معجزة الامام موسى الكاظم عليه السلام مع الطالقاني
خالد السمان في خبر أنه دعا الرشيد رجلا يقال له علي بن صالح الطالقاني وقال له : أنت الذي تقول : إن السحاب حملتك من بلد الصين إلى طالقان؟ فقال : نعم قال : فحدثنا كيف كان؟ قال : كسر مركبي في لجج البحر فبقيت ثلاثة أيام على لوح تضربني الامواج ، فألقتني الامواج إلى البرفاذا أنا بأنهار ، فنمت تحت ظل شجرة ، فبينا أنا نائم إذ سمعت صوتا هائلا ، فانتبهت فزعا مذعورا فاذا أنا بدابتين يقتتلان على هيئة الفرس ، لا احسن أن أصفهما ، فلما بصرا بي دخلتا في البحر ، فبينما أنا كذلك إذ رأيت طائرا عظيم الخلق ، فوقع قريبا مني بقرب كهف في جبل ، فقمت مستترا في الشجر حتى دنوت منه لاتأمله فلما رآني طار وجعلت أقفو أثره. فلما قمت بقرب الكهف سمعت تسبيحا وتهليلا وتكبيرا وتلاوة القرآن ، و دنوت من الكهف فناداني مناد من الكهف : ادخل ياعلي بن صالح الطالقاني ، رحمك الله ، فدخلت وسلمت فاذا رجل فخم ضخم غليظ الكراديس [1] عظيم الجثة أنزع أعين ، فرد علي السلام وقال : يا علي بن صالح الطالقاني أنت من معدن الكنوز لقد أقمت ممتحنا بالجوع والعطش والخوف ، لولا أن الله رحمك في هذا اليوم فأنجاك وسقاك شرابا طيبا ، ولقد علمت الساعة التي ركبت فيها ، وكم أقمت في البحر ، وحين كسر بك المركب ، وكم لبثت تضربك الامواج ، وما هممت به من طرح نفسك في البحر لتموت اختيارا للموت ، لعظيم مانزل بك ، والساعة التي نجوت فيها ، ورؤيتك لما رأيت من الصورتين الحسنتين ، واتباعك للطائر الذي رأيته واقعا ، فلما رآك صعد طائرا إلى السماء ، فهلم فاقعد رحمك الله.
فلما سمعت كلامه قلت :
سألتك بالله من أعلمك بحالي؟ فقال : عالم الغيب والشهادة ، والذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين ، ثم قال : أنت جائع فتكلم بكلام تململت به شفتاه ، فاذا بمائة عليها منديل ، فكشفه وقال : هلم إلى مارزقك الله فكل ، فأكلت طعاما مارأيت أطيب منه ، ثم سقاني ماءا مارأيت ألذ منه ولا أعذب ، ثم صلى ركعتين ثم قال :
يا علي أتحب الرجوع إلى بلدك؟ فقلت : ومن لي بذلك؟! فقال : وكرامة لاوليائنا أن نفعل بهم ذلك ، ثم دعا بدعوات و رفع يده إلى السماء وقال : الساعة الساعة ، فاذا سحاب قد أظلت باب الكهف قطعا قطعا ، وكلما وافت سحابة قالت : سلام عليك ياولي الله وحجته فيقول : و عليك السلام ورحمة الله وبركاته أيتها السحابة السامعة المطيعة ، ثم يقول لها : أين تريدين؟ فتقول : أرض كذا فيقول : ألرحمة؟ أو سخط؟ فنقول : لرحمة أو سخط وتمضي ، حتى جاءت سحابة حسنة مضيئة فقالت : السلام عليك ياولي الله وحجته قال : وعليك السلام أيتها السحابة السامعة المطيعة ، أين تريدين؟ فقالت : أرض طالقان فقال : لرحمة أو سخط؟ فقالت : لرحمة فقال لها : احملي ماحملت مودعا في الله فقالت : سمعا وطاعة قال لها :
فاستقري باذن الله على وجه الارض فاستقرت ، فأخذ بعض عضدي فأجلسني عليها.
فعند ذلك قلت له : سألتك بالله العظيم وبحق محمد خاتم النبيين وعلي سيد الوصيين والائمة الطاهرين من أنت؟ فقد اعطيت والله أمرا عظيما فقال : ويحك ياعلي بن صالح إن الله لايخلي أرضه من حجة طرفة عين ، إما باطن وإما ظاهر ، أنا حجة الله الظاهرة ، وحجته الباطنة ، أنا حجة الله يوم الوقت المعلوم ، وأنا المؤدي الناطق عن الرسول أنا في وقتي هذا ، موسى بن جعفر (عليه السلام)، فذكرت إمامته وإمامة آبائه وأمر السحاب بالطيران ، فطارت ، فوالله ماوجدت ألما ولا فزعت فما كان بأسرع من طرفة العين حتى ألقتني بالطالقان في شارعي الذي فيه أهلي وعقاري سالما في عافية فقتله الرشيد وقال لايسمع بهذا أحد .المناقب ج 3 ص 418.
[1]الكراديس : جمع كردوس وهو كل عظمين التقيا في مفصل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق