تعظيم اليوم السابع و العشرين من رجب بالمعقول
اعلم أن الرحمة التي نشرت على العباد و بشرت بسعادة الدنيا و المعاد بالإذن لسيد المرسلين صلى الله عليه واله و على ذريته الطاهرين في أن يظهر رسالته عن رب العالمين إلى الخلائق أجمعين كانت السعادة بإشراق شموسها و تعظيمها و تقديمها [و تقديسها] على قدر ما أحيا الله جل جلاله بنبوته من موات الألباب و أظهر بقدس رسالته من الآداب و فتح بهدايته من الأبواب إلى الصواب و ذلك مقام يعجز عن بيانه منطق اللسان و القلم و الكتاب و لا تحصيه الخواطر و لا تطلع على معانيه البصائر و لا تعرف له عددا قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً و أنت إذا أنصفت علمت أن الأمم كانت تائهة في الضلال و قد أحاط بها استحقاق الاستيصال و قد كانت اليهود في قيود ضلالها لمخالفة موسى عليه السلام و النصارى هالكة بسوء مقالها في عيسى عليه السلام و العرب و من تابعها سالكة سبيل الدواب و الأنعام و فاقدة لفوائد الأحلام بعبادة الأصنام و بحر الغضب من الله جل جلاله قد أشرف على أرواح أهل العدوان و أمواج العطب قد أحاطت بنفوس ذوي الطغيان و نيران العذاب قد تعلقت بالرقاب و سعت إلى الفتك بالأجساد و رسل الانتقام قد أشمتت بأهل الإلحاد و العناد و قلوب الأعداء و الحساد و أهل الضلال ذوو عيون غير ناظرة و عقول غير حاضرة و قلوب غير باصرة و جوارح غير ناضرة و قد خذل بعض بعضا بلسان الحال من شدة تلك الأهوال فبعث محمد صلى الله عليه واله من مجلس الغضب و المقت و العذاب و إنكاله إلى الأمم المتعرضة لتعجيل العقاب و استيصاله و هو واحد في العيان منفرد عن الإخوان و الأعوان يريد مقاتلة جميع من في الوجود من أهل الجحود برأي قد احتوى على مسالك الأداء [الآراء] و استوى على ممالك الأقوياء و جنان قد خضع له إمكان الإبطال و بيان قد خشع له لسان أهل المقال و الفعال و نور قد رجعت جيوش الظلمات به مكسورة و رءوس الجهالات بلهبه مقهورة و قدم قد مشى على الرءوس و النفوس و همم [هم] قد حكمت بإزالة الضرر و النحوس فسرى نسيم أرج ذلك التمكين و التلقين [التعلين] و روج حياة ذلك السبق للأولين و الآخرين في اليوم السابع و العشرين من شهر رجب بالعجب و شرف المنقلب و استشقته [فاستنشقه] عقول كانت هامدة أوو بائدة و استيقظت به قلوب كانت راقدة و جرى شراب العافية بكأس آرائه العالية في أماكن أسقام الأنام فطردها و أحاط بجيوشش النحوس فشردها و تهدد نفوس العقول المتهجمة على الغفول فأبعدها حتى ألفها بعد الافتراق في الآفاق و عطفها على الوفاق و الاتفاق و أجلسها على بساط الوداد و الاتحاد و حماها عن مهاوي الهلكة و الفساد فما ظنك بمن هذا بعض أوصافه و من ذا يقدر على شرح ما شرفه الله جل جلاله به من ألطافه و بأي بيان أو لسان أو جنان يقدر على وصف مواهبه و إسعافه و لقد دعونا العقل إلى الكشف فذهل فدعونا القلب إلى الوصف فوجل فدعونا اللسان إلى البيان فاستقال فدعونا القلم إلى الإمكان فذل و تزلزل و زال فدعونا الجوارح جارحة بعد جارحة فشردت عنا هاربة و نازحة فاستسلمنا لما يدل عليه لسان الحال من كمال ذلك الإقبال و استعنا بصاحب القوة المعظمة لذاته أن يعرفنا قدر ذلك اليوم السعيد و جسيم هباته و صلاته و أن يعلمنا كيفية الشكر على ما عجزنا عن وصفه و يلهمنا كشف ما أقررنا بالقصور عن كشفه و يقبل بنا على ما يريد من القبول و تعظيم المرسل و الرسول.
أسعد الله أيامكم بالمبعث الشريف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق