وَ مِنْ أَدْعِيَةِ يَوْمِ عَرَفَةَ دُعَاءٌ لِمَوْلَانَا زَيْنِ الْعَابِدِينَ صلوات الله عليه
وَ هُوَ دُعَاءٌ مَا اشْتَمَلَ عَلَى مَعَانِي الرَّبَّانِيَّةِ وَ أَدَبِ الْعُبُودِيَّةِ مَعَ الْجَلَالَةِ الْإِلَهِيَّةِ
اللَّهُمَّ إِنَّ مَلَائِكَتَكَ مُشْفِقُونَ مِنْ خَشْيَتِكَ سَامِعُونَ مُطِيعُونَ لَكَ وَ هُمْ بِأَمْرِكَ يَعْمَلُونَ لا يَفْتُرُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ يُسَبِّحُونَ وَ أَنَا أَحَقُّ بِالْخَوْفِ الدَّائِمِ لِإِسَاءَتِي عَلَى نَفْسِي وَ تَفْرِيطِهَا إِلَى اقْتِرَابِ أَجَلِي فَكَمْ لِي [بِي] يَا رَبِّ مِنْ ذَنْبٍ أَنَا فِيهِ مَغْرُورٌ مُتَحَيِّرٌ اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ أَكْثَرْتُ عَلَى نَفْسِي مِنَ الذُّنُوبِ وَ الْإِسَاءَةِ وَ أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنَ الْمُعَافَاةِ سَتَرْتَ عَلَيَّ وَ لَمْ تَفْضَحْنِي بِمَا أَحْسَنْتَ لِيَ النَّظَرَ وَ أَقَلْتَنِي الْعَثْرَةَ وَ أَخَافُ أَنْ أَكُونَ فِيهَا مُسْتَدْرَجاً فَقَدْ يَنْبَغِي لِي أَنْ أَسْتَحْيِيَ مِنْ كَثْرَةِ مَعَاصِيَّ ثُمَّ لَمْ تَهْتِكْ لِي سِتْراً وَ لَمْ تُبْدِ لِي عَوْرَةً وَ لَمْ تَقْطَعْ عَنِّي الرِّزْقَ وَ لَمْ تُسَلِّطْ عَلَيَّ جَبَّاراً وَ لَمْ تَكْشِفْ عَنِّي غِطَاءً مُجَازَاةً لِذُنُوبِي تَرَكْتَنِي كَأَنِّي لَا ذَنْبَ لِي كَفَفْتَ عَنِّي خَطِيئَتِي وَ زَكَّيْتَنِي بِمَا لَيْسَ فِيَّ أَنَا الْمُقِرُّ عَلَى نَفْسِي بِمَا جَنَتْ عَلَيَّ يَدَايَ وَ مَشَتْ إِلَيْهِ رِجْلَايَ وَ بَاشَرَ جَسَدِي وَ نَظَرَتْ إِلَيْهِ عَيْنَايَ وَ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَ عَمِلَتْهُ جَوَارِحِي وَ نَطَقَ بِهِ لِسَانِي وَ عَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبِي فَأَنَا الْمُسْتَوْجِبُ يَا إِلَهِي زَوَالَ نِعْمَتِكَ وَ مُفَاجَاةَ [فُجَاءَةَ] نَقِمَتِكَ [نَقِمَتِكَ] وَ تَحْلِيلَ عُقُوبَتِكَ لِمَا اجْتَرَأْتُ عَلَيْهِ مِنْ مَعَاصِيكَ وَ ضَيَّعْتُ مِنْ حُقُوقِكَ أَنَا صَاحِبُ الذُّنُوبِ الْكَثِيرَةِ [الْكَبِيرَةِ] الَّتِي لَا يُحْصَى عَدَدُهَا وَ صَاحِبُ الْجُرْمِ الْعَظِيمِ أَنَا الَّذِي أَحْلَلْتُ الْعُقُوبَةَ بِنَفْسِي وَ أَوْبَقْتُهَا بِالْمَعَاصِي جُهْدِي وَ طَاقَتِي وَ عَرَّضْتُهَا لِلْمَهَالِكِ بِكُلِّ قُوَّتِي اللَّهُمَّ أَنَا الَّذِي
لَمْ أَشْكُرْ نِعَمَكَ عِنْدَ مَعَاصِيَّ إِيَّاكَ وَ لَمْ أَدَعْهَا عِنْدَ حُلُولِ الْبَلِيَّةِ وَ لَمْ أَقِفْ عِنْدَ الْهَوَى وَ لَمْ أُرَاقِبْكَ يَا إِلَهِي أَنَا الَّذِي لَمْ أَعْقَلْ عِنْدَ الذُّنُوبِ نَهْيَكَ وَ لَمْ أُرَاقِبْ عِنْدَ اللَّذَّاتِ زَجْرَكَ وَ لَمْ أَقْبَلْ عِنْدَ الشَّهْوَةِ نَصِيحَتَكَ وَ رَكِبْتُ الْجَهْلَ بَعْدَ الْحِلْمِ وَ غَدَوْتُ إِلَى الظُّلْمِ بَعْدَ الْعِلْمِ اللَّهُمَّ فَكَمَا حَلُمْتَ عَنِّي فِيمَا اجْتَرَأْتُ عَلَيْهِ مِنْ مَعَاصِيكَ وَ عَرَفْتَ تَضْيِيعِي حَقَّكَ وَ ضَعْفِي عَنْ شُكْرِ نِعَمِكَ وَ رُكُوبِي مَعْصِيَتَكَ اللَّهُمَّ إِنِّي لَسْتُ ذَا عُذْرٍ فَأَعْتَذِرَ وَ لَا ذَا حِيلَةٍ فَأَنْتَصِرَ اللَّهُمَّ قَدْ أَسَأْتُ وَ ظَلَمْتُ وَ بِئْسَ مَا صَنَعْتُ عَمِلْتُ سُوءاً لَمْ تَضُرَّكَ ذُنُوبِي فَأَسْتَغْفِرُكَ يَا سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ وَ سُبْحَانَكَ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَجِدُ مَنْ تُعَذِّبُهُ غَيْرِي وَ لَا أَجِدُ مَنْ يَرْحَمُنِي سِوَاكَ فَلَوْ كَانَ لِي مَهْرَبٌ لَهَرَبْتُ وَ لَوْ كَانَ لِي مَصْعَدٌ فِي السَّمَاءِ أَوْ مَسْلَكٌ فِي الْأَرْضِ لَسَلَكْتُ وَ لَكِنَّهُ لَا مَهْرَبَ لِي وَ لَا مَلْجَأَ وَ لَا مَنْجَى وَ لَا مَأْوَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ اللَّهُمَّ إِنْ تُعَذِّبْنِي فَأَهْلٌ لِذَلِكَ أَنَا وَ إِنْ تَرْحَمْنِي فَأَهْلُ ذَلِكَ أَنْتَ بِمَنِّكَ وَ فَضْلِكَ وَ وَحْدَانِيَّتِكَ وَ جَلَالِكَ وَ كِبْرِيَائِكَ وَ عَظَمَتِكَ وَ سُلْطَانِكَ فَقَدِيماً مَا مَنَنْتَ عَلَى أَوْلِيَائِكَ وَ مُسْتَحِقِّي عُقُوبَتِكَ بِالْعَفْوِ وَ الْمَغْفِرَةِ سَيِّدِي عَافِيَةَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ عَافِيَتَكَ وَ عَفْوَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ عَفْوَكَ وَ رَحْمَةَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ رَحْمَتَكَ وَ مَغْفِرَةَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ مَغْفِرَتَكَ وَ رِزْقَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ رِزْقَكَ وَ فَضْلَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ فَضْلَكَ سَيِّدِي أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنَ النِّعَمِ وَ أَقْلَلْتُ لَكَ مِنَ الشُّكْرِ فَكَمْ لَكَ عِنْدِي مِنْ نِعْمَةٍ لَا يُحْصِيهَا أَحَدٌ غَيْرَكَ مَا أَحْسَنَ بَلَائَكَ عِنْدِي وَ أَحْسَنَ فَعَالَكَ نَادَيْتُكَ مُسْتَغِيثاً [مُطِيعاً] مُسْتَصْرِخاً فَأَغَثْتَنِي وَ سَأَلْتُكَ عَائِلًا فَأَغْنَيْتَنِي وَ نَأَيْتُ فَكُنْتَ قَرِيباً مُجِيباً وَ اسْتَعَنْتُ بِكَ مُضْطَرّاً فَأَعَنْتَنِي وَ وَسَّعْتَ عَلَيَّ وَ هَتَفْتُ إِلَيْكَ فِي مَرَضِي فَكَشَفْتَهُ عَنِّي وَ انْتَصَرْتُ بِكَ فِي رَفْعِ الْبَلَاءِ فَوَجَدْتُكَ يَا مَوْلَايَ نِعْمَ الْمَوْلى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ وَ كَيْفَ لَا أَشْكُرُكَ يَا إِلَهِي أَطْلَقْتَ لِسَانِي بِذِكْرِكَ رَحْمَةً لِي مِنْكَ وَ أَضَأْتَ لِي بَصَرِي بِلُطْفِكَ حُجَّةً مِنْكَ عَلَيَّ وَ سَمِعَتْ أُذُنَايَ بِقُدْرَتِكَ نَظَراً مِنْكَ وَ دَلَلْتَ عَقْلِي عَلَى تَوْبِيخِ نَفْسِي إِلَيْكَ
أَشْكُو ذُنُوبِي فَإِنَّهُ لَا مَجْرَى لِبَثِّهَا إِلَّا إِلَيْكَ فَفَرِّجْ عَنِّي مَا ضَاقَ بِهِ صَدْرِي وَ خَلِّصْنِي مِنْ كُلِّ مَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي مِنْ أَمْرِ دِينِي وَ دُنْيَايَ وَ أَهْلِي وَ مَالِي فَقَدِ اسْتَصْعَبَ عَلَيَّ شَأْنِي وَ شَتَّتَ عَلَيَّ أَمْرِي وَ قَدْ أَشْرَفَتْ عَلَى هَلَكَتِي نَفْسِي وَ إِذَا تَدَارَكَتْنِي مِنْكَ بِرَحْمَةٍ تُنْقِذُنِي مِنْهَا [بِهَا] فَمَنْ لِي بَعْدَكَ يَا مَوْلَايَ أَنْتَ الْكَرِيمُ الْعَوَّادُ بِالْمَغْفِرَةِ وَ أَنَا اللَّئِيمُ الْعَوَّادُ بِالْمَعَاصِي فَاحْلُمْ يَا حَلِيمُ عَنْ جَهْلِي وَ أَقِلْنِي يَا مُقِيلُ عَثْرَتِي وَ تَقَبَّلْ يَا رَحِيمُ تَوْبَتِي سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ وَ لَا بُدَّ مِنْ لِقَائِكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَ كَيْفَ يَسْتَغْنِي الْعَبْدُ عَنْ رَبِّهِ وَ كَيْفَ يَسْتَغْنِي الْمُذْنِبُ عَمَّنْ يَمْلِكُ عُقُوبَتَهُ وَ مَغْفِرَتَهُ سَيِّدِي لَمْ أَزْدَدْ إِلَيْكَ إِلَّا فَقْراً وَ لَا تَزْدَدْ عَنِّي إِلَّا غِنًى وَ لَمْ تَزْدَدْ ذُنُوبِي إِلَّا كَثْرَةً وَ لَمْ يَزْدَدْ عَفْوُكَ إِلَّا سَعَةً سَيِّدِي ارْحَمْ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ وَ انْتِصَابِي بَيْنَ يَدَيْكَ وَ طَلَبِي مَا لَدَيْكَ تَوْبَةً فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَكَ سَيِّدِي مُتَعَوِّذاً بِكَ مُتَضَرِّعاً إِلَيْكَ بَائِساً فَقِيراً تَائِباً غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَ لَا مُسْتَكْبِرٍ وَ لَا مُسْتَسْخِطٍ بَلْ مُسْتَسْلِمٌ لِأَمْرِكَ رَاضٍ بِقَضَائِكَ لَا آيِسٌ مِنْ رَوْحِكَ وَ لَا آمِنٌ مِنْ مَكْرِكَ وَ لَا قَانِطٌ مِنْ رَحْمَتِكَ سَيِّدِي بَلْ مُشْفِقٌ مِنْ عَذَابِكَ رَاجٍ لِرَحْمَتِكَ لِعِلْمِي بِكَ يَا سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ فَإِنَّهُ لَنْ يُجِيرَنِي مِنْكَ أَحَدٌ وَ لَا أَجِدُ مِنْ دُونِكَ مُلْتَحَداً اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ تُحْسِنَ فِي وَامِغَةِ [رَامِقَةِ] الْعُيُونِ عَلَانِيَتِي وَ تَفْتَحَ فِيمَا أَخْلُو لَكَ سَرِيرَتِي مُحَافِظاً عَلَى رِيَاءِ النَّاسِ مِنْ نَفْسِي مُضَيِّعاً مَا أَنْتَ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ مِنِّي فَأُبْدِئُ لَكَ بِأَحْسَنِ أَمْرِي وَ أَخْلُو لَكَ بِشَرِّ فِعْلِي تَقَرُّباً إِلَى الْمَخْلُوقِينَ بِحَسَنَاتِي وَ فِرَاراً مِنْهُمْ إِلَيْكَ بِسَيِّئَاتِي حَتَّى كَأَنَّ الثَّوَابَ لَيْسَ مِنْكَ وَ كَأَنَّ الْعِقَابَ لَيْسَ إِلَيْكَ قَسْوَةً مِنْ مَخَافَتِكَ مِنْ قَلْبِي وَ زَلَلًا عَنْ قُدْرَتِكَ مِنْ جَهْلِي فَيَحِلَّ بِي غَضَبُكَ وَ يَنَالَنِي مَقْتُكَ فَأَعِذْنِي مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَ قِنِي بِوِقَايَتِكَ الَّتِي وَقَيْتَ بِهَا عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي مَا كَانَ صَالِحاً وَ أَصْلِحْ مِنِّي مَا كَانَ فَاسِداً وَ لَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ مَنْ لَا يَرْحَمُنِي وَ لَا بَاغِياً وَ لَا حَاسِداً اللَّهُمَّ اذْهَبْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَ فَرِّجْ عَنِّي كُلَّ غَمٍّ وَ ثَبِّتْنِي فِي كُلِّ مَقَامٍ وَ اهْدِنِي فِي كُلِّ سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْحَقِّ وَ حُطَّ عَنِّي كُلَّ خَطِيئَةٍ وَ أَنْقِذْنِي مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ وَ بَلِيَّةٍ وَ عَافِنِي أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي وَ اغْفِرْ لِي إِذَا تَوَفَّيْتَنِي وَ لَقِّنِّي رَوْحاً وَ رَيْحَاناً وَ جَنَّةَ نَعِيمٍ أَبَدَ الْآبِدِينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ.
إقبال الأعمال - ط القديمة : ص 366-369.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق