وَداعُ أهلِ البَيتِ مَعَ الشُّهَداءِ
تاريخ الطبري :
1- عن قرّة بن قيس التميمي : نَظَرتُ إلى تِلكَ النِّسوَةِ لَمّا مَرَرنَ بِحُسَينٍ عليه السلام وأهلِهِ ووَلَدِهِ ، صِحنَ ولَطَمنَ وُجوهَهُنَّ ... . قالَ : فَما نَسيتُ مِنَ الأَشياءِ ، لا أنسَ قَولَ زَينَبَ ابنَةِ فاطِمَةَ حينَ مَرَّت بِأَخيهَا الحُسَينِ عليه السلام صَريعاً ، وهِيَ تَقولُ : يا مُحَمَّداه، يا مُحَمَّداه ، صَلّى عَلَيكَ مَلائِكَةُ السَّماءِ، هذَا الحُسَينُ بِالعَراءِ، مُرَمَّلٌ[1] بِالدِّماءِ ، مُقَطَّعُ الأَعضاءِ ، يا مُحَمَّداه ، وبَناتُكَ سَبايا ، وذُرِّيَّتُكَ مُقَتَّلَةٌ تَسفي[2] عَلَيهَا الصَّبا [3].فَأَبكَت وَاللَّهِ كُلَّ عَدُوٍّ وصَديقٍ .تاريخ الطبري : ج 5 ص 456.
[1] رَمَّلهُ بالدم فَترَمَّل : أي تَلَطّخ (الصحاح : ج 4 ص 1713 «رمل») .
[2] سَفَتِ الريحُ التُرابَ : إذا أذرته (الصحاح : ج 6 ص 2377 «سفي») .
[3] الصَّبَا : ريحٌ ومهبّها المستوي أن تهبَّ من موضع مطلع الشمس (الصحاح : ج 6 ص 2398 «صبا») .
مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي:
2- عن حميد بن مسلم : أذَّنَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ بِالنّاسِ فِي الرَّحيلِ إلَى الكوفَةِ ، وحَمَلَ بَناتِ الحُسَينِ عليه السلام وأخَواتِهِ وعَلِيَّ بنَ الحُسَينِ عليه السلام وذَرارِيَّهُم ، فَلَمّا مَرّوا بِجُثَّةِ الحُسَينِ عليه السلام وجُثَثِ أصحابِهِ ، صاحَتِ النِّساءُ ولَطَمنَ وُجوهَهُنَّ ، وصاحَت زَينَبُ عليها السلام : يا مُحَمّداه ، صَلّى عَلَيكَ مَليكُ السَّماءِ ، هذا حُسَينٌ بِالعَراءِ ، مُزَمَّلٌ[1] بِالدِّماءِ ، مُعَفَّرٌ بِالتُّرابِ ، مُقَطَّعُ الأَعضاءِ ، يا مُحَمَّداه ! بَناتُكَ فِي العَسكَرِ سَبايا ، وذُرِّيَّتُكَ قَتلى تَسفي عَلَيهِمُ الصَّبا ، هذَا ابنُكَ مَحزُوزُ الرَّأسِ مِنَ القَفا ، لا هُوَ غائِبٌ فَيُرجى ولا جَريحٌ فَيُداوى . وما زالَت تَقولُ هذَا القَولَ ، حَتّى أبكَت وَاللَّهِ كُلَّ صَديقٍ وعَدُوٍّ ، وحَتّى رَأَينا دُموعَ الخَيلِ تَنحَدِرُ عَلى حَوافِرِها .
مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج 2 ص 39 .
[1] زمِّلوهُم بثيابهم وَدِمائِهم : أي لُفُّوهم فيها (النهاية : ج 2 ص 313 «زمل») .
أخرَجُوا النِّساءَ مِنَ الخَيمَةِ وأشعَلوا فيهَا النّارَ ، فَخَرَجنَ حَواسِرَ مُسَلَّباتٍ حافِياتٍ باكِياتٍ ، يَمشينَ سَبايا في أسرِ الذِّلَّةِ ، وقُلنَ : بِحَقِّ اللَّهِ إلّا ما مَرَرتُم بِنا عَلى مَصرَعِ الحُسَينِ . فَلَمّا نَظَرَتِ النِّسوَةُ إلَى القَتلى صِحنَ وضَرَبنَ وُجوهَهُنَّ .
قالَ [الرّاوي] :
فَوَاللَّهِ لا أنسى زَينَبَ ابنَةَ عَلِيٍّ وهِيَ تَندُبُ الحُسَينَ عليه السلام ، وتُنادي بِصَوتٍ حَزينٍ وقَلبٍ كَئيبٍ : وا مُحَمَّداه ، صَلّى عَلَيكَ مَليكُ السَّماءِ ، هذا حُسَينٌ بِالعَراءِ ، مُرَمَّلٌ بِالدِّماءِ ، مُقَطَّعُ الأَعضاءِ ، وا ثُكلاه ، وبَناتُكَ سَبابا ، إلَى اللَّهِ المُشتَكى ، وإلى مُحَمَّدٍ المُصطَفى ، وإلى عَلِيٍّ المُرتَضى ، وإلى فاطِمَةَ الزَّهراءِ ، وإلى حَمزَةَ سَيِّدِ الشُّهَداءِ . وا مُحَمَّداه ، وهذا حُسَينٌ بِالعَراءِ ، تَسفي عَلَيهِ ريحُ الصَّبا ، قَتيلُ أولادِ البَغايا . وا حُزناه ، وا كَرباه عَلَيكَ يا أبا عَبدِ اللَّهِ ، اليَومَ ماتَ جَدّي رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله . يا أصحابَ مُحَمَّدٍ ، هؤُلاءِ ذُرِّيَّةُ المُصطَفى يُساقونَ سَوقَ السَّبايا .
3-وفي بَعضِ الرِّواياتِ :
وا مُحَمَّداه ، بَناتُكَ سَبايا ، وذُرِّيَّتُكَ مُقَتَّلَةٌ تَسفي عَلَيهِم ريحُ الصَّبا ، وهذا حُسَينٌ مَحزوزُ الرَّأسِ مِنَ القَفا ، مَسلوبُ العِمامَةِ وَالرِّداءِ . بِأَبي مَن أضحى عَسكَرُهُ في يَومِ الإِثنَينِ نَهباً ، بِأَبي مَن فُسطاطُهُ مُقَطَّعُ العُرى ، بِأَبي مَن لا غائِبٌ فَيُرتَجى ، ولا جَريحٌ فَيُداوى ، بِأَبي مَن نَفسي لَهُ الفِداءُ ، بِأَبي المَهمومُ حَتّى قَضى ، بِأَبي العَطشانُ حَتّى مَضى ، بِأَبي مَن يَقطُرُ شَيبُهُ بِالدِّماءِ ، بِأَبي مَن جَدُّهُ رَسولُ إلهِ السَّماءِ ، بِأَبي مَن هُوَ سِبطُ نَبِيِّ الهُدى ... . قالَ الرّاوي : فَأَبكَت وَاللَّهِ كُلَّ عَدُوٍّ وصَديقٍ . ثُمَّ إنَّ سُكَينَةَ اعتَنَقَت جَسَدَ الحُسَينِ عليه السلام ، فَاجتَمَعَ عِدَّةٌ مِنَ الأَعرابِ حَتّى جَرّوها عَنهُ .الملهوف : ص 180 .
4- ومَرَرنَ عَلى جَسَدِ الحُسَينِ عليه السلام وهُوَ مُعَفَّرٌ بِدِمائِهِ مَفقودٌ مِن أحِبّائِهِ ، فَنَدَبَت عَلَيهِ زَينَبُ بِصَوتٍ مُشجٍ وقَلبٍ مَقروحٍ : يا مُحَمَّداه صَلّى عَلَيكَ مَليكُ السَّماءِ ، هذا حُسَينٌ مُرَمَّلٌ بِالدِّماءِ ، مُقَطَّعُ الأَعضاءِ ، وبَناتُكَ سَبايا . إلَى اللَّهِ المُشتَكى وإلى عَلِيٍّ المُرتَضى وإلى فاطِمَةَ الزَّهراءِ وإلى حَمزَةَ سَيِّدِ الشُّهَداءِ . هذا حُسَينٌ بِالعَراءِ تَسفي عَلَيهِ الصَّبا ، قَتيلُ أولادِ الأَدعِياءِ ، وا حُزناه وا كَرباه ، اليَومَ ماتَ جَدّي رَسولُ اللَّهِ . يا أصحابَ مُحَمَّداه ، هذا ذُرِّيَّةُ المُصطَفى يُساقونَ سَوقَ السَّبايا . فَأَذابَتِ القُلوبَ القاسِيَةَ وهَدَّتِ الجِبالَ الرّاسِيَةَ .
مثير الأحزان : ص 77 .
المصباح للكفعمي :
5- قالَت سُكَينَةُ [بِنتُ الحُسَينِ عليه السلام] : لَمّا قُتِلَ الحُسَينُ عليه السلام ، اعتَنَقتُهُ فَاُغمِيَ عَلَيَّ ، فَسَمِعتُهُ يَقولُ :
فَقامَت مَرعوبَةً قَد قَرِحَت مَآقيها ، وهِيَ تَلطِمُ عَلى خَدَّيها ، وإذا بِهاتِفٍ يَقولُ :
بِدُموعٍ غَزيرَةٍ ودِماءِ
تَبكِيانِ المَقتولَ في كَربَلاءَ
بَينَ غَوغاءِ اُمَّةٍ أدعِياءِ
عَينُ اِبكي المَمنوعَ شُربَ الماءِ
المصباح للكفعمي : ص 967 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق