الثلاثاء، 20 أغسطس 2024

دعاء الإمام علي الرضا عليه السلام في المناجاة

 دُعَاءَ الْإِمَامِ عَلِيٍّ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُنَاجَاةِ

بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ يَمُدُّ يَدَيْهِ وَيَدْعُو بِمَا رُوِيَ عَنْ مَوْلَانَا الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ "

إِلَهِي وَقَفْت بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَمَدَدْت يَدِي إلَيْك ، مَع عِلْمِي بِتَفْرِيطِي فِي عِبَادَتِكَ ، وإهمالي لِكَثِيرٍ مِنْ طَاعَتِكَ ، وَلَوْ أَنِّي سَلَكْت سَبِيل الْحَيَاء لخفت مِنْ مَقَامِ الطَّلَب وَالدُّعَاء ، وَلَكِنِّي يَا رَبِّ لِمَا سَمِعْتُك تُنَادِي الْمُسْرِفِين إلَى بَابِك ، وتعدهم بِحُسْنِ إِقَالَتِكَ وثوابك ، جِئْت مُمْتَثِلًا لِلنِّدَاء ، ولائذا " بعواطف أَرْحَم الرُّحَمَاء .

وَقَد تَوَجَّهَت إلَيْك بِنَبِيِّك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الَّذِي فَضَّلْتَهُ عَلَى أَهْلِ الطَّاعَةِ ، ومنحته بِالْإِجَابَة وَالشَّفَاعَة ، وبوصية الْمُخْتَار الْمُسَمَّى عِنْدَك بقسيم الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، وبفاطمة سَيِّدَةِ النِّسَاءِ ، وبأبنائها الْأَوْلِيَاء الْأَوْصِيَاء ، وَبِكُلّ مِلْك خَاصَّة يتوجهون بِهِم إلَيْك ، ويجعلوهم الْوَسِيلَةِ فِي الشَّفَاعَةِ لَدَيْك ، وَهَؤُلَاء خَاصَّتِك ، فَصَلِّ عَلَيْهِمْ وَأَمِّنِّي مِنْ إخْطَار لِقَائِك ، وَاجْعَلْنِي مِنْ خَاصَّتِكَ وأحبائك ، فَقَدْ قَدَّمْتُ أَمَامَ مَسْأَلَتُك ونجواك مَا يَكُونُ سَبَبًا " إلَى لِقَائِك ورؤياك ، وَإِن رَدَدْت مَعَ ذَلِكَ سُؤَالِي ، وَخَابَت إلَيْك أَمَالِي فَمَالِكٌ رَأَى مِنْ مَمْلُوكِهِ ذَنُوبًا " فطرده عَنْ بَابِهِ ، وَسَيِّد رَأَى مِنْ عَبْدِهِ عُيُوبًا " فَأَعْرَضَ عَنْ جَوَابِهِ .

يَا شقوتاه إنْ ضَاقَتْ عَنِّي سَعَة رَحْمَتِك [1] أَن طَرَدَتْنِي عَنْ بَابِكَ عَلَى بَابِ مِنْ أَقِف بَعْد بَابِك ، وَإِن فُتِحَت لِدُعَائِي أَبْوَاب الْقَبُول ، وأسعفتني بِبُلُوغ السُّؤْل ، فَمَالِكٌ بَدَأ بِالْإِحْسَان وَأَحَبّ إتْمَامِه ، وَمَوْلَى أَقَال عَثْرَة عَبْدِه وَرَحِم مَقَامَه ، وَهُنَاكَ لَا أَدْرِي أَيَّ نِعَمِك أَشْكُر ؟ أحين تطولت عَلِيّ بِالرِّضَا ، وتفضلت بِالْعَفْوِ عَمَّا مَضَى ، أَمْ حِينَ زِدْتُ عَلَى الْعَفْوِ وَالْغُفْرَانَ باستيناف الْكَرْم وَالْإِحْسَان ؟ .

فمسئلتي لَك يَا رَبِّ فِي هَذَا الْمَقَامِ الْمَوْصُوف ، مَقَامَ الْعَبْدِ الْبَائِس الْمَلْهُوف ، أَنْ تَغْفِرَ لِي مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي ، وتعصمني فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِي ، وَإِن تَرَحُّم وَالِدِي الْغَرِيبَيْن فِي بُطُونِ الْجَنَادِل ، البعيدين مِنْ الْأَهْلِ وَالْمَنَازِل .

صَلّ وحدتهما بِأَنْوَار إِحْسَانِك ، وَأَنَس وحشتهما بِآثَار غُفْرَانَك ، وَجَدَّد لمحسنهما فِي كُلِّ وَقْتٍ مَسَرَّة وَنِعْمَة ولمسيئهما مَغْفِرَة وَرَحْمَة حَتَّى يأمنا بعاطفتك مِن إخْطَار الْقِيَامَة ، وتسكنهما بِرَحْمَتِك فِي دَارِ الْمُقَامَةِ ، وَعَرَف بَيْنِي وَبَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ النَّعِيم الرَّائِق ، حَتَّى تَشْمَل بِنَا مَسَرَّة السَّابِق ، وَاللَّاحِق بِه .

سَيِّدِي وَإِنْ عَرَفَتْ مِنْ عَمَلِي شَيْئًا " يَرْفَعْ مِنْ مَقَامَهُمَا ، وَيَزِيدُ فِي إكرامهما فَاجْعَلْه مَا يُوجِبُهُ حَقِّهِمَا لَهُمَا ، وأشركني فِي الرَّحْمَةِ مَعَهُمَا ، وَارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا " .
ثُمَّ يَدْعُو لِمَن يَعْنِيه أَمْرِهِ مِنْ موتاه بَعْدَ ذَلِكَ إنْشَاءُ اللَّه .

بِحَار الْأَنْوَار - ط دارالاحیاء التُّرَاث : ج 84 ص 280-281 .
[1] لَعَلَّ فِيهِ سَقْطًا " . .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما يجب فيه استماع القرآن والإنصات له

  ما يجب فيه استماع القرآن والإنصات له 1 ـ الفضل بن الحسن الطبرسي في ( مجمع البيان ) قال : قيل : إن الوقت المأمور فيه بالإنصات للقرآن والاس...