الثلاثاء، 12 أغسطس 2025

علة قتل المأمون للرضا (عليه السلام) بالسم

علة قتل المأمون للرضا (عليه السلام) بالسم

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ مَوْلَايَ الرِّضَا (عليه السلام) بِخُرَاسَانَ وَ كَانَ الْمَأْمُونُ يُقْعِدُهُ عَلَى يَمِينِهِ إِذَا قَعَدَ لِلنَّاسِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَرُفِعَ إِلَى الْمَأْمُونِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الصُّوفِيَّةِ سَرَقَ فَأَمَرَ بِإِحْضَارِهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ وَجَدَهُ مُتَقَشِّفاً بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ فَقَالَ سَوْأَةٌ لِهَذِهِ الْآثَارِ الْجَمِيلَةِ وَ هَذَا الْفِعْلِ الْقَبِيحِ تُنْسَبُ إِلَى السَّرِقَةِ مَعَ مَا أَرَى مِنْ جَمِيعِ آثَارِكَ وَ ظَاهِرِكَ قَالَ فَقَالَ ذَلِكَ اضْطِرَاراً لَا اخْتِيَاراً حِينَ مَنَعْتَنِي حَقِّي مِنَ الْخُمُسِ وَ الْفَيْءِ قَالَ الْمَأْمُونُ وَ أَيُّ حَقٍّ لَكَ فِي الْخُمُسِ وَ الْفَيْءِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَسَمَ الْخُمُسَ سِتَّةَ أَقْسَامٍ فَقَالَ (وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ ) (1) وَ قَسَمَ الْفَيْءَ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ ) (2) فَمَنَعْتَنِي حَقِّي وَ أَنَا ابْنُ السَّبِيلِ مُنْقَطَعٌ بِي وَ مِسْكِينٌ لَا أَرْجِعُ إِلَى شَيْءٍ وَ مِنْ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ فَقَالَ الْمَأْمُونُ أُعَطِّلُ حَدّاً مِنْ حُدُودِ اللَّهِ وَ حُكْماً مِنْ أَحْكَامِهِ فِي السَّارِقِ مِنْ أَجْلِ أَسَاطِيرِ هَذِهِ فَقَالَ الصُّوفِيُّ ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَطَهِّرْهَا ثُمَّ طَهِّرْ غَيْرَكَ وَ أَقِمْ حَدَّ اللَّهِ عَلَيْهَا فَالْتَفَتَ الْمَأْمُونُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) فَقَالَ مَا يَقُولُ فَقَالَ إِنَّهُ يَقُولُ سَرَقْتَ فَسَرَقَ فَغَضِبَ الْمَأْمُونُ غَضَباً شَدِيداً ثُمَّ قَالَ لِلصُّوفِيِّ وَ اللَّهِ لَأَقْطَعَنَّكَ فَقَالَ الصُّوفِيُّ أَ تَقْطَعُنِي وَ أَنْتَ عَبْدٌ لِي فَقَالَ الْمَأْمُونُ وَيْلَكَ وَ مِنْ أَيْنَ صِرْتُ عَبْداً لَكَ قَالَ لِأَنَّ أُمَّكَ اشْتُرِيَتْ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَأَنْتَ عَبْدٌ لِمَنْ فِي الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ حَتَّى يُعْتِقُوكَ وَ أَنَا لَمْ أُعْتِقْكَ ثُمَّ بَلَعْتَ الْخُمُسَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا أَعْطَيْتَ آلَ الرَّسُولِ حَقّاً وَ لَا أَعْطَيْتَنِي وَ نُظَرَائِي حَقّاً، وَ أُخْرَى إنَّ الْخَبِيثَ لَا يُطَهِّرُ خَبِيثاً مِثْلَهُ إِنَّمَا يُطَهِّرُهُ طَاهِرٌ، وَ مَنْ فِي جَنْبِهِ الْحَدُّ فَلَا يُقِيمُ الْحُدُودَ عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ .أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ (أتَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ) (3) فَالْتَفَتَ الْمَأْمُونُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) فَقَالَ مَا تَرَى فِي أَمْرِهِ فَقَالَ (عليه السلام) قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ وَ هِيَ الَّتِي تَبْلُغُ الْجَاهِلَ فَيَعْلَمُهَا بِجَهْلِهِ كَمَا يَعْلَمُهَا الْعَالِمُ بِعِلْمِهِ وَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةُ قَائِمَتَانِ بِالْحُجَّةِ وَ قَدِ احْتَجَّ الرَّجُلُ بِالْقُرْآنِ فَأَمَرَ الْمَأْمُونُ عِنْدَ ذَلِكَ بِإِطْلَاقِ الصُّوفِيِّ وَ احْتَجَبَ عَنِ النَّاسِ وَ اشْتَغَلَ بِأَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) حَتَّى سَمَّهُ فَقَتَلَهُ وَ قَتَلَ الْفَضْلَ بْنَ سَهْلٍ وَ جَمَاعَةً مِنَ الشِّيعَةِ.

علل الشرائع : ج 1 ص 233 باب 174.
(1) الأنفال 8: 41.
(2) الحشر59: 7 .
(3) البقرة 2: 44 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صيام وتعظيم يوم العشرين من جمادى الآخرة , يوم مولد الزهراء صلوات الله عليها

صيام يوم العشرين من جمادى الآخرة ، وبعض فضائله الباطنة والظاهرة روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رضوان الله عليه من كتابه المشار إليه...