سَيْرِه فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ وَمَكَارِم أخلاقها صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا
مِنْ كِتَابِ زَهِد النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لِأَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدُ الْقُمِّيّ
أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ "( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ *لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ ).(1) .
بَكَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بُكَاءً شَدِيدًا وَبَكَت صَحَابَتِه لِبُكَائِه
وَلَمْ يَدْرُوا مَا نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيل عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَد مِنْ صَحَابَتِهِ أَنْ يُكَلِّمَهُ .
وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إذَا رَأَى فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ فَرِح بِهَا ، فَانْطَلَق بَعْضُ أَصْحَابِهِ إلَى بَابِ بَيْتِهَا ، فَوَجَد بَيْنَ يَدَيْهَا شَعِيرًا وَهِي تطحن فِيه وَتَقُول : " (ومَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ )" (1) (1) الْحَجَر 15: 43 و 44 .
(2) الشورى 42: 36 .
فَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا بِخَبَرِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَبُكَائِه .
فنهضت وَالْتَفَت بِشَمْلَة لَهَا خَلَقَهُ قَدْ خِيطَت فِي اثْنَيْ عَشَرَ مَكَانًا بسعف النَّخْل ، فَلَمَّا خَرَجْتُ نَظَرٌ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ إلَى الشَّمْلَة وَبَكَى وَقَال : " وَاحُزْنَاه أَن [ بَنَات ] قَيْصر وكِسْرى لَفِي السُّنْدُس وَالْحَرِير ، وَابْنُه محمدصلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَلَيْهَا شَمِلَه صُوف خَلَقَهُ قَدْ خِيطَت فِي أَثْنَى عَشَر مَكَانًا .
فَلَمَّا دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَالَت : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ سَلْمَانَ تَعْجَبْ مِنْ لِبَاسِي ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَالِي وَلِعَلِيّ مُنْذُ خَمْسَ سِنِينَ إلَّا مِسْكُ كَبْش نعلف عَلَيْهَا بِالنَّهَار بَعِيرُنَا ، فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ افترشناه وَإِن مرفقتنا لِمَن أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ : " ياسلمان إنَّ ابْنَتِي لَفِي الْخَيْل السَّوَابِق .
ثُمَّ قَالَتْ : " ياأبت فَدَيْتُك مَا الَّذِي أَبْكَاك ؟ فذكرلها مَا نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيل مِنْ الْآيَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْن قَال :
" فَسَقَطَت فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ عَلَى وَجْهِهَا وَهِيَ تَقُولُ : " الْوَيْلُ ثُمَّ الْوَيْلُ لِمَنْ دَخَلَ النَّارَ .
فَسَمِع سَلْمَان فَقَال : ياليتني كُنْت كَبْشًا لِأَهْلِي فَأَكَلُوا لَحْمِي و مَزّقُوا جِلْدِي وَلَمْ أَسْمَعْ بِذِكْرِ النَّارِ .
وَقَال أبوذر : "يا لَيْت أُمِّي كَانَت عاقرا وَلَم تلدني وَلَمْ أَسْمَعْ بِذِكْرِ النَّارِ .
وَقَال مِقْدَاد : " يَا لَيْتَنِي كُنْتُ طَائِرًا فِي الْقِفَار وَلَمْ يَكُنْ عَلِيّ حِسَابٍ وَلا عِقَابَ وَلَمْ أَسْمَعْ بِذِكْرِ النَّارِ .
وَقَالَ عَلِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ : " ياليت السِّبَاع مَزَّقَت لَحْمِي وَلِيَت أُمِّيٌّ لَمْ تلدني وَلَمْ أَسْمَعْ بِذِكْرِ النَّارِ .
ثُمَّ وَضَعَ عَلِيّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ : "
وَا بَعْد سفراه ! وَأَقَلُّه زاداه فِي سَفَرٍ الْقِيَامَة يَذْهَبُون فِي النَّارِ ويتخطفون ، مَرْضَى لايعاد سقيمهم ، و جَرْحَى لايداوى جَرِيحِهِم ، وَأَسْرى لَا يُفَكُّ أَسَرَهُم ، مِنْ النَّارِ يَأْكُلُون ، وَمِنْهَا يَشْرَبُون وَبَيْن أطباقها يتقلبون ، وَبَعْد لَبِسَ الْقُطْنَ مقطعات النَّار يَلْبَسُون ، وَبَعْد مُعَانَقَة الْأَزْوَاج * مَع الشَّيَاطِين مقرنون " .
الْمَصْدَر : بِحَار الْأَنْوَار ج43 ص87 - 90.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق