أخلاق وتواضع النبي محمد صلى الله عليه واله
عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان بينا رسول الله صلى الله عليه واله جالسا وعنده جبرئيل إذ حانت من جبرئيل نظرة قبل السماء فانتقع لونه حتى صار كأنه كركم ، ثم لاذ برسول الله صلى الله عليه واله فنظر رسول الله صلى الله عليه واله حيث نظر جبرئيل عليه السلام فإذا شئ قد ملا بين الخافقين مقبلا ، حتى كان كقاب الارض(٢) ،(٢) حتى دنا من الارضفقال : يا محمد إني رسول الله إليك ، اخيرك أن تكون ملكا رسولا أحب إليك ، أو تكون عبدا رسولا؟ فالتفت رسول الله صلى الله عليه واله إلى جبرئيل وقد رجع إليه لونه ، فقال جبرئيل : بل كن عبدا رسولا ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله: بل أكون عبدا رسولا ، فرفع الملك رجله اليمنى فوضعها في كبد السمآء الدنيا ، ثم رفع الاخرى فوضعها في الثانية ، ثم رفع اليمنى فوضعها في الثالثة ، ثم هكذا حتى انتهى إلى السمآء السابعة ، كل سمآء خطوة ، وكلما ارتفع صغر حتى صار آخر ذلك مثل الصر ، الصر : طائر كالعصفور أصفر.
فالتفت رسول الله صلى الله عليه واله إلى جبرئيل فقال : لقد رأيت منك ذعرا ، وما رأيت شيئا كان أذعر لي من تغير لونك ، فقال : يا نبي الله لا تلمني ، أتدري من هذا؟ قال : لا ، قال : هذا إسرافيل حاجب الرب ، ولم ينزل من مكانه منذ خلق الله السماوات والارض ، فلما رأيته منحطا ظننت أنه جآء بقيام الساعة ، فكان الذي رأيت من تغير لوني لذلك ، فلما رأيت ما اصطفاك الله به رجع إلي لوني ونفسي ، أما رأيته كلما ارتفع صغر ، إنه ليس شئ يدنو من الرب إلا صغر لعظمته ،
إن هذا حاجب الرب وأقرب خلق الله منه ، واللوح بين عينيه من ياقوتة حمرآء ، فإذا تكلم الرب تبارك وتعالى بالوحي ضرب اللوح جبينه فنظر فيه ، ثم ألقى إلينا نسعى (ثم ألقاه إلينا فنسعى.) به في السماوات و الارض ، إنه لادنى خلق الرحمن منه ، وبينه وبينه تسعون حجابا من نور يقطع دونها الابصار ، ما يعد ولا يوصف ، وإني لاقرب الخلق منه ، وبيني وبينه مسيرة ألف عام .
تفسير القمي 389 و 390.
بحار الانوار: ج 16 ص 292
بيان : يقال : انتقع لونه على بنآء المجهول : إذا تغير من خوف أو ألم ، والكركم بالضم : الزعفران .
قوله : من الرب ، أي من موضع ظهور عظمته وجلاله وصدور أمره ونهيه ووحيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق