الجمعة، 9 مايو 2025

دعبل وميميته الخالدة في مدح الرضا عليه السلام


الشعراء وما قالوا في الامام الرضا عليه السلام

عن الهروي قال : دخل دعبل بن علي الخزاعي رحمه‌الله على أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام بمرو فقال له : يا ابن رسول الله إني قد قلت فيك قصيدة وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلك ، فقال عليه‌السلام : هاتها فأنشده :
مدارس آيات خلت عن تلاوة***ومنزل وحي مقفر العرصات

[ فلما بلغ إلى قوله ]
أرى فيئهم في غيرهم متقسما***وأيديهم من فيئهم صفرات

فلما بلغ إلى قوله هذا ، بكى أبوالحسن الرضا عليه‌السلام وقال له : صدقت يا خزاعي فلما بلغ إلى قوله :
إذا وتروا مدوا إلى واتريهم***أكفا عن الاوتار منقبضات

جعل أبوالحسن عليه‌السلام يقلب كفيه ويقول : أجل والله منقبضات ، فلما بلغ إلى قوله :
لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها***وإني لارجو الامن بعد وفاتي

قال الرضا عليه‌السلام : أمنك الله يوم الفزع الاكبر ، فلما انتهى إلى قوله :
وقبر بغداد لنفس زكية***تضمنها الرحمان في الغرفات

قال له الرضا عليه‌السلام : أفلا الحق لك بهذا الموضع بيتين ، بهما تمام قصيدتك؟ فقال : بلى يا ابن رسول الله ، فقال عليه‌السلام :
وقبر بطوس يا لها من مصيبة***  توقد بالاحشاء في الحرقات
إلى الحشر حتى يبعث الله قائما*** يفرج عنا الهم والكربات

فقال دعبل : يا ابن رسول الله هذا القبر الذي بطوس قبر من هو؟ فقال الرضا عليه‌السلام : قبري! ولا تنقضي الايام والليالي حتى يصير طوس مختلف شيعتي وزواري ، ألا فمن زازني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفورا له.

ثم نهض الرضا عليه‌السلام بعد فراغ دعبل من إنشاد القصيدة وأمره أن لا يبرح من موضعه ، ودخل الدار ، فلما كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضوية فقال له : يقول لك مولاي اجعلها في نفقتك ، فقال دعبل : والله ما لهذا جئت ، ولا قلت هذه القصيدة طمعا في شئ يصل إلي ، ورد الصرة ، وسأل ثوبا من ثياب الرضا عليه‌السلام ليتبرك به ، ويتشرف به ، فأنفذ إليه الرضا عليه‌السلام جبة خز مع الصرة ، وقال للخادم : قل له خذ هذه الصرة فانك ستحتاج إليها ولا تراجعني فيها.

فأخذ دعبل الصرة والجبة ، وانصرف وصار من مرو في قافلة ، فلما بلغ ميان قوهان وقع عليهم اللصوص فأخذوا القافلة بأسرها وكتفوا أهلها وكان دعبل فيمن كتف ، وملك اللصوص القافلة ، وجعلوا يقسمونها بيهنم ، فقال رجل من القوم متمثلا بقول دعبل في قصيدته :
أرى فيئهم في غيرهم متقسما***وأيديهم من فيئهم صفرات

فسمعه دعبل فقال لهم دعبل : لمن هذا البيت؟ فقال لرجل من خزاعة ، يقال له دعبل بن علي ، قال دعبل : فأنا دعبل قائل هذه القصيدة التي منها هذا البيت فوثب الرجل إلى رئيسهم وكان يصلي على رأس تل ، وكان من الشيعة ، وأخبره فجاء بنفسه حتى وقف على دعبل وقال له ، أنت دعبل؟ فقال : نعم ، فقال له : أنشد القصيدة فأنشدها فحل كتافه ، وكتاف جميع أهل القافلة ، ورد إليهم جميع ما أخذوا منهم لكرامة دعبل ، وسار دعبل حتى وصل إلى قم ، فسأله أهل قم أن ينشدهم القصيدة فأمرهم أن يجتمعوا في المسجد الجامع.

فلما اجتمعوا صعد المنبر فأنشدهم القصيدة فوصله الناس من المال والخلع بشئ كثير ، واتصل بهم خبر الجبة فسألوه أن يبيعها منهم بألف دينار ، فامتنع من ذلك ، فقالوا له : فبعنا شيئا منها بألف دينار ، فأبى عليهم ، وسار عن قم.
فلما خرج من رستاق البلد لحق به قوم من أحداث العرب ، وأخذوا الجبة منه ، فرجع دعبل إلى قم وسألهم رد الجبة عليه ، فامتنع الاحداث من ذلك وعصوا المشايخ في أمرها فقالوا لدعبل : لا سبيل لك إلى الجبة فخذ ثمنها ألف دينار فأبى عليهم فلما يئس من ردهم الجبة عليه ، سألهم أن يدفعوا إليه شيئا منها ، فأجابوه إلى ذلك ، وأعطوه بعضها ، ودفعوا إليه ثمن باقيها ألف دينار.

وانصرف دعبل إلى وطنه ، فوجد اللصوص قد أخذوا جميع ما كان في منزله فباع المائة دينار التي كان الرضا عليه‌السلام وصله بها من الشيعة ، كل دينار بمائة درهم فحصل في يده عشرة الآف درهم ، فذكر قول الرضا عليه‌السلام «إنك ستحتاج إلى الدنانير».
وكانت له جارية لها من قلبه محل فرمدت رمدا عظيما ، فأدخل أهل الطب عليها ، فنظروا إليها فقالوا : أما العين اليمنى فليس لنا فيها حيلة وقد ذهبت ، وأما اليسرى فنحن نعالجها ونجتهد ونرجو أن تسلم ، فاغتم لذلك دعبل غما شديدا وجزع عليها جزعا عظيما ثم ذكر ما كان معه من فضلة الجبة ، فمسحها على عيني الجارية وعصبها بعصابة منها من أول الليل فأصبحت وعيناها أصح مما كانتا قبل ببركة أبي الحسن الرضا عليه‌السلام . اكمال الدين ج 2 ص 44 -48.
بحار الانوار:ج 49 ص 239-241.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

استحباب اختيار زيارة الرضا في رجب

    استحباب إختيار زيارة الرضا ( عليه السلام ) وخصوصا في رجب على الحج والعمرة المندوبين 1 - عن  أبي الحسن موسى ( عليه السلام )  قال : من ...