المحرمات والمكروهات
عن حمران ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : ألا تعلم أن من انتظر أمرنا ، وصبر على ما يرى من الاذى والخوف فهو غدا في زمرتنا ؟ فاذا رأيت الحق قد مات وذهب أهله ، ورأيت الجور قد شمل البلاد ، ورأيت القرآن قد خلق ، وأحدث فيه ما ليس فيه ، ووجه على الاهواء ، ورأيت الدين قد انكفا كما ينكفىء الماء ، ورأيت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحق ، ورأيت الشر ظاهرا لا ينهى عنه ويعذر
أصحابه ، ورأيت الفسق قد ظهر ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، ورأيت المؤمن صامتا لا يقبل قوله ، ورأيت الفاسق يكذب ولا يرد عليه كذبه وفريته ، ورأيت الصغير يستحقر الكبير ، ورأيت الارحام قد تقطعت ، ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ، ولا يرد عليه قوله ، ورأيت الغلام يعطى ما تعطى المرأة ، ورأيت النساء يتزوجن النساء ، ورأيت الثناء قد كثر ، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله ، فلا ينهى ولا يؤخذ على يديه ، ورأيت الناظر يتعوذ بالله مما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد ، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع ، ورأيت الكافر فرحا لما يرى في المؤمن ، مرحا لما يرى في الارض من الفساد ، ورأيت الخمور تشرب علانية ، ويجتمع عليها من لا يخاف الله عزّ وجلّ ، ورأيت الآمر بالمعروف ذليلا ، ورأيت الفاسق فيما لا يحب الله قويا محمودا ، ورأيت أصحاب الآيات يحقرون [1] ويحتقر من يحبهم ، ورأيت سبيل الخير منقطعا ، وسبيل الشر مسلوكا ، ورأيت بيت الله قد عطل ويؤمر بتركه ، ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله ، ورأيت الرجال يتسمنون للرجال ، والنساء للنساء ، ورأيت الرجل معيشته من دبره ومعيشة المرأة من فرجها ، ورأيت النساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال ، ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر ، واظهروا الخضاب ، وامتشطوا كما تمتشط المرأة لزوجها ، وأعطوا الرجال الاموال على فروجهم ، وتنوفس في الرجل ، وتغاير عليه الرجال ، وكان صاحب المال أعز من المؤمن ، وكان الربا ظاهرا لا يغير[2] ، وكان الزنا تمتدح به النساء ، ورأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال ، ورأيت أكثر الناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهن ، ورأيت المؤمن محزونا محتقرا ذليلا ، ورأيت البدع والزنا قد ظهر ، ورأيت الناس يقتدون [3] بشاهد الزور ، ورأيت الحرام يحلل ، ورأيت [1] في المصدر : يحتقرون. [2] في المصدر : يعير. [3] في المصدر : يعتدون.
الحلال يحرم ، ورأيت الدين بالرأي ، وعطل الكتاب وأحكامه ، ورأيت الليل لا يستحيى [4] به من الجرأة على الله ، ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر الا بقلبه ، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عزّ وجلّ ، ورأيت الولاة يقربون أهل الكفر ، ويباعدون أهل الخير ، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم ، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد ، ورأيت ذوات الارحام ينكحن ويكتفى بهن ، ورأيت الرجل يقتل على التهمة وعلى الظنة ، ويتغاير على الرجل الذكر فيبذل له نفسه وماله ، ورأيت الرجل يعير على إتيان النساء ، ورأيت الرجل يأكل من كسب امرأته من الفجور ، يعلم ذلك ويقيم عليه ، ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل مالا يشتهي وتنفق على زوجها ، ورأيت الرجل يكري امرأته وجاريته ويرضى بالدني من الطعام والشراب ، ورأيت الايمان بالله عزّ وجلّ كثيرة على الزور ، ورأيت القمار قد ظهر ، ورأيت الشراب يباع ظاهرا ليس له مانع ، ورأيت النساء يبذلن أنفسهن لاهل الكفر ، ورأيت الملاهي قد ظهرت ، يمر بها لا يمنعها احد أحدا ، ولا يجترىء أحد على منعها ، ورأيت الشريف يستذله الذى يخاف سلطانه ، ورأيت اقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا اهل البيت ، ورأيت من يحبنا يزور ولا تقبل شهادته ، ورأيت الزور من القول يتنافس فيه ، ورأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه ، وخف على الناس استماع الباطل ، ورأيت الجار يكرم الجار خوفا من لسانه ، ورأيت الحدود قد عطّلت ، وعمل فيها بالاهواء ، ورأيت المساجد قد زخرفت ، ورأيت اصدق الناس عند الناس المفتري الكذب ، ورأيت الشر قد ظهر والسعي بالنميمة ، ورأيت البغي قد فشا ، ورأيت الغيبة تستملح ويبشر بها الناس بعضهم بعضا ، ورأيت طلب الحج والجهاد لغير الله ، ورأيت السلطان يذل للكافر المؤمن ، ورأيت الخراب قد أديل من العمران ، ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان ، ورأيت سفك الدماء يستخف [4] في المصدر : لا يستخفي.
بها ، ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدنيا ، ويشهر نفسه بخبث اللسان ليتقى وتسند اليه الامور ، ورايت الصلاة قد استخف بها ، ورأيت الرجل عنده المال الكثير لم يزكه منذ ملكه ، ورأيت الميت ينشر[5] من قبره ويؤذى وتباع أكفانه ، ورأيت الهرج قد كثر ، ورأيت الرجل يمسي نشوان ويصبح سكران لا يهتم بما الناس فيه ، ورأيت البهائم تنكح ، ورأيت البهائم يفرس بعضها بعضا ورأيت الرجل يخرج إلى مصلاه ويرجع وليس عليه شيء من ثيابه ، ورأيت قلوب الناس قد قست وجمدت أعينهم وثقل الذكر عليهم ، ورأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه ، ورأيت المصلي إنما يصلي ليراه الناس ، ورأيت الفقيه يتفقه لغير الدين ، يطلب الدنيا والرئاسة ، ورأيت الناس مع من غلب ، ورأيت طالب الحلال يذم ويعير ، وطالب الحرام يمدح ويعظم ، ورأيت الحرمين يعمل فيهما بما لا يحب الله ، لا يمنعهم مانع ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد ، ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين ، ورأيت الرجل يتكلم بشيء من الحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيقوم إليه من ينصحه في نفسه ويقول : هذا عنك موضوع ، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ، ويقتدون بأهل الشرور ، ورأيت مسلك الخير وطريقه خاليا لا يسلكه أحد ، ورأيت الميت يهزأ به فلا يفزع له أحد ، ورأيت كل عام يحدث فيه من الشر والبدعة أكثر مما كان ، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلا الاغنياء ، ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به ، ويرحم لغير وجه الله ، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد ، ورأيت الناس يتسافدون كما تتسافد البهائم ، ولا ينكر أحد منكرا تخوفا من الناس ، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله ، ويمنع اليسير [6] في طاعة الله ، ورأيت العقوق قد ظهر ، واستخف بالوالدين ، وكانا من أسوأ الناس حالا عند الولد ، ويفرح بأن [5] في المصدر : ينبش. [6] كان في الاصل : الكثير ، وما اثبتناه من المصدر.
يفتري عليهما ، ورأيت النساء وقد غلبن على الملك ، وغلبن على كل أمر ، لا يؤتى الا ما لهنّ فيه هوى ، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ، ويدعو على والديه ، ويفرح بموتهما ، ورأيت الرجل إذا مر به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم من فجور أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مسكر كئيبا حزينا ، يحسب أن ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره ، وإذا رأيت السلطان يحتكر الطعام ، ورأيت أموال ذوي القربى تقسم في الزور ، ويتقامر بها ويشرب بها الخمور ، ورأيت الخمر يتداوى بها ، وتوصف للمريض ويستشفى بها ، ورأيت الناس قد استووا في ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وترك التدين به ، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق دائمة [7]، ورياح أهل الحق لا تحرك ، ورأيت الاذان بالاجر والصلاة بالاجر ، ورأيت المساجد محتشية ممن لا يخاف الله ، مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحق ، ويتواصفون فيها شراب المسكر ، ورأيت السكران يصلي بالناس وهو لا يعقل ولا يشان بالسكر ، وإذا سكر أُكرم واتقى وخيف وترك لا يعاقب ، ويعذر بسكره. ورأيت من أكل أموال اليتامى يحدث [8] بصلاحه ، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله ، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع ، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لاهل الفسق [9] والجرأة على الله ، يأخذون منهم ويخلونهم وما يشتهون ، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ولا يعمل القائل بما يأمر ، ورأيت الصلاة قد استخف بأوقاتها ، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه الله ، ويعطى لطلب الناس ، ورأيت الناس همهم بطونهم وفروجهم لا يبالون بما أكلوا وما نكحوا ، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم ، ورأيت أعلام الحق قد درست ، فكن على حذر ، واطلب إلى الله النجاة ، واعلم أن[7] في المصدر : قائمة. [8] في المصدر : يحمد. [9] في المصدر : الفسوق.
الناس في سخط الله عزّ وجلّ وإنما يمهلهم لامر يراد بهم ، فكن مترقبا ، واجتهد ليراك الله عزّ وجلّ في خلاف ما هم عليه ، فإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم عجلت إلى رحمة الله ، وإن أخرت ابتلوا وكنت قد خرجت مما هم فيه من الجرأة على الله عزّ وجلّ ، واعلم أن الله لا يضيع أجر المحسنين ، وإن رحمة الله قريب من المحسنين.وسائل الشيعة : ج 16 ص 275-280 ح 21554.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق