى بلاد اليمن، فإنهم أنصار جدك وأخيك وأبيك، وهم أرأف الناس، وأرقهم قلوبا، وأوسع الناس بلادا وأرجحهم عقولا، فإن اطمأنت بك أرض اليمن وإلا لحقت بالرمال وشعوب الجبال، وصرت من بلد إلى بلد، لتنظر ما يؤول إليه أمر الناس، ويحكم بينك وبين القوم الفاسقين.

فقال الحسين (عليه السلام): يا أخي! والله! لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى، لما بايعت يزيد بن معاوية أبدا، وقد قال (صلى الله عليه وآله): أللهم لا تبارك في يزيد، فقطع محمد بن الحنفية الكلام وبكى، فبكى الحسين (عليه السلام) معه ساعة، ثم قال: جزاك الله يا أخي عني خيرا، لقد نصحت وأشرت بالصواب، وأنا أرجو أن يكون إن شاء الله رأيك موفقا مسددا، وإني قد عزمت على الخروج إلى مكة، وقد تهيأت لذلك أنا وإخوتي وبنو إخوتي وشيعتي، وأمرهم أمري ورأيهم رأيي، وأما أنت يا أخي فلا عليك أن تقيم بالمدينة، فتكون لي عينا عليهم ولا تخف علي شيئا من أمورهم.أعيان الشيعة 1: 588.

ثم دعا الحسين (عليه السلام) بدواة وبياض وكتب هذه الوصية لأخيه محمد:
بسم الله الرحمن الرحيم - هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب إلى أخيه محمد المعروف بابن الحنفية: أن الحسين يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، جاء بالحق من عند الحق، وأن الجنة والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأني لم أخرج أشرا، ولا بطرا، ولا مفسدا، ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي (صلى الله عليه وآله)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين، وهذه وصيتي يا أخي إليك، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
ثم طوى الحسين (عليه السلام) الكتاب وختمه بخاتمه، ودفعه إلى أخيه محمد، ثم ودعه وخرج في جوف الليل.
بحار الأنوار 44: 329.

4- السيد ابن طاووس:
 حدثني جماعة منهم من أشرت إليه بإسنادهم إلى عمر النسابة (رضوان الله عليه) فيما ذكره في آخر كتاب الشافي في النسب بإسناده إلى جده محمد بن عمر قال: سمعت أبي عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) يحدث أخوالي آل عقيل قال:
لما امتنع أخي الحسين (عليه السلام) عن البيعة ليزيد بالمدينة دخلت عليه فوجدته خاليا، فقلت له: جعلت فداك يا أبا عبد الله! حدثني أخوك أبو محمد الحسن عن أبيه (عليهما السلام)، ثم سبقتني الدمعة وعلا شهيقي، فضمني إليه وقال: حدثك أني مقتول!
فقلت: حوشيت يا ابن رسول الله! فقال: سألتك بحق أبيك! بقتلي خبرك؟
فقلت: نعم، فلولا ناولت وبايعت! فقال:
حدثني أبي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبره بقتله وقتلي، وأن تربتي تكون بقرب تربته! فتظن أنك علمت ما لم أعلمه!؟ وإنه لا أعطي الدنية من نفسي أبدا، ولتلقين فاطمة أباها شاكية ما لقيت ذريتها من أمته، ولا يدخل الجنة أحد آذاها في ذريتها.

5- المجلسي: وجدت في بعض الكتب:
لما عزم على الخروج من المدينة أتته أم سلمة (رضى الله عنها) فقالت: يا بني!
لا تحزني بخروجك إلى العراق، فإني سمعت جدك يقول: يقتل ولدي الحسين (عليه السلام) بأرض العراق في أرض يقال لها: كربلاء.
فقال لها: يا أماه! وأنا والله! أعلم ذلك، وإني مقتول لا محالة، وليس لي من هذا بد، وإني والله! لأعرف اليوم الذي أقتل فيه، وأعرف من يقتلني، وأعرف البقعة التي أدفن فيها، وإني أعرف من يقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي، وإن أردت يا أماه! أريك حفرتي ومضجعي!
ثم أشار إلى جهة كربلاء، فانخفضت الأرض حتى أراها مضجعه ومدفنه وموضع عسكره وموقفه ومشهده، فعند ذلك بكت أم سلمة بكاء شديدا، وسلمت أمره إلى الله.
فقال لها: يا أماه! قد شاء الله عز وجل أن يراني مقتولا مذبوحا ظلما وعدوانا، وقد شاء أن يرى حرمي ورهطي ونسائي مشردين، وأطفالي مذبوحين مظلومين مأسورين مقيدين، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصرا ولا معينا.
 اللهوف: 11.

وفي رواية أخرى:
قالت أم سلمة: وعندي تربة دفعها إلى جدك في قارورة فقال: والله! إني مقتول كذلك، وإن لم أخرج إلى العراق يقتلوني أيضا، ثم أخذ تربة فجعلها في قارورة وأعطاها إياها، وقال: إجعليها مع قارورة جدي، فإذا فاضتا دما فاعلمي أني قد قتلت.

وعن الباقر صلوات الله عليه قال:
لما أراد الحسين صلوات الله عليه الخروج إلى العراق بعثت إليه أم سلمة رضي الله عنها، وهي التي كانت ربته، وكان أحب الناس إليها، وكانت أرق الناس عليه، وكانت تربة الحسين عندها في قارورة دفعها إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقالت: يا بنى! أتريد أن تخرج؟ فقال: لها: يا أمه! أريد أن أخرج إلى العراق.
فقالت: إني أذكرك الله تعالى أن تخرج إلى العراق. قال: ولم ذلك يا أمه!
قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يقتل ابني الحسين بالعراق، وعندي يا بنى!
تربتك في قارورة مختومة دفعها إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقال: يا أماه، والله! إني لمقتول، وإني لا أفر من القدر المقدور، والقضاء المحتوم، والأمر الواجب من الله تعالى.
فقالت: واعجباه، فأين تذهب وأنت مقتول؟!
فقال: يا أمه! إن لم أذهب اليوم ذهبت غدا، وإن لم أذهب غدا لذهبت بعد غد، وما من الموت - والله! يا أمه! - بد، وإني لأعرف اليوم والموضع الذي أقتل فيه، والساعة التي أقتل فيها، والحفرة التي أدفن فيها، كما أعرفك، وأنظر إليها كما أنظر إليك.
 العوالم 17: 180.

قالت: قد رأيتها! قال: إن أحببت أن أريك مضجعي ومكاني ومكان أصحابي فعلت، فقالت: قد شئتها!
فما زاد أن تكلم بسم الله، فخفضت له الأرض حتى أراها مضجعه، ومكانه ومكان أصحابه، وأعطاها من تلك التربة، فخلطتها مع التربة التي كانت عندها، ثم خرج الحسين صلوات الله عليه، وقد قال لها: إني مقتول يوم عاشوراء. الثاقب في المناقب 330.

 عن الفضيل بن يسار قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام):
لما توجه الحسين (عليه السلام) إلى العراق، دفع إلى أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) الوصية والكتب وغير ذلك، وقال لها: إذا أتاك أكبر ولدي فادفعي إليه ما قد دفعت إليك؛ فلما قتل الحسين (عليه السلام) أتى علي بن الحسين (عليهما السلام) أم سلمة فدفعت إليه كل شيء أعطاها الحسين (عليه السلام). الغيبة:118 ح 148.

 عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
إن الحسين صلوات الله عليه لما صار إلى العراق استودع أم سلمة رضي الله عنها الكتب والوصية، فلما رجع علي بن الحسين (عليه السلام) دفعتها إليه.الكافي 1: 304 ح 3.

  6- عن جابر بن عبد الله (رحمه الله) قال:
لما عزم الحسين بن علي (عليهما السلام) على الخروج إلى العراق أتيته فقلت له: أنت ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحد سبطيه، لا أرى إلا أنك تصالح كما صالح أخوك الحسن، فإنه كان موفقا راشدا.
فقال لي: يا جابر! قد فعل أخي ذلك بأمر الله تعالى وأمر رسوله (صلى الله عليه وآله)، وإني أيضا أفعل بأمر الله تعالى وأمر رسوله، أتريد أن استشهد لك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليا وأخي الحسن (عليهما السلام) بذلك الآن؟
ثم نظرت فإذا السماء قد انفتح بابها وإذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي والحسن وحمزة وجعفر وزيد نازلين عنها حتى استقروا على الأرض، فوثبت فزعا مذعورا، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا جابر! ألم أقل لك في أمر الحسن قبل الحسين، لا تكون مؤمنا حتى تكون لأئمتك مسلما، ولا تكن [تكون] معترضا، أتريد أن ترى مقعد معاوية ومقعد الحسين ابني ومقعد يزيد قاتله لعنه الله؟
قلت: بلى، يا رسول الله!
فضرب برجله الأرض فانشقت وظهر بحر فانفلق، ثم ضرب فانشقت هكذا حتى انشقت سبع أرضين وانفلقت سبعة أبحر، ورأيت من تحت ذلك كله النار فيها سلسلة قرن فيها الوليد بن مغيرة، وأبو جهل، ومعاوية الطاغية، ويزيد، وقرن بهم مردة الشياطين، فهم أشد أهل النار عذابا.
ثم قال (صلى الله عليه وآله): ارفع رأسك، فرفعت فإذا أبواب السماء متفتحة وإذا الجنة أعلاها، ثم صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن معه إلى السماء، فلما صار في الهواء صاح بالحسين: يا بنى! الحقني، فلحقه الحسين (عليه السلام) وصعدوا حتى رأيتهم دخلوا الجنة من أعلاها، ثم نظر إلى من هناك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقبض على يد الحسين (عليه السلام) وقال: يا جابر! هذا ولدي معي ها هنا، فسلم له أمره ولا تشك لتكون مؤمنا.
قال جابر: فعميت عيناي إن لم أكن رأيت ما قلت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفس المهموم: 77.

7- كلامه (عليه السلام) مع نساء بني هاشم
عن جابر [بن يزيد الجعفي]، عن محمد بن علي (عليهما السلام)، قال:
لما هم الحسين (عليه السلام) بالشخوص عن المدينة، أقبلت نساء بني عبد المطلب فاجتمعن للنياحة حتى مشى فيهن الحسين (عليه السلام) فقال: أنشدكن الله أن تبدين هذا الأمر معصية لله ولرسوله!
فقالت له نساء بني عبد المطلب: فلمن نستبقي هذه النياحة والبكاء!؟ فهو عندنا كيوم مات فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) وفاطمة (عليها السلام) ورقية وزينب وأم كلثوم، فننشدك الله جعلنا الله فداك من الموت! فيا حبيب الأبرار من أهل القبور... (1) ثم إن نساء بني هاشم أقبلن إلى أم هاني عمة الحسين (عليه السلام) وقلن لها: يا أم هاني أنت جالسة والحسين (عليه السلام) مع عياله عازم على الخروج!؟ فأقبلت أم هاني فلما رآها الحسين (عليه السلام) قال: أما هذه عمتي أم هاني؟ قيل: نعم. فقال: يا عمه! ما الذي جاء بك وأنت على هذه الحالة؟.
فقالت: وكيف لا آتي، وقد بلغني أن كفيل الأرامل ذاهب عني، ثم إنها انتحبت باكية، وتمثلت بأبيات أبيها أبي طالب (عليه السلام):

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل تطوف به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل
ثم قالت: سيدي! وأنا متطيرة عليك من هذا المسير لهاتف سمعت البارحة يقول:
وإن قتيل الطف من آل هاشم * أذل رقابا من قريش فذلت حبيب رسول الله لم يك فاحشا * أبانت مصيبته الأنوف وجلت فقال لها الحسين (عليه السلام): يا عمه! لا تقولي من قريش، ولكن قولي أذل رقاب المسلمين فذلت، ثم قال: يا عمه! كل الذي مقدر فهو كائن لا محالة. وقال (عليه السلام):
وما هم بقوم يغلبون ابن غالب * ولكن بعلم الغيب قد قدر الأمر فخرجت أم هاني من عنده باكية، وهي تقول:
وما أم هاني وحدها ساء حالها * خروج حسين عن مدينة جده ولكنما القبر الشريف ومن به * ومنبره يبكون من أجل فقده
 كامل الزيارات: 96.

8- كتابه (عليه السلام) إلى بني هاشم 
عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
ذكرنا خروج الحسين (عليه السلام) وتخلف ابن الحنفية، قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا حمزة!
إني سأحدثك في هذا الحديث، ولا تسأل عنه بعد مجلسنا هذا، إن الحسين (عليه السلام) لما فصل متوجها، دعا بقرطاس وكتب:
بسم الله الرحمن الرحيم؛ من الحسين بن على إلى بني هاشم، أما بعد، فإنه من ألحق [لحق] بي منكم استشهد، ومن تخلف لم يبلغ الفتح، والسلام.  اللهوف: 28.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وجوب تسكين الغضب عن فعل الحرام وما يسكّن به

   وجوب تسكين الغضب عن فعل الحرام وما يسكّن به    1 -  عن صفوان بن مهران قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : إنما المؤمن الذي إذا غضب ل...