الاثنين، 12 أغسطس 2024

شهادة الإمام الحسن بن علي المجتبى عليه السلام

 وفاة الامام الحسن بن علي " عليهما السلام

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام)  قَالَ: قُبِضَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عليه السلام وَ هُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَ أَرْبَعِينَ سَنَةً .الكافي : ج 1 ص 534 ح 2 .

عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: إِنَّ جَعْدَةَ بِنْتَ أَشْعَثَ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ سَمَّتِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ   (عليه السلام) وَ سَمَّتْ مَوْلَاةً لَهُ فَأَمَّا مَوْلَاتُهُ فَقَاءَتِ السَّمَّ وَ أَمَّا الْحَسَنُ فَاسْتَمْسَكَ فِي بَطْنِهِ ثُمَّ انْتَفَطَ بِهِ فَمَاتَ‌.الكافي : ج 1 ص 534 ح 3 .

فما زالت الملعونة جعدة تتربص به الغرة وتنتهز فيه الفرصة والغفلة، حتى كانت ليلة من الليالي قدم الإمام الحسن بن علي عليه السلام إلى منزله، وكان صائما في يوم صائف شديد الحر، فقدمت إليه طعاما فيه لبن ممزوج بعسل قد ألقت فيه سما، فلما شربه أحس بالسم، فالتفت إلى جعدة وقال لها: قتلتني يا عدوة الله قتلك الله، وأيم الله لا تصيبين مني خلفا، ولقد غرك وسخر بك فالله مخزيه ومخزيك. ثم أنه (عليه السلام) لزم البيت وألزم نفسه الصبر وسلم لله الامر، فاشتد الامر عليه، فبقي طوال ليلته فأكب عليه ولده عبد الله وقال له: يا أبت هل رأيت شيئا فقد أغممتنا ؟ فقال: يا بني هي والله نفسي التي لم أصب بمثلها، ثم قال: افرشوا لي في صحن الدار واخرجوني لعلي أنظر في ملكوت السماوات، ففرش له في صحن الدار وأخرج فراشه، فدخل عليه أخوه الحسين (عليه السلامفرآه متغيرا وجهه مائلا بدنه إلى الخضرة، فقال له الحسين (عليه السلام): بأبي أنت وأمي ما بك فقال له: يا أخي صح حديث جدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في وفيك، فقال له: ما حدثك به جدك وماذا سمعت منه ؟ فبكى الحسن ومد يده إلى أخيه الحسين واعتنقا طويلا وبكيا بكاء شديدا، ثم قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنه قال: مررت ليلة المعراج على منازل أهل الايمان وبروضات الجنان، فرأيت قصرين عاليين متجاورين

على صفة واحدة، لكن أحدهما من الزبرجد الاخضر، والثاني من الياقوت الاحمر، فاستحسنتهما وشاقني حسنهما، فقلت: يا أخي جبرائيل لمن هذان القصران ؟ فقال، أحدهما لولدك الحسن (عليه السلام)، والآخر لولدك الحسين (عليه السلام)، فقلت: يا أخي لم لا يكونان على لون واحد ؟ فسكت جبرائيل ولم يرد جوابا، فقلت: لم لا تتكلم ؟ فقال: حياء منك يا محمد، فقلت: بالله عليك إلا ما أخبرتني، فقال: أما خضرة قصر الحسن (عليه السلام)، فإنه يسم ويخضر لونه عند موته، وأما حمرة قصر الحسين (عليه السلام)، فإنه يقتل ويذبح ويخضب شيبه من بدنه، فعند ذلك بكيا وضج الناس بالبكاء والنحيب.
 وحدث عمر بن إسحاق، قال: دخلت أنا ورجل على الحسن (عليه السلام) نعوده، فقال: يا فلان سلني ؟ فقال: لا والله لا أسألك حتى يعافيك الله ثم نسألك، ثم انه دخل إلى الخلاء، ثم خرج إلينا، فقال: سلني قبل أن لا تسألني، قال: بل يعافيك الله، وأسألك، ثم انه قال: لقد رميت قطعة من كبدي، واني قد سقيت السم مرارا فلم اسق مثل هذه المرة، ثم دخلت عليه من الغد وهو يجود بنفسه والحسين (عليه السلامعند رأسه، فقال: يا أخي من تتهم ؟ فقال: وما ذا تريد منه ؟ فقال: لاقتله، فقال: إن يكن، الذي أظنه فالله أشد نقمة منك وأشد تنكيلا، وإن لم يكن فما أحب أن يؤخذ بي برئ، ثم أن الحسين (عليه السلامبكى لما رأى من حال أخيه، فقال له الحسن(عليه السلام: أتبكى يا أبا عبد الله وأنا الذي يؤتى إلى بالسم فأقضي به، ولكن لا يوم كيومك، يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يدعون أنهم من أمة جدك فيقتلونك، ويقتلون بنيك وذريتك، ويسبون حريمك، ويسيرون برأسك هدية إلى أطراف البلاد، فاصبر يا أبا عبد الله، فأنت شهيد هذه الامة، فعليك بتقوى الله، والصبر والتسليم لامره، والتفويض له، لتنال الاجر الذي وعدنا به، فقال له الحسين (عليه السلام) ستجدني إن شاء الله صابرا راضيا مسلما له الامر، وأهون علي ما نزل بي أنه بعين الله، فقال له الحسن (عليه السلام): وفقت لكل خير يا أبا عبد الله. ثم أن الحسن (عليه السلام) قام في مرضه أربعين يوما، ثم أنه لما تحقق دنو
أجله، دعى بالحسين (عليه السلامونصبه علما للناس، ودفع إليه كتب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وسلاحه، وكتب أمير المؤمنين (عليه السلام) وسلاحه، وأوصاه بجميع ما أوصى به أمير المؤمنين عليه السلام، ثم قال له: يا أخي إني مفارقك ولا حق بربي عز وجل، وقد سقيت السم ورميت بكبدي في الطشت، وإني لعارف بمن سقاني السم ومن أين دهيت، وأنا أخاصمه عند الله، فبحقي عليك لا تهرق في أمري مل ء محجمة دما، فإذا قضيت نحبي، فغمضني، وغسلني، وكفني، واحملني على سريري إلى قبر جدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، لاجدد به عهدا وميثاقا، ثم ردني إلى قبر جدتي فاطمة بنت أسد، وادفني هناك، وستعلم يا ابن أمي أن القوم يظنون أنكم تريدون دفني عند جدي، فيجدون في منعك، فبالله أقسم عليك لا تهرق في أمري مل ء محجمة دما.

 ثم أوصاه بجميع أهله وأولاده، وما كان أوصى به أمير المؤمنين حين استخلفه وأهله، ودل شيعته على إمامته ونصبه لهم علما من بعده، ثم التفت إلى أولاده وإخوته وأمرهم باتباع الحسين (عليه السلام)، وأن لا يخالفوا له أمرا. ثم أنه لما حضره الموت وكان الحسين (عليه السلام) عنده جعل يجود بنفسه، فقال له أخوه الحسين(عليه السلام) يعزيه: يا أخي ما هذا الجزع ؟ إنك ترد على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وعلى علي وهما أبواك، وعلى خديجة وفاطمة وهما أماك، وعلى القاسم والطاهر وهما خالاك، وعلى حمزة وجعفر وهما عماك، فقال له الحسن(عليه السلام): إني أدخل في أمر لم أدخل في مثله، وأرى خلقا من خلق الله لم أر مثلهم قط. فبكى الحسين (عليه السلام). ثم أن الحسن (عليه السلام) قال أستودعكم الله، والله خليفتي عليكم، ثم أنه غمض عينيه ومد يديه ورجليه، ثم قضى نحبه وهو يحمد الله ويقول: لا إله إلا الله، فضج الناس ضجة عظيمة، وصار كيوم مات رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وخرج أولاده وإخوته يبكون وينوحون، وأمثل بنو هاشم رجالا ونساء يبكون عليه ويدعون بالويل والثبور وعظائم الامور.

ثم أن الحسين  (عليه السلام) قام في جهاز أخيه الحسن  (عليه السلام)، وأمر عبد الله بن العباس وعبد الله بن جعفر أن يناولاه الماء، فغسله، وحنطه، وكفنه، كما أمره، وصلى عليه في جملة أهل بيته وشيعته. ثم إن والي المدينة سعيد بن العاص أتى وصلى على الحسن  (عليه السلام)، وأمر الناس بالصلاة عليه. ثم أنهم حملوه على سريره إلى قبر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ليجددوا عهدا.
ثم رده (عليه السلام) إلى قبر جدته فاطمة بنت أسد ودفن هناك لوصية تقدمت منه.
ثم أنهم أوصلوا الحسن (عليه السلام) إلى البقيع، ونزل الحسين (عليه السلام) القبر ومعه عبد الله بن العباس وعبد الله بن جعفر، وألحده الحسين (عليه السلام) ودفنه وخرج من قبره باكيا حزينا، وهو يقول هذه الابيات:
[ يا قبر سيدنا المجن سماحة * صلى عليك الله يا قبر ] 
[ ما ضر قبر أنت ساكنه * أن لا يحل بربعه القطر ] 
ورجع الحسين (عليه السلام) إلى منزله وجلس في معزى أخيه الحسن (عليه السلام)، وأقبل الناس من كل جانب ومكان يعزونه.
اسم الکتاب : وفيات الأئمة المؤلف : من علماء البحرين والقطيف الجزء : 1 صفحة :116- 120.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الصابرون في ميزان الإسلام: صفاتهم وجزاؤهم العظيم

  وجوب الصّبر على طاعة الله ، والصّبر عن معصيته  الحسن بن فضل الطّبرسي في مكارم الأخلاق : عن عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله ( صلى ال...