حدثنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا(عَلَيْهِ السَّلَامُ)عَنْ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ (صلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ )أَنَا ابْنُ الذَّبِيحَيْنِ قَالَ يَعْنِي إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ(عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَهُوَ الْغُلَامُ الْحَلِيمُ الَّذِي بَشَّرَ اللَّهُ بِهِ إِبْرَاهِيمَ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ وَ هُوَ لَمَّا عَمِلَ مِثْلَ عَمَلِهِ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ وَ لَمْ يَقُلْ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا رَأَيْتَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى ذَبْحِهِ فَدَاهُ اللَّهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ بِكَبْشٍ أَمْلَحَ يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ وَ يَشْرَبُ فِي سَوَادٍ وَ يَنْظُرُ
فِي سَوَادٍ وَ يَمْشِي فِي سَوَادٍ وَ يَبُولُ فِي سَوَادٍ وَ يَبْعَرُ فِي سَوَادٍ وَ كَانَ يَرْتَعُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ أَرْبَعِينَ عَاماً وَ مَا خَرَجَ مِنْ رَحِمِ أُنْثَى وَ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ لَهُ عَزَّ وَ جَلَ كُنْ فَيَكُونُ فَكَانَ لِيُفْدَى بِهِ إِسْمَاعِيلُ فَكُلُّ مَا يُذْبَحُ فِي مِنًى فَهُوَ فِدْيَةٌ لِإِسْمَاعِيلَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَهَذَا أَحَدُ الذَّبِيحَيْنِ .
وَ أَمَّا الْآخَرُ فَإِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ كَانَ تَعَلَّقَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ وَ دَعَا اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَهُ عَشَرَةَ بَنِينَ وَ نَذَرَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَذْبَحَ وَاحِداً مِنْهُمْ مَتَى أَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَهُ فَلَمَّا بَلَغُوا عَشَرَةً قَالَ قَدْ وَفَى اللَّهُ لِي فَلَأُوفِيَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَدْخَلَ وُلْدَهُ الْكَعْبَةَ وَ أَسْهَمَ بَيْنَهُمْ فَخَرَجَ سَهْمُ عَبْدِ اللَّهِ أَبِي رَسُولِ اللَّهِ (صلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وَ كَانَ أَحَبَّ وُلْدِهِ إِلَيْهِ ثُمَّ أَجَالَهَا ثَانِيَةً فَخَرَجَ سَهْمُ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ أَجَالَهَا ثَالِثَةً فَخَرَجَ سَهْمُ عَبْدِ اللَّهِ فَأَخَذَهُ وَ حَبَسَهُ وَ عَزَمَ عَلَى ذَبْحِهِ فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ وَ مَنَعَتْهُ مِنْ ذَلِكَ وَ اجْتَمَعَ نِسَاءُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَبْكِينَ وَ يَصِحْنَ فَقَالَتْ لَهُ ابْنَتُهُ عَاتِكَةُ يَا أَبَتَاهْ اغْدِرْ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي قَتْلِ ابْنِكَ قَالَ وَ كَيْفَ أَغْدِرُ يَا بُنَيَّةُ فَإِنَّكِ مُبَارَكَةٌ قَالَتْ اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ السَّوَائِمِ الَّتِي لَكَ فِي الْحَرَمِ فَاضْرِبْ بِالْقِدَاحِ عَلَى ابْنِكَ وَ عَلَى الْإِبِلِ وَ أَعْطِ رَبَّكَ حَتَّى يَرْضَى فَبَعَثَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى إِبِلِهِ فَأَحْضَرَهَا وَ أَعْزَلَ مِنْهَا عَشْراً وَ ضَرَبَ بِالسِّهَامِ فَخَرَجَ سَهْمُ عَبْدِ اللَّهِ فَمَا زَالَ يَزِيدُ عَشْراً عَشْراً حَتَّى بَلَغَتْ مِائَةً فَضَرَبَ فَخَرَجَ السَّهْمُ عَلَى الْإِبِلِ فَكَبَّرَتْ قُرَيْشٌ تَكْبِيرَةً ارْتَجَّتْ لَهَا جِبَالُ تِهَامَةَ فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لَا حَتَّى أَضْرِبَ بِالْقِدَاحِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَضَرَبَ ثَلَاثاً كُلَّ ذَلِكَ يَخْرُجُ السَّهْمُ عَلَى الْإِبِلِ فَلَمَّا كَانَتْ فِي الثَّلَاثَةِ اجْتَذَبَهُ الزُّبَيْرُ وَ أَبُو طَالِبٍ وَ أَخَوَاتُهُمَا مِنْ تَحْتِ رِجْلَيْهِ فَحَمَلُوهُ وَ قَدِ انْسَلَخَتْ جِلْدَةُ خَدِّهِ الَّذِي كَانَتْ
عَلَى الْأَرْضِ وَ أَقْبَلُوا يَرْفَعُونَهُ وَ يُقَبِّلُونَهُ وَ يَمْسَحُونَ عَنْهُ التُّرَابَ فَأَمَرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَنْ تُنْحَرَ الْإِبِلُ بِالْحَزْوَرَةِ وَ لَا يُمْنَعَ أَحَدٌ مِنْهَا وَ كَانَتْ مِائَةً.
فَكَانَتْ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَمْسٌ مِنَ السنين [السُّنَنِ أَجْرَاهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْإِسْلَامِ حَرَّمَ نِسَاءَ الْآبَاءِ عَلَى الْأَبْنَاءِ وَ سَنَّ الدِّيَةَ فِي الْقَتْلِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَ كَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ وَ وَجَدَ كَنْزاً فَأَخْرَجَ مِنْهُ الْخُمُسَ وَ سَمَّى زَمْزَمَ حِينَ حَفَرَهَا سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَ لَوْ لَا أَنَّ عَمَلَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَانَ حُجَّةً وَ أَنَّ عَزْمَهُ كَانَ عَلَى ذَبْحِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ شَبِيهاً بِعَزْمِ إِبْرَاهِيمَ عَلَى ذَبْحِ ابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ لَمَا افْتَخَرَ النَّبِيُّ (صلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ) بِالانْتِسَابِ إِلَيْهِمَا لِأَجْلِ أَنَّهُمَا الذَّبِيحَانِ فِي قَوْلِهِ (صلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ) أَنَا ابْنُ الذَّبِيحَيْنِ وَ الْعِلَّةُ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا دَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الذَّبْحَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ هِيَ الْعِلَّةُ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا دَفَعَ الذَّبْحَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَ هِيَ كَوْنُ النَّبِيِّ(صلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وَ الْأَئِمَّةِ الْمَعْصُومِينَ(صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) فِي صُلْبَيْهِمَا فَبِبَرَكَةِ النَّبِيِّ(صلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِم السَّلَامُ) دَفَعَ اللَّهُ الذَّبْحَ عَنْهُمَا فَلَمْ تَجْرِ السُّنَّةُ فِي النَّاسِ بِقَتْلِ أَوْلَادِهِمْ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَوَجَبَ عَلَى النَّاسِ كُلَّ أَضْحًى التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِقَتْلِ أَوْلَادِهِمْ وَ كُلُّ مَا يَتَقَرَّبُ النَّاسُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أُضْحِيَّةٍ فَهُوَ فِدَاءٌ لِإِسْمَاعِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق