الاثنين، 8 يونيو 2020

غزوة أحد وشجاعة علي بن ابي طالب عليه السلام


غزوة أحد وشجاعة علي بن ابي طالب عليه السلام

« وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ » ال عمران 3 :121-122.

عن أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام عن آبائه عليهما‌السلام قال : نادى ملك من السماء يوم أحد : لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي.

« وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ » عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سبب نزول هذه الآية أن قريشا خرجت من مكة تريد حرب رسول الله ، فخرج رسول الله صلى ‌الله‌عليه ‌وآله يبتغي موضعا للقتال. تفسير علي بن ابراهيم

قوله : «  إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا » نزلت في عبدالله بن أبي وقوم من أصحابه اتبعوا رأيه في ترك الخروج والعقود ( 1) عن نصرة رسول الله (صلى ‌الله‌عليه ‌وآله) ، قال : وكان سبب غزوة أحد أن قريشا لما رجعت من بدر إلى مكة وقد أصابهم ما أصابهم من القتل والاسر ، لانه قتل منهم سبعون ، وأسر منهم سبعون ، فلما رجعوا إلى مكة قال أبوسفيان : يا معشر قريش لا تدعوا نسائكم يبكين على قتلاكم (2) .

 فإن البكاء والدمعة إذا خرجت أذهبت(3) الحزن والحرقة والعداوة لمحمد ، ويشمت بنا محمد وأصحابه ، فلما غزوا رسول الله (صلى ‌الله‌عليه ‌وآله) يوم أحد أذنوا لنسآئهم بعد ذلك في البكآء والنوح ، فلما أرادوا أن يغزوا رسول الله إلى أحد ساروا في حلفائهم من كنانة وغيرها فجمعوا الجموع والسلاح ، وخرجوا مكة في ثلاثه آلاف فارس ، وألفي راجل ، وأخرجوا معهم النسآء يذكرنهم ويحثثنهم على حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه ‌وآله (4) ، وأخرج أبوسفيان هند بنت عتبة ، وخرجت معهم عمرة بنت علقمة الحارثية (5) ، فلما بلغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌ وآله ذلك جمع أصحابه وأخبره أن قريشا قد تجمعت تريد المدينة ، وحث أصحابه على الجهاد والخروج ، فقال عبدالله بن أبي وقوم : يا رسول الله لا تخرج من المدينة حتى نقاتل في أزقتها ، فيقاتل الرجل الضعيف والمرأة و العبد والامة على أفواه السكك وعلى السطوح ، فما أرادنا قوم قط فظفروا بنا و نحن في حصوننا ودورنا ، وما خرجنا إلى أعدائنا قط إلا كان الظفر لهم علينا ، فقام سعد بن معاذ وغيره من الاوس فقالوا : يا رسول الله ما طمع فينا أحد من العرب ونحن مشركون نعبد الاصنام ، فكيف يطمعون فينا وأنت فينا ، لا حتى نخرج إليهم (6) فنقاتلهم ، فمن قتل منا كان شهيدا ، ومن نجا منا كان قد جاهد في سبيل الله ، فقبل رسول الله قوله ، وخرج مع نفر من أصحابه يبتغون موضعا للقتال(7) كما قال الله : « وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ  » إلى قوله :  «  إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا »
(1) في المصدر : اتبعوا رأيه في القعود وترك الخروج.
(2) قتلاهم خ ل.
(3) ذهب خ ل.
(4) وكان معهم مائتا فرس قد جنبوها. وسبعمائة دارع ، وثلاثه آلاف بعير.
(5) وأخرج عكرمة بن أبى جهل ام حكيم بنت الحارث بن هشام ، والحارث بن هشام فاطمة بنت الوليد بن المغيرة ، وصفوان بن امية برزة بنت مسعود بن عمرو الثقفية ، ويقال : رقية ، وعمرو بن العاص ريطة بنت منبه بن الحجاج ، وطلحة بن أبى طلحة سلافة بنت سعد بن شهيدالانصارية وخرجت ايضا خناس بنت مالك بن المضرب ، قاله ابن هشام في السيرة. وقال المقريزى في الامتاع : خرجوا مح خمس عشرة امرائة.
(6) في المصدر : وأنت فينا ، حتى لا نخرج إليهم.
(7) يبغون موضع القتال خ ل.

 يعني عبدالله بن أبي وأصحابه (2) ، فضرب رسول الله عسكره مما يلي طريق العراق(3) ، وقعد عنه عبدالله بن أبي وقومه(4) وجماعة من الخزرج اتبعوا رأيه ، ووافت قريش إلى أحد ، وكان رسول الله صلى‌الله‌ عليه‌ وآله عد أصحابه وكانوا سبعمائة رجل ، فوضع عبدالله بن جبير في خمسين من الرماة على باب الشعب ، وأشفق أن يأتي كمينهم من ذلك المكان ، فقال رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌ وآله) لعبدالله بن جبير وأصحابه : « إن رأيتمونا قد هزمناهم حتى أدخلناهم مكة فلا تبرحوا من هذا المكان ، وإن رأيتموهم قد هزمونا حتى أدخلوانا المدينة فلا تبرحوا وألزموا مراكزكم » ووضع أبوسفيان خالد بن الوليد في مأتي فارس كمينا ، فقال له (5) : إذا رايتمونا قد اختلطنا بهم فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا من وراءهم ، فلما أقبلت الخيل و اصطفوا وعبأ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌ وآله) أصحابه دفع الراية إلى أميرالمؤمنين عليه ‌السلام ، فحملت(6) الانصار كلهم على مشركي قريش فانهزموا هزيمة قبيحة ، ووقع أصحاب رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌ وآله) في سوادهم ، وانحط خالد بن الوليد في مأتي فارس ، فلقي عبدالله بن جبير فاستقبلوهم بالسهام ، فرجع (7) ، ونظر أصحاب عبدالله بن جبير إلى أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌ وآله ينتهبون(8) سواد القوم ، قالوا لعبدالله بن جبير : ما يقيمنا ههنا وقد غنموا أصحابنا ونبقى نحن بلا غنيمة؟ فقال لهم عبدالله : اتقوا الله ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه ‌وآله قد تقدم إلينا أن لا نبرح ، فلم يقبلوا منه ، وأقبل ينسل رجل فرجل حتى أخلوا(9) مراكزهم وبقي عبدالله بن جبير في اثني عشر رجلا ، وقد كانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة العبدري من بني عبدالدار ، فبرز ونادى : يا محمد تزعمون أنكم تجهزونا بأسيافكم إلى النار ونجهزكم بأسيافنا إلى الجنة ، فمن شآء أن يلحق بجنته فليبرز إلي ، فبرز إليه أميرالمؤمنين عليه ‌السلام .

(2) وقومه خ ل.
(3) لان الطريق كان اسهل خ.
(4) خلى المصدر عن كلمة : (وقومه).
(5) فقال لهم خ ل.
(6) فحمل خ ل.
(7) في المصدر : فرجعوا.
(8) ينهبون خ ل. أقول : هو الموجود في المصدر.
(9) في المصدر : حتى خلوا مراكزهم.

فقال طلحة : من أنت يا غلام؟ قال : أنا علي بن أبي طالب ، قال : قد علمت ياقضم ، أنه لا يجسر علي أحد غيرك ، فشد عليه طلحة فضربه فاتقاه أميرالمؤمنين عليه‌ السلام بالحجفة ، ثم ضربه أميرالمؤمنين على فخذيه فقطعهما جميعا فسقط على ظهره ، وسقطت الراية  ، فذهب علي عليه‌ السلام ليجهز عليه فحلفه بالرحم.
فانصرف عنه فقال المسلمون : ألا أجهزت عليه؟ قال : قد ضربته ضربة لا يعيش منها أبدا ، ثم أخذ الراية أبوسعيد (1) بن أبي طلحة ، فقتله علي عليه‌ السلام ، وسقطت رايته إلى الارض فأخذها عثمان بن أبي طلحة فقتله علي وسقطت الراية إلى الارض فأخذها مسافع (2) بن أبي طلحة ، فقتله علي عليه‌ السلام ، وسقطت الرآية إلى الارض فأخذها الحارث بن أبي طلحة فقتله علي عليه ‌السلام ، وسقطت الراية إلى الارض فأخذها عزيز بن (3) عثمان ، فقتله علي عليه ‌السلام ، وسقطت الرآية إلى الارض فأخذها عبدالله بن جميلة (4) بن زهير ، فقتله علي عليه ‌السلام وسقطت الراية إلى الارض ، فقتل أمير المؤمنين التاسع (5) من بني عبدالدار وهو أرطاة بن شرحبيل مبارزة ، وسقطت الرآية إلى الارض فأخذها مولاهم صوأب فضربه أميرالمؤمنين عليه ‌السلام على يمينه فقطعها ، وسقطت الرآية إلى الارض فأخذها بشماله ، فضربه أميرالمؤمنين عليه ‌السلام على شماله فقطعها ، فسقطت الرآية إلى الارض ، فاحتضنها بيديه المقطوعين ، ثم قال : يا بني عبدالدار هل أعذرت فيما بيني وبينكم؟ فضربه أميرالمؤمنين عليه‌ السلام على رأسه فقتله (6) ، وسقطت الرآية إلى الارض ، فأخذتها عمرة بنت علقمة الحارثية فنصبتها ، وانحط خالد بن الوليد على عبدالله بن جبير وقد فر أصحابه وبقي في نفر قليل فقتلوهم على باب الشعب ، واستقفوا(7) المسلمين فوضعوا فيهم السيف ، ونظرت(8) قريش
في هزيمتها إلى الراية قد رفعت فلاذوا بها وأقبل خالد بن الوليد يقتلهم (9) ، و انهزم أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه ‌وآله هزيمة قبيحة ، وأقبلوا يصعدون في الجبال وفي كل وجه ، فلما رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌ وآله الهزيمة كشف البيضة عن رأسه فقال(10) : « إلي إني(11) أنا رسول الله ، إلى أين تفرون ، عن الله وعن رسوله؟ ».

(1) هكذا في الكتاب ومصدره ، وفي سيرة ابن هشام والامتاع : أبوسعد بن أبى طلحة.
(2) وأخذها مساقح خ ل مساقع أقول : الصحيح مسافع كما في المصدر والسيرة.
(3) في المصدر المطبوع : أبوعزيز بن عثمان. ولم نجد أحدهما في السير ، نعم المذكور في السيرة والامتاع ، ابويزيد بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبدالدار.
(4) في المصدر المطبوع : عبدالله بن أبى جميلة وفي السيرة عبدالله بن حميد بن زهير ابن الحارث بن أسد.
(٥) لم يذكر المصنف الثامن ، على انك عرفت أن عبدالله بن حميد أيضا لم يكن من بنى عبدالدار ، بل كان من بنى اسد. وستأتى أسماء من قتله عليه‌السلام من أصحاب اللواء في كلام الامام صادق عليه‌السلام وغيره. راجعه.
(6) قد اختلفوا أهل السير في قاتله وفي قاتل بعض من تقدم. وسيأتى الايعاز إلى ذلك في كلام المصنف.
(7) واستعقبوا خ ل.
(8) وبصرت خ ل.
(9) في المصدر : وأقبل خالد بن الوليد من وراء المسلمين يقتلهم.
(10) وقال خ ل.
(11) إلى إلى خ ل. أقول : في نسختى المخطوطة من المصدر : إلى إلى انى انا.

ولم يبق مع رسول الله إلا أبودجانة سماك بن خرشة وأميرالمؤمنين عليه ‌السلام ، وكلما حملت طائفة على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌ وآله) استقبلهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه فيدفعهم عن رسول الله ، ويقتلهم حتى انقطع سيفه ، وبقيت مع رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌ وآله) نسيبة بنت كعب المازنية وكانت تخرج مع رسول الله  صلى‌الله‌عليه ‌وآله في غزواته تداوي الجرحى ، وكان ابنها معها ، فأراد أن ينهزم ويتراجع فحملت عليه فقالت : يا بني إلى أين تفر؟ عن الله وعن رسوله؟ فردته فحمل عليه رجل فقتله ، فأخذت سيف ابنها ، فحملت على الرجل فضربته(1) على فخذه فقتلته ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه ‌وآله : « بارك الله عليك يانسيبة ».
وكانت تقي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌ وآله بصدرها وثدييها(2) حتى أصابتها جراحات كثيرة .
(1) وضربت خ ل.
(2) في المصدر المطبوع بيديها وصدرها وثدييها. وفي المخطوط : بصدرها ويديها. (ثدييها خ ل).

فلما انقطع سيف أميرالمؤمنين عليه‌ السلام جاء إلى رسول الله  صلى‌الله‌عليه ‌وآله فقال : يارسول الله إن الرجل يقاتل بالسلاح ، وقد انقطع سيفي ، فدفع إليه رسول الله ( صلى‌الله‌عليه ‌وآله) سيفه ذا الفقار ، فقال : قاتل بهذا ، ولم يكن يحمل على رسول الله ( صلى‌الله‌عليه ‌وآله) أحد إلا استقبله (1) أميرالمؤمنين عليه‌ السلام ، فإذا رأوه رجعوا ، فانحاز رسول الله صلى‌الله‌عليه‌ وآله إلى ناحية أحد ، فوقف ، وكان القتال من وجه واحد ، وقد انهزم أصحابه ، فلم يزل أميرالمؤمنين عليه ‌السلام يقاتلهم حتى أصابه في وجهه ورأسه وصدره وبطنه ويديه ورجليه تسعون جراحة فتحاموه(2) ، وسمعوا مناديا(3) من السمآء :لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي.

فنزل جبرئيل على رسول الله (4) صلى‌الله‌عليه‌ وآله فقال : يا محمد هذه والله المواساة ،فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌ وآله : لاني منه وهو مني ، فقال جبرئيل : وأنا منكما.

(1) ويستقبله خ ل. أقول : هو الموجود في المصدر المخطوط ، وحذف العاطف في المطبوع.
(2) في المصدر المطبوع : فتخامره. وفي المخطوط : فتحاموه. فتهابوه خ ل.
(3) دويا خ ل. أقول. هو الموجود في المصدر المطبوع والمخطوط.
(4) إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه ‌وآله خ ل.
بحار الانوار : ج 20 ص 47 -55.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دعاء اليوم التاسع عشر من شهر رمضان من مجموعة مولانا زين العابدين صلوات الله عليه

     دعاء  في اليوم التاسع عشر من شهر رمضان من مجموعة مولانا زين العابدين صلوات الله عليه عن  أبي عبدالله ( عليه السلام )  ـ في رسالة طويلة ...