خُطبَةُ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام في مَسجِدِ دِمَشقَ
الاحتجاج :رُوِيَ لَمّا اُدخِلَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ زَينُ العابِدينَ عليه السلام في جُملَةِ مَن حُمِلَ إلَى الشّامِ سَبايا مِن أولادِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام وأهاليهِ عَلى يَزيدَ - لَعَنَهُ اللَّهُ - ، قالَ لَهُ : يا عَلِيُّ ، الحَمدُ للَّهِِ الَّذي قَتَلَ أباكَ ! قالَ عَلِيٌّ عليه السلام : قَتَلَ أبِيَ النّاسُ . قالَ يَزيدُ : الحَمدُ للَّهِِ الَّذي قَتَلَهُ فَكَفانيهِ ! قالَ عَلِيٌّ عليه السلام :
عَلى مَن قَتَلَ أبي لَعنَةُ اللَّهِ ، أفَتَراني لَعَنتُ اللَّهَ عزّ وجلّ؟! قالَ يَزيدُ : يا عَلِيُّ ، اصعَدِ المِنبَرَ فَأَعلِمِ النّاسَ حالَ الفِتنَةِ ، وما رَزَقَ اللَّهُ أميرَ المُؤمِنينَ مِنَ الظَّفَرِ! فَقالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام : ما أعرَفَني بِما تُريدُ . فَصَعِدَ المِنبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عَلَيهِ ، وصَلّى عَلى رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، ثُمَّ قالَ : أيُّهَا النّاسُ ! مَن عَرَفَني فَقَد عَرَفَني ، ومَن لَم يَعرِفني فَأَنَا اُعَرِّفُهُ بِنَفسي ، أنَا ابنُ مَكَّةَ ومِنىً ، أنَا ابنُ المَروَةِ وَالصَّفا[2] ، أنَا ابنُ مُحَمَّدٍ المُصطَفى ، أنَا ابنُ مَن لا يَخفى ، أنَا ابنُ مَن عَلا فَاستَعلى فَجازَ سِدرَةَ المُنتَهى ، فَكانَ مِن رَبِّهِ قابَ قَوسَينِ أو أدنى . فَضَجَّ أهلُ الشّامِ بِالبُكاءِ حَتّى خَشِيَ يَزيدُ أن يُؤخَذَ مِن مَقعَدِهِ ، فَقالَ لِلمُؤَذِّنِ : أذِّن . فَلَمّا قالَ المُؤَذِّنُ : «اللَّهُ أكبَرُ ، اللَّهُ أكبَرُ» جَلَسَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام عَلَى المِنبَرِ ، فَقالَ : «أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللَّهُ ، وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسولُ اللَّهِ» ، بَكى عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام ثُمَّ التَفَتَ إلى يَزيدَ فَقالَ : يا يَزيدُ ، هذا أبوكَ أم أبي ؟
قال: بَل أبوكَ ، فَانزِل ، فَنَزَلَ عليه السلام فَأَخَذَ ناحِيَةَ بابِ المَسجِدِ .الاحتجاج : ج 2 ص 132 ح 175 .
لَمّا فَرَغَ [يَزيدُ] مِن صَلاتِهِ ، أمَرَ بِعَلِيِّ بنِ الحُسَينِ وأخَواتِهِ وعَمّاتِهِ رِضوانُ اللَّهِ عَلَيهِم ، فَفُرِّغَ لَهُم داراً فَنَزَلوها ، وأقاموا أيّاماً يَبكونَ ويَنوحونَ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق