الاثنين، 16 سبتمبر 2024

آدابه (صلى الله عليه واله)

  أما آدابه (صلى الله عليه واله)

القلم 68 : 1-6 ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ { 1 } مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ { 2 } وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ { 3 } وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ { 4 } فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ { 5 } بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ ...

 أما آدابه (صلى الله عليه واله) فقد جمعها بعض العلمآء والتقطها من الاخبار : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أحكم الناس وأحلمهم وأشجعهم وأعدلهم وأعطفهم ، لم تمس يده يد امرأة لا تحل ، وأسخى الناس ، لا يثبت عنده دينار ولا درهم ، فان فضل ولم يجد من يعطيه و يجنه الليل لم يأو إلى منزله حتى يتبرء منه إلى من يحتاج إليه ، لا يأخذ مما آتاه الله إلا قوت عامه فقط من يسير ما يجد من التمر والشعير ، ويضع سائر ذلك في سبيل الله ، ولا يسأل شيئا إلا أعطاه ، ثم يعود إلى قوت عامه فيؤثر منه حتى ربما احتاج قبل انقضاء العام إن لم يأته شئ ، وكان يجلس على الارض ، وينام عليها ، ويأكل عليها ، وكان يخصف النعل ، ويرقع الثوب ، ويفتح الباب ، ويحلب الشاة ، ويعقل البعير فيحلبها ، ويطحن مع الخادم إذا أعيا ، ويضع طهوره بالليل بيده ، ولا يتقدمه مطرق ، ولا يجلس مكتئا ، ويخدم في مهنة أهله ، ويقطع اللحم ، وإذا جلس على الطعام جلس محقرا ، وكان يلطع أصابعه ، ولم يتجشأ قط ، ويجيب دعوة الحر والعبد ولو على ذراع أو كراع ، ويقبل الهدية ولو أنها جرعة لبن ويأكلها ، ولا يأكل الصدقة ، لا يثبت بصره في وجه أحد ، يغضب لربه ولا يغضب لنفسه ، وكان يعصب (١) الحجر على بطنه من الجوع ، يأكل ما حضر ، ولا يرد ما وجد ، لا يلبس ثوبين ، يلبس بردا حبرة يمينة ، وشملة (٢) جبة صوف ، والغليظ من القطن والكتان ، وأكثر ثيابه البياض ، ويلبس العمامة (٣) ، ويلبس القميص من قبل ميامنه ، وكان له ثوب للجمعة خاصة ، وكان إذا لبس جديدا أعطى خلق ثيابه مسكينا ، وكان له عباء يفرش له حيث ما ينقل تثنى (٤) ثنيتين ، يلبس خاتم فضة في خنصره الايمن ، يحب البطيخ ، ويكره الريح الردية : ويستاك عند الوضوء ، يردف (٥) خلفه عبده أو غيره ، يركب (٦) ما أمكنه من فرس أو بلغة أو حمار ، ويركب الحمار بلا سرج وعليه العذار (٧) ، ويمشي راجلا وحافيا بلا رداء ولا عمامة ولا قلنسوة ، ويشيع الجنائز ، ويعود المرضى في أقصى المدينة ، يجالس  الفقراء ،  ويؤاكل المساكين ،ويناولهم بيده ،ويكرم أهل الفضل في أخلاقهم ،

(١) أى يشد.
(٢) الشملة : كساء واسع يشتمل به.
(٣) في المصدر : ويلبس العمامة تحت العمامة.
(٤) أى يطوى ويرد بعضه على بعض.
(٥) في المصدر : ويردف.
(٦) في المصدر : ويركب.
(٧) العذار بالكسر : ما سال من اللجام على خد الفرس.
و يتألف أهل الشرف بالبر لهم ، يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على غيرهم إلا بما أمر الله ، ولا يجفو على أحد ، يقبل معذرة المعتذر إليه ، وكان أكثر الناس تبسما ما لم ينزل عليه قرآن أو لم تجر عظة ، وربما ضحك من غير قهقهة ، لا يرتفع على عبيده وإمائه في مأكل ولا ملبس (١) ، ما شتم أحدا بشتمة ولا لعن امرأة ولا خادما بلعنة ، ولا لاموا أحدا إلا قال : دعوه ، ولا يأتيه أحد حر أو عبد أو أمة إلا قام معه في حاجته ، لا فظ ولا غليظ ، ولا صخاب في الاسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يغفر ويصفح ، يبدأ من لقيه بالسلام ، ومن رامه (٢) بحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف ، ما أخذ أحد يده فيرسل يده حتى يرسلها ، وإذا القي مسلما بدأه بالمصافحة ، وكان لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر الله ، وكان لا يجلس إليه أحد وهو يصلي إلا خفف صلاته وأقبل عليه ، وقال : ألك حاجة؟ وكان أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعا ، يجلس (٣) حيث ينتهى به المجلس ، وكان أكثر ما يجلس مستقبل القبلة ، وكان يكرم من يدخل عليه حتى ربما بسط ثوبه ، ويؤثر الداخل بالوسادة التي تحته ، وكان في الرضا والغضب لا يقول : إلا حقا ، وكان يأكل القثاء بالرطب و الملح ، وكان أحب الفواكه الرطبة إليه البطيخ والعنب ، وأكثر طعامه الماء والتمر ، و كان يتمجع اللبن بالتمر ويسميهما الاطيبين ، وكان أحب الطعام إليه اللحم ، ويأكل الثريد باللحم ، وكان يحب القرع ، وكان يأكل لحم الصيد ولا يصيده ، وكان يأكل الخبز والسمن ، وكان يحب من الشاة الذراع والكتف ، ومن القدر الدبا ، ومن الصباغ الخل ، ومن التمر العجوة (٤) ، ومن البقول الهندبا والباذروج (٥) والبقلة اللينة .

(١) في المصدر : ولا في ملبس.
(٢) أى قصده وأتاه.
(٣) في المصدر : وكان يجلس.
(٤) العجوة : التمر المحشى في وعائه.
(٥) الهندبا والهندباء : بقل معروف ، يقال له بالفارسية : كاسنى. والباذروج قال الفيروزآبادي بفتح الذال : بقلة يقوى القلب جدا ويقبض إلا ان يصادف فضلة فيسهل.

 مناقب آل أبي طالب 1: 100 و 101.
بحار الانوار : ج16 ص 226-228

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الصابرون في ميزان الإسلام: صفاتهم وجزاؤهم العظيم

  وجوب الصّبر على طاعة الله ، والصّبر عن معصيته  الحسن بن فضل الطّبرسي في مكارم الأخلاق : عن عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله ( صلى ال...