معجزة أبي جعفر الثاني محمد بن علي الجواد عليه السلام بعلمه بحال الانسان
عن أبي جعفر الهاشمي قال : كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام ببغداد فدخل عليه ياسر الخادم يوما وقال : يا سيدنا إن سيدتنا ام جعفر تستأذنك أن تصير إليها ، فقال للخادم : ارجع فاني في الاثر ثم قام وركب البغلة وأقبل حتى قدم الباب ، قال :فخرجت ام جعفر اخت المأمون وسلمت عليه وسألته الدخول على ام الفضل بنت المأمون وقالت : يا سيدي احب أن أراك مع ابنتي في موضع واحد فتقر عيني.
قال : فدخل والستور تشال بين يديه ، فما لبث أن خرج راجعا وهو يقول : «فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ » (1) قال :
ثم جلس فخرجت ام جعفر تعثر في ذيولها ، فقالت : يا سيدي أنعمت علي بنعمة فلم تتمها ، فقال لها : « أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ» (2) إنه قد حدث مالم يحسن إعادته ، فارجعي إلى ام الفضل فاستخبريها عنه.
فرجعت ام جعفر فأعادت عليها ما قال ، فقالت : يا عمة وما أعلمه بذاك؟ ثم قالت : كيف لا أدعو على أبي وقد زوجني ساحرا ثم قالت والله يا عمة إنه لما طلع علي جماله ، حدث لي ما يحدث للنساء فضربت يدي إلى أثوابي وضممتها.
قال : فبهتت ام جعفر من قولها ثم خرجت مذعورة ، وقالت : يا سيدي وما حدثت لها؟ قال : هومن أسرار النساء فقالت :
يا سيدي تعلم الغيب؟ قال : لا قالت : فنزل إليك الوحى؟ قال : لا ، قالت :
فمن أين لك علم مالا يعلمه إلا الله وهي؟ فقال : وأنا أيضا أعلمه من علم الله ، قال :
فلما رجعت ام جعفر قلت : يا سيدي وما كان إكبار النسوة؟ قال هو ما حصل لام الفضل من الحيض (3).
البرسى في مشارق الانوار
(1) يوسف : 31.
(2) النحل : 1.
(3) قال الفيروز آبادى : أكبر الصبى : تغوط ، والمرأة حاضت ، والرجل امذى وأمنى ، وقال بعضهم : ليس ذلك بالمعروف في اللغة والصحيح انه وارد في اشعار العرب.
أقول : هذه المعانى المذكورة من الكنايات فان كبر الصبى بما هو صبى بأن يروح نفسه ويتغوط ، وكبر المراة بانطلاق حيضها ، وكبر الرجل باحتلامه وهو الامناء والامذاء ثم بعد ما فشا اللفظ وكثر استعماله في هذه المعانى صار من المجاز المشتهر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق