الاثنين، 21 أبريل 2025

مواعظ الصادق عليه السلام لسفيان الثوري

 مَوَاعِظ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ .

 سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ : ابْنُ مَسْرُوقٍ أَبُو عبداللّه الثَّوْرِىّ : أَسْنَد عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ رِجَالٌ الشَّيْخ (162) .

 أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ بْنِ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيِّ (97 هـ-161 هـ) فَقِيهٌ كُوفِي ، وَأَحَدُ أَعْلَامِ الزُّهْد عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِمَامُ مَنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ النَّبَوِيّ ، وَوَاحِدٌ مِنْ تَابِعِيٌّ التَّابِعِين . وَلَد سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ سُنَّةٌ 97 هـ ، فِي خِلَافِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي خُرَاسَان ، حَيْثُ كَانَ أَبُوهُ مشاركًا فِي الحملات الَّتِي كَانَتْ تَرَسَّل إلَى هُنَاكَ ، كَمَا يُذكر أَنَّ جَدَّهُ مَسْرُوق شَهِد مَوْقِعَه الْجَمَلُ فِي صُفُوفِ جَيْش عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ  (عَلَيْهِ السَّلَامُ ).

قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ : دَخَلْتُ عَلَى الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْت لَهُ : أَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ أَحْفَظُهَا مِنْ بَعْدِك ؟ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : وَتَحْفَظ يَا سُفْيَانُ ؟ قُلْت : أَجَلْ يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَا سُفْيَانُ : لَا مُرُوه لِكَذُوب ، وَلَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ ، وَلَا إخَاءَ لملوك ، وَلَا خَلَّةَ لمختال . وَلَا سُؤْدُدَ لِسِيّ الْخَلْق [1] .
[1] وفى بعض النسخ " لختال ". والسودد والسؤدد: الشرف والمجد.

 ثُمَّ أَمْسَكَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْت :يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِي ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : يَا سُفْيَانُ ثق بِاَللَّه تَكُن عَارِفًا . وَارْضَ بِمَا قَسَمَهُ لَك تَكُنْ غَنِيًّا . صَاحِب بِمِثْلِ مَا يصاحبونك بِه تَزْدَد إيمَانًا . وَلَا تُصَاحِب الْفَاجِرَ فَيُعَلِّمَك مِنْ فُجُورِهِ . وَشَاوِرْ فِي أَمْرِك الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ .

 ثُمَّ أَمْسَكَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْت : يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِي ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : يَا سُفْيَانُ مِنْ أَرَادَ عِزًّا بِلَا سُلْطَانِ وَكَثْرَة بِلَا إخَوَان وَهَيْبَةً بِلَا مَالٍ فَلْيَنْتَقِل مِنْ ذُلِّ مَعَاصِي اللَّهِ إلَى عِزّ طَاعَتِه . 

ثُمَّ أَمْسَكَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْت : يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِي ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : يَا سُفْيَانُ أَدَّبَنِي أَبِي عَلَيْهِ السَّلَامُ بِثَلَاث وَنَهَانِي عَنْ ثَلَاثِ : فَأَمَّا اللَّوَاتِي أَدَّبَنِي بِهِنّ فَإِنَّهُ قَالَ لِي : يَا بُنَيَّ مَنْ يَصْحَبْ صَاحِبَ السُّوءِ لَا يَسْلَمُ . وَمَنْ لَا يُقَيَّدُ أَلْفَاظِه يَنْدَم ، وَمَنْ يَدْخُلْ مَدَاخِلَ السُّوءِ يُتَّهَمْ . 

قُلْت : يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا الثَّلَاث اللَّوَاتِي نَهَاك عَنْهُنّ ؟ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : نَهَانِي أَنْ أَصْحَابَ حَاسِدَ نِعْمَةٍ ، وشامتا بِمُصِيبَة ، أَوْ حَامِلٌ نَمِيمَةٌ .

2 -  وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ : دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْت : كَيْفَ أَصْبَحْت يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : وَاللَّهِ إِنِّي لمحزون ، وَإِنِّي لِمُشْتَغِل الْقَلْب فَقُلْتُ لَهُ : وَمَا أحزنك ؟ وَمَا شُغِل قَلْبِك ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيُّ : 
يَا ثَوْرِيٌّ أَنَّهُ مِنْ دَاخِلِ قَلْبِه صَافِي خَالِصٌ دِينِ اللَّهِ شَغَلَهُ عَمَّا سِوَاهُ . 

يَا ثَوْرِيٌّ مَا الدُّنْيَا ؟ وَمَا عَسَى أَنْ تَكُونَ ؟ هَل الدُّنْيَا إلَّا أَكْل أَكَلَتْه ، أَوْ ثَوْبٍ لَبِسَتْه ، أَوْ مُرَكَّبٍ رُكْبَتِه ، إنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يطمئنوا فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَأْمَنُوا قُدُوم الْآخِرَة . دَارِ الدُّنْيَا دَارُ زَوَال وَدَارُ الْآخِرَةِ دَارَ قَرَارٍ أَهْلِ الدُّنْيَا أَهْلُ غَفْلَة . إنَّ أَهْلَ التَّقْوَى أَخَفّ أَهْلِ الدُّنْيَا مَؤُونَة وَأَكْثَرُهُم مَعُونَة ، إنْ نَسِيَتْ ذكروك وَإِن ذكروك أعلموك ، فَأَنْزَل الدُّنْيَا كمنزل نزلته فارتحلت عَنْه ، أَوْ كَمَالُ أَصَبْته فِي مَنَامِكَ فَاسْتَيْقَظْت وَلَيْسَ فِي يَدِك شَيّ مِنْه . فَكَمْ مِنْ حَرِيصٍ عَلَى أَمْرٍ قَدْ شِقِّى بِهِ حِينَ أَتَاهُ . وَكَمْ مِنْ تَارِكٍ لِأَمْر قَد سَعْدٍ بِهِ حِينَ أَتَاهُ .
التحف ص 357.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رسالة الإمام الجواد إلى السالكين لطريق الحق

  مواعظ أبى جعفر محمد بن على الجواد صلوات الله عليه عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ،عن عمه حمزة بن بزيع قال : كتب  أبوجعفر عليه‌السلام  إلي  سعد...