الأحد، 20 أكتوبر 2019

قدوم آل الرسول صلى الله عليه وآله إلى المدينة بدون الحسين عليه السلام


قُدومُ آلِ الرَّسولِ صلى اللَّه عليه وآله إلَى المَدينَةِ[1] :

عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : « من ذكرنا عنده ففاضت عيناه ولو مثل جناح الذباب ، غفر له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر ».كامل الزيارات ص103 ح3.

الملهوف:
1 -  عن بشير بن حذلم‌ فَلَمّا قَرُبنا مِنها [أي مِنَ المَدينَةِ] نَزَلَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام فَحَطَّ رَحلَهُ ، وضَرَبَ فُسطاطَهُ وأنزَلَ نِساءَهُ ، وقالَ : يا بَشيرُ ! رَحِمَ اللَّهُ أباكَ لَقَد كانَ شاعِراً ، فَهَل تَقدِرُ عَلى‌ شَي‌ءٍ مِنهُ ؟ قُلتُ : بَلى‌ - يَابنَ رَسولِ اللَّهِ - إنّي لَشاعِرٌ . قالَ : فَادخُلِ المَدينَةَ وَانعَ أبا عَبدِ اللَّهِ عليه السلام ، قالَ بَشيرٌ : فَرَكِبتُ فَرَسي ورَكَضتُ حَتّى‌ دَخَلتُ المَدينَةَ ، فَلَمّا بَلَغتُ مَسجِدَ النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله رَفَعتُ صَوتي بِالبُكاءِ ، وأنشَأتُ أقولُ :

يا أهلَ يَثرِبَ لا مُقامَ لَكُم بِها

قُتِلَ الحُسَينُ فَأَدمعي مِدرارُ

وَالرَّأسُ مِنهُ عَلَى القَناةِ يُدارُ

قالَ : ثُمَّ قُلتُ : هذا عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ مَعَ عَمّاتِهِ وأخَواتِهِ قَد حَلّوا بِساحَتِكُم ونَزَلوا بِفِنائِكُم ، وأنَا رَسولُهُ إلَيكُم اُعَرِّفُكُم مَكانَهُ . قالَ : فَما بَقِيَت فِي المَدينَةِ مُخَدَّرَةٌ ولا مُحَجَّبَةٌ إلّا بَرَزنَ مِن خُدورِهِنَّ ، مَكشوفَةً شُعورُهُنَّ مُخَمَّشَةً وُجوهُهُنَّ ، ضارِباتٍ خُدودَهُنَّ ، يَدعونَ بِالوَيلِ وَالثُّبورِ ، فَلَم أرَ باكِياً ولا باكِيَةً أكثَرَ مِن ذلِكَ اليَومِ ، ولا يَوماً أمَرَّ عَلَى المُسلِمينَ مِنهُ بَعدَ وَفاةِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله . وسَمِعتُ جارِيَةً تَنوحُ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام وتَقولُ :

نَعى‌ سَيِّدي ناعٍ نَعاهُ فَأَوجَعا
فَأَمرَضَني ناعٍ نَعاهُ فَأَفجَعا

أعَينَيَّ جودا بِالمَدامِعِ وأسكِبا
وجودا بِدَمعٍ بَعدَ دَمعِكُما مَعا

عَلى‌ مَن دَهى‌ عَرشَ الجَليلِ فَزَعزَعا
وأصبَحَ أنفُ الدّينِ وَالمَجدُ أجدَعا[2]
وإن كانَ عَنّا شاحِطَ[3] الدّارِ أشسَعا[4]

ثُمَّ قالَت : أيُّهَا النّاعي ! جَدَّدتَ حُزنَنا بِأَبي عَبدِ اللَّهِ عليه السلام ، وخَدَشتَ مِنّا قُروحاً لَمّا تَندَمِل ، فَمَن أنتَ يَرحَمُكَ اللَّهُ ؟ قُلتُ : أنَا بَشيرُ بنُ حَذلَمٍ ، وَجَّهَني مَولايَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام وهُوَ نازِلٌ مَوضِعَ كَذا وكَذا مَعَ عِيالِ أبي عَبدِ اللَّهِ الحُسَينِ عليه السلام ونِسائِهِ . قالَ : فَتَرَكوني مَكاني وبادَروا ، فَضَرَبتُ فَرَسي حَتّى‌ رَجَعتُ إلَيهِم ، فَوَجَدتُ النّاسَ قَد أخَذُوا الطُّرُقَ وَالمَواضِعَ ، فَنَزَلتُ عَن فَرَسي وتَخَطَّيتُ رِقابَ النّاسِ حَتّى‌ قَرُبتُ مِن بابِ الفُسطاطِ ، وكانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام داخِلاً ، فَخَرَجَ ومَعَهُ خِرقَةٌ يَمسَحُ بِها دُموعَهُ ، وخَلفَهُ خادِمٌ مَعَهُ كُرسِيٌّ فَوَضَعَهُ لَهُ وجَلَسَ عَلَيهِ ، وهُوَ لا يَتَمالَكُ مِنَ العَبرَةِ ، فَارتَفَعَت أصواتُ النّاسِ بِالبُكاءِ ، وحَنينُ الجَوارى وَالنِّساءِ ، وَالنّاسُ مِن كُلِّ ناحِيَةٍ يُعَزّونَهُ ، فَضَجَّت تِلكَ البُقعَةُ ضَجَّةً شَديدَةً ، فَأَومَأَ بِيَدِهِ أنِ اسكُتوا ، فَسَكَنَت فَورَتُهُم . فَقالَ عليه السلام : الحَمدُ للَّهِ‌ِ رَبِّ العالَمينَ ، الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، مالِكِ يَومِ الدّينِ ، بارِئِ الخَلائِقِ أجمَعينَ ، الَّذي بَعُدَ فَارتَفَعَ فِي السَّماواتِ العُلى‌ ، وقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجوى‌ ، نَحمَدُهُ عَلى‌ عَظائِمِ الاُمورِ ، وفَجائِعِ الدُّهورِ ، وألَمِ الفَواجِعِ ، ومَضاضَةِ[5] اللَّواذِعِ‌[6] ، وجَليلِ الرُّزءِ ، وعَظيمِ المَصائِبِ الفاظِعَةِ ، الكاظَّةِ الفادِحَةِ الجائِحَةِ .[7] أيُّهَا القَومُ ! إنَّ اللَّهَ تَعالى‌ ولَهُ الحَمدُ ابتَلانا بِمَصائِبَ جَليلَةٍ ، وثُلمَةٍ فِي الإِسلامِ عَظيمَةٍ ، قُتِلَ أبو عَبدِ اللَّهِ عليه السلام وعِترَتُهُ ، وسُبِيَ نِساؤُهُ وصِبيَتُهُ ، وداروا بِرَأسِهِ فِي البُلدانِ مِن فَوقِ عامِلِ السِّنانِ ، وهذِهِ الرَّزِيَّةُ الَّتي لا مِثلَها رَزِيَّةٌ . أيُّهَا النّاسُ ! فَأَيُّ رِجالاتٍ مِنكُم يُسَرّونَ بَعدَ قَتلِهِ ، أم أيَّةُ عَينٍ مِنكُم تَحبِسُ دَمعَها وتَضَنُّ عَنِ انهِمالِها ؟ فَلَقَد بَكَتِ السَّبعُ الشِّدادُ لِقَتلِهِ ، وبَكَتِ البِحارُ بِأَمواجِها ، وَالسَّماواتُ بِأَركانِها ، وَالأَرضُ بِأَرجائِها ، وَالأَشجارُ بِأَغصانِها ، وَالحيتانُ في لُجَجِ البِحارِ ، وَالمَلائِكَةُ المُقَرَّبونَ ، وأهلُ السَّماواتِ أجمَعونَ .

أيُّهَا النّاسُ ! أيُّ قَلبٍ لا يَنصَدِعُ لِقَتلِهِ ، أم أيُّ فُؤادٍ لا يَحِنُّ إلَيهِ ، أم أيُّ سَمعٍ يَسمَعُ هذِهِ الثُّلمَةَ الَّتي ثَلِمَت فِي الإِسلامِ ولا يُصِمُّ ؟ ! أيُّهَا النّاسُ ! أصبَحنا مَطرودينَ مُشَرَّدينَ ، مَذودينَ شاسِعينَ عَنِ الأَمصارِ كَأَنَّنا أولادُ تُركٍ أو كابُلَ‌[8] ، مِن غَيرِ جُرمٍ اجتَرَمناهُ ، ولا مَكروهٍ ارتَكَبناهُ ، ولا ثُلمَةٍ فِي الإِسلامِ ثَلَمناها ، ما سَمِعنا بِهذا في آبائِنَا الأَوَّلينَ «إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ » . وَاللَّهِ لَو أنَّ النَّبِيَّ صلى اللَّه عليه وآله تَقَدَّمَ إلَيهِم في قِتالِنا كَمّا تَقَدَّمَ إلَيهِم فِي الوِصايَةِ بِنا ، لَما زادوا عَلى‌ ما فَعَلوا بِنا ، فَإِنّا للَّهِ‌ِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ ، مِن مُصيبَةٍ ما أعظَمَها ، وأوجَعَها وأفجَعَها ، وأكَظَّها[9] ، وأفظَعَها ، وأمَرَّها ، وأفدَحَها ، فَعِندَ اللَّهِ نَحتَسِبُ فيما أصابَنا وأبلَغَ بِنا ، إنَّهُ عَزيزٌ ذُو انتِقامٍ . قالَ الرّاوي : فَقامَ صوحانُ بنُ صَعصَعَةَ بنِ صوحانَ - وكانَ زَمِناً - فَاعتَذَرَ إلَيهِ [أي عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ‌] صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ بِما عِندَهُ مِن زَمانَةِ رِجلَيهِ ، فَأَجابَهُ بِقَبولِ مَعذِرَتِهِ ، وحُسنِ الظَّنِّ بِهِ ، وشَكَرَ لَهُ وتَرَحَّمَ عَلى‌ أبيهِ .الملهوف : ص 226 .

[1] وقع في اسمه اختلاف ، فذكر مرّة «بشر» واُخرى «بشير» ، وكذا في اسم أبيه حيث ذكر «حذلم» و«جذلم» و«خديم» .
[2] الجَدعُ : قطع الأنف (الصحاح : ج 3 ص 1193 «جدع») .
[3] الشَّحطُ : البُعد (الصحاح : ج 3 ص 1135 «شحط») .
[4] الشَّاسِعُ والشَسوعُ : البعيد (الصحاح : ج 3 ص 1237 «شسع») .
[5] المَضَضُ : وجع المصيبة (الصحاح : ج 3 ص 1106 «مضض») .
[6] اللَّذعُ : حرقة كحرقة النار (لسان العرب : ج 8 ص 317 «لذع») .
[7] الجائحة : كلّ مصيبة عظيمة وفتنة مبيرة (النهاية : ج 1 ص 312 «جوح») .
[8] لم يكن التُّركُ والأفاغنة عندئذٍ من المسلمين .
[9] كَظَّهُ : بَهَظَهُ وكَرَبهُ وَجَهَدَهُ (القاموس المحيط : ج 2 ص 398 «كظظ») .

تاريخ الطبري
2 - عن أبي جعفر [الباقر] عليه السلام : لَمّا دَخَلوها [أي دَخَلَ الأَسرَى المَدينَةَ] خَرَجَتِ امرَأَةٌ مِن بَني عَبدِ المُطَّلِبِ ، ناشِرَةً شَعرَها ، واضِعَةً كُمَّها عَلى‌ رَأسِها ، تَلَّقاهُم وهِيَ تَبكي وتَقولُ :
أن تُخلِفوني بِسوءٍ في ذَوي رَحِمي.
 تاريخ الطبري : ج 5 ص 390.
الثلاثة الأخيرة «زينب بنت عقيل» بدل «امرأة من بني عبد المطّلب»

الأمالي للمفيد 
3- عن أبي هياج عبد اللَّه بن عامر : لَمّا أتى‌ نَعيُ الحُسَينِ عليه السلام إلَى المَدينَةِ ، خَرَجَت أسماءُ بِنتُ عَقيلِ بنِ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنها في جَماعَةٍ مِن نِسائِها حَتَّى انتَهَت إلى‌ قَبرِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَلاذَت بِهِ وشَهِقَت عِندَهُ ، ثُمَّ التَفَتَت إلَى المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ ، وهِيَ تَقولُ :

خَذَلتُم عِترَتي أو كُنتُم غُيَّباً
ما كانَ عِندَ غَداةِ الطَّفِّ إذ حَضَروا
قالَ : فَما رَأَينا باكِياً ولا باكِيَةً أكثَرَ مِمّا رَأَينا ذلِكَ اليَومَ .
الأمالي للمفيد : ص 319 الرقم 5 .

الإرشاد :
 4 - خَرَجَت أمُّ لُقمانَ بِنتُ عَقيلِ بنِ أبي طالِبٍ حينَ سَمِعَت نَعيَ الحُسَينِ عليه السلام حاسِرَةً ، ومَعَها أخَواتُها : اُمُّ هانِئٍ وأسماءُ ورَملَةُ وزَينَبُ بَناتُ عَقيلِ بنِ أبي طالِبٍ رَحمَةُ اللَّهِ عَلَيهِنَّ ، تَبكي قَتلاها بِالطَّفِّ وهِيَ تَقولُ :
أن‌تُخلِفوني بِسوءٍ في ذَوِي رَحِمي . الإرشاد : ج 2 ص 124.

تاريخ الطبري 
5 - عن الحارث بن كعب : قالَت لي فاطِمَةُ بِنتُ عَلِيٍّ عليه السلام : قُلتُ لِاُختي زَينَبَ : يا اُخَيَّةُ ! لَقَد أحسَنَ هذَا الرَّجُلُ الشّامِيُّ [نُعمانُ بنُ بَشيرٍ] إلَينا في صُحبَتِنا ، فَهَل لَكِ أن نَصِلَهُ ؟ فَقالَت : وَاللَّهِ ما مَعَنا شَي‌ءٌ نَصِلُهُ بِهِ إلّا حُلِيُّنا . قالَت لَها : فَنُعطيهِ حُلِيَّنا ، قالَت : فَأَخَذتُ سِواري ودُملُجي‌[1] وأخَذَت اُختي سِوارَها ودُملُجَها ، فَبَعَثنا بِذلِكَ إلَيهِ وَاعتَذَرنا إلَيهِ ، وقُلنا لَهُ : هذا جَزاؤُكَ بِصُحبَتِكَ إيّانا بِالحَسَنِ مِنَ الفِعلِ . فَقالَ : لَو كانَ الَّذي صَنَعتُ إنَّما هُوَ لِلدُّنيا كانَ في حُلِيِّكُنَّ ما يُرضيني ودونه ، ولكِن وَاللَّهِ ما فَعَلتُهُ إلّا للَّهِ‌ِ ولِقَرابَتِكُم مِن رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله .تاريخ الطبري : ج 5 ص 462 .
[1] الدُّملُجُ : المِعْضَدُ من الحُليّ (النهاية : ج 2 ص 134 «دملج») .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثواب واستحباب تولّي أذان الأعلام

   استحباب تولّي أذان الأعلام ، والمداومة عليه ، ورفع الصوت به ، واكرام المؤذّنين ، وحسن الظنّ بهم  1 -ع ن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جده...