جملة مما ينبغي القيام به من الحقوق
الواجبة والمندوبة
1- عن سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال :
حق الله الاكبر عليك أن تعبده ولا تشرك به شيئاً ، فاذا فعلت ذلك باخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة .
وحق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عزّ وجلّ .
وحق اللسان إكرامه عن الخنا وتعويده الخير وترك الفضول التي لا فائدة لها ، والبر بالناس ، وحسن القول فيهم .
وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحل سماعه .
وحق البصر أن تغضه عما لا يحل لك ، وتعتبر بالنظر به .
وحق يديك أن لا تبسطهما إلى ما لا يحل لك .
وحق رجليك ان لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك ، فبهما تقف على الصراط ، فانظر ان لا تزل بك فتردى في النار .
وحق بطنك ان لا تجعله وعاء للحرام ، ولا تزيد على الشبع .
وحق فرجك عليك ان تحصنه من الزنا ، وتحفظه من ان ينظر إليه .
وحق الصلاة ان تعلم انها وفادة إلى الله عزّ وجلّ وانت فيها قائم بين يدي الله ، فإذا علمت ذلك قمت مقام العبد الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار ، وتقبل عليها بقلبك وتقيمها بحدودها وحقوقها .
وحق الحج ان تعلم انه وفادة إلى ربك وفرار إليه من ذنوبك ، وفيه قبول توبتك ، وقضاء الفرض الذي اوجبه الله عليك .
وحق الصوم ان تعلم انه حجاب ضربه الله عزّ وجلّ على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك يسترك به من النار ، فإن تركت الصوم خرقت ستر الله عليك .
وحق الصدقة ان تعلم انها ذخرك عند ربك ووديعتك التي لا تحتاج إلى الاشهاد عليها وكنت بما تستودعه سرا أوثق منك بما تستودعه ، علانية ، وتعلم أنّها تدفع عنك البلايا والأسقام في الدنيا ، وتدفع عنك النار في الآخرة .
وحق الهدي أن تريد به الله عزّ وجلّ ، ولا تريد خلقه ولا تريد به إلا التعرض لرحمته ونجاة روحك يوم تلقاه .
وحق السلطان أن تعلم أنك جعلت له فتنة ، وأنه مبتلى فيك بما جعل الله له عليك من السلطان ، وأن عليك أن لا تتعرض لسخطه فتلقي بيدك إلى التهلكة وتكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء .
وحق سائسك بالعلم التعظيم له ، والتوقير لمجلسه ، وحسن الاستماع إليه ، والاقبال عليه ، وأن لا ترفع عليه صوتك ، ولا تجيب أحدا يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يجيب ، ولا تحدث في مجلسه أحدا ، ولا تغتاب عنده أحدا ، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء ، وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه ولا تجالس له عدوا ولا تعادي له وليا فاذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بانك قصدته ، وتعلمت علمه لله جل اسمه لا للناس .
وأما حق سائسك بالملك فأن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله عز وجل فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
وأما حق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك فيجب أن تعدل فيهم ، وتكون لهم كالوالد الرحيم ، وتغفر لهم جهلهم ، ولا تعاجلهم بالعقوبة ، وتشكر الله عزّ وجلّ على ما أتاك من القوة عليهم .
وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله عزّ وجلّ إنما جعلك قيما عليهم فيما أتاك من العلم ، وفتح لك من خزانته فإن أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم ولم تضجر عليهم زادك الله من فضله ، وإن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقا على الله عزّ وجلّ أن يسلبك العلم وبهائه ، ويسقط من القلوب محلك .
وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عزّ وجلّ جعلها لك سكنا وانسا ، فتعلم أن ذلك نعمة من الله عزّ وجلّ عليك فتكرمها وترفق بها ، وإن كان حقك عليها أوجب فإنّ لها عليك أن ترحمها ، لانها أسيرك ، وتطعمها وتكسوها ، وإذا جهلت عفوت عنها .
وأما حق مملوكك فأن تعلم أنه خلق ربك وابن ابيك وامك ولحمك ودمك لم تملكه لانك صنعته دون الله ، ولا خلقت شيئا من جوارحه ، ولا اخرجت له رزقا ، ولكن الله عزّ وجلّ كفاك ذلك ثم سخره لك وائتمنك عليه واستودعك اياه ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه ، فأحسن إليه كما أحسن الله إليك ، وإن كرهته استبدلت به ولم تعذب خلق الله عزّ وجلّ ولا قوة إلا بالله .
وأما حق امك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا ، واعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا ، ووقتك بجميع جوارحها ، ولم تبال أن تجوع وتطعمك وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك وتضحى وتظلك ، وتهجر النوم لأجلك ، ووقتك الحر والبرد لتكون لها ، وأنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه .
وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك فانه لولاه لم تكن ، فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم ان اباك اصل النعمة عليك فيه ، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلا بالله .
واما حق ولدك فأن تعلم انه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وإنك مسؤل عما وليته من حسن الادب والدلالة على ربه عزّ وجلّ ، والمعونة على طاعته ، فاعمل في امره عمل من يعلم انه مثاب على الاحسان إليه ، معاقب على الاسائة إليه .
واما حق اخيك فأن تعلم انه يدك وعزك وقوتك فلا تتخذه سلاحا على معصية الله ، ولا عدة للظلم لخلق الله ، ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له ، فإن اطاع الله وإلا فليكن الله اكرم عليك منه ، ولا قوة إلا بالله .
واما حق مولاك المنعم عليك فأن تعلم انه انفق فيك ماله ، واخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وانسها فأطلقك من اسر الملكة ، وفك عنك قيد العبودية ، واخرجك من السجن ، وملكك نفسك ، وفرغك لعبادة ربك ، وتعلم انه اولى الخلق بك في حياتك وموتك ، وأن نصرته عليك واجبة بنفسك ، وما احتاج اليه منك ، ولا قوة إلا بالله .
واما حق مولاك الذي انعمت عليه فأن تعلم ان الله عزّ وجلّ جعل عتقك له وسيلة إليه وحجابا لك من النار ، وان ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافأة لما انفقت من مالك . وفي الآجل الجنة .
واما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه ، وتكسبه المقالة الحسنة ، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عزّ وجلّ ، فاذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا وعلانية ثم ان قدرت على مكافأته يوما كافأته .
واما حق المؤذن ان تعلم انه مذكر لك ربك عزّ وجلّ ، وداع لك إلى حظك ، وعونك على قضاء فرض الله عزّ وجلّ عليك فاشكره على ذلك شكر المحسن إليك .
واما حق امامك في صلاتك فأن تعلم انه تقلد السفارة فيما بينك وبين ربك عزّ وجلّ ، وتكلم عنك ولم تتكلم عنه ، ودعا لك ولم تدع له ، وكفاك هول المقام بين يدي الله عزّ وجلّ ، فإن كان نقص كان به دونك ، وإن كان تماما كنت شريكه ، ولم يكن له عليك فضل (9) فوقى نفسك بنفسه ، وصلاتك بصلاته فتشكر له على قدر ذلك .
(9) هذا له معارض تقدم في احاديث الجماعة في باب استحباب تقدم من يرضى به المأمومون وفيه ان للامام [ بقدر ] ثواب جميع من خلفه . فيحمل هذا على اتحاد المأموم ( منه . قده ) .
وأمّا حق جليسك فأن تلين له جانبك ، وتنصفه في مجاراة اللفظ ، ولا تقوم من مجلسك الاّ باذنه ، ومن يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنك ، وتنسى زلاّته ، وتحفظ خيراته ، ولا تسمعه الا خيرا .
واما حق جارك فحفظه غائبا وإكرامه شاهدا ، ونصرته اذا كان مظلوما ، ولا تتبع له عورة ، فإن علمت عليه سوء سترته عليه وان علمت انه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه ، ولا تسلمه عند شديدة ، وتقيل عثرته ، وتغفر ذنبه ، وتعاشره معاشرة كريمة ، ولا قوة إلا بالله .
واما حق الصاحب فأن تصحبه بالتفضل والانصاف ، وتكرمه كما يكرمك ، ولا تدعه يسبق إلى مكرمة ، فإن سبق كافأته ، وتوده كما يودك وتزجره عما يهم به من معصية الله ، وكن عليه رحمة ، ولا تكن عليه عذابا ، ولا قوة الا بالله .
واما حق الشريك فإن غاب كافيته ، وان حضر رعيته ، ولا تحكم دون حكمه ولا تعمل برايك دون مناظرته ، وتحفظ عليه ماله ، ولا تخنه فيما عز او هان من امره ، فإنّ يد الله تبارك وتعالى على الشريكين ما لم يتخاونا ، ولا قوة الا بالله .
وأما حق مالك فأن لا تأخذه الا من حله ، ولا تنفقه إلا في وجهه ، ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك فاعمل به بطاعة ربك ، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع التبعة ولا قوة إلا بالله .
وأما حق غريمك الذي يطالبك فإن كنت موسراً أعطيته وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول ، ورددته عن نفسك ردا لطيفا .
وحق الخليط أن لا تغره ولا تغشه ولا تخدعه وتتقي الله في أمره .
وأما حق الخصم المدعي عليك فإن كان ما يدعيه عليك حقا كنت شاهده على نفسك ولم تظلمه وأوفيته حقه ، وإن كان ما يدعي باطلا رفقت به ، ولم تأت في أمره غير الرفق ، ولم تسخط ربك في أمره ، ولا قوة إلا بالله .
وحق خصمك الذي تدعي عليه إن كنت محقا في دعواك أجملت مقاولته ولم تجحد حقه ، وإن كنت مبطلا في دعواك اتقيت الله عزّ وجلّ وتبت إليه ، وتركت الدعوى .
وحق المستشير ان علمت أن له رأيا حسنا أشرت عليه ، وإن لم تعلم له أرشدته إلى من يعلم .
وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه ، وإن وافقك حمدت الله عزّ وجلّ .
وحق المستنصح أن تؤدي إليه النصيحة ، وليكن مذهبك الرحمة له والرفق .
وحق الناصح أن تلين له جناحك وتصغي إليه بسمعك . فإن أتى بالصواب حمدت الله عزّ وجلّ ، وإن لم يوافق رحمته ولم تتهمه وعلمت أنه أخطأ ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة فلا تعبأ بشئ من أمره على حال ، ولا قوة الا بالله .
وحق الكبير توقيره لسنه وإجلاله لتقدمه في الاسلام قبلك ، وترك مقابلته عند الخصام ، ولا تسبقه إلى طريق ، ولا تتقدمه ولا تستجهله ، وان جهل عليك احتملته وأكرمته لحق الاسلام وحرمته .
وحق الصغير رحمته ( من نوى ) تعليمه ، والعفو عنه ، والستر عليه ، والرفق به ، والمعونة له .
وحق السائل إعطاؤه على قدر حاجته .
وحق المسؤول ان اعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضله ، وان منع فاقبل عذره .
وحق من سرك لله تعالى أن تحمد الله عزّ وجلّ أولا ثم تشكره .
وحق من أساء اليك أن تعفو عنه وان علمت أن العفو يضر انتصرت ، قال الله تعالى ( وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) . الشورى 42 : 41 .
وحق أهل ملتك اضمار السلامة والرحمة لهم ، والرفق بمسيئهم وتألفهم ، واستصلاحهم ، وشكر محسنهم ، وكف الاذى عن مسيئهم ، وتحب لهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك ، وأن تكون شيوخهم بمنزلة أبيك ، وشبابهم بمنزلة اخوتك ، وعجائزهم بمنزلة امك ، والصغار منهم بمنزلة أولادك .
وحق الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عزّ وجلّ منهم ولا تظلمهم ما وفوا الله عزّ وجلّ بعهده .
وسائل الشيعة: ج 15 ص 172-179.
الواجبة والمندوبة
1- عن سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال :
حق الله الاكبر عليك أن تعبده ولا تشرك به شيئاً ، فاذا فعلت ذلك باخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة .
وحق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عزّ وجلّ .
وحق اللسان إكرامه عن الخنا وتعويده الخير وترك الفضول التي لا فائدة لها ، والبر بالناس ، وحسن القول فيهم .
وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحل سماعه .
وحق البصر أن تغضه عما لا يحل لك ، وتعتبر بالنظر به .
وحق يديك أن لا تبسطهما إلى ما لا يحل لك .
وحق رجليك ان لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك ، فبهما تقف على الصراط ، فانظر ان لا تزل بك فتردى في النار .
وحق بطنك ان لا تجعله وعاء للحرام ، ولا تزيد على الشبع .
وحق فرجك عليك ان تحصنه من الزنا ، وتحفظه من ان ينظر إليه .
وحق الصلاة ان تعلم انها وفادة إلى الله عزّ وجلّ وانت فيها قائم بين يدي الله ، فإذا علمت ذلك قمت مقام العبد الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار ، وتقبل عليها بقلبك وتقيمها بحدودها وحقوقها .
وحق الحج ان تعلم انه وفادة إلى ربك وفرار إليه من ذنوبك ، وفيه قبول توبتك ، وقضاء الفرض الذي اوجبه الله عليك .
وحق الصوم ان تعلم انه حجاب ضربه الله عزّ وجلّ على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك يسترك به من النار ، فإن تركت الصوم خرقت ستر الله عليك .
وحق الصدقة ان تعلم انها ذخرك عند ربك ووديعتك التي لا تحتاج إلى الاشهاد عليها وكنت بما تستودعه سرا أوثق منك بما تستودعه ، علانية ، وتعلم أنّها تدفع عنك البلايا والأسقام في الدنيا ، وتدفع عنك النار في الآخرة .
وحق الهدي أن تريد به الله عزّ وجلّ ، ولا تريد خلقه ولا تريد به إلا التعرض لرحمته ونجاة روحك يوم تلقاه .
وحق السلطان أن تعلم أنك جعلت له فتنة ، وأنه مبتلى فيك بما جعل الله له عليك من السلطان ، وأن عليك أن لا تتعرض لسخطه فتلقي بيدك إلى التهلكة وتكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء .
وحق سائسك بالعلم التعظيم له ، والتوقير لمجلسه ، وحسن الاستماع إليه ، والاقبال عليه ، وأن لا ترفع عليه صوتك ، ولا تجيب أحدا يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يجيب ، ولا تحدث في مجلسه أحدا ، ولا تغتاب عنده أحدا ، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء ، وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه ولا تجالس له عدوا ولا تعادي له وليا فاذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بانك قصدته ، وتعلمت علمه لله جل اسمه لا للناس .
وأما حق سائسك بالملك فأن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله عز وجل فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
وأما حق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك فيجب أن تعدل فيهم ، وتكون لهم كالوالد الرحيم ، وتغفر لهم جهلهم ، ولا تعاجلهم بالعقوبة ، وتشكر الله عزّ وجلّ على ما أتاك من القوة عليهم .
وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله عزّ وجلّ إنما جعلك قيما عليهم فيما أتاك من العلم ، وفتح لك من خزانته فإن أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم ولم تضجر عليهم زادك الله من فضله ، وإن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقا على الله عزّ وجلّ أن يسلبك العلم وبهائه ، ويسقط من القلوب محلك .
وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عزّ وجلّ جعلها لك سكنا وانسا ، فتعلم أن ذلك نعمة من الله عزّ وجلّ عليك فتكرمها وترفق بها ، وإن كان حقك عليها أوجب فإنّ لها عليك أن ترحمها ، لانها أسيرك ، وتطعمها وتكسوها ، وإذا جهلت عفوت عنها .
وأما حق مملوكك فأن تعلم أنه خلق ربك وابن ابيك وامك ولحمك ودمك لم تملكه لانك صنعته دون الله ، ولا خلقت شيئا من جوارحه ، ولا اخرجت له رزقا ، ولكن الله عزّ وجلّ كفاك ذلك ثم سخره لك وائتمنك عليه واستودعك اياه ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه ، فأحسن إليه كما أحسن الله إليك ، وإن كرهته استبدلت به ولم تعذب خلق الله عزّ وجلّ ولا قوة إلا بالله .
وأما حق امك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا ، واعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا ، ووقتك بجميع جوارحها ، ولم تبال أن تجوع وتطعمك وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك وتضحى وتظلك ، وتهجر النوم لأجلك ، ووقتك الحر والبرد لتكون لها ، وأنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه .
وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك فانه لولاه لم تكن ، فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم ان اباك اصل النعمة عليك فيه ، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلا بالله .
واما حق ولدك فأن تعلم انه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وإنك مسؤل عما وليته من حسن الادب والدلالة على ربه عزّ وجلّ ، والمعونة على طاعته ، فاعمل في امره عمل من يعلم انه مثاب على الاحسان إليه ، معاقب على الاسائة إليه .
واما حق اخيك فأن تعلم انه يدك وعزك وقوتك فلا تتخذه سلاحا على معصية الله ، ولا عدة للظلم لخلق الله ، ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له ، فإن اطاع الله وإلا فليكن الله اكرم عليك منه ، ولا قوة إلا بالله .
واما حق مولاك المنعم عليك فأن تعلم انه انفق فيك ماله ، واخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وانسها فأطلقك من اسر الملكة ، وفك عنك قيد العبودية ، واخرجك من السجن ، وملكك نفسك ، وفرغك لعبادة ربك ، وتعلم انه اولى الخلق بك في حياتك وموتك ، وأن نصرته عليك واجبة بنفسك ، وما احتاج اليه منك ، ولا قوة إلا بالله .
واما حق مولاك الذي انعمت عليه فأن تعلم ان الله عزّ وجلّ جعل عتقك له وسيلة إليه وحجابا لك من النار ، وان ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافأة لما انفقت من مالك . وفي الآجل الجنة .
واما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه ، وتكسبه المقالة الحسنة ، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عزّ وجلّ ، فاذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا وعلانية ثم ان قدرت على مكافأته يوما كافأته .
واما حق المؤذن ان تعلم انه مذكر لك ربك عزّ وجلّ ، وداع لك إلى حظك ، وعونك على قضاء فرض الله عزّ وجلّ عليك فاشكره على ذلك شكر المحسن إليك .
واما حق امامك في صلاتك فأن تعلم انه تقلد السفارة فيما بينك وبين ربك عزّ وجلّ ، وتكلم عنك ولم تتكلم عنه ، ودعا لك ولم تدع له ، وكفاك هول المقام بين يدي الله عزّ وجلّ ، فإن كان نقص كان به دونك ، وإن كان تماما كنت شريكه ، ولم يكن له عليك فضل (9) فوقى نفسك بنفسه ، وصلاتك بصلاته فتشكر له على قدر ذلك .
(9) هذا له معارض تقدم في احاديث الجماعة في باب استحباب تقدم من يرضى به المأمومون وفيه ان للامام [ بقدر ] ثواب جميع من خلفه . فيحمل هذا على اتحاد المأموم ( منه . قده ) .
وأمّا حق جليسك فأن تلين له جانبك ، وتنصفه في مجاراة اللفظ ، ولا تقوم من مجلسك الاّ باذنه ، ومن يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنك ، وتنسى زلاّته ، وتحفظ خيراته ، ولا تسمعه الا خيرا .
واما حق جارك فحفظه غائبا وإكرامه شاهدا ، ونصرته اذا كان مظلوما ، ولا تتبع له عورة ، فإن علمت عليه سوء سترته عليه وان علمت انه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه ، ولا تسلمه عند شديدة ، وتقيل عثرته ، وتغفر ذنبه ، وتعاشره معاشرة كريمة ، ولا قوة إلا بالله .
واما حق الصاحب فأن تصحبه بالتفضل والانصاف ، وتكرمه كما يكرمك ، ولا تدعه يسبق إلى مكرمة ، فإن سبق كافأته ، وتوده كما يودك وتزجره عما يهم به من معصية الله ، وكن عليه رحمة ، ولا تكن عليه عذابا ، ولا قوة الا بالله .
واما حق الشريك فإن غاب كافيته ، وان حضر رعيته ، ولا تحكم دون حكمه ولا تعمل برايك دون مناظرته ، وتحفظ عليه ماله ، ولا تخنه فيما عز او هان من امره ، فإنّ يد الله تبارك وتعالى على الشريكين ما لم يتخاونا ، ولا قوة الا بالله .
وأما حق مالك فأن لا تأخذه الا من حله ، ولا تنفقه إلا في وجهه ، ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك فاعمل به بطاعة ربك ، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع التبعة ولا قوة إلا بالله .
وأما حق غريمك الذي يطالبك فإن كنت موسراً أعطيته وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول ، ورددته عن نفسك ردا لطيفا .
وحق الخليط أن لا تغره ولا تغشه ولا تخدعه وتتقي الله في أمره .
وأما حق الخصم المدعي عليك فإن كان ما يدعيه عليك حقا كنت شاهده على نفسك ولم تظلمه وأوفيته حقه ، وإن كان ما يدعي باطلا رفقت به ، ولم تأت في أمره غير الرفق ، ولم تسخط ربك في أمره ، ولا قوة إلا بالله .
وحق خصمك الذي تدعي عليه إن كنت محقا في دعواك أجملت مقاولته ولم تجحد حقه ، وإن كنت مبطلا في دعواك اتقيت الله عزّ وجلّ وتبت إليه ، وتركت الدعوى .
وحق المستشير ان علمت أن له رأيا حسنا أشرت عليه ، وإن لم تعلم له أرشدته إلى من يعلم .
وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه ، وإن وافقك حمدت الله عزّ وجلّ .
وحق المستنصح أن تؤدي إليه النصيحة ، وليكن مذهبك الرحمة له والرفق .
وحق الناصح أن تلين له جناحك وتصغي إليه بسمعك . فإن أتى بالصواب حمدت الله عزّ وجلّ ، وإن لم يوافق رحمته ولم تتهمه وعلمت أنه أخطأ ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة فلا تعبأ بشئ من أمره على حال ، ولا قوة الا بالله .
وحق الكبير توقيره لسنه وإجلاله لتقدمه في الاسلام قبلك ، وترك مقابلته عند الخصام ، ولا تسبقه إلى طريق ، ولا تتقدمه ولا تستجهله ، وان جهل عليك احتملته وأكرمته لحق الاسلام وحرمته .
وحق الصغير رحمته ( من نوى ) تعليمه ، والعفو عنه ، والستر عليه ، والرفق به ، والمعونة له .
وحق السائل إعطاؤه على قدر حاجته .
وحق المسؤول ان اعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضله ، وان منع فاقبل عذره .
وحق من سرك لله تعالى أن تحمد الله عزّ وجلّ أولا ثم تشكره .
وحق من أساء اليك أن تعفو عنه وان علمت أن العفو يضر انتصرت ، قال الله تعالى ( وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) . الشورى 42 : 41 .
وحق أهل ملتك اضمار السلامة والرحمة لهم ، والرفق بمسيئهم وتألفهم ، واستصلاحهم ، وشكر محسنهم ، وكف الاذى عن مسيئهم ، وتحب لهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك ، وأن تكون شيوخهم بمنزلة أبيك ، وشبابهم بمنزلة اخوتك ، وعجائزهم بمنزلة امك ، والصغار منهم بمنزلة أولادك .
وحق الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عزّ وجلّ منهم ولا تظلمهم ما وفوا الله عزّ وجلّ بعهده .
وسائل الشيعة: ج 15 ص 172-179.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق