أخلاقية الإمام الحسين وأصحابه في عاشوراء
بسم الله الرحمن الرحيم
أخلاق الامام الحسين عليه السلام هي أخلاق جده محمد صلى الله عليه وآله
قال تعالى : ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ القلم:4
نعم هكذا خاطب المولى سبحانه حبيبه وصفيه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله بهذا الوصف الرائع ولو كان هناك خطاب أجل منه في المدح والثناء لمدحه به .
نعم قد عفى عمن حاربه ووقف أولئك الجاهلون ضد الرسالة الإسلامية ، فلقد كان يتسع قلبه لكل الناس ، وكان حريصاً على هدايتهم متغاضياً في هذا السبيل عن إساءة جاهلهم .
وتأدب الإمام الحسين السبط عليه السلام بآداب النبوة وحمل روح جده الرسول الأعظم .
لقد كان الحسين كجده المصطفى يحدوه رضا الله تعالى وقد تمثلت فيه أخلاق جده المصطفى .
أخلاقه بشكل عام:
الإمام الحسين عليه السلام بالرغم من أنه قام بهذه الثورة المقدسة العظيمة ، إلا أنها ثورة لم تنفك عن الأخلاق وقيمه ومبادئه العظيمة ، التي كانت تمثل أخلاق الدين، أخلاق محمد المصطفى ، بل كانت ملتزمة بحذافير التشريع الإسلامي ودقائقه والمثل العليا
للدين ، وهذا ما يتجلى من خلال سلوكه وسلوك أصحابه وأهل بيته وسفرائه ومن هذه الأخلاق :1- حلمه وعفوه :
لقد كان الامام الحسين عليه السلام لا يرد على مسيء إساءة بل يحنو عليه ويرشده إلى طريق الحق وينقذه من الضلال .
فقد روي عنه عليه السلام : لو شتمني رجل في هذه الأذن - وأومى إلى اليمنى - ، وأعتذر لي في الأخرى ، لقبلت ذلك منه ، وذلك أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [ ( عليه السلام ) ] حدثني أنه سمع جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول :
لا يرد الحوض من لم يقبل العذر من محق أو مبطل . نظم درر السمطين : 209
نعم هذه أخلاق محمد صلى الله عليه وآله ، وعلي المرتضى عليه السلام ، والحسن المجتبى ، والحسين الشهيد .. نعم هذه أخلاق الإسلام التي كان يحملها من أول يوم جاء في الجزيرة العربية وإلى يومنا هذا
أخلاقه عليه السلام في يوم عاشوراء:
2- إباؤه للضيم :
لقد تجلت صورة الثائر المسلم بأبهى صورها وأكملها في إباء الإمام الحسين عليه السلام ورفضه للباطل والسكوت على الظلم ، فسنّ بذلك للأجيال اللاحقة سنة الإباء والتضحية من أجل العقيدة وفي سبيلها ، حين وقف ذلك الموقف الرسالي العظيم يهزّ الأمة ويشجعها على أن لا تموت هواناً وذلاً ، رافضاً بيعة الطليق ابن الطليق قائلاً : ( ( إن مثلي لا يبايع مثله).
وها هو يصرح لأخيه محمد بن الحنفية مجسداً ذلك الإباء بقوله : ( يا أخي ! والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية ) ...
بحار الأنوار.329:44
3- رفضه الذل والمهانة :
كان من أهداف الإمام الحسين في ثورته وعي الأمة وتعليمها الأخلاق الإسلامية الأصيلة فهو أبي الضيم ، إنساناً شريفاً وعزيزاً كريماً ، لا يمكن أن يخضع لإنسان وضيع ، ملحد، فاسق ، فاجر وقد عبر عن ذلك في قوله : (والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقر لكم إقرار العبيد ).مقتل الحسين للمقرم ص 280 .
4- أخذ العهود والمواثيق
لم يتحرك الإمام الحسين عليه السلام من مكة إلى العراق إلا بعد أن أخذ المواثيق والعهود والبيعة ، وكان تحركه استجابة للمسؤولية المترتبة على نداء الأمة وطلبها .
وقد جاء ذلك في حديث الإمام مع جيش الحر بن يزيد الرياحي : بعد أن حمد الله وأثنى عليه، ثم قال : ( أيها الناس إنها معذرة إلى الله عز وجل وإليكم ، إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم وقدمت علي رسلكم أن أقدم علينا فإنه ليس لنا إمام لعل الله يجمعنا بك على الهدى ، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم ، فإن تعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم ومواثيقكم أقدم مصركم ، وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي أقبلت منه إليكم .
مقتل الحسين - أبو مخنف الأزدي - ص 83
5- أخلاقيته مع أهل بيته :
قال عليه السلام ( اللهم إني لا أعرف أهل بيتٍ أبر ولا أزكى ولا أطهر من أهل بيتي ، ولا أصحاباً هم خير من أصحابي وقد نزل بي ما قد ترون وأنتم في حلٍ من بيعتي ، ليست لي في أعناقكم بيعة ولا لي عليكم ذمة ، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً وتفرقوا في سواده فإن القوم إنما يطلبونني ، ولو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري.
الأمالي للشيخ الصدوق ص220
فقالوا لا والله لا يكون هذا أبداَ.
قال : ( إنكم تقتلون غداً كذلك ( كلكم خ ل) لا يفلت منكم رجل)
وغير ذلك من السلوك الأخلاقي الذي لا يفسح المجال لذكره ، ونجد هذا السلوك في مختلف المسيرة منه ومن أصحابه ، خصوصاً موقفهم عندما استعرض عليه السلام رأيهم في ليلة عاشوراء وطلب منهم الاستفادة من الليل .
هذه الأمور وغيرها التي كانت ولا زالت تمثل دروساً في الأخلاق الإنسانية وتشكل خطاً واضحاً في حركة الحسين عليه السلام وفي أهداف نهضته .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق