الخميس، 2 مايو 2024

أنّ أول وقت الصبح طلوع الفجر الثاني المعترض في الافق دون الفجر الأوّل المستطيل

  أنّ أول وقت الصبح طلوع الفجر الثاني المعترض في الافق دون الفجر الأوّل المستطيل 

1 - عن أبي بصير ليث المرادي قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام فقلت : متى يحرم الطعام على الصائم وتحل الصلاة صلاة الفجر؟ فقال : إذا اعترض الفجر فكان كالقبطيّة [1] البيضاء ، فثمّ يحرم الطعام على الصائم وتحل الصلاة صلاة الفجر قلت : أفلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس؟ قال : هيهات أين يذهب بك ، تلك صلاة الصبيان. التهذيب 4 : 185 / 514 . 

 [1] القبطية : ثياب بيض رقاق يؤتى بها من مصر. والجمع القباطي. ( لسان العرب 7 : 373 ).

2 -  عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنّه قال : الصبح [1] هو الذي إذا رأيته كان معترضاً كأنّه بياض نهر سوراء [2].الفقيه 1 : 317 / 1440. 
[1] في نسخة : الفجر ( هامش المخطوط ). [2] سوراء : موضع في العراق في أرض بابل. ( معجم البلدان 3 : 278 ).

ـ قال : وروي أنّ وقت الغداة إذا اعترض الفجر فأضاء حسناً ، وأمّا الفجر الذي يشبه ذنب السرحان [1] فذاك الفجر الكاذب ، والفجر الصادق هو المعترض كالقباطي.الفقيه 1 : 317 / 1441. 
[1] السّرحان : الذئب ، ويقال للفجر الكاذب ذنب السرحان على التشبيه. ( مجمع البحرين 2 : 372 ). 

4 - عن علي بن مهزيار قال : كتب أبو الحسن بن الحصين إلى أبي جعفر الثاني عليه‌السلام معي : جعلت فداك قد اختلف موالوك [1] في صلاة الفجر ، فمنهم  من يصلّي إذا طلع الفجر الأول المستطيل في السماء ، ومنهم من يصلّي إذا اعترض في أسفل الأُفق [2] واستبان ، ولست أعرف أفضل الوقتين فأُصلّي فيه ، فإن رأيت أن تعلّمني أفضل الوقتين وتحدّه لي ، وكيف أصنع مع القمر والفجر لا تبيين معه ، حتّى يحمّر ويصبح ، وكيف أصنع مع الغيم [3] وما حدّ ذلك في السفر والحضر؟ فعلت إن شاء الله ، فكتب عليه‌السلام بخطه وقرأته : الفجر يرحمك الله هو الخيط الأبيض المعترض ، وليس هو الأبيض صعداً فلا تصلّ في سفر ولا حضر حتى تبيّنه ، فإن الله تبارك وتعالى لم يجعل خلقه في شبهةٍ من هذا ، فقال : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ) [4] ، فالخيط الأبيض هو المعترض [5] الذي يحرم به الأكل والشرب في الصوم ، وكذلك هو الذي يوجب به الصلاة. الكافي 3 : 282 / 1. [1] في نسخة من التهذيب : مواليك ـ هامش المخطوط ـ.

[2] في التهذيب : الارض ـ هامش المخطوط ـ. [3] في التهذيب : القمر ـ هامش المخطوط ـ. [4] البقرة 2 : 187. [5] في التهذيب : الفجر ـ هامش المخطوط ـ.

5 -  عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلّي ركعتي الصبح ـ وهي الفجر ـ إذا اعترض الفجر وأضاء حسناً.الاستبصار 1 : 273 / 990.

6 - عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام قال : سألته وقت صلاة الفجر؟ فقال : حين يعترض الفجر فتراه مثل نهر سوراء.وسائل الشيعة : ج 4 ص 212.
  

7 -  عن جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) ، قال : « ان أول [1] صلاة الفجر ، اعتراض الفجر في أفق المشرق ». دعائم الإسلام ج 1 ص 139 . [1] في المصدر : أول وقت. 

 وعنه ( عليه السلام ) أنه قال : « الفجر هو البياض المعترض ». دعائم الإسلام ج 1 ص 271 .

8 -  قال الصادق ( عليه السلام ) ـ حين سئل عن وقت الصبح ـ فقال : « حين يعترض الفجر ويضيء حسناً » الهداية ص 30 .

9 - عن الرضا ( عليه السلام ) ، أنه قال : « صل صلاة الغداة ، إذا طلع الفجر وأضاء حسنا ».مستدرك الوسائل : ج 3 ص 139.

معجزات الصا د ق واستجابة دعوته صلوات الله عليه

 معجزات الصا د ق واستجابة دعوته صلوات الله عليه

1 -  عن البرقي عن أبيه قال حدثني من سمع حنان بن سدير يقول سمعت أبي سدير الصيرفي يقول رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه ‌وآله فيما يرى النائم وبين يديه طبق مغطى بمنديل فدنوت منه وسلمت عليه فرد السلام ثم كشف المنديل عن الطبق فإذا فيه رطب فجعل يأكل منه فدنوت منه فقلت يا رسول الله ناولني رطبة فناولني واحدة فأكلتها ثم قلت يا رسول الله ناولني أخرى فناولنيها فأكلتها وجعلت كلما أكلت واحدة سألته أخرى حتى أعطاني ثماني رطبات فأكلتها ثم طلبت منه أخرى فقال لي حسبك قال فانتبهت من منامي فلما كان من الغد دخلت على جعفر بن محمد الصادق عليه ‌السلام وبين يديه طبق مغطى بمنديل كأنه الذي رأيته في المنام بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه ‌وآله فسلمت عليه فرد علي السلام ثم كشف عن الطبق فإذا فيه رطب فجعل يأكل منه فعجبت لذلك فقلت جعلت فداك ناولني رطبة فناولني فأكلتها ثم طلبت أخرى فناولني فأكلتها وطلبت أخرى حتى أكلت ثماني رطبات ثم طلبت منه أخرى فقال لي لو زادك جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌ وآله لزدناك فأخبرته الخبر فتبسم تبسم عارف بما كان .أمالي الشيخ المفيد ص 179.

2 -عن سدير الصيرفي قال : جاءت امرأة إلى أبي عبد الله عليه‌ السلام فقالت له جعلت فداك أبي وأمي وأهل بيتي نتولاكم فقال لها أبو عبد الله عليه ‌السلام صدقت فما الذي تريدين قالت له المرأة جعلت فداك يا ابن رسول الله أصابني وضح في عضدي فادع الله أن يذهب به عني قال أبو عبد الله اللهم إنك تبرئ الأكمه والأبرص وتحيي العظام وهي رميم ألبسها من عفوك وعافيتك ما ترى أثر إجابة دعائي فقالت المرأة والله لقد قمت وما بي منه قليل ولا كثير .أمالي الشيخ الطوسي ص 259.

3 - عن المفضل بن عمر قال : حمل إلى أبي عبد الله عليه‌ السلام مال من خراسان مع رجلين من أصحابه لم يزالا يتفقدان المال حتى مرا بالري فرفع إليهما رجل من أصحابهما كيسا فيه ألفا درهم فجعلا يتفقدان في كل يوم الكيس حتى دنيا من المدينة فقال أحدهما لصاحبه تعال حتى ننظر ما حال المال فنظرا فإذا المال على حاله ما خلا كيس الرازي فقال أحدهما لصاحبه الله المستعان ما نقول الساعة لأبي عبد الله عليه‌ السلام فقال أحدهما إنه عليه‌السلام كريم وأنا أرجو أن يكون علم ما نقول عنده فلما دخلا المدينة قصدا إليه فسلما إليه المال فقال لهما أين كيس الرازي فأخبراه بالقصة فقال لهما إن رأيتما الكيس تعرفانه قالا نعم قال يا جارية علي بكيس كذا وكذا فأخرجت الكيس فرفعه أبو عبد الله عليه ‌السلام إليهما فقال أتعرفانه قالا هو ذاك قال إني احتجت في جوف الليل إلى مال فوجهت رجلا من الجن من شيعتنا فأتاني بهذا الكيس من متاعكما .بصائر الدرجات ج 2 باب 18 ص 27.

4 - عن ابن أبي حمزة قال : خرجت بأبي بصير أقوده إلى باب أبي عبد الله عليه ‌السلام قال فقال لي لا تتكلم ولا تقل شيئا فانتهيت به إلى الباب فتنحنح فسمعت أبا عبد الله عليه ‌السلام يقول يا فلانة افتحي لأبي محمد الباب قال فدخلنا والسراج بين يديه فإذا سفط بين يديه مفتوح قال فوقعت علي الرعدة فجعلت أرتعد فرفع رأسه إلي فقال أبزاز أنت قلت نعم جعلني الله فداك قال فرمى إلي بملاءة قوهية (1) كانت على المرفقة فقال اطو هذه فطويتها ثم قال أبزاز أنت وهو ينظر في الصحيفة قال فازددت رعدة قال فلما خرجنا قلت يا أبا محمد ما رأيت كما مر بي الليلة إني وجدت بين يدي أبي عبد الله عليه‌ السلام سفطا قد أخرج منه صحيفة فنظر فيها فكلما نظر فيها أخذتني الرعدة قال فضرب أبو بصير يده على جبهته ثم قال ويحك ألا أخبرتني فتلك والله الصحيفة التي فيها أسامي الشيعة ولو أخبرتني لسألته أن يريك اسمك فيها .بصائر الدرجات ج 4 باب 3 ص 46.

(1) نسبة الى قوهستان معرب كوهستان ويعنى موضع الجبال ـ وهي كورة بين نيسابور وهراة وقصبتها قاين ، وأيضا بلد بكرمان قرب جيرفت ، ومنه ثوب قوهى لما ينسج بها أو كل ثوب أشبهه يقال له قوهى وان لم يكن من قوهستان.

5 - عن معاوية بن عمار ومعاوية بن وهب عن ابن سنان قال : كنا بالمدينة حين بعث داود بن علي إلى المعلى بن خنيس فقتله فجلس أبو عبد الله عليه ‌السلام فلم يأته شهرا قال فبعث إليه أن ائتني فأبى أن يأتيه فبعث إليه خمس نفر من الحرس فقال ائتوني به فإن أبى فأتوني به أو برأسه فدخلوا عليه وهو يصلي ونحن نصلي معه الزوال فقالوا أجب داود بن علي قال فإن لم أجب قال أمرنا أن نأتيه برأسك فقال وما أظنكم تقتلون ابن رسول الله قالوا ما ندري ما تقول وما نعرف إلا الطاعة قال انصرفوا فإنه خير لكم في دنياكم وآخرتكم قالوا والله لا ننصرف حتى نذهب بك معنا أو نذهب برأسك قال فلما علم أن القوم لا يذهبون إلا بذهاب رأسه وخاف على نفسه قالوا رأيناه قد رفع يديه فوضعهما على منكبيه ثم بسطهما ثم دعا بسبابته فسمعناه يقول الساعة الساعة فسمعنا صراخا عاليا فقالوا له قم فقال لهم أما إن صاحبكم قد مات وهذا الصراخ عليه فابعثوا رجلا منكم فإن لم يكن هذا الصراخ عليه قمت معكم قال فبعثوا رجلا منهم فما لبث أن أقبل فقال يا هؤلاء قد مات صاحبكم وهذا الصراخ عليه فانصرفوا فقلت له جعلنا الله فداك ما كان حاله قال قتل مولاي المعلى بن خنيس فلم آته منذ شهر فبعث إلي أن آتيه فلما أن كان الساعة لم آته فبعث إلي ليضرب عنقي فدعوت الله باسمه الأعظم فبعث الله إليه ملكا بحربة فطعنه في مذاكيره فقتله فقلت له فرفع اليدين ما هو قال الابتهال فقلت فوضع يديك وجمعها فقال التضرع قلت ورفع الإصبع قال البصبصة . بحار الانوار : ج 47 ص 66- 67.                      

وصية الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام لعبد الله بن جندب

  هو عبد الله بن جندب البجلي الكوفي ثقة جليل القدر من أصحاب الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام وانه من المخبتين وكان وكيلا لأبي إبراهيم وأبى الحسن عليهما السلام. كان عابدا رفيع المنزلة لديهما على ما ورد في الاخبار. ولما مات رحمه الله قام مقامه علي بن مهزيار.

وصيته عليه السلام لعبد الله بن جندب روي أنه عليه السلام قال:

يا عبد الله لقد نصب إبليس حبائله في دار الغرور فما يقصد فيها إلا أولياءنا، ولقد جلت الآخرة في أعينهم حتى ما يريدون بها بدلا، ثم قال: آه آه على قلوب حشيت نورا وإنما كانت الدنيا عندهم بمنزلة الشجاع الأرقم والعدو الأعجم أنسوا بالله واستوحشوا مما به استأنس المترفون، أولئك أوليائي حقا، وبهم تكشف كل فتنة وترفع كل بلية.

يا ابن جندب حق على كل مسلم يعرفنا أن يعرض عمله في كل يوم وليلة على نفسه فيكون محاسب نفسه، فان رأى حسنة استزاد منها. وإن رأى سيئة استغفر منها لئلا يخزي يوم القيامة. طوبى لعبد لم يغبط الخاطئين على ما أوتوا من نعيم الدنيا وزهرتها، طوبى لعبد طلب الآخرة وسعى لها، طوبى لمن لم تلهه الأماني الكاذبة.
ثم قال عليه السلام: رحم الله قوما كانوا سراجا ومنارا، كانوا دعاة إلينا بأعمالهم ومجهود طاقتهم، ليس‌ [وا] كمن يذيع أسرارنا.

يا ابن جندب إنما المؤمنون الذين يخافون الله، ويشفقون أن يسلبوا ما أعطوا من الهدى، فإذا ذكروا الله ونعماءه وجلوا وأشفقوا، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا مما أظهره من نفاذ قدرته، وعلى ربهم يتوكلون.

يا ابن جندب قديما عمر الجهل وقوي أساسه وذلك لاتخاذهم دين الله لعبا حتى لقد كان المتقرب منهم إلى الله بعمله يريد سواه أولئك هم الظالمون.

يا ابن جندب لو أن شيعتنا استقاموا لصافحتهم الملائكة، ولأظلهم الغمام، و لأشرقوا نهارا، ولأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ولما سألوا الله شيئا إلا أعطاهم.

يا ابن جندب لا تقل في المذنبين من أهل دعوتكم إلا خيرا، واستكينوا إلى الله في توفيقهم، وسلوا التوبة لهم، فكل من قصدنا وتولانا، ولم يوال عدونا وقال ما يعلم، وسكت عما لا يعلم أو أشكل عليه فهو في الجنة.

يا ابن جندب يهلك المتكل على عمله، ولا ينجو المجترئ على الذنوب الواثق برحمة الله. قلت: فمن ينجو؟ قال: الذين هم بين الرجاء والخوف، كأن قلوبهم في مخلب طائر شوقا إلى الثواب وخوفا من العذاب.

يا ابن جندب من سره أن يزوجه الله الحور العين، ويتوجه بالنور فليدخل على أخيه المؤمن السرور.

يا ابن جندب أقل النوم بالليل والكلام بالنهار، فما في الجسد شئ أقل شكرا من العين واللسان، فان أم سليمان قالت لسليمان عليه السلام: يا بني إياك و النوم، فإنه يفقرك يوم يحتاج الناس إلى أعمالهم.

يا ابن جندب إن للشيطان مصائد يصطاد بها فتحاموا شباكه ومصائده قلت: يا ابن رسول الله وما هي؟ قال: أما مصائده فصد عن بر الاخوان، وأما شباكه فنوم عن قضاء الصلوات التي فرضها الله، أما إنه ما يعبد الله بمثل نقل الاقدام إلى بر الاخوان وزيارتهم، ويل للساهين عن الصلوات، النائمين في الخلوات، المستهزئين بالله وآياته في الفترات " أُولَٰئِكَ (الذين) لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ [وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْيَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [1] ".[1] آل عمران 3: 77.

يا ابن جندب من أصبح مهموما لسوى فكاك رقبته فقد هون عليه الجليل ورغب من ربه في الوتح الحقير ومن غش أخاه وحقره وناواه جعل الله النار مأواه، ومن حسد مؤمنا انماث الايمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء.

يا ابن جندب الماشي في حاجة أخيه كالساعي بين الصفا والمروة، وقاضي حاجته كالمتشحط بدمه في سبيل الله يوم بدر واُحد، وما عذب الله أمة إلا عند استهانتهم بحقوق فقراء إخوانهم.

يا ابن جندب بلغ معاشر شيعتنا وقل لهم: لا تذهبن بكم المذاهب فوالله لا تنال ولايتنا إلا بالورع والاجتهاد في الدنيا ومواساة الاخوان في الله. وليس من شيعتنا من يظلم الناس.

يا ابن جندب إنما شيعتنا يعرفون بخصال شتى: بالسخاء والبذل للاخوان وبأن يصلوا الخمسين ليلا ونهارا، شيعتنا لا يهرون هرير الكلب، ولا يطمعون طمع الغراب، ولا يجاورون لنا عدوا، ولا يسألون لنا مبغضا، ولو ماتوا جوعا، شيعتنا لا يأكلون الجري [1] ولا يمسحون على الخفين، ويحافظون على الزوال، ولايشربون مسكرا. قلت: جعلت فداك فأين أطلبهم؟ قال عليه السلام: على رؤوس الجبال وأطراف المدن. وإذا دخلت مدينة فسل [2] عمن لا يجاورهم ولا يجاورونه فذلك مؤمن كما قال الله: " وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى } [3] " والله لقد كان حبيب النجار وحده.

[1] الجري - كذمي -: سمك طويل أملس وليس عليه فصوص. وقيل: مارماهى.
[2] الظاهر أن مراده عليه السلام في دولة الفسق وزمن الكفر.
[3] يس 36: 20.

يا ابن جندب كل الذنوب مغفورة سوى عقوق أهل دعوتك، وكل البر مقبول إلا ما كان رئاء.

يا ابن جندب أحبب في الله وابغض في الله، واستمسك بالعروة الوثقى، واعتصم بالهدى يقبل عملك فإن الله يقول: " (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهتَدَى )[1] " فلا يقبل إلا الايمان، ولا إيمان إلا بعمل، ولا عمل إلا بيقين، ولا يقين إلا بالخشوع وملاكها كلها الهدى، فمن اهتدى يقبل عمله وصعد إلى الملكوت متقبلا "وَاللَّهُ يَهْدِيمَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) [2] ".
[1] طه 20: 82. وفى المصدر: الا من آمن وعمل صالحا ثم اهتدى ".
[2] البقرة 2: 213.

يا ابن جندب إن أحببت أن تجاور الجليل في داره، وتسكن الفردوس في جواره فلتهن عليك الدنيا، واجعل الموت نصب عينك، ولا تدخر شيئا لغد، و اعلم أن لك ما قدمت وعليك ما أخرت.

[5] الرزية: المصيبة أصله من رزأ أي أصاب منه شيئا ونقض. وفى بعض النسخ " أو ذرية " وهي الصواب.

يا ابن جندب من حرم نفسه كسبه فإنما يجمع لغيره، ومن أطاع هواه فقد أطاع عدوه، من يثق بالله يكفه ما أهمه من أمر دنياه وآخرته ويحفظ له ما غاب عنه. وقد عجز من لم يعد لكل بلاء صبرا ولكل نعمة شكرا، ولكل عسر يسرا، صبر نفسك عند كل بلية في ولد أو مال، أو رزية [1] فإنما يقبض عاريته ويأخذهبته ليبلو فيهما صبرك وشكرك، وارج الله رجاء لا يجرئك على معصيته،
 وخفه خوفا لا يؤيسك من رحمته، ولا تغتر بقول الجاهل ولا بمدحه فتكبر وتجبر و تعجب بعملك، فان أفضل العمل العبادة والتواضع، فلا تضيع مالك وتصلح مال غيرك ما خلفته وراء ظهرك، وأقنع بما قسمه الله لك، ولا تنظر إلا إلى ما عندك، ولا تتمن ما لست تناله، فان من قنع شبع، ومن لم يقنع لم يشبع، وخذ حظك من آخرتك، ولا تكن بطرا في الغنى، ولا جزعا في الفقر، ولا تكن فظا غليظا يكره الناس قربك ولا تكن واهنا يحقرك من عرفك، ولا تشار [2] من فوقك، ولا تسخر بمن هو دونك، ولا تنازع الامر أهله، ولا تطع السفهاء، ولا تكن مهينا تحت كل أحد، ولا تتكلن على كفاية أحد، وقف عند كل أمر حتى تعرف مدخله من مخرجه قبل أن تقع فيه فتندم، واجعل قلبك قريبا تشاركه [3] واجعل علمك والدا تتبعه، واجعل نفسك عدوا تجاهده، وعارية تردها، فإنك قد جعلت طبيب نفسك، وعرفت آية الصحة وبين لك الداء، ودللت على الدواء. فانظر قيامك على نفسك، وإن كانت لك يد عند إنسان فلا تفسدها بكثرة المنن والذكر لها، و لكن اتبعها بأفضل منها، فان ذلك أجمل بك في أخلاقك، وأوجب للثواب في آخرتك، وعليك بالصمت تعد حليما - جاهلا كنت أو عالما - فإن الصمت زين لك عند العلماء، وستر لك عند الجهال.

[1] الرزية: المصيبة أصله من رزأ أي أصاب منه شيئا ونقض. وفى بعض النسخ " أو ذرية " وهي الصواب.
[2] ولا تشار أي ولا تخاصم.
[3] في بعض النسخ " تتنازله " وفى بعضها " تشاوره ".

يا ابن جندب إن عيسى بن مريم عليه السلام قال لأصحابه: " أرأيتم لو أن أحدكم مر بأخيه فرأى ثوبه قد انكشف عن بعض عورته أكان كاشفا عنها كلها أم يرد عليها ما انكشف منها؟ قالوا: بل نرد عليها، قال: كلا، بل تكشفون عنها كلها - فعرفوا أنه مثل ضربه لهم - فقيل: يا روح الله وكيف ذلك؟ قال: الرجل منكم يطلع على العورة من أخيه فلا يسترها. بحق أقول لكم إنكم لا تصيبون ما تريدون إلا بترك ما تشتهون، ولا تنالون ما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون.
إياكم والنظرة فإنها تزرع في القلب الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة. طوبى لمن جعل بصره في قلبه ولم يجعل بصره في عنيه لا تنظروا في عيوب الناس كالأرباب و انظروا في عيوبكم كهيئة العبيد. إنما الناس رجلان مبتلى ومعافي، فارحموا المبتلى واحمدوا الله على العافية ".

يا ابن جندب صل من قطعك، واعط من حرمك، وأحسن إلى من أساء إليك وسلم على من سبك، وأنصف من خاصمك، واعف عمن ظلمك، كما أنك تحب أن يعفى عنك، فاعتبر بعفو الله عنك، ألا ترى أن شمسه أشرقت على الأبرار و الفجار، وأن مطره ينزل على الصالحين والخاطئين.

يا ابن جندب لا تتصدق على أعين الناس ليزكوك، فإنك إن فعلت ذلك فقد استوفيت أجرك، ولكن إذا أعطيت بيمينك فلا تطلع عليها شمالك، فإن الذي تتصدق له سرا يجزيك علانية على رؤوس الاشهاد في اليوم الذي لا يضرك أن لا يطلع الناس على صدقتك. واخفض الصوت، إن ربك الذي يعلم ما تسرون وما تعلنون، قد علم ما تريدون قبل أن تسألوه، وإذا صمت فلا تغتب أحدا، ولا تلبسوا صيامكم بظلم، ولا تكن كالذي يصوم رئاء الناس، مغبرة وجوههم، شعثة رؤوسهم، يابسة أفواههم لكي يعلم الناس أنهم صيام.

يا ابن جندب الخير كله أمامك، وإن الشر كله أمامك، ولن ترى الخير والشر إلا بعد الآخرة، لان الله عز وجل جعل الخير كله في الجنة والشر كله في النار، لأنهما الباقيان، والواجب على من وهب الله له الهدى وأكرمه بالايمان وألهمه رشده، وركب فيه عقلا يتعرف به نعمه، وآتاه علما وحكما يدبر به أمر دينه ودنياه [1] أن يوجب على نفسه أن يشكر الله ولا يكفره، وأن يذكر الله ولا ينساه وأن يطيع الله ولا يعصيه، للقديم الذي تفرد له بحسن النظر، وللحديث الذي أنعم عليه بعد إذ أنشأه مخلوقا، وللجزيل الذي وعده، والفضل الذي لم يكلفه من طاعته فوق طاقته وما يعجز عن القيام به وضمن له العون على تيسير ما حمله من ذلك
وندبه إلى الاستعانة على قليل ما كلفه وهو معرض [2] عما أمره وعاجز عنه قد لبس ثوب الاستهانة فيما بينه وبين ربه، متقلدا لهواه، ماضيا في شهواته، مؤثرا لدنياه على آخرته، وهو في ذلك يتمنى جنان الفردوس، وما ينبغي لاحد أن يطمع أن ينزل بعمل الفجار منازل الأبرار. أما إنه لو وقعت الواقعة، وقامت القيامة، وجاءت الطامة، ونصب الجبار الموازين لفصل القضاء، وبرز الخلائق ليوم الحساب أيقنت عند ذلك لمن تكون الرفعة والكرامة، وبمن تحل الحسرة والندامة، فاعمل اليوم في الدنيا بما ترجو به الفوز في الآخرة.
[1] " الواجب " مبتدأ وخبره جملة " أن يوجب على نفسه الخ ".
[2] الضمير يرجع إلى " من وهب الله ".

يا ابن جندب قال الله جل وعز في بعض ما أوحي: " إنما اقبل الصلاة ممن يتواضع لعظمتي، ويكف نفسه عن الشهوات من أجلي، ويقطع نهاره بذكري، ولا يتعظم على خلقي، ويطعم الجائع ويكسو العاري ويرحم المصاب ويؤوي الغريب [1] فذلك يشرق نوره مثل الشمس، أجعل له في الظلمة نورا وفي الجهالة حلما، أكلاه بعزتي [2] وأستحفظه ملائكتي، يدعوني فألبيه، ويسألني فاعطيه، فمثل ذلك العبد عندي كمثل جنات الفردوس لا يسبق أثمارها، ولا تتغير عن حالها.
[1] في بعض النسخ " ويواسي الغريب " يقال: واسى الرجل أي آساه وعاونه.
[2] كلا الله فلانا: حفظه وحرسه.

يا ابن جندب الاسلام عريان، فلباسه الحياء، وزينته الوقار، ومروته العمل الصالح، وعماده الورع، ولكل شئ أساس، وأساس الاسلام جبنا أهل البيت.

يا ابن جندب إن لله تبارك وتعالى سورا من نور، محفوفا بالزبرجد و الحرير، منجدا بالسندس [1] والديباج، يضرب هذا السور بين أوليائنا وبين أعدائنا، فإذا على الدماغ وبلغت القلوب الحناجر ونضجت الأكباد من طول
الموقف ادخل في هذا السور أولياء الله، فكانوا في أمن الله وحرزه، لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين. وأعداء الله قد ألجمهم العرق، وقطعهم الفرق، وهم ينظرون إلى ما أعد الله لهم، فيقولون: "  {مَا لَنَا لاَ نَرَى رِجَالاً كُنّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأَشْرَارِ } [2] " فينظر إليهم أولياء الله فيضحكون منهم، فذلك قوله عز وجل:
 ( أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَار ) [3] ". وقوله: "فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ  فلا يبقى أحد ممن أعان مؤمنا من أوليائنا بكلمة إلا أدخله الله الجنة بغير حساب.التحف ص : 301-307.

[1] منجدأ أي مزينا.
[2] ص 38 : 62 .
[3] ص 38: 63.
[4] المطففين 83 : 34، 35.

وصية الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام لأبي جعفر محمد بن النعمان الأحول

  نبذة لأبي جعفر محمد بن النعمان الأحول

هو أبو جعفر محمد بن علي بن النعمان الكوفي المعروف عندنا بصاحب الطاق أو مؤمن الطاق والمخالفون يلقبونه شيطان الطاق، كان صيرفيا في طاق المحامل بالكوفة يرجع إليه في النقد فيخرج كما ينقد فيقال: شيطان الطاق وهو من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام كان رحمه الله ثقة، متكلما، حاذقا، كثير العلم، حسن الخاطر، حاضر الجواب حكى عن أبي خالد الكابلي أنه قال: رأيت أبا جعفر صاحب الطاق وهو قاعد في الروضة قد قطع أهل المدينة ازاره وهو دائب يجيبهم ويسألونه فدنوت منه وقلت: ان أبا عبد الله عليه السلام نهانا عن الكلام. فقال: وأمرك أن تقول لي؟ فقلت: لا والله ولكنه أمرني أن لا أكلم أحدا قال: فاذهب وأطعه فيما أمرك. فدخلت على أبى عبد الله عليه السلام فأخبرته بقصة صاحب الطاق وما قلت له وقوله: اذهب وأطعه فيما أمرك. فتبسم أبو عبد الله عليه السلام وقال: يا أبا خالد ان صاحب الطاق يكلم الناس فيطير وينقض وأنت ان قصوك لن تطير اه‌. وله مع أبي حنيفة حكايات نقلها المؤرخون وأهل السير فمنها أنه لما مات الصادق عليه السلام رأى أبو حنيفة مؤمن الطاق فقال له: مات امامك، قال: نعم أما امامك فمن المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم. وله كتب منها كتاب الإمامة وكتاب المعرفة وكتاب الرد على المعتزلة في امامة المفضول وكتاب في اثبات الوصية وغير ذلك.

وصيته عليه السلام لأبي جعفر محمد بن النعمان الأحول

قال أبو جعفر: قال لي الصادق عليه السلام: إن الله عز وجل عير أقواما في القرآن بالإذاعة فقلت له: جعلت فداك أين قال؟ قال: قوله: " وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ[1] " ثم قال: المذيع علينا سرنا كالشاهر بسيفه علينا، رحم الله عبدا سمع بمكنون علمنا فدفنه تحت قدميه. والله إني لاعلم بشراركم من البيطار بالدواب، شراركم الذين لا يقرؤون القرآن إلا هجرا، ولا يأتون الصلاة إلا دبرا، ولا يحفظون ألسنتهم .[1النساء 4: 83.

إعلم أن الحسن بن علي عليهما السلام لما طعن واختلف الناس عليه سلم الامر لمعاوية فسلمت عليه الشيعة " عليك السلام يا مذل المؤمنين "، فقال عليه السلام: " ما أنا بمذل المؤمنين ولكني معز المؤمنين، إني لما رأيتكم ليس بكم عليهم قوة سلمت الامر لأبقى أنا وأنتم بين أظهرهم، كما عاب العالم السفينة لتبقى لأصحابها وكذلك نفسي وأنتم لنبقى بينهم ".

يا ابن النعمان إني لا حدث الرجل منكم بحديث فيتحدث به عني فأستحل بذلك لعنته ولا براءة منه. فان أبي كان يقول: " وأي شئ أقر للعين من التقية، إن التقية جنة المؤمن  ولولا التقية ما عبد الله ". وقال الله عز وجل: " ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِيشَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً  ﴾.[1] ".[1آل عمران 3 : 28.

يا ابن النعمان إياك والمراء، فإنه يحبط عملك. وإياك والجدال، فإنه يوبقك. وإياك وكثرة الخصومات، فإنها تبعدك من الله. ثم قال: إن من كان قبلكم كانوا يتعلمون الصمت وأنتم تتعلمون الكلام، كان أحدهم إذا أراد التعبد يتعلم الصمت قبل ذلك بعشر سنين فإن كان يحسنه ويصبر عليه تعبد وإلا قال: ما أنا لما أروم بأهل [1]، إنما ينجو من أطال الصمت عن الفحشاء وصبر في دولة الباطل على الأذى، أولئك النجباء الأصفياء الأولياء حقا وهم المؤمنون. إن أبغضكم إلي المتراسون [2] المشاؤون بالنمائم، الحسدة لإخوانهم، ليسوا مني ولا أنا منهم. إنما أوليائي الذين سلموا لامرنا واتبعوا آثارنا واقتدوا بنا في كل أمورنا. ثم قال: والله لو قدم أحدكم ملء الأرض ذهبا على الله، ثم حسد مؤمنا لكان ذلك الذهب مما يكوى به في النار.
[1] رام الشئ يروم روما، أراده.
[2] تراس القوم الخبر: تساروه. وارتس الخبر في الناس: فشا وانتشر. ويحتمل أن يكون كما في بعض نسخ الحديث " المترأسون " بالهمزة من ترأس أي صار رئيسا.

يا ابن النعمان إن المذيع ليس كقاتلنا بسيفه بل هو أعظم وزرا، بل هو أعظم وزرا، بل هو أعظم وزرا.

يا ابن النعمان إنه من روى علينا حديثا [1] فهو ممن قتلنا عمدا ولم يقتلنا خطأ.
[1] في بعض النسخ " حديثنا ".

يا ابن النعمان إذا كانت دولة الظلم فامش واستقبل من تتقيه بالتحية، فان المتعرض للدولة قاتل نفسه [1] وموبقها، إن الله يقول: " {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[2] ".
[1] كان ذلك إذا حفظ بها أصول الاسلام وأساس الدين وضرورياته والا فلا يجوز بل حرام فليس هذا بعمل التقية.
[2] البقرة 2: 195.

يا ابن النعمان إنا أهل بيت لا يزال الشيطان يدخل فينا من ليس منا ولا من أهل ديننا، فإذا رفعه ونظر إليه الناس أمره الشيطان فيكذب علينا، وكلما ذهب واحد جاء آخر.

يا ابن النعمان من سئل عن علم، فقال: لا أدري فقد ناصف العلم، والمؤمن يحقد ما دام في مجلسه، فإذا قام ذهب عنه الحقد.

يا ابن النعمان إن العالم لا يقدر أن يخبرك بكل ما يعلم، لأنه سر الله الذي أسره إلى جبرئيل عليه السلام وأسره جبرئيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وآله وأسره محمد صلى الله عليه وآله إلى علي عليه السلام، وأسره علي عليه السلام إلى الحسن عليه السلام، وأسره الحسن عليه السلام إلى الحسين عليه السلام، وأسره الحسين عليه السلام إلى علي عليه السلام، وأسره علي عليه السلام إلى محمد عليه السلام، وأسره محمد عليه السلام إلى من أسره، فلا تعجلوا فوالله لقد قرب هذا الامر ثلاث مرات فأذعتموه، فأخره الله، والله مالكم سر إلا وعدوكم أعلم به منكم.

يا ابن النعمان ابق على نفسك فقد عصيتني. لا تذع سري، فان المغيرة بن سعيد  كذب على أبي وأذاع سره فأذاقه الله حر الحديد. وإن أبا الخطاب كذب علي وأذاع سري فأذاقه الله حر الحديد، ومن كتم أمرنا زينه الله به في الدنيا والآخرة وأعطاه حظه، ووقاه حر الحديد وضيق المحابس، إن بني إسرائيل قحطوا حتى هلكت المواشي والنسل فدعا الله موسى بن عمران عليه السلام فقال: يا موسى إنهم أظهروا الزنى والربا وعمروا الكنائس وأضاعوا الزكاة، فقال: إلهي تحنن برحمتك عليهم فإنهم لا يعقلون. فأوحى الله إليه أني مرسل قطر السماء ومختبرهم بعد أربعين يوما. فأذاعوا ذلك وأفشوه، فحبس عنهم القطر أربعين سنة وأنتم قد قرب أمركم فأذعتموه في مجالسكم.

يا أبا جعفر مالكم وللناس كفوا عن الناس، ولا تدعوا أحدا إلى هذا الامر، فوالله لو أن أهل السماوات [والأرض] اجتمعوا على أن يضلوا عبدا يريد الله هداه ما استطاعوا أن يضلوه. كفوا عن الناس ولا يقل: أحدكم أخي وعمي وجاري. فإن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه، فلا يسمع معروفا إلا عرفه، ولا منكرا إلا أنكره، ثم قذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمره.

يا ابن النعمان إن أردت أن يصفو لك ود أخيك فلا تمازحنه، ولا تمارينه، ولا تباهينه [1] ولا تشارنه، ولا تطلع صديقك من سرك إلا على ما لو اطلع عليه عدوك لم يضرك، فإن الصديق قد يكون عدوك يوما.
[1] أي لا تفاخرنه. و " لا تشارنه " أي ولا تخاصمنه.


يا ابن النعمان لا يكون العبد مؤمنا حتى يكون فيه ثلاث سنن: سنة من الله وسنة من رسوله وسنة من الامام، فأما السنة من الله عز وجل فهو أن يكون كتوما للاسرار يقول الله جل ذكره: "  عَالِم الْغَيْب فَلَا يُظْهِر عَلَى غَيْبه أَحَدًا } [1] " وأما التي من رسول الله صلى الله عليه وآله فهو أن يداري الناس ويعاملهم بالأخلاق الحنيفية، وأما التي من الامام فالصبر في البأساء والضراء حتى يأتيه الله بالفرج.[1الجن 72: 26.

يا ابن النعمان ليست البلاغة بحدة اللسان، ولا بكثرة الهذيان، ولكنها إصابة المعنى وقصد الحجة.

يا ابن النعمان من قعد إلى ساب أولياء الله فقد عصى الله. ومن كظم غيظا فينا لا يقدر على إمضائه كان معنا في السنام الاعلى [1].
ومن استفتح نهاره بإذاعة سرنا سلط الله عليه حر الحديد وضيق المحابس.
[1] أي في الدرجة الرفيعة العالية.

يا ابن النعمان لا تطلب العلم لثلاث: لترائي به، ولا لتباهي [به]، ولا لتماري ولا تدعه لثلاث: رغبة في الجهل، وزهادة في العلم: واستحياء من الناس، والعلم [ال‌] مصون كالسراج المطبق عليه.

يا ابن النعمان إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء، فجال القلب بطلب الحق. ثم هو إلى أمركم أسرع من الطير إلى وكره [1].
[1] الوكر: عش الطائر أي بيته وموضعه.

يا ابن النعمان إن حبنا أهل البيت - ينزله الله من السماء من خزائن تحت العرش كخزائن الذهب والفضة ولا ينزله إلا بقدر، ولا يعطيه إلا خير الخلق، وإن له غمامة كغمامة القطر، فإذا أراد الله أن يخص به من أحب من خلقه أذن لتلك الغمامة فتهطلت كما تهطل السحاب [1] فتصيب الجنين في بطن أمه.
[1] تهطل المطر: نزل متتابعا عظيم القطر.
التحف ص : 301-307-313.

الأربعاء، 1 مايو 2024

استحباب الصلاة في أوّل الوقت

  استحباب الصلاة في أوّل الوقت

1-عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما من صلاة يحضر وقتها إلاّ نادى ملك بين يدي الله : أيّها الناس ، قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم فأطفؤها بصلاتكم . الفقيه 1 : 133 | 624 .

2- قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : أوّل الوقت زوال الشمس ، وهو وقت الله الأوّل ، وهو أفضلهما . الاستبصار 1 : 246 | 880 .

3-عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قال جبرئيل لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ـ في حديث ـ : أفضل الوقت أوّله . التهذيب 2 : 253 | 1004.

4- عن زرارة قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : اعلم أن أوّل الوقت أبداً أفضل ، فعجّل الخير ما استطعت ، وأحبّ الأعمال إلى الله ما داوم (2) عليه العبد وإن قلّ . (2) في التهذيب والسرائر : دام ( هامش المخطوط ) .

5- قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : لكلّ صلاة وقتان وأوّل الوقت أفضلهما . الكافي 3 : 274 | 4 .

6- قال أبو عبدالله ( عليه السلام) : لفضل الوقت الأوّل على الأخير خير للرجل من ولده وماله . وسائل الشيعة : ج 4 ص 122.

7- عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إنّ فضل الوقت الأوّل على الآخر كفضل الآخرة على الدنيا . ثواب الأعمال : 58 | 2 .

أنّ وقت الصبح من طلوع الفجر الى طلوع الشمس

 أنّ وقت الصبح من طلوع الفجر الى طلوع الشمس

1 -  عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : وقت الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء ولا ينبغي تأخير ذلك عمداً لكنّه وقت لمن شغل أو نسي أو نام. الكافي3 : 283 / 5.

2 - عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ـ في حديث ـ قال : إذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة. الكافي3 : 445 / 25.

3 -  عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : وقت الفجر حين يبدو حتى يضيء.الاستبصار 1 : 274 / 991.

4- عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : رجل صلى الفجر حين طلع الفجر ، فقال : لابأس. التهذيب 2 : 36 / 113.

5 - عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لكلّ صلاة وقتان ، وأوّل الوقتين أفضلهما ، وقت صلاة الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء ، ولا ينبغي تأخير ذلك عمداً ، ولكنّه وقت من شغل أو نسي أو سها أو نام ، ووقت المغرب حين تجب الشمس إلى أن تشتبك النجوم ، وليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتاً إلاّ من عذر أو من علّة. الاستبصار 1 : 276 / 1003.

6 - عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : وقت صلاة الغداة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. الاستبصار 1 : 275 / 998.

7 -  في حديث عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لا تفوت صلاة الفجر حتى تطلع الشمس. وسائل الشيعة : ج 4 ص 209.

8 ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : قال : « أول وقت الفجر ، اعتراض الفجر في أفق المشرق ، وهو بياض كبياض النهار ، وآخر وقت الفجر ، ان تبدو الحمرة في أفق المغرب ، ( وقد رخص للعليل والمسافر والمضطر إلى قبل طلوع الشمس ) [1] ». فقه الرضا ( عليه السلام ) ص 2. [1 فقه الرضا ( عليه السلام ) ص 7.

9 - عن جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) ، قال : « ان أول صلاة الفجر ، اعتراض الفجر في أفق المشرق ، وآخر وقتها ان يحمر أفق المغرب ، وذلك قبل أن يبدو قرن الشمس من أفق المشرق بشيء ، ولا ينبغي تأخيرها إلى هذا الوقت لغير عذر [1] ، وأول الوقت أفضل ». مستدرك الوسائل : ج 3 ص 138. [1] في المصدر : إلّا لعذر أو علة.

الثلاثاء، 30 أبريل 2024

استحباب الحج مباشرة على وجه النيابة

 استحباب الحج مباشرة على وجه النيابة واستحباب اختياره على الاستنابة فيه 

1 -  عن عبدالله بن سنان [1] قال : كنت عند أبي عبدالله ( عليه السلام ) إذ دخل عليه رجل فأعطاه ثلاثين ديناراً يحجّ بها عن إسماعيل ، ولم يترك شيئاً من العمرة إلى الحجّ إلّا اشترط ، عليه حتى اشترط عليه أن يسعى في وادي محسر ، ثمّ قال : يا هذا ، إذا أنت فعلت هذا كان لإسماعيل حجّة بما أنفق من ماله وكان لك تسع حجج بما أتعبت من بدنك . الكافي 4 : 312 / 1 .
[1] في الكافي : عبدالرحمن بن سنان قال : كنت . . . وفي التهذيب : عبدالرحمٰن ، عن عبدالله بن سنان . وفي هامش المخطوط عن نسخة : عبدالله بن سنان عن عبدالله بن سنان ! 

2 -عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قلت له : الرجل يحجّ عن آخر ماله من الثواب ؟ قال : للذي يحجّ عن رجل أجر وثواب عشر حجج . الكافي 4 : 312 / 2 .

3 -  عن الحارث بن المغيرة قال : قلت لأَبي عبدالله ( عليه السلام ) : إنّ ابنتي أوصت بحجّة ولم تحجّ ، قال : فحجّ عنها ، فإنّها لك ولها ، قلت : إنّ امرأتي ماتت ولم تحجّ ، قال : فحجّ عنها ، فإنّها لك ولها . الفقيه 2 : 270 / 1317. 

4-  عن عمرو بن سعيد الساباطي ، أنّه كتب إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) يسأله عن رجل أوصى إليه رجل أن يحجّ عنه ثلاثة رجال فيحلّ له أن يأخذ لنفسه حجّة منها ؟ فوقع بخطّه وقرأته : حجّ عنه إن شاء الله ، فإنّ لك مثل أجره ، ولا ينقص من أجره شيء إن شاء الله تعالى . الفقيه 2 : 271 / 1323. 

5 ـ قال : وسُئل الصادق ( عليه السلام ) عن الرجل يحجّ عن آخر ، له من الأَجر والثواب شيء ؟ فقال : للذي يحجّ عن الرجل أجر وثواب عشر حجج ، ويغفر له ولأَبيه ولأُمّه ولابنه ولابنته ولأَخيه [1] ولأُخته ولعمّه ولعمّته ولخاله ولخالته ، إنّ الله واسع كريم .الفقيه 2 : 144 / 629 . [1] « ولأخيه » : ليس في المصدر . 

6 - عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : من حجّ عن إنسان اشتركا ، حتى إذا قضى طواف الفريضة انقطعت الشركة ، فما كان بعد ذلك من عمل كان لذلك الحاج . الفقيه 2 : 262 / 1275. 

7 -  وروي أنّ الصادق ( عليه السلام ) أعطى رجلاً ثلاثين ديناراً فقال له : حجّ عن إسماعيل وافعل وافعل ولك تسع ، وله واحدة . الفقيه 2 : 262 / 1274. 

أنّ أول وقت الصبح طلوع الفجر الثاني المعترض في الافق دون الفجر الأوّل المستطيل

   أنّ أول وقت الصبح طلوع الفجر الثاني المعترض في الافق دون الفجر الأوّل المستطيل  1 -  عن أبي بصير ليث المرادي قال : سألت أبا عبدالله عل...