الخميس، 4 أغسطس 2022

ترجمة حبيب بن مظاهر رحمه الله

 فِي تَرْجَمَةِ حَبِيبِ بْنِ مَظَاهِر رَحِمَهُ اللَّهُ

ذَكَرَ صَاحِبُ « أَبْصَار الْعَيْن » أنّه كَان حَبِيبِ بْنِ مَظَاهِر الْأَسَدِيّ  صحابياً ، وَقِيل : تابعياً ، وَكَانَ مِنْ خَوَاصِّ أَمِير المؤنين عليه‌ السلام ، والمقتبسين عُلُومِه ، فَمَن عُلُومِه مَا رَوَاهُ الكشّي ، قَال : مَرّ ميثم التَّمَّار [1] عَلَى فرسٍ لَه فَاسْتَقْبَلَه حَبِيبِ بْنِ مَظَاهِر عِنْد
مَجْلِس بَنِي أَسَدٍ ، فتحادثا حَتَّى اخْتَلَفَت أَعْنَاق فَرَسَيْهِمَا ، فَقَال حَبِيب : لكأنّي بِشَيْخ أَصْلَع ضَخْمُ البَطْنِ يَبِيع البطّيخ عِنْد سُوق الطَّعَامِ يُصَلَّبَ فِي حُبِّ آلِ الْبَيْتِ نبيّه وتبقر بَطْنَهُ عَلَى الْخَشَبَةِ ؛ وَقَال ميثم : وَإِنِّي لأَعْرِف رجلاً أَحْمَر لَه ضَفِيرَتَان يَخْرُجَ إلَى نَصْرَةَ ابْنُ بِنْتِ نبيّه فَيُقْتَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ ويجال بِرَأْسِهِ فِي الْكُوفَةِ معلّق بلبان الْفَرَس ؛ فضحكا وَافْتَرَقَا . قَالَ أَهْلُ الْمَجْلِسِ : مَا رَأَيْنَا أَحَدٌ أَكْذَبَ مِنْ هَذَيْنِ.

[1] ميثم التمار : كان من حواري أمير المؤمنين عليه‌ السلام ، وقد أطلعه على علوم جمة وأسرار خفية ، فكان ميثم يحدّث ببعض ذلك ، فمنه ما يروى عن أبي خالد التمار قال : كنت مع ميثم التمار بالفرات يوم الجمعة ، فهبّت ريح وهو في سفينة من سفن الرّمان ، قال : فخرج ونظر إلى الريح وقال : شدوا برأس سفينتكم ، أن هذا الريح عاصف مات معاوية الساعة ، قال : ولمّا كانت الجمعة القادمة وقدم البريد من الشام فلقيته واستخبرته وقلت له : يا عبدالله ما الخبر؟ قال : الناس على احسن حال ، هلك معاوية وبايع الناس يزيداً. قلت : أي يوم هلك؟ قال : يوم الجمعة.

وروى المفيد وقال : كان ميثم الثمار عبداً لأمرأة من بني أسد فاشتراه أمير المؤمنين عليه‌ السلام وأعتقه وقال : اسمك؟ فقال : سالم ، فقال عليه‌السلام : أخبرني حبيبي رسول الله صلى‌ الله‌عليه‌ وآله‌ وسلم إن اسمك الذي أسماك به أبوك ميثم. قال : صدق رسول الله وصدقت يا أمير المؤمنين والله إنّه لاسمّي ؛فقال عليه‌ السلام : ارجع الى اسمك الذي سمّاك به رسول الله ودع سالماُ. فرجع الى ميثم وكنّى بأبي سالم.

وقال له أمير المؤمنين عليه‌ السلام يوماً : كيف بك يا ميثم إذا دعاك دعيّ بني أمية عبيدالله ابن زياد إلى البراءة منّي؟ قال : فقلت : يا أمير المؤمنين والله لا أبرء منك : قال عليه‌ السلام : إذاً والله يقتلك ويصلبك ، قلت : اصبر فذاك في الله قليل. فقال : إذاً تكون معي في درجتي.
وحج ميثم في السنة التي قتل فيها ، ولمّا رجع قبضه ابن زياد وحبسه مع المختار ابن أبي عبيدة الثقفي ، ثم أخرجه وصلبه على خشبة حول باب عمرو بن حريث فجعل ميثم يحدّث بفضائل أمير المؤمنين ، فقيل لابن زياد : قد فضحكم هذا العبد ، قال : الجموه ، فكان ميثم أول من الجم في الإسلام ، ولمّا كان اليوم الثامن طعن بالحربة ثم انبعث في آخر النهار فمه وانفه دماً فمات رحمه الله ، كان قتله بعد شهادة مسلم بأيام قليلة ، قال : وبقي مصلوباً حتى اجتمع سبعه من التمارين وسرقوا جثّته ، وجاءوا به الى فيض ماء في مراد فدفنوه ورموا الخشبة في خربة هناك. انظر رجال الكشي : 80 / 135 و 83 / 139.

قال الراوي : ولم يفترق أهل المجلس حتى اقبل رشيد الهجري  [1]
]فطلبهما ، فقالوا : له : افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا ، فقال رشيد : رحم الله ميثماً ، نسي ويزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مائة درهم ، ثم أدبر .. فقال القوم : هذا والله اكذبهم.

فقال القوم : والله ما ذهبت الأيام والليالي حتى رأينا ميثماً مصلوباً على باب عمرو بن حريث ، وكذلك قتل حبيب بن مظاهر مع الحسين عليه‌ السلام وجيء برأسه ، ورأينا كلّما قالوه. رجال الكشي : 78 / 133.

[1] كان رشيد الهجري من رجال أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ومن أعيان الشيعة المشهورين ، وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام يسميه رشيد المنايا ، علّمه أمير المؤمنين علم المنايا والبلايا ، كان يقول : فلان يموت بموته كذا وكذا ، وفلان يقتل بقتله كذا وكذا.

روى الشيخ الكشي رحمه الله في رجاله عن أبي حيان البجلي ، عن قنواء بن رشيد الهجري رحمه الله ، قال : قلت لها : اخبريني بما سمعت من أبيك ، قالت : سمعت أبي يقول : أخبرني مولاي أمير المؤمنين عليه‌ السلام قال : يا رشيد كيف صبرك إذا ارسل إليك دعيّ بني أمية فقطع يديك ورجليك ولسانك؟ فقلت : يا أمير المؤمنين آخر ذلك في الجنّة؟ فقال عليه‌ السلام : يا رشيد أنت معي في الدنيا والآخرة.

قالت : فوالله ما ذهبت الأيام والليالي حتى أرسل إليه عبيد الله بن زياد فدعاه الى البراءة من أمير المؤمنين عليه‌ السلام فأبى أن يتبرأ منه ، فقال له الدعي : فأيّ ميتة قال لك مولاك تموت؟ فقال : أخبرني خليلي إنك تدعوني الى البراءة منه فلا أتبرأ ، فتقدمني قتقطع يدي ورجلي ولساني ، فقال : والله لأكذبن قوله فيك. قالت : فقدّموه فأمر به فقطعت يديه ورجليه وترك لسانه ، فحملت أطراف يديه ورجليه فقلت له : يا أبتاه هل تجد ألماً أصابك؟ فقال : لا يا بنية إلا كالزحام بين الناس ، فلمّا احتملناه واخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله ، فقال : ائتوني بصحيفة ودواة أملي لكم ما يكون الى يوم الساعة! فأرسل إليهم الحجام فقطع لسانه فمات في ليلته رحمه‌الله عليه ، انتهى. انظر رجال الكشي : 75 / 131.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تأكّد استحباب الأَذان والإِقامة لصلاة الجماعة

  تأكّد استحباب الأَذان والإِقامة لصلاة الجماعة  1 -  عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : سألته : أيجزىء أذان واحد ؟ قال : إن ص...